رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أميرة ملش تكتب: هارى وميجان يغردان خارج السرب

أميرة ملش
أميرة ملش



بعيدًا عن كل هذا الضجيج.. التقاليد الصارمة.. الرسميات الخانقة.. الابتسامات المصطنعة والود الزائف.. اختار الأمير الصغير المتمرد هارى وزوجته ميجان الهروب بعيدًا، إلى عالم أكثر رحابة وحرية وانطلاقًا، المشاعر فيه حقيقية دون أعباء الحياة الملكية الصعبة.
الغريب أن زوجته هى من شجعته على ذلك، رغم أنها سيدة عادية للغاية لم تكن نجمة سينمائية كبيرة وشهيرة من نجوم الصف الأول فى هوليوود مثلًا، وليس لديها ثراء فاحش، وليست جميلة بشكل لافت، وتكبره فى العمر وسبق لها الزواج ومن أصول إفريقية، أى أنه من المفترض أن تكون أكثر حرصًا منه ومن الجميع على هذه المكانة الفخمة.. وأن تصر على البقاء وتعارض الانفصال، فهى من أمراء إنجلترا وقد أصبحت دوقة ساسيكس، وأعتقد أنه شىء بالنسبة لها ولا فى الأحلام.. ووضع لا تجرؤ أى فتاة أكثر جمالًا وأعلى شأنًا منها على تمنيه أو حتى الحلم به، خاصة أن الأمير هارى قال إنها كانت متحمسة ومستعدة تمامًا لتأدية الفروض الملكية، وكانت صحيفة ديلى ميل قد نشرت تقريرًا عن طموحات ماركل ورغبتها فى الانضمام للعائلة المالكة، كى تحقق أحلامها، وفى ذلك الحين وجهت انتقادات حادة إلى الصحيفة لكونها تحدثت عن الممثلة الأمريكية بلهجة عنصرية.
ولكنها هى نفسها ضاقت بعد وقت قصير للغاية بهذه الحياة المزخرفة، بدلًا من التمسك بها، ماذا حدث هل أصاب هذه السيدة الشابة الجنون؟! هكذا يتحدث الكثير ويندهش، ولكن فى حقيقة الأمر فإنها قد أصابها العقل وليس الجنون، فقد اختارت الحرية وهى امرأة عادية مدنية من عامة الشعب، على القيود وهى دوقة وبرنسيسة ومن العائلة المالكة البريطانية.
فقد عاشت حياتها حرة تفعل ما تشاء وقت ما تشاء.. ترتدى الملابس التى تحبها وترى أنها تليق بها، دون أن ينتقدها أحد أو يلزمها بشىء لا تقبله أو على الأقل لا يعجبها، تخرج وقت ما تريد وتفعل ما تريد دون أعباء والتزامات المسموح والمفروض وغير المستحب لدوقة.. فيبدو أنها شعرت بأنها تريد حياة طبيعية مع زوجها وأولادها كأى سيدة أخرى، فهى وحدها من تحدد أسباب سعادتها، الغريب أن الأمير هارى زوجها وشريكها فى القصة الأسطورية التى بدأت منذ رؤيتهما سويًا لأول مرة فى يوليو ٢٠١٦ وحتى الآن، حفيد الملكة إليزابيث الثانية، حاكمة بريطانيا، بدا للكثيرين وكأنه يأخذ بثأر والدته الأميرة ديانا من العائلة الحاكمة المتحكمة، من أول ارتباطه بميجان ماركل، ضاربًا بكل العادات والتقاليد الملكية عرض الحائط، وحتى قراره الأخير بتخليه هو وزوجته عن جميع مهامه الملكية وانفصاله ماديًا عن الأسرة الحاكمة وتقسيم وقته بين كندا وإنجلترا، كونه أصبح شخصًا مدنيًا عاديًا من عامة الشعب وليست له صفة ملكية.. خاصة عندما أفصح عن أنه يرفض أن تتلقى زوجته المعاملة التى تلقتها أمه فى الماضى، عندما قال فى بيان أصدره: «لن أسمح لأحد بأن يفعل معها ما فعلوه مع أمى».. وبالفعل فإن هارى يشبه والدته كثيرًا، ربما ليس شكلًا ولكن مضمونًا.
كان هذا القرار مفاجئًا للعائلة المالكة الحاكمة، حيث أعلنت ملكة بريطانيا عن حرمانهما من الألقاب الملكية والدعم المادى، ولكن ذلك كان اضطراريًا واستجابة لرغبة الحفيد المتمرد الصادمة، رغم أن المشاورات والمناقشات، خاصة بين هارى وأخيه ويليام، كانت قد بدأت منذ شهور بعد أن أصبحت خلافاتهما معروفة للجميع، ولكنه قال أيضًا بعد قرار أخيه الانفصال الملكى إنه يشعر بالحزن بهذا القرار، وبعيدًا عن فكرة الثأر الرومانسية، فهو قد يكون يفعل ذلك فعلًا دون قصد منه، وزواجه من ميجان وانفصاله عن عائلته يدعمان فكرة «يعجبنى الزمان حين يدور».. ولكن هارى فى كل الأحوال وتحت جميع الظروف اختار هو الآخر العيش فى حرية مع أسرته الصغيرة، مبتعدًا بهم عن واجبات الحياة الملكية المرهقة، والتى على ما يبدو أنه كان يضيق بها كثيرًا، وقد يكون من قبل ظهور ماركل فى حياته، وأنه كان على استعداد لذلك وفى انتظار فقط من يشجعه ويأخذ بيده بعيدًا، تحت سماء أخرى وعلى أرض جديدة.. لذلك أتعجب كثيرًا بمن يتمسكون بالقيود والأعباء من أجل مكاسب أخرى مثل المال والشهرة والسلطة مثلًا، فلا يوجد فى هذا العالم ما يستحق التنازل عن التنفس بحرية.