رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

غضب عراقي ودعوات لحماية الأيزيديين من استهداف ممنهج لقتلهم

غضب عراقي ودعوات
غضب عراقي ودعوات لحماية الأيزيديين من استهداف ممنهج لقتلهم

أعرب رئيس مجلس النواب العراقي اسامة النجيفي عن القلق البالغ من استمرار حالة التردي الأمني في عموم البلاد وعجز الأجهزة الأمنية عن توفير الحماية لأبناء الشعب، بعد زيادة حالات الاغتيال والقتل والاستهداف التي طالت المواطنين في بغداد والمحافظات.

وقال النجيفي في تصريح مكتوب نقله موقع "إيلاف" اليوم الأربعاء "، أن استمرار حالة التردي الأمني في عموم البلاد وتفشي ظاهرة القتل والتنكيل والتفجير التي تستهدف أهلنا وأحبائنا من المواطنين في بغداد والمحافظات، دون أن يقابل ذلك أي إجراءات حقيقية ملموسة من قبل الأجهزة الأمنية للحد من تكرار هذه الحالات، انما يعطي صورة واضحة، وبالشكل الذي لا يدع مجالا للشك عجز هذه الأجهزة عن حماية المواطنين، وإخفاقها على مدى السنوات الماضية في معالجة الخروقات الأمنية المتتالبة، وفقدانها القدرة على التصدي للهجمات الإجرامية، بعد أن اتضح ضعف مستواها الاستخباري والمهني، مما جعل المواطنون الأبرياء عرضة للقتل والاغتيال، وهدفا للتفجيرات المتكررة.

وحمل النجيفي "الحكومة والقيادات الأمنية مسؤولية التغاضي عن ضعف إدارة الملف الأمني، والذي أدى بالنتيجة إلى عودة الجثث المجهولة والاغتيالات بالأسلحة الكاتمة وتفجير العبوات والسيارات المفخخة إلى شوارع بغداد والمحافظات مع ارتفاع مؤسف لعدد الشهداء والجرحى جراء هذه الأعمال".

ومن جهته طالب النائب الإيزيدي "شريف سليمان" الحكومة بتشكيل لجنة أمنية خاصة بالاستهدافات التي تطال الايزيديين بعد مقتل 17 منهم خلال أقل من أسبوعين .

وقال في تصريح صحافي أن العملية الإرهابية التي اقدمت عليها المجاميع المسلحة أمس، وقتلت 12 من عمال محال بيع الخمور وبدم بارد في منطقة زيونة ليست المرة الأولى اذ قتل قبل اقل من أسبوعين 5 من العمال الإيزيديين في منطقة الشعب.

واضاف سليمان ان المشكلة هي ان هذه الاستهدافات "تحدث أمام نظار القوات الأمنية التي تحمي هذه المناطق، إذ كانت بقربهم سيارة عسكرية وجنود ولم يحركوا ساكنا، وهذا يثير استغرابنا لماذا هذه القوات لا تحمي المواطنين".

ودعا الحكومة والقوات الأمنية إلى أقصى جهودها للحفاظ على سلامة المواطنين "لأن هذه الاستهدافات مؤشر خطير على عدم قدرة حماية الاجهزة الامنية للمواطنين".

وكان مسلحون مجهولون قتلوا الليلة الماضية 12 من أصحاب محال بيع المشروبات الكحولية شرقي بغداد.

أما المتحدث باسم التحالف الكوردستاني مؤيد طيب فقد ندد بقتل مسلحين 9 أكراد أزيديين ودعا السلطات الأمنية إلى ملاحقة القتلة وتقديمهم إلى العدالة.

وقال "إن قتل 9 مواطنين أكراد ليلة الثلاثاء خلال هجو على محلات لبيع المشروبات الروحية في بغداد هو ثاني جريمة ترتكب خلال هذه الأيام، ففي الثاني من الشهر الحالي تم قتل 5 مواطنين أكراد إيزيديين.

وأشار إلى أن تكرار هذه الجرائم يؤكد وجود استهداف ممنهج للمواطنين الأزيديين في بغداد، مما يضع السلطات الأمنية والاجتماعية والسياسية أمام مسؤولية التصدي لهذه الجرائم ومنع تكرارها من خلال اجراءات صارمة في ملاحقة القتلة "فهذه الجرائم تشكل خرقا صارخا لحقوق المواطن في اختيار معتقده ومهنته بدون إكراه".

