رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

باحث مصريات يكشف بالأدلة حقيقة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية

الدكتور محمد رأفت
الدكتور محمد رأفت عباس

أكد باحث المصريات الدكتور محمد رأفت عباس عدم وجود أية حقائق تاريخية وأدلة أثرية عن أسطورة الاحتفال برأس السنة الأمازيغية، يوم 12 يناير، والمرتبطة بانتصار ملك أمازيغي يدعى "شيشنق" على الملك المصري رمسيس الثالث.

وقال عباس - لوكالة أنباء الشرق الأوسط اليوم الاثنين -إن شيشنق الأول ( 945 – 924 ق.م ) هو مؤسس الأسرة الـ 22 في تاريخ مصر القديمة وهو أقوى وأهم ملوك هذه الأسرة، وكانت أصوله ليبية، حيث كان أسلافه ضمن الأسرى الليبيين الذين أحضرهم الملك رمسيس الثالث إلى مصر بعد انتصاره التاريخي الكبير على القبائل الليبية في معركتين وقعتا في العامين الخامس ( 1180 ق.م ) والحادى عشر ( 1174 ق.م ) من عهده على حدود مصر الغربية.

وأضاف أن تفاصيل انتصار الملك رمسيس الثالث على القبائل الليبية سجلت بشكل مسهب من خلال نصوص ومناظر معبد مدينة هابو في البر الغربي بمدينة طيبة المجيدة والتليدة.

كما أوضح أنه بعد هذا الانتصار جلب الملك رمسيس الثالث الآلاف من الأسرى الليبيين إلى مصر - كما تشير نصوصه - للعمل في الخدمة العسكرية داخل الجيش المصري أو للعمل في المشروعات العمرانية للدولة المصرية، وبمرور الوقت تمصر هؤلاء الأسرى وأصبحوا ينتمون إلى مصر وثقافتها وحضارتها.

وأكد أنهم خلال نهاية عهد الإمبراطورية المصرية زاد شأنهم وتولوا مناصب عسكرية رفيعة المستوى، حتى استطاعوا الوصول إلى عرش مصر فى النهاية عن طريق الملك الليبي الأصل شيشنق، ومن ثم فقد أطلق المؤرخون على هذه الأسرات الحاكمة فى تاريخ مصر القديمة (الأسرات الليبية) لأن ملوكها كانوا من أصول ليبية.

وكشف عن ذكر (شيشنق) للمرة الأولى فى نص طويل عثر عليه فى أبيدوس، حيث كان الرئيس العظيم للمشوش (وهو اسم أحد القبائل الليبية الكبرى )، وقد مات أبوه نمرود فدفنه في أبيدوس، ثم حدث اعتداء على قبره فذهب إلى الملك في تانيس شاكيا، فاهتم الملك بالأمر وسافر بنفسه إلى قبر أبيه وأمر بإرسال تمثالا باسم والد شيشنق يوضع في معبد أوزير بأبيدوس.

وقال باحث المصريات "مما لا شك فيه أن هذا الحدث يشير بوضوح إلى قوة بعض العائلات ذات الأصل الليبى ومحاذرة الملك وكبير الكهنة من إغضابهم، كما يشير إلى أن هؤلاء الليبيين كانوا قد تمصروا تماما واعتنقوا ديانة المصريين".

كما أوضح أن شيشنق الأول تزوج من ابنة الملك بسوسينس آخر ملوك الأسرة الـ 21، ويبدو مرجحا أن شيشنق لم يقم بثورة للاستيلاء على الحكم بل انتظر حتى وفاة آخر ملوك الأسرة ال 21، واستولى على العرش في تانيس، ومن ثم فقد قامت الأسرة الـ 22 واتخذت من بوباسطة بشرق الدلتا عاصمة لها، أما مصر العليا فقد ترددت في التسليم لسلطان الحاكم الجديد، ولكن بعد فترة من الوقت سلمت بالأمر الواقع.

وتابع قائلا إن شيشنق الأول حمل نفس الألقاب الملكية التي حملها الملك سمندس مؤسس الأسرة الحادية والعشرين وهي " جدح خبر رع، ستب إن رع، مرى آمون "، كما استخدم كذلك الألقاب " حور ونبتي وحور الذهبي ".

وأضاف أن شيشنق الأول عمل على تعيين بعض أفراد البيت الملك القديم وأنصارهم على رأس الإدارات في كهانة آمـون بطيبة، كما عمل الملك كذلك على الزواج من الأسرة الكهنوتية فى طيبة، ثم ما لبث أن عين أحد أبنائه فى منصب كبير كهنة آمون رع فى الكرنك، وكان هدفه من وراء ذلك الإشراف المباشر على هذه الوظيفة المهمة، ولم يقتصر الأمر على ذلك بل أصبحت الوظائف الكهنوتية الرئيسية كذلك من نصيب الأمراء وأبناء الأسر النبيلة التى تنسب إلى المشوش، وأدى هذا إلى ارتباط الكهانة بالملكية.

كما لفت إلى قيام شيشنق الأول بتشييد العديد من المباني، كان معظمها في الدلتا، فأقام معبدا في تانيس وشيد العديد من المباني في تل بسطة ( بوباسطة ) وتل المسخوطة ومنف والحيبة وغيرها، غير أن أهم مبانيه كانت في معبد الكرنك وتتمثل في المدخل الذي أقامه ويؤدي إلى رحبة المعبد الرئيس وكذلك الصرح الأول وهو يعرف بالبوابة البوباسطية.

وأشار إلى أنه في عهد شيشنق الأول تطلعت السياسة الخارجية المصرية إلى فلسطين وما وراءها، وفتحت مصر أبوابها أمام الفارين من وجه سليمان ( عليه السلام )، وتذكر التوراة أن شيشنق ملك مصر صعد إلى أورشليم وأخذ خزائن بيت الملك وكل شىء، ويرجح بعض المؤرخين عام 931 ق.م تاريخا لهذه الحملة، وفي الحقيقة أن هدف الحملة غامض تماما، فربما كانت محاولة لأحياء الأمجاد المصرية القديمة أو هي كانت خطة لتدعيم مركز يربعام الجالس في دويلة إسرائيل.

واوضح أنه عندما عاد شيشنق الأول منتصرا إلى مصر، سجل بالنقوش قصة انتصاره على الجدران الجنوبية الخارجية لبهو الأعمدة الكبير فى معبد الكرنك، ويظهر فى منظر فوق رؤوس الأسرى، الذين يمثلون أهالى 156 مدينة في فلسطين والتي تقع على الحدود الجنوبية لأرض يهوذا وشمال الجليل، ومن بينها نجد أسماء عديدة معروفة فى الكتاب المقدس، من بين هذه الأسماء " حقل إبراهيم " الذى لم يتعرف عليه ولكنه يمثل أول ذكر تاريخى لسيدنا إبراهيم عليه السلام.