رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إيناس جوهر: مقاومة التطرف تتطلب بث الأغاني على إذاعة القرآن (حوار)

جريدة الدستور

الإذاعة سرقت عمرى وحرمتنى من الأمومة والحب وبسببها فقدت قصة حب رائعة كنت أعيشها
لا بد من إعطاء المبدعين فى ماسبيرو «فلوس» مقابل إبداعهم ويجب الاهتمام بالحقيقيين منهم


قدمت الإذاعية الكبيرة إيناس جوهر «روشتة» لاستغلال الإذاعة وبرامجها فى مقاومة التطرف الدينى ونشر التسامح والوسطية، وبعد أن طالبت بمساحة وافرة لعلماء الأزهر للرد على المتشددين، رأت أن الاهتمام بالموسيقى أولى خطوات الإصلاح الدينى. وفى حوارها مع «الدستور» فتحت إيناس جوهر، خزانة أسرار مشوارها الإعلامى وموقفها من مذيعى الجيل الحالى، كاشفة أسباب انتقادها اتحاد الإذاعة والتليفزيون فى وضعه الراهن. وتحدثت عن علاقتها بعدد من «نجوم الزمن الجميل» مثل عبدالحليم حافظ، وفريد الأطرش، وعمار الشريعى، وآخرين.



■ ما سر حبك للميكروفون وتعلقك بالإذاعة؟
- تعلقى وعشقى بالميكروفون بدأ من «البرنامج العام»، و«الميكروفون حاجة عظيمة جدًا تتيح لك الكلام على طبيعتك، و«الضحك براحتك» من غير قيود، لكن أمام الكاميرا يصبح إحساسك مختلفًا تمامًا من حيث القيود والضغوط التى تزيد، حقا الراديو «ده عشق وخفة وهوس».
■ لو عدنا إلى الوراء قليلًا.. كيف بدأت الإذاعية إيناس جوهر رحلتها؟
- فى البدايات، كنت أتمنى أن أكون مضيفة طيران، بعد أن تخرجت فى كلية الآداب قسم اللغة العبرية، ومنذ صغرى أتابع الإذاعة وأحب برنامج «بابا شارو»، والموسيقى الكلاسيكية، التى شكلت وعيى الموسيقى والمعلوماتى، وخلال سن الشباب أحببت صوت عبدالحليم حافظ وأم كلثوم وغيرهما، لأحب الإذاعة والكاميرا، خاصة أننى امتلكت فى سن مبكرة «ريكوردر» كبيرًا، وكنت أمسك الميكروفون وأقلد مشاهير الإعلام وقتها، مثل أمانى ناشد وسلوى حجازى اللتين بدأ معهما التليفزيون، كما كنت أقلد لقاءات متخيلة بصوتى مع الفنانين، مما نبهنى إلى قدرتى على تقليد الأصوات.
وبعدما حصلت على الليسانس، ورغم فتح باب التقديم للعمل بالإذاعة، لكنى جريت وراء حلم المضيفة وحب السفر، فرفض والدى العمل بمجال الضيافة وأرشدنى إلى «صوتى الحلو» وإمكانية أن أصير إذاعية، فتقدمت بتوصية من ابن عمى سامى جوهر، صحفى بـ«الأخبار» وقتها، وكنت لا أجيد اللغة العربية مقارنة بالعبرية، وكنت أخطئ فى الحروف و«معظمها ضايع عندى»، حتى تم تدريبى سنة فى الاستوديوهات على يد الأستاذ عبدالحميد الحديدى، والأستاذة أميمة عبدالعزيز، التى اعتبرتها هدية من الله أرسلها لى فى هذا التوقيت، كى أتعلم مخارج نطق الحروف، وقد كان. وكنت فى البداية أعمل فى الإذاعة وفى التليفزيون معًا، وخيرنى الأستاذ فهمى عمر بين المجالين، فاخترت الإذاعة لأنها شبهى.