ومن جانبها طالبت مفوضية حقوق الأنسان في العراق جميع السلطات بتحمل مسؤوليتها في حماية الأقليات، فيما دعت المرجعية الدينية إلى تحريم الدم العراقي من دون تمييز.

ودعا عضو المفوضية قولو خديدا سنجاري خلال مؤتمر صحافي في بغداد جميع السلطات المختصة بتحمل مسؤوليتها في حماية الأقليات وتقديم الجناة للعدالة.

كما ناشد المرجعية الدينية الإفتاء بحرمة الدم العراقي من دون تمييز بين الدين او العرق او اللون أو الطائفة .

كما شددت وزارة حقوق الانسان العراقية في بيان على أن استهداف الأيزيديين لن يزعزع من وطنيتهم ووفاءهم وحبهم للعراق . وطالبت الأجهزة الامنية أن تبذل جهدا استثنائيا "لملاحقة الجناة وتقديمهم للقضاء لانزال العقاب الذي يتناسب وجريمتهم وان توفر الحماية اللازمة لابناء المكونات دون استثناء ولا تسمح لايدي الغدر والارهاب ان تطالهم بهذا الشكل السافر وفي مكان عام وامام مرى الجميع".

ويتعرض أبناء الطائفة الايزيدية في العراق منذ التغيير في العراق عام 2003 إلى عمليات استهداف منظمة وخاصة في المناطق ذات الأغلبية الايزيدية حيث شهدت حوادث عنف تتمثل غالبيتها بتفجيرات تستهدف تجمعات أفراد الطائفة فضلاً عن تعرض العديد منهم للخطفوالاغتيال والهجمات المسلحة.

وفي ظل انقسام العراق على اسس عرقية وطائفية وتردي الاوضاع الأمنية وانتشار التطرف تعرض عدد كبير من أتباع الديانة الايزيدية لعمليات قتل وعنف على يد الجماعات الإسلامية المتطرفة التي وزعت منشورات في مدينة الموصل عاصمة محافظة نينوى الشمالية مؤخرا وصفت الايزيديين بأنهم "كفار" واهدرت دمهم. وبعد تلقيهم تهديدات متكررة لهم لم يبق في مدينة الموصل أكثر من عدد محدود جدا من العوائل الايزيدية واجبروا على ترك منازلهم والهجرة إما إلى المنطقة الكردية أو المناطق الايزيدية.

كما كان مصير الايزيديين في العاصمة بغداد ليس افضل من نظرائهم في الموصل واضطروا الى تركها والعودة الى مناطقهم الاصلية.

ورغم أن الايزيديين المتواجدين في المنطقة الكردية يتمتعون بالحرية الدينية الكاملة حيث لهم أعضاء في برلمان كردستان لكن هناك شكاوي من تعرضهم للإهمال والتمييز على يد الموظفين المحليين التابعين للإدارة الكردية.

وكانت عملية استهداف مجمعين سكنيين في منطقة بعاج بقضاء سنجار بمحافظة نينوى الشمالية في اب (أغسطس) عام 2007 بالتفجير الاقسى حيث أسفرت عن مقتل أو إصابة أكثر من ألف شخص وتدمير مئات المنازل في واحدة من أبرز الهجمات التي تعرض لها أتباع الديانة الايزيدية خلال السنوات الماضية.

لكن برلمان كردستان قرر مطلع الشهر الماضي جعل يوم رأس السنة للإيزيديين والمعروف بيوم "الأربعاء الأحمر" عطلة رسمية لجميع الدوائر الرسمية في حكومة إقليم كردستان يوم 17 نيسان (ابريل) من كل عام. ويتم بهذه المناسبة إحياء العديد من النشاطات والفعاليات فيها ويعد اليوم المقدس لدى الإيزيديين حيث تتوقف فيه جميع الأعمال، وهو يوم للراحة والتأمل والعبادة، وتتحول فيه أنظار الإيزيديين إلى معبد لالش حيث يضاء بالشموع لاستقبال العام الجديد.

ويعمل الايزيديون في الزراعة بسبب خصوبة أراضيهم وسوق تصريف إنتاجهم الزراعي هو مدينة الموصل القريبة من مناطقهم لكن بسبب التهديدات المتكررة لهم عزفوا عن تسويق منتجاتهم هناك مما صعب أوضاعهم الاقتصادية.

