رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معالجات التكفير وآثاره فى المجتمعات العربية ـ حلقة نقاشية ـ فى مؤسسة بنت الحجاز

جريدة الدستور

حسام عقل: دراسة سيكولوجية الشخص المكفّر من أهم الأبعاد في ظاهرة التكفير
أحمد رفيق عوض: التكفير سيتكرر ظهوره كلما لحق بالمجتمع الضعف 
عزة فتحى: الإرهابيون لا دين لهم ولا نستطيع أن نطلق عليها أوصاف الإسلام
اللواء محمد المصرى: نعاني في فلسطين من الظاهرة التكفيرية 



استضافت مؤسسة بنت الحجاز الثقافية بالتعاون مع ملتقي السرد العربي مناقشة كتاب " الظاهرة التكفيرية .. وماذا بعد ؟!"لكل من المفكر الدكتور أحمد رفيق عوض والدكتور اللواء محمد المصري حول قضية التكفير أسبابها وكيفية علاجها. 

وتحدث في بداية الندوة الدكتور حسام عقل، أستاذ النقد الأدبي بجامعة عين شمس، الذي استعرض الكتاب بشكل مفصل، وأشار إلى أهميته وشموليته وخص بالذكر الفصل الذي تناول سيكولوجية الشخص المكفّر. 

وقال عقل الذي تحدث عن أهمية هذه النوعية من الندوات الفكرية التي تعتمد علي إثراء العقل والفكر العربي،  ومواجهة الأفكار المتشددة والمنحرفة، مؤكدًا أن الكتاب يدعو إلي الرد الحقيقي على ظاهرة التكفير علي أن تكون بسلسلة من الإجراءات سواء من الدولة أوالمجتمع تهدف إلي التنمية والعدالة والديموقراطية والاستيعاب، فالمواجهة العسكرية والأمنية لا تكفي على الإطلاق وحدها في مواجهة هذا الفكر، فلا بد من أن يصلح المجتمع ذاته حتى لا تظهر أعراض المرض. 

وقال الدكتور حسام عقل، رئيس ملتقي السرد العربي، إحدي المؤسسات الثقافية المستقلة، إن كتاب المؤلفين عوض والمصري يلخص المسألة في أن التكفير عارض رديء لواقع رديء، ودعا عقل إلى الاهتمام بالكتاب وإعادة طباعته لقلة الدراسات المتعلقة بهذه الظاهرة.

بدورها تحدثت الدكتورة عزة فتحي أستاذة مناهج علم الاجتماع بجامعة عين شمس والخبيرة في الأمن الفكري فقالت : إن الكتاب لخص جذور الظاهرة التكفيرية واستقصى أسبابها وتجلياتها، ولكنه لم يؤصل ذلك من الناحية الشرعية، وهو في بعض الأحيان يكون له دور هام في علاج الظاهرة والتعامل معها. 

ولكنها أكدت في نفس الوقت أن الكتاب يكتسب أهمية قصوى في أنه تحدث من الداخل عن التكفير والتكفيريين وهي التي تكسب العمل أهمية وخاصة لكونة أطلاع علي ادبيات الحالة من التكفيرية ونقدها وتعامل معها بشكل تفكيكي.

واضافت د عزة ان هؤلاء الإرهابيون لا دين لهم ولا نستطيع ان نطلق عليها اوصاف الإسلام والتدين وخلافه من الأوصاف التي يحلو للبعض ان يرددها في هذه الأوقات. 

التكفير نتيجة وليس سبب 

وبدوره، قال د. أحمد رفيق عوض، المفكر الفلسطيني ومؤلف الكتاب، إن التكفير عارض تاريخي، ويمكن اعتباره أيضا باروميتر لقياس صحة وعافية كل مجتمع وكل نظام سياسي، ولهذا، فإن التكفير باعتباره موقفا عصابيا، على المستوى السيكولوجي والسوسيولوجي وصولا إلى المستوى السياسي، سيتكرر ظهوره كلما لحق بالمجتمع الضعف أو المرض أو التراخي، وكلما فشل النظام السياسي في إيجاد مقولة سياسية وفكرية قادرة على الرد والتحدي والإشباع الفكري والثقافي .

وأضاف مواجهة الظاهرة التكفيرية وما نتج عنها من عنف في محيطنا العربي ومن ثم الإسلامي باتت واجب الوقت، وإن ما شهدته وتشهده منطقتنا العربية والإسلامية على مدى السنوات السابقة، منذ عام 2010 م وحتى الآن، لهو دليل كافٍ على أن التكفير نتيجة وليست سببا، بل يمكن القول إن المقصود من كل ما جرى هو دفع المنطقة وشعوبها إلى الانتحار ومن ثم الاندثار، ولا ندعي هنا وجود مؤامرة لنفي أمة العرب والإسلام من التاريخ، ولكن ما يدفعنا إلى ذلك القول هو أن نتيجة الأحداث والصراعات حتى الآن، هى التي توفر المزيد من الأسباب التي تدفع إلى اتخاذ القرارات المتطرفة والمجنونة والتكفيرية.