■ متى بدأت حكايتك مع إذاعة المنوعات؟
- فى بداية عملى بالبرنامج العام لم أكن أفعل شيئًا وأحسست بـ«الخنقة»، فقد كنت أقول فقط «هنا القاهرة.. ونستمع إلى أغنية كذا»، رغم أننى لدى إمكانيات كبيرة، وحينها تبنانى الأستاذ طاهر أبوزيد، رئيس إذاعة الشرق الأوسط حينذاك، وأخبر الإذاعى الكبير محمد محمود شعبان الشهير بـ«بابا شارو»، باحتياجه لى ضمن فريق إذاعة الشرق الأوسط، ومن هنا بدأت فى دخول عالم المنوعات، بتقديم برنامج «بصبح عليك» بدلا من الأستاذة علا بركات التى صادف أن كانت مسافرة إلى أمريكا وقتها.
■ من أين جاءت فكرة «تسالى» أحد أهم البرامج فى تاريخ الإذاعة المصرية؟
- قبل فكرة «تسالى» كانت الأستاذة هدى بركات والأستاذ كمال جامع يقدمان برنامجًا رمضانيًا عبارة عن معلومة وغنوة أو معلومة ومقطوعة موسيقية، ثم سافرت هدى مع زوجها الأستاذ إبراهيم نافع إلى الولايات المتحدة الأمريكية، فأسند إلىَّ تقديم البرنامج، وشعرت حينها بأنه «بلا طعم»، فأبدع الأستاذ فتحى الملا، أستاذ اللغة العربية عضو المجمع اللغوى، بعد أن خفف معلومات البرنامج وصاغها دراميًا، ثم جاء من بعده مصطفى الشندويلى وصنع الشكل المرح الذى ظهر به برنامج «تسالى».
■ ما أبرز المواقف التى تعرضتِ لها على الهواء؟
- من المواقف الصعبة فى ذكرى وفاة الإذاعى الكبير جلال معوض، حينها لم أستطع استكمال النشرة وبدأت فى البكاء، كذلك عندما توفى عبدالحليم حافظ، وهى من أصعب اللحظات التى مررت بها، أن أعلن خبر وفاة صديق عزيز لى وللأسرة، فعلا «حاجة صعبة».
■ على ذكر عبدالحليم، ماذا عن علاقتك به؟
- تعلمت منه الكثير، كالبساطة، والحس الموسيقى العالى، واللباقة فى الحديث، وحب الاطلاع والمعرفة، إذ كان يجلس مع كبار المثقفين، مثل نزار قبانى وكامل الشناوى وإحسان عبدالقدوس ويسمع لتجاربهم ويسمع لهم.
■ وما الحوار الأبرز من وجهة نظرك طوال مسيرتك؟
- أكثر الحوارات التى أحبها لقائى الممثل العالمى شارلى شابلن، عندما كنت فى باريس، وبالصدفة خلال وجودى فى العاصمة الفرنسية، وبالجامعة التى كان يوجد فيها شارلى، أجريت المقابلة. كما أعتز أيضا بسلسلة لقاءات مع الكاتب أنيس منصور والعندليب عبدالحليم حافظ والشاعر عبدالرحمن الأبنودى والموسيقار عمار الشريعى.
■ وماذا عن لقائك الفنان فريد الأطرش؟
- «فريد» فنان جميل وإنسان رائع وشيك، وكان صديقًا لابن عمى الأستاذ سامى جوهر، وحضرت حفل خطوبته، وزواجه الأخير، وقتها كان اللقاء أول مرة التقيه فيها، وقال لى: «أنا هخليكى تأخذى سبق محصلش تعالى اعملى معايا حوار» وسجلت معه عن خطوبته وزواجه، وكنت أول إعلامية تذيع ذلك وتنشره.
■ ماذا قدمت لك الإذاعة، وماذا أخذت منك؟
- الإذاعة سرقت عمرى، وحرمتنى من الأمومة والحب، وبسببها فقدت قصة حب رائعة كنت أعيشها، وشرط الاستمرار أن «أقعد بالبيت» لكنى رفضت، لكنها أعطتنى الشهرة وحب الناس الذين يسمعوننى ويحبوننى.
