رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بؤرة التوتر.. كيف تستعد إسرائيل للصراع فى الجبهة الشمالية؟

جريدة الدستور

بعد تصاعد التوتر بين إيران والولايات المتحدة تتزايد المخاوف الإسرائيلية من ارتفاع الاحتمالات بشأن اندلاع مواجهات على الجبهة الشمالية مع سوريا ولبنان، فى ظل تواجد القوات الإيرانية بسوريا وتمركز حزب الله اللبنانى الموالى لطهران على الحدود.
وشهدت الأسابيع الأخيرة توجيه تل أبيب عدة ضربات استباقية على الجبهة التى ظلت هادئة منذ الحرب الأخيرة عام ٢٠٠٦، بالإضافة إلى استهداف القوات الإيرانية المتمركزة حاليًا فى سوريا، بهدف الحد من قدرتها العسكرية والاستخباراتية استباقًا لأى تطورات محتملة فى المرحلة المقبلة.
«الدستور» تستعرض فى السطور المقبلة آخر التطورات التى تشهدها الجبهة الأكثر توترًا، والاستعدادات التى تقوم بها الأطراف المختلفة فى إطار الردع المتبادل ومحاولة كل منهما تجنب التصعيد المحتمل.


منظومات دفاعية لمواجهة الصواريخ والألغام البحرية.. وتحصين خطوط الكهرباء والغاز الطبيعى
تواصل إسرائيل استعداداتها العسكرية لمواجهة مرتقبة مع إيران أو حزب الله فى لبنان، خاصة بعد تصريحات أدلى بها مسئولون فى وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون»، عن إجراء إيران تجربة إطلاق صاروخ باليستى من طراز «شهاب ٣»، يصل مداه إلى بعد ١٠٠٠ كم.
ورغم أن تقديرات المؤسسة الأمنية الإسرائيلية تستبعد أن يؤثر التوتر بين إيران والولايات المتحدة وبريطانيا على إسرائيل بشكل مباشر، وترى أن طهران تتجنب وقوع مواجهة مباشرة مع إسرائيل فى مياه الخليج العربى، فإن تل أبيب تستعد لإمكانية التصعيد، واحتمالية تعرض سلاح البحر الإسرائيلى والسفن التجارية الإسرائيلية لهجمات بواسطة صواريخ دقيقة.
وعزز تلك الاستعدادات وجود تقارير استخباراتية إسرائيلية تشير إلى عمل إيران على نقل السلاح إلى سوريا ولبنان عن طريق البحر، بجانب السلاح الذى تنقله برًا وجوًا.
لذلك كله، بدأت إسرائيل فى تشغيل المنظومة الدفاعية «حيتس ٣» المخصصة لاعتراض الصواريخ الباليستية بعيدة المدى، ويدرس سلاح بحر جيش الاحتلال الإسرائيلى إمكانية شراء منظومات دفاعية متطورة تحت المياه لمواجهة «الألغام البحرية». كما قررت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية اتخاذ عدة خطوات أخرى فى السياق ذاته، بينها إقامة «حاجز بحرى» فى المرفأ العسكرى بمدينة «إيلات»، لمنع دخول القوارب المدنية والسياحية كجزء من الإجراءات الوقائية، وفى ظل مخاوف من وقوع ما تصفه بـ«هجمات إرهابية» بواسطة زوارق أو دراجات مائية سريعة.
وترى الأجهزة الأمنية الإسرائيلية أن إيران ستستخدم حزب الله فى حال قررت الهجوم على إسرائيل، لذا بدأت فى تحصين نحو ٢٠ موقعًا من البنى التحتية من ضربات الصواريخ، مثل منشآت شركة الكهرباء وخطوط الغاز الطبيعى فى الداخل الإسرائيلى، وذلك ببناء الجيش فى هذه المواقع حوائط أسمنتية، وتعزيز الأسقف، ووضع بوابات يمكنها صد الضربات، ووسائل أخرى لمنع إصابات «الشظايا»، مع إمكانية دفن جزء من البنى التحتية تحت الأرض.