غزة تعاني من التكفير 

وحول هذه النقطة تحدث اللواء د محمد المصري رئيس المركز الفلسطيني للبحوث والدراسات  الإستراتيجية بأن الفكر التكفيري دمر الدولة الوطنية العربية واستهدف عقول الشباب العربي بكل الطرق، وهي المؤسسات الاكثر تماسكا وهي الجيوش العربية لانها الأكثر تماسكًا داخل بنية الدولة الوطنية. 

وأضاف أن الظاهرة التكفيرية تهدف للنيل من كل الأديان وتستهدف كل المجتعات، وان الدول التي تعاني هذه الظاهرة تفد من تماسكها وتواجدها، لآن تماسك الدول مثل مصر وسوريا والاردن  يعد أحد أوراق الضغط العربية لأنها الدول المستهدفة من قبل الصراع العربي الإسرائيل.

وأكد اللواء المصري ان الظاهرة التكفيرة موجودة في فلسطين علي الصعيد الفكري وليس علي الصعيد العملياتي وقد اعتقل العديد من الأفراد في غزة وغيرها من اصحاب هذا الفكر.

والسؤال بحسب د المصري لماذا لم يستخدم الإحتلال الإسرائيلي القضية التكفيريةن والإجابة لانه يعلم تماما انه سيرتد عليهم، لان الظاهرة التكفيرية عندما خرجت من الدول العربية وذهبت إلي افغنستان برعية غربية شهدت ارتدادت لها في المحيط العربي والإسلامي بشكل كبير وواسع وهذا ما تعيه اسرائيل بشكل كبير.

بل خرجت من فلسطين حركات شيعية فحركة الصابرين التي أسسها هشام سالم وخرج من الجهاد الإسلامي وتم دعمها من إيران بشكل كبير ومباشر.

كما كان عندنا ظاهرة تكفيرة في رفح وتم قمعها من قبل حماس بمسجد ابن تيمية في حي البرازيل بقيادة أبو النور المقدسي ، وتم تشكيل كتيبة بعدها في دممشق من 112 فرد وهي تقتل بجانب داعش في سوريا وهي فلسطينية لقد طالنا التكفير كما طال المنطقة العربية.

 وهذا ما دعني أنا وأخي د رفيق وهو مفكر فلسطيني مستنير من قراءة المشهد وقلنا ماذا بعد؟ ماذا بعد الإنتهاء من داعش التي اتنهت بشكلها العمودي لكن الشكل الرأسي مازال موجود بشكل كبير، وهذا الشكل أكثر خطورة من تواجدها الجغرافي في العالم العربي والإسلامي.

لقد شهدنا تسابق  من البعض في قطاع غزة ليعلن ولاءه لداعش حتي يتلقي الدعم والتمويل وخلافه وهو ما يسمي "جيش الإسلام" لمؤسسه ممتاز دغمش والذي قتل جنود مصريين علي الحدود . 


الأمن الفكري

واستكمل اللواء المصري حديثه أنه يعتقد أن استخدام الأمن في المواجهة هو نتيجة فشل الحكومات في مواجهة الفكر، فمواجهة الفكر التكفيري تبدأ أولاً من الوعي السياسي والتنمية المجتمعية وتعلم الاقتراب من الناس في المجتمعات المهمشة والعشوائية، لأن هؤلاء هم جزء من المواجهة في المستقبل.

العمق العربي لابد أن يستعيد العمق الفكري والاستراتيجي، ولقد أجرينا محاكاة في مركز الدراسات الفسلطيني، ماذا يكون رد فعل السلطة الفلسطينية لو نفذت داعش عملية ضد إسرائيل، ماذا سيكون موقفنا وهل ممكن أن نقف بجانب الجندي الإسرائيلي أمام الداعشي وكانه معضلة نقاشية كبيرة.

وختم المصري حديثه بأن الدولة الوطنية القوية ستمنع أي فكر منحرف أن يخترقها ويعمل علي تقويضها وحصارها بشكل كبير، مؤكد أنه كلما حل الضعف بالدولة المركزية القطرية الوطنية كلما حدثت المشكلة بأبعدها التي نراها الآن.

وناقش بعدها العديد من الحضور الظاهرة وأبعدها المختلفة وأهميتها وضرورة مواجهتها، خاصة على ضوء فشل بعض المؤسسات الرسمية في مجابهة الظاهرة.

يذكر أن كتاب "الظاهرة التكفيرية… وماذا بعد" صدر في القاهرة قبل شهرين تقريبًا، أما الطبعة الأولى فكانت في رام الله قبل سنة، وقد بدأت مؤسسة بنت الحجاز الثقافية سلسلة ندواتها الفكرية بعنوان "أفكار للغد" بمناقشة هذا الكتاب.

وفي نهاية الحلقة النقاشية كرمت السيدة نادية عبدالحي، المدير التنفيذي لمؤسسة بنت الحجاز، ضيوف الحلقة وأعطتهم شهادة تقدير وميداليات تذكارية.