رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

معركة "الطبيب المنتحر" تشتعل بين الأزهر وخبراء الطب النفسى

جريدة الدستور

حالة حزن شديدة سيطرت على روّاد مواقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بعد انتحار طبيب نفسي، 33 عامًا، يُدعى إبراهيم أحمد، بمحافظة البحيرة، عن طريق إلقاء بنفسه من الطابق العاشر، عقب إصابته باكتئاب حاد، وهو المرض الذي كان يعالج منه مرضاه، وانقسم الروّاد مواقع إلى فريقين، الأول متعاطف مع الطبيب، والآخر طرح سؤالا: هل هو كافر؟.

وأكد الدكتور عبد الفتاح العواري، عميد كلية أصول الدين بجامعة الأزهر، أن الدين لا يُكّفر المنتحر؛ وإنما يدخله في دائرة العصيان، فيصبح مسلم عاصٍ، يعود إلى الله تبارك وتعالى بذنبه الذي اقترفه في الدنيا.

وتابع في تصريحات خاصة للدستور: "من نطق الشهادتين في دنيته مرة واحدة أصبح مسلمًا، ولا يجوز تكفيره، حتى وإن ارتكب معصية وكبيرة من الكبائر لا تخرجه من الدين، لأن العلماء أجمعوا على أن المنتحر القاتل لنفسه ليس خارج من الملة، وإنما مسلم عاصي".

وأضاف عميد كلية أصول الدين، أنه يعامل معاملة المسلم الذي يموت بشكل طبيعي، أي يورّث، ويكفن ويصلى عليه، ويدفن بمدافن المسلمين، مُشيرًا إلى أن المرض النفسي لا ينهى عن كونه إنسان عاصي، سيعاقبه الله على قتله لنفسه، ولكن من الممكن أن يعفو الله عنه، فقال سبحانه وتعالى: "قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ"، المهم هو أنه بحكم الشرع مسلم عاصٍ.

من ناحية أخرى، أكد الدكتور عبدالمنعم فؤاد، عميد كلية العلوم الإسلامية، أن المريض النفسي المنتحر، يعامل معاملة المريض وليس على المريض حرج في حكم الإسلام، فكان لزامًا على الوالدين الاهتمام بذلك وعلاجه، فالعلاج النفسي أمر شرعي.

وأضاف في تصريحات خاصة لـ"الدستور" أنه على المريض النفسي المنتحر إثم كبير إن كان واعٍيا، ولا استطيع تكفيره، فالمنتحر ليس بكافر، وإنما آثم لأنه يعجل بأمر ويعترض على قضاء الله وقدره، إما إذا كان مريضا له حكم بمفرده.

وشدد عميد كلية العلوم الإسلامية على وجوب توعية الشباب بأن نعمل ونرضى بقضاء الله وقدره، فالعمل والحركة في الحياة أمر شرعي، وعدم ترك شبابنا ينغمسون في الأمراض النفسية، وحثهم على استعمال الرياضة وما يفيد العمل والعبادة، مُتابعًا أن المنتحر المريض له حكمه، لإن الإسلام يؤمن بأن هناك مريض وطبيب، والله بيّن في القرآن حكم المريض بأنه "ليس على المريض حرج"، ويحب على الإنسان أن يحب الحياة لأن الله محبة، ويقترب من الله.

في السياق ذاته، قال الدكتور جمال فرويز، الاستشاري النفسي، إن الطبيب كان يعاني من مرض جيني، أي أن المريض مولودًا حاملًا لجينات "الاكتئاب" عن طريق الوراثة إذا لم يتعرض في الفترة الأولى من حياته لأي أعراض مرضية من سن 15 حتى 25 عاما، لن يظهر المرض، ولكن ما وقع مع الطبيب العكس، من الواضح أنه تعرّض لعدة ضغوطات دفعته للانتحار.

وتابع في تصريحات خاصة للدستور قائلًا: "بغض النظر إنه دكتور نفسي وانتحر، ملهاش علاقة خالص، عشان كمان سنه صغير، لأن الخبرات هي اللي بتتحكم هنا، فأكبر خطأ مهني يقع هو التعامل مع المريض على أنه شخص مميز لمهتنه، والعقاقير تختلف من شخص لآخر، فهو في حالته كان يجب عليه أن يأخذ عقاقير لتثبيت الحالة المزاجية وجلسات تنظيم إيقاع كهرباء.

وأعرب "فرويز"، عن غضبه بسبب تكفير البعض له، قائلًا: "ده مريض، وليس على المريض حرج"، وكان مكتئبا، ومحدش فينا هيحاسبه، ناصحًا الشباب باللجوء إلى الطب النفسي دون وضع أي شئ في الاعتبار، فسلامتهم أهم شيء في الحياة.