رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مقاومة نساء مصر لا تزال مستمرة


كنا ننتظر أنه بعد ثورة يناير ستفتح الأبواب والفرص أمام النساء والشابات باعتبارهن شريكات فى الثورة، ولكن للأسف فإن هناك تراجعا واضحا سواء فى الحقوق أو فى الدستور، أو فى المناصب القيادية أو فى تمكين المرأة فى مختلف المجالات.

ورغم أن 30% من الأسر المصرية تعولهن امرأة، فإن هذا لا يتم أخذه فى الاعتبار، ولا يؤخذ فى الحسبان عند مناقشة أحوال الوطن، ولا تسلم المرأة المصرية من الهجوم عليها كل يوم، ومن محاولات استبعادها من الحياة العامة، ومن محاولات فرض الوصاية عليها. ولا شك أن الهجوم الشديد على وثيقة المرأة التى سبق أن ناقشت بعض بنودها باعتبارها لا تمس الشريعة من قريب أو بعيد، هى أزمة مفتعلة ومقصود بها الدخول فى متاهات بلا أساس لاستبعاد النساء والوصاية عليهن وشغل العقول عن التفكير فى قضايا الوطن الكبرى وأزماته الراهنة، وبدلا من إضافة مكتسبات لما حصلت عليه المرأة المصرية بنضالها التراكمى، فإنه يتم البحث عن كيفية إعادتهن إلى عصر وأد البنات، واعتبارهن عورة، وإعادتهن إلى عصور ما قبل الإسلام إلى أعطاها مكانتها وذمتها المالية واحترامها.

ففى أحد بنود الوثيقة حث الحكومات أو السلطة السياسية فى الدول على اتخاذ الإجراءات لإعطاء المرأة حقوقها، مما يبدو أنه يتنافى مع رغبة القائمين على مقدرات الوطن، فالمادة اذا قرأناها بعين منصفة وإذا قرأها أى رجل يقدر زوجته أو أمه أو أخته فسيجدها منطقية إذ جاء نصها: «نطالب باتخاذ كل الإجراءات التشريعية والإدارية اللازمة لمنح النساء الحق الكامل والعادل فى الموارد الاقتصادية بما فى ذلك الحق فى الميراث، والحق فى تملك الأرض والممتلكات والموارد الطبيعية والتكنولوجية اللازمة، وتمنح الدول الأولوية للمبادرات التى تستهدف تمكين المرأة على مستوى القواعد الشعبية فى توفير فرص التعليم والعمل بهدف رفع مستواهن، وتقليل هشاشتهن فى التعرض للعنف»، وهو بند كما نرى لا صلة له بالشريعة».

كما تتضمن الوثيقة أيضاً دعوة إلى الرجال والشباب إلى تحمل مسئولية سلوكهم الجنسى والإنجابى والامتناع عن أى شكل من أشكال التفرقة والعنف ضد النساء، وأن يتم تطوير سياسات وبرامج بما فيها برامج تعليمية مفهومة لزيادة وعى الشباب وفهمهم للآثار الأليمة المترتبة على العنف، إضافة إلى أنه يقلل منه كرامة الإنسان.

و هكذا نجد من مناقشة بعض بنود هذه الوثيقة الدولية التى وقعت عليها الدول فى لجنة وضع المرأة بمنظمة الأمم المتحدة بأنها لا صلة لها بالشريعة، والغريب فى الأمر أنه بعد توقيع الدول على الوثيقة نجد أن السيدة مرفت التلاوى فى مرمى الهجوم من جانب ذوى الأفكار المتشددة.

ومرفت التلاوى وهى حاليًا رئيس المجلس القومى للمرأة، وهى كما عرفتها وعرفها غيى من المهتمين بحقوق المرأة والمشتغلين بالعمل العام، فإنها سيدة لها تاريخ طويل من العمل المخلص من أجل مصر، وهى سيدة تتمتع باحترام فى المحافل الدولية والمجتمع المصرى، وهى من أبرز من عملوا لإعلاء شأن المرأة المصرية، ولكنها للأسف تتعرض لحملة من الهجوم الشرس عليها، وقد صرحت وأوضحت فى عدة برامج فى قنوات فضائية وفى مؤتمر صحفى مؤخرا، أن الوثيقة لا تحتوى على أى مواد منافية للشريعة، وإن مصر قد تقدمت بتعديلات وجرى التعديل وفقا لرأى مصر، وإن معظم الدول قد صدقت عليها وأن الهجوم على الوثيقة يحتوى على كلام عار تماما من الصحة. إننى أخشى أننا الآن نسير فى طريق لإسقاط المجلس القومى للمرأة ومن بعده المنظمات النسائية والحقوقية العاملة فى مجال حقوق المرأة والطفل، ثم تشويه رموز العمل النسائي، ولحظتها ستبدأ مرحلة الإظلام للمجتمع، وإن كنت أعلم أنه حتى هذه اللحظة لا تزال نساء مصر فى أول صفوف المقاومة فى طريق التنوير والحرية. و هذا ما أرجوه وأتوقعه من كل امرأة مصرية وشابة تنادى بالحرية