رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

جامعة الأزهر تدعو لتشكيل لجنة علمية لصياغة مناهج عن التغييرات المناخية

 المحرصاوي
المحرصاوي

قال الدكتور محمد المحرصاوي، رئيس جامعة الأزهر، إن المؤتمر الدولي الثالث للتنمية المستدامة، يأتي في وقت بالغ الأهمية والخطورة، في ظل ظروف صحية لم يسلم منها قطر في أرجاء أرضنا شرقًا وغربًا جنوبًا وشمالًا، وضرب وباء "كورونا" المستجد بتحوراته وأطواره المختلفة كل دول العالم، فأصاب وقتل الملايين، وأرعب كل سكان هذا العالم الذي ظن أنه قويًا، ثم اكتشف هشاشة تطوره وحداثته أمام اختبار لجرثومة لا ترى، فانطلقت سباقات لإنتاج لقاحات لتفادي الإصابة بهذا الكائن العجيب، ولكن للأسف سرعان ما غابت العدالة عن توزيع تلك اللقاحات على الدول الفقيرة الأكثر احتياجًا، تلك الدول التي مازالت تدفع فاتورة باهظة، ثمنًا لرفاهية الدول الصناعية الكبرى واستغلالها للبيئة وتسببها في التلوث وارتفاع درجة حرارة الكوكب في الغلاف الجوي.

وأضاف خلال كلمته فى افتتاح فعاليات أعمال مؤتمر جامعة الأزهر، المؤتمر العلمي الثالث للبيئة والتنمية المستدامة، تحت عنوان: «تغير المُناخ؛ التحديات والمواجهة»، تحت رعاية الرئيس عبد الفتاح السيسي، إن قضية المناخ قضية قديمة حديثة متجددة، وتمثل قضية من أكثر القضايا التي يشهدها الكوكب تعقيدًا، ورغم ذلك فإنها لا تشغل أذهان الناس بل وأزعم أن كثيرا من العامة لا يعلمون عنها شيئا ويظنون أن المناخ شيء لا يتأثر بأفعال البشر والحكومات، ولا أعلم من السبب في افتقار الناس إلى الوعي بهذه القضية. 

وتابع: إن هذه الشعوب المغلوبة على أمرها لا تطيق فقرًا على فقر ولا وباء فوق مرض ولا انبعاثات غازات الاحتباس الحراري فوق أراض أريد لها أن تبقى قابعة في صفوف العالم الثالث، وقد بدا لنا ظاهرًا جليًا ما فعله التغير المناخي من أحداث طقس حادة وموجات حرارة غير مسبوقة ووتيرة فيضانات وحرائق وعواصف وأعاصير وموجات جفاف متكررة أضرت بشعوب ودول أنهكها التصدي لانتشار وباء «كورونا» فما لبثت أن تتبسم لظهور اللقاحات حتى وجدت نفسها في مهب رياح آثار التغير المناخي والاحتباس الحراري. 

ولست من أهل التخصص لأحدثكم طويلًا في هذا الأمر وعن هذا الخطر الذي أحاطت تبعاته السلبية بالبشرية من كل جانب، وتأثير تلك السلبيات على الصحة العامة والبنية التحتية والزراعة والأمن الغذائي وسلاسل التوريد والإمداد، وفرص العمل والتعليم والاقتصاد والتنمية، وغير ذلك من التأثيرات بما يجعلني ربما أسرد لكم كل مناحي الحياة، وكلي أمل في أن تساعد الدول المتقدمة الدول النامية في جهودها نحو التنمية التي لطالما حلمت بها على مدار عقود طويلة وبدأت تحقق فيها نجاحا ملموسا بشق الأنفس.

وأضاف نتشارك جميعا هم الحفاظ على البيئة ورفع الوعي بمخاطر التغير المناخي، وقد طالعت خلال الفترة الماضية عددًا من المقالات الأكاديمية والأبحاث المتعلقة بهذا الموضوع المهم، ولعلي وقفت على حقيقة مفادها: أن التغير المناخي لا يخلو من تمييز طبقي، حيث تعاني معظم الدول النامية اقتصاديًا وتنمويًا من الآثار السلبية لهذه التغيرات البيئية على الرغم من أن المتسبب في معظمها دولًا متقدمة أو كما تسمى بالقوى العظمى، ثم تتنصل هذه الدول والقوى من مسئوليتها في دعم الدول النامية، ولا يخفى على أحد أن التصدي لهذا الخطر العلمي أن يكون إلا من خلال اضطلاع كل طرف بمسؤولياته والالتزام بمبدأ المسئولية المشتركة الذي أقرته الأديان والمواثيق الدولية، ومدى الدعم الذي تقدمه الدول المتقدمة للدول النامية لمواجهة مخاطر التغير المناخي، فلن تنجو القوى العظمى من هذا الخطر المحدق إلا بنجاة الدول النامية، ولن تعبر دول الغرب إلي بر الأمان إلا بصحبة جاراتها من دول الشرق والجنوب بما فيها الدول الأكثر تضررًا، فالتضامن الإنساني العالمي هو الحل الأوحد والأمثل للتعامل مع هذه الأزمة الراهنة.

واستطرد؛ إنني أوجه الدعوة من جامعة الأزهر العريقة، ومن هذا المؤتمر الذي نسأل الله أن يكتب له النجاح وكتابة شيء يذكره الناس بالخير ويقولون يومًا إن مؤتمرا لجامعة الأزهر ضم المختصصين من العلماء وقادة الأديان وقادة المجتمعات ؛ وآتت جهودهم ثمارًا نفعت البشرية والبيئة، نوجه دعوة ونداءً إنسانيًا لكل ضمير هي أن يضعوا مستقبل الأجيال القادمة نصب أعينهم وأن يفكروا في شكل العالم الذي تتركه لأحفادنا وأن ييذلوا قصارى جهدهم لاستدامة موارد هذه البيئة التي استخلفنا الله فيها واستئمنتنا عليها وأمرنا بإعمارها والمحافظة عليها ودفع الضرر عنها.


كما أدعوكم لتشكيل لجنة علمية متخصصة تقوم على صياغة منهج تربوي تعليمي من مخاطر التغيرات المناخية والبيئية وكيفية مواجهتها والحد منها بأسلوب مبسط يناسب الطلاب في كافة المراحل التعليمية المختلفة ويتم تعميمها على الأنظمة التعليمية، ونحن في الأزهر على أتم الاستعداد للمشاركة في كافة مراحل هذا المشروع الإنساني المهم، وتعميم هذا المنهج حال خروجه إلى النور وتضمينه في المقررات الدراسية التي تدرس لأبنائنا داخل جامعة الأزهر في مختلف الكليات والمراحل التعليمية.