رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

نهاية زمن أردوغان.. «العدالة والتنمية» يتلقى أكبر هزيمة انتخابية.. وصحف عالمية: «صفعة ضخمة»

أردوغان
أردوغان


تلقى حزب «العدالة والتنمية»، الحاكم فى تركيا، هزيمة موجعة فى الانتخابات المحلية، التى جرت أمس الأول الأحد، مثلت نكسة كبيرة لكل المحاولات التى بذلها الرئيس التركى، رجب طيب أردوغان، للفوز بالمشاركة بفاعلية كبيرة فى الحملة الانتخابية لحزبه طيلة الأسابيع الماضية.
وخسر مرشحو «العدالة والتنمية» فى بلديات أكبر ٣ مدن فى البلاد، وهى أنقرة وإسطنبول وأزمير، التى تضم أكثر من ربع سكان البلاد، البالغ عددهم ٨٢ مليون نسمة، بالإضافة إلى خسارته مدينة أنطاليا.
وأعلن حزب «الشعب الجمهورى»، أكبر أحزاب المعارضة، فوزه ببلدية العاصمة أنقرة، وكذلك فوزه ببلدية إسطنبول، التى تعد العاصمة الاقتصادية للبلاد.
وحصد منصور يافاش، مرشح «الشعب الجمهورى» فى بلدية أنقرة، على نحو ٥٠.٩٪ من الأصوات، ليصبح بذلك الرئيس الجديد للبلدية، فيما حصد منافسه محمد أوزحسكى، مرشح «العدالة والتنمية» الحاكم، نحو ٤٧.٠٦٪.
كما فاز أكرم إمام أوغلو، مرشح المعارضة فى إسطنبول، برئاسة البلدية، على حساب بن على يلدريم، رئيس الوزراء التركى السابق، مرشح ‎الحزب الحاكم، بفارق يزيد على ٢٨ ألف صوت.
وشهدت إسطنبول، فجر أمس، حالة من الترقب بعد إعلان كلا المرشحين فوزه برئاسة البلدية، قبل أن يحسم رئيس اللجنة العليا للانتخابات فى تركيا الأمر، ويؤكد تصدر مرشح المعارضة السباق الانتخابى.
وكان مرشّح «العدالة والتنمية» قد أعلن، مساء الأحد، فوزه برئاسة بلدية إسطنبول، وقال لأنصاره: «لقد فزنا بالانتخابات.. نشكر سكان إسطنبول على التفويض الذى منحونا إيّاه»، وأكد أن النتائج الأولية تصب لصالحه بعد فرز ٩٨٪ من الأصوات، وأنه حصد ما نسبته ٤٨٫٧١٪ من الأصوات مقابل ٤٨٫٦٥٪ لمنافسه.
وبعدها بساعات، خرج مرشح المعارضة لينفى ذلك بقوله: «أود أن أعلن لسكان إسطنبول، ولكل تركيا، أنه وفقًا لأرقامنا من الواضح أننا فزنا بإسطنبول».
كما أكد مرشح «الشعب الجمهورى» أنه يتصدّر الانتخابات بفارق يصل إلى نحو ٢٩ ألف صوت، وأنه يستحيل على منافسه اللحاق به.
وتمثل المدن الكبرى فى تركيا ثقلًا جغرافيًا وسكانيًا هائلًا، ما يجعلها المحور الأساسى فى أى سباق سياسى، ووفقًا لموقع «سكاى نيوز»، فإن من يستطع الفوز بمفاتيح المدن الكبرى فى البلاد فإنه يمكن أن يبنى لنفسه زخمًا سياسيًا كبيرًا فى أى انتخابات مقبلة، فيما تشكل خسارتها عادة نهاية «غير سعيدة» للأحزاب الحاكمة.
واعتبر الموقع أن خسارة بلدية العاصمة، أنقرة، يمثل صفعة من العيار الثقيل للحزب الحاكم ورئيسه أردوغان، نظرًا لرمزيتها سياسيًا، التى تجعلها المدينة الأهم على الإطلاق فى كل الاستحقاقات الانتخابية، خاصة أنها المدينة التى يتركز فيها النشاط السياسى والدبلوماسى، لذا فإن خروجها عن سيطرة الحزب الحاكم يشير إلى تراجع كبير فى أهم معاقله.
وأصبحت أنقرة عاصمة للبلاد فى عهد مصطفى كمال أتاتورك، مؤسس تركيا الحديثة، منذ عام ١٩٣٢، وهى أكبر المدن سكانًا بعد إسطنبول، بتعداد يبلغ نحو ٥ ملايين و٤٠٠ ألف نسمة، وتضم مقرات الوزارات والسفارات والقصر الرئاسى القديم، بالإضافة إلى القصر الأبيض الذى بناه أردوغان عام ٢٠١٤، ليمثل رمزًا لتغيير نظام الحكم إلى النظام الرئاسى.