■ بمناسبة الشهرة، ماذا أعطتك أيضًا؟
- بعدما بدأت طريق الشهرة بدأ الفنانون يسجلون معى فى أريحية، وأصبح سهلًا أن أحصل على موعد لحوار، فى الإذاعة كونت علاقاتٍ وصداقاتٍ كثيرة أعتز بها، وعشت فى بيت «حليم» أكثر مما عاش هو، وعرفت «الشريعى» صديق وعشرة عمر، والجدع جدًا والإنسان المرح والصادق بشوش الوجه، وسكنَّا بجوار بعضنا فى مدينة نصر، وكان يستشيرنى ويأخذ رأيى فى مسائل تخصه، وكنت شاهدة على زواجه من صديقتى وزميلتى ميرفت القفاص.
■ هل تشعرين بالرضا عن تجربتك الإذاعية؟
- بكل تأكيد، تجربة ناجحة بمقاييس مختلفة، وفى جميع البرامج التى قدمتها، وخلال فترة رئاستى إذاعة الشرق الأوسط، والإذاعة المصرية، وحققت نجاحات خلال هذه الفترات، كما أننى أدركت وأنا أترأس الإذاعة أن أتوقف عن تقديم برامجى التى تعتمد على «الضحك والهزار»، وهو ما لا يليق بالمنصب. وحصدت الجوائز فى الاستفتاءات المنوعة وجائزة أفضل إذاعية، كما حصل برنامج «تسالى» على رقم ٦ بين إذاعات العالم كأفضل برنامج يعطى جرعة ثقافية يومية للمستمع، فى مسابقة نظمتها «مونت كارلو» الدولية.
■ من يعجبك حاليًا فى الراديو والتليفزيون؟
- هناك ناس «لطيفة»، ولا أزال أسمع شيرين الخطيب وشيرين عبدالخالق فى الشرق الأوسط، وأميمة مهران فى البرنامج العام، وأحب من الإذاعيين الجدد زهرة رامز وأحمد يونس وخالد عليش، رغم ما نأخذه عليه من ملاحظات، لكنه لطيف وقادر على لم الشباب حوله. وبالنسبة للتليفزيون أحب شاهيناز جاويش جدًا فى «صباح الخير يا مصر»، وكذلك هند رشاد.
■ وما مواصفات المذيع الناجح لديك؟
- أن يكون «فاهم معنى مذيع» ومتدربًا على نحو جيد على يد أساتذة «محترمين»، ويعرف كيف يتعامل مع الضيف باحترام وأدب، ويستطيع إدارة الحوار بشكل لائق، بجانب تقديم مادة جيدة يحبها المستمع ويستفيد منها.
■ على ذكر التدريب، لماذا انتقدت التدريب فى ماسبيرو؟
- لأنه دون المستوى، ومازلت عند هذا الرأى، ولا يجوز أن أدرب محاضرة ٣ ساعات بـ٤٠ جنيهًا، ولابد من وجود تمويل لمعهد التدريب باتحاد الإذاعة والتليفزيون، كى يحصل الكبار على حقهم.
■ كيف يمكن إعادة رونق ماسبيرو؟
- أولًا: لابد من إعطاء المبدعين فى ماسبيرو «فلوس» مقابل إبداعهم، ويجب الاهتمام بالحقيقيين منهم لما لديهم من فكر وما يمكن أن يقدموه للناس، كذلك «فلوس» الضيوف الذين يأتون حتى الآن إلى التليفزيون دون مقابل حبًا فى «ماسبيرو» وفى العراقة والريادة، وهناك أعمال تطوير تحتاج إلى «فلوس تخش المبنى».
■ بخبرتك الإذاعية.. كيف تلعب الإذاعة دورًا فى مكافحة التطرف؟
- أولًا: يجب عقد مناظرات فى الإذاعة بين المتشددين ومشايخ الأزهر الوسطيين الذين يمثلون غالبية المصريين، ثانيًا: بالفن، يجب أن نذيع عزفًا موسيقيًا بعد كل قراءة للقرآن، وأن نبث الدعاء مغنى بالموسيقى، وعلينا تعريف الناس أن الموسيقى ليست حرامًا، وأنها خلقت أساسًا للاستخدام فى الأغراض الدينية ولايجوز منعها فى إذاعة القرآن الكريم التى لا بد أن تشهد استعانة بالفنون والموسيقى.