رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف تنظر القاهرة وباريس للصراع الليبي؟

الأزمة الليبية
الأزمة الليبية

كانت وما تزال القضية الليبية قي قلب اهتمامات الإدارتين المصرية والفرنسية، سعت البلدان لتحفيز الأطراف الليبية المتنازعة للجلوس على مائدة التفاوض ودعمتا الجهود الأممية لخفض التصعيد والتسوية السلمية للصراع، كما أن هناك العديد من المعطيات التي تستدعي اهتمامًا خاصًا من كلا الدولتين للانخراط بشكل فعال في الأزمة، والوصول بالدولة المأزومة إلى حالة مستقرة يمكن عبرها تعافي المجتمع الساعي للخروج من معضلته.

"رؤية القاهرة وباريس"
وفقًا لرؤية القاهرة وباريس، فإن الأزمة الليبية صراع مركب فاقم التدخل الدولي الموجه وغير المحسوب في تعقيده وهو ما يرتبط بوجود أطراف داخلية وخارجية نسجت شبكة علاقات مصلحية، تجاوزت في
مساعيها تخفيض التوترات والسعى لإعادة بناء الدولة، وتقودها نحو حالة من التشظي والتحلل، وهى رؤية استلزمت أن يكون هناك دور دولى متوازن وفاعل يعمل على تفعيل محور داعم للدولة الوطنية والحيلولة دون تعاقب دورات الصراع وتجددها بشكل يقضي على آمال الشعب الليبي في حفط وحدة وبناء دولته.

وتبنت الرؤية المصرية الفرنسية، فقاربت الدولة الوطنية ودعم مؤسساتها، وهو ها يستدعى الاستناد إلى الشرعية الدستورية الراسخة غير المنقوصة ولذلك حظي البرلمان الليبي بدعم القاهرة وباريس؛ كونه الجسم الشرعي الوحيد المنتخب في البلد والممثل لكافة المناطق والمكونات الاجتماعية بينها تعرض باقى الأجسام السياسية لانتقادات موضوعية لاعتبارات تتعلق بانقضاء فترة ولايتها الدستورية وسعت الدولتين لمعالجة الإشكاليات التي تقوض فعالية البرلمان الليبي، فكانت جولات القاهرة لتوحيد البرلمان وجمع كافة أعضاؤه وكانت الجهود الفرنسية لحشد الدعم الأوروبي لمساندة جهود البرلمان الليبي.

وتلعب القاهرة وباريس دورًا بناءًا في حفظ السلام ووقف القتال بأغلب دوائر الصراعات المشتعلة في الشرق الأوسط ففي ليبيا تتمسك الدولتان بالحل السياسي للأزمة وترفضا عودة العمليات العسكرية كمسار لحلها.

كما تتصديان وبحزم لعمليات تهريب الأسلحة ونقل العناصر الإرهابية والمرترقة وأية محاولات للتدخل المزعزع لاستقرار الدولة الليبية أو يهدد بتقسيمها أو سقوط مؤسساتها.

وسعيا لوقف الأنشطة العابثة باستقرار ليبيا أعلنت مصر وفرنسا رفضهما التام للتدخلات الدولية المعطلة
لجهود التسوية أو سيطرة المليشيات والتنظيمات المسلحة على العاصمة والمؤسسات الوطنية كما التزمتا بدعوة المجتمع الدولي لوقف عمليات تهريب الأسلحة ونقل المرتزقة والعناصر الإرهابية الى ليبيا وبذلتا جهودا أكثر فعالية في هذا الشأن ففرنسا تشارك بالعملية الأوروبية "إيريني" -ومن قبلها العملية "صوفيا" التابعة لحلف الناتو- لفرض حظر التسليح على ليبيا، كما أعلنت مصر منطقة سرت-الجفرة خطًا أحمر ما أوقف تحركات التنظيمات الإرهابية والمليشيات لإشعال الصراع بحقول النفط شرقا.

كما قاد المحور المصرى الفرنسي جولات موسعة لتسوية الأزمة الليبية، واستقبلتا ممثلى الأطراف والمناطق والمؤسسات كافة للوقوف على حل شامل يضمن تسوية الصراع سلميا، ويحفظ للشعب الليبي حقوقه وثرواته، وينهي محاولات السطو على ليبيا أو مساعي تحويلها لبؤرة تمركز وانتشار للتنظيمات الإرهابية بشمال افريقيا وجنوب المتوسط، ويعكس ذلك الاتصالات الموسعة مع أعضاء المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق والبرلمان الليبي ومجلس الدولة، والتشارك مع الأطراف الدولية لرسم ملامح حل الصراع في مبادرة باريس 2017، ولقاءات القاهرة وصولا لمسار برلين يناير 2020.

ورفضتا محاولات السطو على مقدرات الشعب الليبي، ورفضتا الاتفاقيات التركية التي تستهدف انتهاك حقوق دول شرق المتوسط في مياها الإقليمية ودعمتها تدشين منظمة غاز شرق المتوسط كألية تعاونية للإدارة ملف الطاقة بالمنطقة؛ لقطع الطريق أمام تحركات أنقرة المزعزعة لأمن المنطقة، لاستنزاف النفط الليبي لصالحها، وهو ما تجلي أيضا في تصدى البحرية الفرنسية لمحاولات السفن التركية نقل وتهريب الأسلحة الى ليبيا.


ترى الدولتان أن حل الأزمة الليبية يستدعي تهيئة المناخ للشعب الليبي لتقرير مصيره، والتصدى لأية محاولات لابتزازه أو إرهاقه على مسار بعينه لذلك تجتهدا لوقف التدخلات الخارجية المعطلة لجهود التسوية، وتحاول كلا منهما تقريب وجهات نظر الفرقاء وقد عكست زيارة وزير الداخلية بحكومة الوفاق
"فتحي باشاغا" إلى القاهرة وباريس محورية الطرفين في دعم الاستقرار في ليبيا، وهو ما جاء استكمالا للعديد من المبادرات والاتفاقيات التي قدمتها ورعتها العاصمتين.