أما إسطنبول، فتعد الرئة الاقتصادية للبلاد، وأكبر المدن سكانًا، بتعداد يصل إلى ١٥ مليون نسمة، وينظر إليها عادة باعتبارها المركز الثقافى والاقتصادى والمالى لتركيا، وأنها الجسر الذى يربط قارتى آسيا وأوروبا.
وكانت إسطنبول المحطة الرئيسية التى فتحت باب الصعود السريع لأردوغان، على إثر فوزه فى الانتخابات البلدية عام ١٩٩٤، وتوليه رئاستها حتى ١٩٩٨، لذا فإن خسارة المدينة «صانعة الحكام» قد يؤشر على انقلاب فى الموازين فى الانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة.
أما إزمير، ميناء التصدير الرئيسى للبلاد، وثانى أكبر المدن الصناعية بعد إسطنبول، فتعد معقلًا لأنصار حزب «الشعب الجمهورى» المعارض، لذا فإنها طالما تمردت على مرشحى «العدالة والتنمية»، بسكانها البالغ عددهم نحو مليونين و٨٠٠ ألف نسمة.
وحول نتائج الانتخابات، اعتبرت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن هذه الانتخابات المحلية تحولت إلى استفتاء على ١٦ عامًا من حكم أردوغان، مشيرة إلى أن الوضع الاقتصادى الذى تشهده تركيا قلّص الدعم الشعبى للرئيس.
وأضافت أن النتائج الأولية للانتخابات المحلية هى دلالات أول هزيمة مهمة يتلقاها حزب «العدالة والتنمية»، منذ وصوله إلى الحكم عام ٢٠٠٢، كما أنها لخصت طبيعة الأوضاع الاقتصادية فى تركيا مؤخرًا، وعكست نتائج استراتيجية حملة الحزب الحاكم التى ركزت على خطاب «بقاء تركيا أو زوالها».
وأوضحت «الجارديان» أن الأزمة الاقتصادية أثرت سلبًا على دعم الحزب الحاكم، كما أن ارتفاع معدلات التضخم والبطالة المتزايدة غيّرت ميول الناخبين تجاه مرشحى الحزب.
أما صحيفة «لوموند» الفرنسية، فوصفت خسارة «العدالة والتنمية» أنقرة بأنها «صفعة لإدارة أردوغان»، وأكدت أن خسارة أردوغان المدينة التى أنشأ بها قصرًا رئاسيًا ضخمًا تعكس فشلًا كبيرًا للرجل الذى فاز فى كل انتخابات شهدتها تركيا منذ بلوغ حزبه سدة الحكم عام ٢٠٠٢.
فيما علقت «واشنطن بوست» الأمريكية، على الانتخابات المحلية فى تركيا، بقولها إنها أول استفتاء حقيقى يجرى على مستوى البلاد بشأن قيادة أردوغان البلاد، منذ فوزه فى الانتخابات الرئاسية فى يونيو الماضى.
وأشارت إلى أنه، ومنذ ذلك الحين، دخل الاقتصاد التركى فى ركود لأول مرة منذ عقد، ما أجبر الحكومة على الدفاع عن سياسات أزعجت المستثمرين وتسببت فى ارتفاع الأسعار.
وأضافت الصحيفة: «إن القمع الذى مارسته الحكومة ضد خصومها بعد الانقلاب الفاشل، فى عام ٢٠١٦، زاد من مخاوف الشعب التركى، وأزعج أيضًا علاقات تركيا مع الحلفاء الغربيين، ما تسبب فى تقلبات حادة فى صرف الليرة التركية، ووضع مستقبل المستثمرين فى البلاد على المحك».
ونقلت «واشنطن بوست»، عن المحلل السياسى التركى، مراد يتكين، قوله: «حتى فى الوقت الذى وضع فيه أردوغان مشاهد الانتخابات فى إطار الأمن القومى، فإن العديد من الناخبين لم يذهبوا إليها، فلقد أخبرنا المستطلعون بأن ٨٠٪ منهم يرون أن الاقتصاد- أى تكلفة المعيشة والبطالة- هو المشكلة الأكبر لهم».