رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

القمامة تغرق معبد "آتون".. وخبراء: أنقذوا تاريخ حضارتنا (صور)

جريدة الدستور

سيطرت حالة من الغضب علي الأوساط السياحية والمهتمين بالآثار المصرية، جراء ما يتعرض له معبد « آتون » المتاخم لمجموعة معابد الكرنك من الجهة الشرقية شمال مدينة الأقصر، من مظاهر واضحة للإهمال وعدم الاكتراث بالحضارة المصرية القديمة.

وقال محمد عبدالحميد، مرشد سياحي في الأقصر، إن الدولة تولي اهتمامًا كبيرًا للغاية بقطاع الآثار، والدليل على هذا وجود الكثير من المشروعات التي تم تنفيذها بالمناطق الأثرية بهدف حمايتها، والحفاظ عليها، وبالرغم من هذا فإن القطاع الأثري في الأقصر يعاني بعضًا من المشكلات يعبر عنها ما آل إليه حال معبد " آتون" المتواجد بمنطقة نجع الطويل والذي يقع بجوار معابد الأقصر من الناحية الشرقية.

وأضاف لـ" الدستور" أن ذلك المعبد يمثل قيمة تاريخية قوية للغاية، لكنه أول معبد للعبادة الآتونية في طيبة عاصمة مصر القديمة، لعبادة الإله أتون الذي أعلن عنه الملك إخناتون واعتبر الشمس الإله الموحد الذي لا شريك له ونور آتون يفيد جميع الأجناس، والذي كان يتمثل في شكل قرص الشمس، بأشعتها التي تنتهي بأيدٍ بشرية، لتمنح الحياة والرخاء للأسرة الملكية.

وتابع: الدراسات التي أقيمت حول هذا المعبد كشفت عن قيام الملك أمنحتب الرابع أو إخناتون كما عرف فيما بعد بتشييد مجموعة من المعابد المقدسة إهداءً للإله أتون، وكانت فكرة الملك إخناتون تتمحور حول توحيد عبادة الآلهة المختلفة في إله ومعبود واحد وهو قرص الشمس آتون، إلا أن كهنة الإله الأعظم والمسيطر والمهيمن آنذاك، وهو آمون رع رفضوا الفكرة واعترضوا عليها تماما، وبسبب أن ذلك الفكر كان فكرا ملكيا سمح له الكهنة بإقامة معابده خارج نطاق وحدود معابد الإله الأعظم آمون رع.

وأوضح أن الملك إخناتوت قام بتشييد حوالي 5 معابد في الناحية الشرقية لمعابد آمون وهي المنطقة الممتدة من السور الخارجي لمعابد آمون، وحتى منطقة نجع الطويل حيث توجد بقايا هذه المعابد أسفل بعض المنازل حتى الآن.

ولفت إلى أن تلك المعابد كانت عبارة عن أفنية مفتوحة للشمس، وتوجد بها موائد القرابين التي كانت تقدم عليها مختلف القرابين للإله آتون، وحول ذلك مجموعة المخازن وحجرات الخدمة اليومية فكانت طرز هذه المعابد مختلفة عما تعارف عليه في الدولة الحديثة.

وقد تم تشييد هذه المعابد من كتل أحجار الحجر الرملي الذي تم جلبه من محاجر جبل السلسلة بأدفو على بعد حوالي 160 كم جنوب مدينة الأقصر، ويعتقد أنه لم تكن هناك أجزاء خفية داخل معابد آتون مثل باقي المعابد في الدولة الحديثة، بل كانت أغلب أجزائها مكشوفة للشمس تماشيا مع عبادة الشمس آتون في هذه المعابد.

وأشار إلى أن الملك إخناتون أنشأ تلك المعابد في السنوات الأولى من حكمه حتى شعر بالغدر والخيانة من كهنة آمون وخاف على نفسه وحياته ودعوته الجديدة، فاتجه إلى الشمال في منطقة نائية وأرض خصبة لم يعبد فيها الإله من قبل حتى تتوافق مع دعوته وديانته الجديدة، حيث انتقل لها هو وعائلته ومؤيدوه والمؤمنون بدعوته.


وكشف عن أن تلك المعابد هجرت لفترة حتى جاء عصر الملك والقائد العسكري حور محب، والذي ساءه كل ما حدث وهو المخلص لدعوة وعبادة آمون، فما كان منه إلا أن قام بهدم وتفكيك كل هذه المعابد واستخدم أحجارها كحشو داخل الصروح والبوابات التي شيدها داخل حرم الإله آمون وهي البوابات 2 و9 و10 والتي اصطلح على تسميتها أحجار التلاتات والتي يصل مقاسها لحوالي 52 × 26 × 22 سم تقريبا والتي بلغت أكثر من 500000 كتلة، تم حفظها وتخزينها داخل مخازن وزارة الآثار بالمعبد وهي مخازن أحجار التلاتات والتي تتم دراستها، وقد تمت بالفعل إعادة تركيب بعض هذه الكتل بمتحف الأقصر.

وتابع: أن تلك المعابد شهدت الكثير من أعمال الحفائر التي قام بها بعض العلماء وعلى رأسهم دونالد ريدفورد في هذه المنطقة عن الكشف عن أساسات تلك المعابد، وذلك ضمن عمل البعثة الكندية التي كانت تعمل في تلك المنطقة حتى وقت قريب.

من جانبه، أوضح الأثري الطيب غريب كبير مفتشي معابد الكرنك، أن وزارة الآثار قامت بإحاطة المكان بسور وعزله عن المنطقة المحيطة.

وأضاف أن كون وقوع بقايا المعبد وسط كتلة سكنية بنجع الطويل في الناحية الشرقية، وعدم وجود التوعية اللازمة عند الأهالي يؤدي لإلقاء القمامة مثلا وإشعال النيران بها أحيانا.