رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مرصد الأزهر يحلل نظرة التنظيمات المتطرفة لجائحة «كورونا»

مرصد الأزهر
مرصد الأزهر

قال مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، إنه منذ أن اجتاح فيروس كورونا "كوفيد 19" دول العالم،
وأتاح الفرصة للجماعات المتطرفة لنشر مزيد من مظاهر الكراهية والعنف؛ إذ دأب المتطرفون على استغلال الأوقات العصيبة؛ لبثّ الذعر والوصول إلى شريحة أكبر من المتابعين لتحقيق الاستفادة القصوى لأفكارهم الضالة، ففي الوقت الذي تتوجّه فيه الشعوب للبقاء بالمنزل؛ خوفًا من انتشار الفيروس، وأملًا في انحساره، تستغل تلك الجماعات هذا الوضع في زيادة سرعة تداول الأخبار الزائفة، ونظريات المؤامرة عبر الإنترنت.

وأكد المرصد في تقريره أنه رغم مجهودات الحكومات لتزويد المواطنين بالمعلومات الموثّقة عبر الإنترنت، إلا أن هناك حملات مكثّفة عبر وسائل التواصل الاجتماعي تؤجّج نظريات المؤامرة، والتحريض على العنف ضد المجتمعات المعرّضة للمخاطر، ما يفرض على شركات ومنصّات وسائل التواصل الاجتماعي مسئولية؛ إذ يتعين عليها تحديد المواد المتطرّفة والتوجيه بحذفها من المنصّات التي تديرها.

واستطرد: لكن ثّمة مشكلة في هذا المجال، فعلى الرغم من تطور النّظم الإلكترونية منذ عام 2015 م وقدرتها على تحديد المحتوى المتطرّف بشتّى صوره مما يعني أن 98% من المواد المشتبه بها يتم حذفها تلقائيًّا قبل أن يتم عرضها، إلا أن هذه الشركات لا تزال تعاني مما يمكن تسميته بـ(المنطقة الرمادية) التي يتسلّل المتطرف من خلالها عبر الشبكة العنكبوتية نظرًا لدرايته بكيفية تفادي مخالفة الأحكام والشروط.

ومن مظاهر استخدام المتطرفين لهذه المنطقة الرمادية ازدحام منصّات التواصل الاجتماعي مثل "فيس بوك وتويتر ويوتيوب" بالأخبار الكاذبة ومقاطع الفيديو، والفرضيات الملفّقة عن وباء "كورونا"، ومن ذلك إغراق تلك المنصات بالحديث عن الكثير من الأمور الدينية، بما يعزّز فرضيات ودعاوى التّنظيمات المتطرفة، ويخدم أيديولوجيتها من بيان أن هذه الجائحة هي عقوبة من الله للعصاة!.

وعلى صعيد آخر، ينشر ناشطون متطرفون آخرون الرواية القائلة بأن فيروس "كورونا" ما هو إلا مؤامرة لتقليل الكثافة السكّانية. وللأسف، يتيح نشر المعلومات المغلوطة المتعلقة بالصحة ضمن المنطقة الرمادية التي لا تشملها سياسة وسائل التواصل الاجتماعي- الفرصة أمام المستخدمين لترويج هذه المعلومات والمزايدة عليها وإرجاع السبب في ظهور الفيروس لجماعات عرقيّة أو دينيّة بعينها.

وتستغل جماعات اليمين المتطرف والتّنظيمات المتطرفة جائحة "كورونا"، وحالة الرعب السائدة في العالم لنشر مزيد من أجندتها المتّسمة بالعنف؛ وهم في ذلك يستخدمون -غالبًا- نفس المخططات، ويوظفون نفس التطبيقات عبر منصّات التواصل الاجتماعي.

وقد اطلع مرصد الأزهر على عدد من التقارير الصادرة عن جهات أمنية وسياسية، ورصد الكثير من آراء المسئولين الأمنيين والخبراء في مكافحة التطرف والإرهاب، وتابع ما يصدر عن حركات اليمين المتطرف والتّنظيمات الإرهابية في السياقات الخاصة بها، ولاحظ أنه خلال الأسابيع الأخيرة زادت بعض الحركات العنصريَّة، وجماعات اليمين المتطرف، والتّنظيمات الإرهابية، مثل "داعش" و"القاعدة" وغيرهما من الجهود الرّامية؛ لضم العديد من الشباب إلى صفوفها، فيما تطلق عليه "التجنيد"؛ وأن هذه الجهات سرّعت من وتيرة تلك العمليات.

ودعا تنظيم داعش الإرهابي لشن هجمات، ونشر نظريات المؤامرة المليئة بالحقد والكراهية حول فيروس "كورونا"، ولاحظ المرصد أنه من خلال الرصد والتتّبع والاستقراء أن جماعات اليمين المتطرف تحاول نشر الرواية القائلة: إن هذا الوباء خدعة، وإن الأزمة مفتعلة. ففي الولايات المتحدة، يستغلون حالة القلق التي يعيشها الناس، بما في ذلك فقدان الوظائف بشكل كبير، عن طريق توجيه اللوم وتحميل المسئولية للغير من السود والمهاجرين والسياسيين وحتى سلطات إنفاذ القانون.
أما التّنظيمات المتطرفة فإنها تستغل أيضًا الوباء لنشر عقائدها، حيث تزعم أن الفيروس ما هو إلا عقاب من الله لأعداء الإسلام. وهم كذلك يحاولون حشد المعارضة العنيفة للمناهضة، واصفين قرارات إغلاق المساجد وحظر التجمعات لممارسة الشّعائر الدينيّة بخذلان الدين واستباحة حرماته.

وتساءل: هل هناك جمهور يستمع لتلك الروايات التي يتناقلها المتطرفون؟ ويبدو أن موقع صحيفة "The Washington Post" الأمريكية أراد البحث عن إجابة لهذا السؤال هو الآخر، فأصدر تقريرًا في غاية الأهمية أورد فيه بعض التصريحات لمسئولين أمنيين وخبراء في مجال الاستخبارات. وكان من بين هؤلاء مسئول في الاستخبارات الأوروبية فضّل عدم ذكر اسمه؛ لأنه غير مصرح له بالحديث في هذا الشأن، حيث يقول: "إن رسائل اليمين المتطرف أو التّنظيمات الإرهابية بشأن (كوفيد-19) - بهدف بث الكراهية والدعوة إلى شنّ هجمات- لاقت ترحيبًا كبيرًا من المتابعين، ونحن لا يمكننا تجاهل الخطر المحتمل الذي قد يتسبب فيه هذا".

وفي هذا السياق، يحذّر مسئولون أمنيون من احتمالية أن تصبح الجماعات المتطرفة أكثر جرأةً في الوقت الذي تركّز فيه الحكومات والسلطات على التغيرات الكبيرة التي تطال المجتمعات والاقتصاد بسبب الأزمة.

وذكر "ستيفين ستالينسكي"، المدير التنفيذي لمعهد الشرق الأوسط: "في الأبحاث التي أجريناها، وجدنا بعض المحادثات التي يذكر المشاركون فيها أنهم أصيبوا بالفيروس، وأنهم يرغبون في أن يصبحوا أسلحة بيولوجية، كما تحدث المشاركون في تلك المنصّات عن المواقع التي ينبغي عليهم نشر العدوى فيها، ومن بينها المحلات التجارية الكبيرة والمستشفيات ومحطات الطاقة وغيرها. ومن بين المقترحات كذلك زيارة الكنائس والمعابد.