رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

علماء الفيزياء في بريطانيا يضعون التزامات المحطات النووية في منظورها الصحيح

جريدة الدستور

أعاد موقع جريدة الفاينانشيال تايمز نشر مقالة علمية للعالم الفيزيائي الراحل ديفيد ماكاي، المستشار العلمي لوزارة الطاقة في المملكة المتحدة، مؤخرًا، قال فيها:"إن الاشعاع النووي يمكن أن يكون مثل ضوء الشمس والقمر"، مشيرًا إلى أن هناك مستويات من الإشعاع قد تكون فتاكة، ومستويات اشعاعية غير ضارة بشكل أساسي وهنا يكمن الفهم في التمييز ما بين ما هو ضار وما هو مفيد".

أشار ماكاي إلى أن هذا غير مثير للجدل، أو تكرارا لحقيقة علمية بالية، كما أنه عند الحديث عن الطاقة النووية، لن يجدي مثل هذا النقاش الودي، حيث يتسم الحديث عن الإشعاع دائمًا بأنه "ضارًا" أو "سامًا"، ويُنظر إلى المخاطر والمسؤوليات المرتبطة بالتعامل مع المواد المشعة على أنها لا يمكن التحكم بها.

وركزت فاينانشيال تايمز على تساؤل مهم في مقال العالم الفيزيائي الراحل، حول مدى واقعية المخاوف من تفكيك المحطات النووية القديمة؟، والمخاطر المرتبطة بتخزين الوقود المستهلك لفترات كبيرة.

واستعرض المقال تكاليف تفكيك وتنظيف المنشآت النووية القديمة، وذكر بطبيعة الحال أمثلة من بريطانيا حيث إن سجل بريطانيا في هذا المجال ضعيف حيث بلغت التكلفة المقدرة لإيقاف تشغيل الجيل الأول من المنشآت - وهي مهمة بعيدة عن الاكتمال - حوالي 120 مليار جنيه إسترليني وهى فاتورة كبيرة جدًا عندما تعتقد أن المحطات النووية من نوع "ماجنوكس" (من الجيل الاول) لا تنتج سوى حوالي عُشر الكهرباء في المملكة المتحدة في ذلك الوقت (منتصف الستينيات تقريبا).

ووفقا للمقالة، قامت بريطانيا أيضًا بالتأكيد على الالتزام بإغلاق المنشآت النووية بأغلى الطرق الممكنة، فبدلًا من إنشاء صندوق لدفع تكاليف تفكيك المفعلات واغلاقها، فقد ترك هذا العبء علي كاهل دافعي الضرائب المستقبليين.

أما اليوم، يمكن وقف تشغيل المحطات النووية في المستقبل بشكل أكثر عقلانية، وإن التحول من استخدام تصميمات المفاعلات القديمة إلى الحديثة المستخدمة على نطاق واسع اليوم يجعل المنشآت أكثر قابلية للتفكيك.

ويتوقع الخبراء أن ينمو سوق التخلص من النفايات النووية ويصل إلى 12 مليار دولار بحلول 2020، وذلك بسبب وقف تشغيل المنشآت النووية بشكل كبير في السنوات القادمة، وفي المقابل من المتوقع أن يصل سوق وقف تشغيل الأسلحة النووية إلى ذروته في 2020، وبعد ذلك سوف ينخفض.

ومن المتوقع أن تظل الخدمات في نهاية الدورة أسرع قطاعات السوق نموًا، بمعدل نمو سنوي يبلغ 4.3 بالمئة في الفترة حتى عام 2030.

ووقف التشغيل هو جزء واحد فقط أو وجه واحد فقط لهذه القصة من نواح كثيرة، فإن العائق الأكبر أمام صناعة نووية مستدامة هو عدم وجود مكان لوضع النفايات المشعة الخطرة. وقد فشلت العديد من الدول، بما في ذلك بريطانيا، في إقناع المجتمعات المحلية بأن المستودعات المدفونة تحت الأرض يمكن أن تكون آمنة على المدى الطويل وذلك بسبب المخاوف من تخزين المواد التي يمكن أن تظل مشعة لمئات الآلاف من السنين، لكن بدون مثل هذه التسهيلات، من الصعب رؤية الصناعة النووية تنمو وتزدهر على المدى الطويل.

وهنا يعود رأي مكاي ورأي العلم الحديث مرة اخري فمن المفارقات النووية أن أشد الإشعاعات خطورة يأتي من نظائر مشعة لها عمر افتراضي قصير للغاية ومن ثم تتحلل بسرعة بينما تلك التي تدوم أطول لا ينبعث منها الكثير من الإشعاع، إضافة إلى ذلك يجب ألا يغيب عن البال أن محطات الطاقة النووية تنتج كمية صغيرة جدًا من النفايات المشعة التي يتم التخلص منها، وتوجد النفايات المشعة الأكثر نشاطًا وخطورة في الوقود النووي المستهلك.

وانتهت المقالة أن الطاقة النووية ليست خالية من المخاطر. لكنها لا تزال واحدة من التقنيات القليلة التي يمتلكها العالم حاليًا لتوليد الكهرباء خالية تماما من الكربون بشكل موثوق. حتى مصادر الطاقة المتجددة تولد تلوثا؛ على عكس النظائر المشعة، فإن المواد الكيميائية الضارة التي تصنع منها الألواح الشمسية لا تتحلل بسرعة وتترك أثرًا بيئيًا سلبيًا يجب أن يكون إيقاف تشغيل المحطات النووية والتخلص من النفايات المشعة وتخزينها أمرًا يمكن التعامل معه وتطبيقه بسهولة سيكون فعلًا غريبًا وخسارة كبيرة للبشرية إذا ما وضعت التكنولوجيا النووية جانبًا بسبب التحيزات أو الأفكار الخاطئة أو المغلوطة والمخاطر المزعومة لذا علينا أن نتأهب ونستعد لمستقبل الطاقة النووية في مصر ونستلهم خبرات وافكار دول سبقتنا اليها، اصبحت اليوم في مصاف الدول العظمى.
وفي هذا الصدد، تقدم شركة روساتوم الحكومية للعملاء الأجانب حلاً شاملاً يتيح الوصول إلى مجموعة كاملة من المنتجات والخدمات طوال عمر محطة الطاقة النووية، بما في ذلك الوقود النووي المستهلك وخدمات إدارة النفايات المشعة، فضلاً عن السلامة النووية والإشعاعية والبيئية. وعلى وجه الخصوص، في إطار حزمة العقود الخاصة ببناء محطة الضبعة للطاقة النووية، وقعت مصر بالفعل عقدًا مع روساتوم لإدارة الوقود النووي المستنفذ، والذي بموجبه يمكن تزويد الجانب المصري بخدمات إعادة معالجة الوقود النووي المستنفد من محطة الضبعة للطاقة النووية.