«حزب الله» يعيد الجزء الأكبر من مقاتليه فى سوريا ويجند شبابًا فى عمر الـ16 عامًا لتعويض خسائره البشرية
قالت تقارير إسرائيلية إن «حزب الله» أعاد، العام الماضى، الجزء الأكبر من مقاتليه الذين شاركوا فى الحرب الأهلية بسوريا، موضحة أن التقديرات تشير إلى مقتل ٢٠٠٠ عنصر من الحزب فى المعارك هناك، إضافة إلى وجود نحو ٨٠٠ جريح.
وأضافت أن تلك الخسائر دفعت قيادات الحزب إلى تجنيد عناصر جديدة فى عمر الـ١٦ عامًا، خبرتهم قليلة فى المعارك، فيما تشير تقارير عالمية إلى أن الحرب فى سوريا تسببت فى مشكلات اقتصادية كبيرة دفعت الحزب لتقليص رواتب العاملين لديه.
وتتعارض تلك التقارير مع تصريحات حسن نصر الله، الأمين العام للحزب، الذى هدد فى خطابه الأخير قائلًا إن صواريخ حزب الله يُمكنها أن تُصيب أهدافًا حتى حيفا، مشيرًا إلى أماكن مهمة واستراتيجية فى إسرائيل يمكن لهذه الصواريخ استهدافها، مثل مطار بن جوريون الدولى، والبورصة فى رمات جان، والمكاتب الحكومية.
وكرر «نصر الله» تهديده بضرب مخازن الأمونيا فى ميناء حيفا، مشيرًا إلى أن «حزب الله» لا يحتاج إلى سلاح نووى بل يكفى أن يُطلق صاروخًا واحدًا فى اتجاه مخزن الأمونيا فى «حيفا» كى يتسبب فى سقوط عشرات الآلاف من القتلى والجرحى.
وتشير التقارير الإسرائيلية إلى أن نظام صواريخ «حزب الله» لا يمكنه توجيه ضربة دقيقة لمنشـآت استراتيجية فى الوقت الحالى، محذرة من أن الحزب يعمل باستمرار على تحسين قدراته فى هذا المجال بمساعدة إيران.
وذكرت أن الهجمات التى شنتها إسرائيل فى سوريا كان الهدف منها ضرب وسائل وآليات يمكنها تحسين المنظومة الصاروخية لدى «حزب الله»، مشددة على أن الحزب لديه من ٢٠ إلى ٢٠٠ صاروخ دقيق فقط، حسب ما نشره معهد أبحاث بريطانى.
وذكر مركز التراث الاستخباراتى الإسرائيلى أن «حزب الله» يهدف إلى تحويل الطائفة الشيعية فى لبنان إلى «كتلة واحدة» تسانده فى أى حرب مستقبلية ضد إسرائيل، أو تقف بجانب إيران حال اندلاع حرب مع الولايات المتحدة.



طهران تتأهب بتشكيل قوة لجمع المعلومات

تسعى إيران وحزب الله لتسريع جهود ضمان تمركز عسكرى فى جبهة الجولان، استعدادًا لمواجهة واسعة ومحتملة مع الولايات المتحدة قد يتخللها صدام عسكرى مع إسرائيل.
ووفق معلومات نشرها الجانب الإسرائيلى، فإن حزب الله وإيران أسسا ما يسمى «ملف الجولان» وهى قوة تتبع الحزب تضم عناصر من قرية حضر الدرزية، وهى قوة مقاتلة تعمل على جمع معلومات استخباراتية، وإخفاء الأسلحة ومعدات القتال التى سيستخدمها عناصر الحزب عندما تقتضى الضرورة، حيث تقرر تجديد إقامة هذه القوة والمتطوعين على طول الحدود المشتركة.
وحسب تقارير عبرية، فإن المسئول عن «ملف الجولان» هو على موسى عباس دقدوق، الذى يطلق عليه «أبوحسين ساجد»، وهو من تولى المهمة بعد مقتل جهاد مغنية، القيادى بحزب الله بصاروخ إسرائيلى استهدف مركبته عام ٢٠١٥، وفى ديسمبر من العام نفسه قتل أيضًا القيادى بحزب الله سمير قنطار، فى انفجار غامض، بعد أن تولى ملف الجولان عقب اغتيال «مغنية»، قبل أن تنتقل المهمة إلى «دقدوق».
وتعرض موقع لاستخبارات النظام السورى فى تل الحارة فى ريف درعا لهجوم الأسبوع الماضى، للمرة الثانية فى غضون شهر ونصف الشهر، فى إطار عملية عسكرية لإسرائيل تستهدف الجولان، لأنه وحسب التقديرات الإسرائيلية ينشط حزب الله فى الموقع المذكور.
ووصف المراسل العسكرى لصحيفة «معاريف» العبرية، تال ليف رام، سلسلة الهجمات المنسوبة لإسرائيل بأنها تشكل عمليًا تصعيدًا فى الصراع مع حزب الله، مشيرًا إلى أنه رغم تصعيد إسرائيل للمواجهة فإن المؤشرات الداخلية تشير إلى عدم جاهزيتها لمثل هذه المعارك، وأن الداخل الإسرائيلى غير معنى بالتصعيد والمواجهة المباشرة على الحدود مع لبنان أو سوريا.


