رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل يليق هذا بطلاب جامعة الأزهر؟


يقول النبى «صلى الله عليه وسلم»: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».. وما خالف هذا المبدأ العظيم فى المظاهرات الطلابية أو غيرها فى مصر، هو من العبث الذى لا علاقة له بالمنطق أو العقل أو السلوك الحسن أو الخلق القويم، الذى جاء فى الحديث الشريف. المفروض أن طلاب الأزهر هم أكثر الطلاب أدباً وخلقاً، والسعى لتحصيل العلم وتقديم الدعوة على السلطة والسياسة.

سيقول بعض الطلاب إن المظاهرات السلمية قد اخترقت، وإن البلطجية أو الأمن هم الذين دمروا وحرقوا فى المظاهرة، وهو ما يلجأ إليه أهل الوسطية للهروب من المسئولية وهو هراء لا جدوى منه، وحتى لو حدث هذا الاختراق فإنه لا يعفى المنظمين أو المخططين للمظاهرة من تحمل مسئولية العنف، الذى يأتى ولو بالاختراق، ولا ينبغى أن يعفيهم ذلك من تحمل المسئولية الناجمة، ولا عن تحمل الأضرار الناتجة عن العنف المصاحب لتلك المظاهرات. ومن ذلك الأضرار المادية، ومن هذا العنف حرق الأبواب أو المبانى فى أى منشأة تعليمية أو غيرها، أو العدوان على مبنى المشيخة، ومن ذلك حبس رئيس الجامعة ومن معه فى مكاتبهم وتقييد حرياتهم، أو عمل أى عدوان على المبانى، ونزع الطوب والبلاط والرخام من الأرصفة وتكسيره لاستخدامه فى المظاهرات ضد الشرطة والجيش أو المعارضين، أو استخدام الخرطوش أو كل ما يؤذى أو يضر المجتمع، ولو كان قولا أو شعاراً مما يتنافى مع الخلق والأعراف الكريمة.. أما ما رأيناه فى مظاهرات جامعة الأزهر مؤخراً فهو يدل على همجية وسوء خلق وسوء تربية، حيث شاهدنا انتقاما حتى من الأوراق الجامعية، وقد ألقاها الطلبة من النوافذ مع حرقها.. هل يفيد حرق الأوراق أو تحطيم المبانى فى عودة مرسى للحكم؟

أعود إلى السيناريو الثالث المزعج المتوقع، الذى ندعو الله تعالى ألا يقع فى مصر أو تتعرض له، وهو سيناريو الفوضى الذى حذرت كثيراً منه منذ مارس 2013.. سيناريو الفوضى قاتل، لأنه يثير الفتنة، ويؤجج الكراهية فى المجتمع، ويعرض حياة الوطن والمواطنين للخطر، بلا سبب مقبول أو جريمة تحتاج إلى عقاب، ويدمر قدرات وإمكانات الدولة أو جزءاً منها، ويعرض المنشآت العسكرية والمدنية، حتى الحيوية منها للخطر، ويفتح الباب أمام التدخل الأجنبى بطريق مباشر أو غير مباشر أو بالوكالة.. هذا هو الوضع السيئ الذى رأيناه فى الصومال وازداد اشتعالاً بمجرد توفير الأسلحة للطرفين المتصارعين، وكلاهما إسلامى بلغة الحركات الإسلامية، لأن الصومال لا تنتج أسلحة بل يستخدمونها، ومنها الأسلحة الفتاكة، أو البرامج الإعلامية التى تؤجج حالة الصراع.. وهو أيضاً ما رأيناه فى أفغانستان منذ أن بدأ الجهاد فى أواخر السبعينيات حتى اليوم.. وفى كل من هاتين الدولتين، هناك من يموت جوعاً أو لعدم وجود المياه الصالحة للشرب ولا الدواء اللازم للعلاج.. ويعتمد هذا الوطن - أفغانستان - رغم كثرة الثروات على المعونات الأمريكية أو زراعات الأفيون وغيرها وما أنزل الله بها من سلطان، ولا علاقة لها بالإسلامية ولا الجهاد.. وهو كذلك ما رأيناه فى العراق على مدى سنوات عديدة دمرت فيها معظم قدرات العراق، وكله طبعاً لصالح إسرائيل وتقدمها، فى حين تتخلف الدول العربية تقنياً، هذا فضلاً عن استغلال الثروات المعدنية فى بلادنا لصالح الأمريكان. وما نراه اليوم فى سوريا من دمار ومساومات لا يستفيد منها أيضاً إلا إسرائيل، ومن ذلك تدمير الأسلحة الكيميائية أو غيرها فى المستقبل.. هل يرضى بذلك النظام الاستبدادى السورى ليستمر فى الحكم؟ وهل ترضى المعارضة إسلامية أو غير إسلامية بذلك؟ وأن تأتى إلى الحكم لتحكم بلداً مدمراً؟ ما هذا الحب القاتل للسلطة؟.. وهكذا كانت قد تطورت قضية فلسطين، وانتشرت حالتها، وتنتشر فيما جاورها من بلدان عربية مع اختلاف واحد، وهو الاحتلال الصهيونى الإسرائيلى لأرض فلسطين ومدنها وقراها، والمستفيد فى كل الحالات الأخرى، هو ذلك الكيان الصهيونى ومشروعه الخبيث.

صحيح ليس هناك احتلال فى غير أرض فلسطين والجولان وربما بعض أرض لبنان، إنما هناك هيمنة وقواعد عسكرية أمريكية حتى فى تركيا التى تعبث قياداتها اليوم أو يستخدمها الغرب لإثارة الفتن، وللأسف تكون الهيمنة والقواعد مقبولة أحياناً، ويظهر هذا القبول أو الرضوخ فى علاقات واتصالات وسفارات للبعثات الدبلوماسية بما فيها سفارة إسرائيل، وكان مرسى قد أمر بإغلاق سفارة سوريا فى مصر للأسف الشديد، تمهيداً لمزيد من الصراع تحت اسم الجهاد. أين العقل؟

وللحديث بقية