وعلى خلفية تصاعد استهداف الايزيديين مؤخرا من خلال عمليات قتل وخطف ضد الشباب منهم المتواجدين في المناطق المتنازع عليها أو قوات البيشمركة فد عبر مواطنون منهم في تصريحات للاعلام المحلي عن خشيتهم من عودة عمليات القتل والخطف على الهوية وهي ما تنذر بالتأسيس لجولة جديدة من الحرب الطائفية في العراق واجبار ابناء الأقليات الدينية على الخروج من البلد وهذا ما يشكل الخطر الحقيقي على النسيج الاجتماعي والتعايش والسلم الأهلي والاستقرار السياسي ويتناقض كليا مع ادعاءات الديمقراطية والعدالة.

وعلى هذا الصعيد فقد أكد مدير شؤون الايزيديين في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية لأقليم كردستان خيري بوزاني ان الكرد الايزيديين هم أكثر المكونات استهدافا من قبل الجماعات المسلحة الناشطة في العراق فهم مهددين من ناحيتين الاولي من الناحية السياسية والاخري من الناحية الدينية.

ووضح انه "من الناحية الدينية هذا شئ معروف فهم مهددين لأن ديانتهم مختلفة، وطالما نرى ان المذهبية والدينية تعمل عملها في العراق فلا شك ان الايزيديين سوف يتعرضون للمخاطر على الهوية الدينية والقومية كذلك، أما من الناحية السياسية فأن 90 بالمائة من المناطق الايزيدية تقع ضمن المناطق المتنازع عليها وفي هذه الحالة فهم مهددون قوميا وسياسيا".

وأشار الى ان غالبية المناطق الايزيدية بالأخص الواقعة منها خارج الاقليم، مناطق تفتقر الى الخدمات والى فرص العمل، لذلك يضطر الشباب الايزيدي الى الهجرة الى المدن العراقية على الرغم معرفتهم بالمخاطر التي تحدق بحياتهم .

والديانة الإيزيدية من الديانات الكردية القديمة، لأن جميع نصوصها الدينية تتلى باللغة الكردية في مناسباتهم وطقوسهم الدينية.

ووفق إحصائيات غير رسمية يبلغ عدد الإيزيديين نحو نصف مليون نسمة في العراق ومن ضمنه إقليم كردستان، ويقطن غالبيتهم في محافظتي نينوى ودهوك الشماليتين.

ويسكن معظم الايزيديين في مناطق تابعة لمحافظتي نينوى ودهوك كسنجار، وشيخان، وتلكيف، وبعشيقة، وسيميل، وزاخو بشمال العراق إضافة إلى وجود حوالي 30 ألف إيزيدي هاجروا من البلاد منذ بداية التسعينيات إلى أوروبا ويتمركزون بغالبيتهم في ألمانيا والسويد.

ويعد معبد لالش الذي يقع في منطقة شيخان التابعة لمحافظة نينوى المركز الديني المقدس لمعتنقي هذه الديانة.

ويتحدث الأيزديون باللغة الكردية وهي لغة الأم ولكنهم يتحدثون العربية أيضا، خصوصا ايزيدية بعشيقة قرب الموصل وصلواتهم وادعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلها باللغة الكردية ووطنهم هو(ايزديخان) أو مر؟ه الشيخان حيث موطن امرائهم، والتي سميت في كتب التاريخ بمرج الموصل وقبلتهم هي لالش حيث الضريح المقدس للشيخ أدى بشمال العراق ويعتبر الامير تحسين بك من كبار الشخصيات الديانة اليزيدية في العراق والعالم حاليا.

وبحسب أرقام لمنظمات تابعة للأمم المتحدة يقدر عدد الايزيديين بحوالي 2,550,000 يزيدي يعيش حوالي 750 ألف منهم في العراق و 30 ألف في سوريا ولم يبقى منهم أكثر من 500 نسمة في تركيا بعدما كان عددهم أكثر من 25 ألف نسمة في بدايات الثمانينيات حيث هاجر غالبيتهم لأوروبا.

كما توجد أقليات منهم في أرمينيا وجورجيا تعود أصولها لتركيا وهناك توجد أقلية صغيرة من الأيزيدية في إيران دون توفر معلومات عن تعدادهم.