رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

اعتذار


أعترف بأننى كنت قصير النظر وأخطأت كثيرًا فى حق هذا الزميل، كان علىّ أن أدرك أننى أزاحم حلمه الأثير، وأقف عقبة أمام طموحه الأسمى، عندما انفردت بنفسى القلقلة عاتبتها طويلًا وطالبتها باعتذار رسمى على الملأ لهذا الزميل ليمارس حلمه الأثير دون أن يزاحمه أمثالى، وكأنها شعرت بوخزة الخجل فطأطأت رأسها آسفة، ووعدتنى وهى تفرش ابتسامتها على الكون وهمست: لم أقصد وإن كان الاعتذار يحقق مآرب الزميل لا مانع لدى.. فطريقنا مختلف ولكن أحببت أن أوضح له الحقيقة وأعرض رؤيتى، فما يفعله الزميل يضيّق الخناق على كثيرين حوله، وسيطرته على المقعد منذ سنوات جعل العمل رتيبًا، وخصوصًا أنه يفرض سطوته وحضوره على كل شىء، ولا يسمح لأحد بالتدخل فى شئون العمل حوله، والجميع يعرف كيف صعد على هذا الكرسى.
بادلتها نفس الابتسامة وهمست: يا أيتها الجميلة، مالنا نحن وما يدور إن كان ما حوله لا يتحدثون وخانعون ويتركونه يفعل ما يحلو له، ويحركهم كقطع شطرنج على طاولة صماء.
أضافت: صدقت.
فى الصباح وأمام كل الحضور قدمت اعتذارًا مطولًا للجالس على المقعد الذى تآكل تحته، وأنا أحاول أن أوارى بسمتى الساخرة وهو ينظر لى نظرة المنتصر، ويجوب بعينى الذئب على الجلوس حوله وكأنه يصرخ: ها هو يعتذر عن فعله المشين وتحديه السافر.. ها هو يعود لرشده.
انفض المجلس وتركته على كرسيه المتآكل.. وذهبت لمكتبتى أمارس عملى فى نشاط وهمة، أراجع كتابى الثالث عشر الذى سيصدر فى معرض الكتاب القادم.