اشتعال حرب الاستخبارات: اغتيالات وإيقاع بشبكة تجسس إيرانية تعمل داخل الأراضى الفلسطينية
تناولت تقارير إعلامية مختلفة ما حدث مؤخرًا من اغتيال مشهور زيدان، القيادى بـ«حزب الله»، جراء استهداف سيارته بشكل مباشر عبر قذيفة صاروخية فى منطقة «سعسع» بريف دمشق، ما أسفر عن مقتله، مرجحة أن يكون التفجير ناتجًا عن قذيفة أطلقتها طائرة إسرائيلية مسيرة.
وحسب تقارير عبرية، فإن «زيدان» هو أحد أبناء قرية حضر فى القنيطرة جنوبى سوريا، وكان ناشطًا فى صفوف حزب الله، وأحد المسئولين عن تجنيد متطوعين من القرى القريبة من الحدود مع إسرائيل لجمع معلومات استخبارية عن تحركات الجيش الإسرائيلى فى المناطق الشمالية، مع استخدام منازلهم لإخفاء العبوات الناسفة والأسلحة الخفيفة والرشاشات والقذائف المضادة للدبابات لاستخدامها حين الحاجة.
وذكرت التقارير أن «زيدان» كان يستخدم هويات مختلفة ويستبدلها حين الانتقال على المعابر بين سوريا ولبنان، مبينة أن الوثائق التى كانت بحوزته حين استهداف مركبته كانت تحمل اسم محمد ناجى.
وأشارت إلى أن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية رفعت مستوى التأهب فى الشمال لمواجهة تداعيات العملية، وسط توقعات بالرد من الحزب.
كما تناولت التقارير أيضًا واقعة اعتقال حسين محمود ياسين، الناشط فى حزب الله، مطلع الشهر الماضى فى مطار العاصمة الأوغندية كمبالا، بالتنسيق مع جهاز الاستخبارات الإسرائيلى «الموساد»، فى ظل اتهامه بتجنيد لبنانيين يعيشون بأوغندا من أجل استهداف أهداف أمريكية وإسرائيلية.
وقالت إن «ياسين» يعد عميلًا سريًا نشطًا فى أوغندا منذ ٩ سنوات، بعدما تم تجنيده لصالح وحدة الاتصال الأجنبية التابعة لـ«حزب الله» المعروفة باسم «وحدة ٩١٠» من قبل مسئول يدعى على وهيب حسين ويلقب بـ«أبوجهاد».
وأشارت إلى أن «ياسين» كان مُكلفًا بتحديد أهداف أمريكية وإسرائيلية فى أوغندا والمنطقة مع تجنيد لبنانيين يعيشون بها من أجل تنفيذ عمليات لصالح حزب الله مع التركيز على الذين يسافرون منهم إلى الولايات المتحدة وأوروبا فى أوقات متقاربة.
ولفتت إلى أن مهمته تضمنت أيضًا تجنيد مسلمين يعيشون بالمنطقة ويسافرون إلى السعودية من أجل استخدامهم لأغراض استخبارية، مشيرة إلى نجاحه فى إنشاء علاقات مع نحو ١٠٠ لبنانى بعضهم يعمل فى شركات اتصالات للقيام بالمهمة.
وذكرت أنه نجح أيضًا فى شراء قطع عسكرية حديثة عبر شركات عاملة فى السوق السوداء، من بينها أجهزة ردار ومجسات تشويش على أجهزة الاستشعارات الإسرائيلية العاملة على الحدود اللبنانية. وفى الإطار نفسه، تحدثت التقارير عن كشف تل أبيب شبكة تجسس تعمل لصالح إيران ويديرها شخص سورى يدعى «أبوجهاد»، وتنشط فى مناطق الضفة وغزة والجبهة السورية والداخل الإسرائيلى.
وأوضحت أن مهمة الشبكة كانت تتركز على جمع معلومات عن القواعد العسكرية والمنشآت الأمنية الحساسة والموظفين ومراكز الشرطة والمستشفيات وغيرها فى هذه المناطق، معتبرة أن ذلك يعد جزءًا من عملية الإعداد لهجمات إيرانية محتملة فى الداخل الإسرائيلى.