رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف يعود الفراعنة بـ«الأميرة السمراء» إلى القاهرة؟

المنتخب المصرى
المنتخب المصرى

مصحوبًا بدعوات ما يزيد على ١٠٠ مليون مواطن، يخوض منتخبنا الوطنى الأول لكرة القدم المباراة النهائية ببطولة كأس الأمم الإفريقية، أمام نظيره السنغالى، اليوم، بحثًا عن تتويج تاريخى ونجمة ثامنة توسع صدارتنا وتمنحنا أريحية أكبر على عرش القارة السمراء.

هى مباراة بداخلها العديد من المباريات الجانبية، ما بين المدرسة البرتغالية، ممثلة فى كارلوس كيروش، التى تريد إثبات تفردها واستمراريتها فى التفوق بكل مكان، والإفريقية، الصاعدة بقوة الممثلة فى أليو سيسيه، الذى قدم تجربة ولا أروع مع السنغال، برهن خلالها على أن الأفارقة لا يراهنون على العوامل البدنية ومهارات الأفراد فحسب، بل إن ثورة التكتيك اقتحمت عالم «الأسود».

مباراة ثانية بين محمد صلاح وزميله ومنافسه ساديو مانى، الذى دائمًا ما كان الند الأقوى له، خلال السنوات الأخيرة، سواء فى «أنفيلد» أو فى صراع «الأفضل فى إفريقيا»، وكلاهما يريد التفوق على الآخر، ويعلم الأثر الكبير لذلك التفوق فى المستقبل القريب.

مباراة ثالثة بين إدواردو ميندى، أفضل حارس مرمى فى العالم وفقًا لجائزة «ذا بيست» المقدمة من «فيفا»، ومحمد أبوجبل، أفضل حراس البطولة حتى الآن، الذى يريد تأكيد أحقيته بهذه الجائزة، بعدما لعب دورًا مهمًا فى مسار البطولة.

مباراة ما بين العراقة والتاريخ الكبير ممثلًا فى هوية منتخبنا التى هزمت كل الكبار فى هذه النسخة، وما بين الطموح الإفريقى المتصاعد ممثلًا فى جيل سنغالى يلعب ثانى نهائى له على التوالى.

على كل الأصعدة هى مباراة صعبة ومعقدة أكثر من أى جولة خاضها كلا المنتخبين فى مشوار هذه البطولة.

على عكس المتوقع، لم يكن السنغال مقنعًا فى البداية، لكن مستواه تصاعد بشكل قوى، حتى وصل لقمة عطائه فى المباراة قبل النهائية أمام بوركينا فاسو.

تتميز كتيبة «سيسيه» بالمرونة الكبيرة فى طرق اللعب المتنوعة، فخلال مشوار البطولة، كان قادرًا على التحول من «٤-٣-٣» إلى «٤-٢-٣-١»، من مباراة إلى أخرى، بل داخل المباراة ذاتها، فهو منتخب مرن للغاية وقادر على تنويع أسلوبه بفضل امتلاكه الأدوات التى تمكنه من ذلك.

حاله تشبه إلى درجة كبيرة المنتخب المصرى، يحب الضغط من مناطق متقدمة، لكنه لا يغامر بمنح المساحات، فجميع اللاعبين يعودون بعد فقد الكرة إلى منتصف الملعب، وطوال الوقت يستطيع أليو سيسيه اللعب بمنظومة الـ«١٠ تحت الكرة»، خاصة حينما يكون ساديو مانى مكلفًا بأدوار دفاعية.

متوقع فى هذه المباراة أن يتبع السنغال نفس استراتيجية «كيروش» فى الصبر وعدم التعجل أو السعى للتقدم. ربما نشهد تقاسم الحيازة، لأن كلا الطرفين لن يغامر، إلا إذا كان هناك هدف مبكر يفتح المباراة.

فى السنغال يعد إدريسا جاى مع «مانى» أخطر اللاعبين، حيث يتمركز الأول بشكل رائع فى أنصاف المساحات، ويستطيع اقتحام العمق بثنائيات رائعة مع أقرب اللاعبين، بينما يظل نجم ليفربول سلاحًا صعبًا للغاية، بسبب منحه الحرية ما بين اللعب على الخط وفى العمق، ما يصعب مهمة تحديد رقابته، فضلًا عن السمات الإرادية لديه فى الضغط والإصرار والتركيز، فى ظل ما يشغله من حسابات فردية خاصة مع «صلاح».

كذلك يتميز منتخب السنغال بامتلاك ثنائى رائع فى وسط الملعب دفاعيًا وهجوميًا، وهما شيخو كوياتى ونامبيليس ميندى، ويعول «سيسيه» على الأخير فى تغطية المساحات العرضية أمام الخط الخلفى والدفاع عند منطقة القوس، فى حين يتقدم «كوياتى» ويستطيع تحقيق فكرة الكثافة ما يجعله خطرًا جدًا.

فى المباراة الأخيرة لمنتخبنا، نجح الكاميرون فى كسر الضغط العالى أكثر من مرة، باستخدام عودة أحد لاعبى الوسط لتمكين الفريق من الخروج بالكرة، لكن لضعف الحلول الفردية فى المقدمة، لم ينجح فى خلق الفرص، بينما كسر الضغط اليوم، ووصول الكرة لـ«مانى» و«جاى» وفامارا ديدو، مع تقدم «كوياتى»، سيكون الأمر أكثر خطرًا.

لذلك علينا أن نكون أهدأ فى عملية الضغط، وأن نلعب بفلسفة أخرى ربما أقرب إلى الضغط المتوسط وقت افتقاد الكرة، خاصة أننا نعانى من ضغط بدنى كبير ناتج عن لعب وقت إضافى فى المباريات الثلاث الأخيرة.

«الننى» مطالب اليوم بعمل كبير لمساعدة إمام عاشور على الخط أمام ساديو مانى، وكذلك إغلاق المساحات أمامه حينما يقترب فى أنصاف المساحات ما بين الظهير وقلب الدفاع، فضلًا عن أدائه الدور المعتاد بتهدئة «الرتم»، خاصة فى أوقات ضغط الخصم، وهى مهمة يجيدها ببراعة.

فى الجهة المقابلة، سيكون دور عمرو السولية مهمًا للغاية فى إيقاف الظهير المتقدم بونا سار، وكذلك علينا أن نستغل تقدمه ونلعب خلفه، لذلك لو كان عمر مرموش فى يومه، فهذه اللحظة المثالية لصناعة الفارق، ولكتابة اسمه فى التاريخ.

الكرات العرضية خطرة للغاية فى وجود أطوال كبيرة لدى السنغال، وإجادة المدافعين ولاعبى الوسط الكرات الهوائية، لذلك علينا التقليل منها قدر المستطاع.

إذا حصل «صلاح» على الكرة فى مواجهة ساليو سيس، وحتى عبده ديالو، المدافعين فى الجهة اليسرى للسنغال، سيكون بمقدورنا صناعة كل شىء، لكن فى تقديرى ربما يدافع «مانى» أيضًا فى هذه المنطقة للتضييق على منافسه، وهنا سيكون إمام عاشور مطالبًا باختيار توقيتات الصعود لتقديم الدعم لـ«صلاح»، واستغلال تراجع «مانى».

مثلما كان الحل فى كل المباريات الأخيرة، سيفوز الأكثر صبرًا، الأقل استعجالًا، لذلك علينا أن نثق تمامًا مهما تأخر التسجيل، أننا الطرف الفائز، وألا نغامر من البدايات.