رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مستشفى «بهية» علاج لكل ست مصرية


وأنا فى طريقى إلى «مستشفى بهية للاكتشاف المبكر وعلاج سرطان الثدى عند السيدات» لم أكن أتوقع ما رأيت. هذا الصرح العظيم الذى يتم من خلاله وعبر كل من يعمل فيه تقديم خدمات جليلة لسيدات مصر.

عندما نزلت من محطة المترو فى الجيزة وجدت سيدتين تسألان عن شارع علوبة بالهرم، فإذا بالسائق يقول لها: «مستشفى بهية»؟ تبتسم إحداهن وتقول نعم. ويدلها على الطريق. وبالقرب من المستشفى، وعلى ناصية الشارع عدد كبير من السيدات. وعندما تهم السيدة بالسؤال عن الشارع تكون الإجابة أيضاً: مستشفى بهية؟ إنه على بعد خطوات. ووجدتنى أسير بين عدد من السيدات يتم استقبالهن بكل ترحاب وإرشادهن إلى الدور والمكان. صرح كبير يسير كل شىء فيه بدقة ونظام وهدوء، مما ينعكس على السيدات اللاتى جئن من جميع محافظات مصر. خلية نحل فى كل مكان، فى عيادات الكشف والمتابعة فى الدور الأول. تجلس فى مكان متسع مريح حتى يجىء دورك. كل شىء هنا بدقة ونظام. دعونى قبل أن أدخل فى التفاصيل، أحكى لكم حكاية مستشفى بهية المصرية. لقد رحلت عن دنيانا منذ تسعة عشر عاماً السيدة بهية وهبى- حرم المهندس حسين أحمد عثمان- سيدة مصرية أصيبت بسرطان الثدى، ولاحظت عائلتها الكريمة مدى معاناة السيدات المصريات الكثيرات اللاتى يصيبهن هذا المرض الخبيث، سرطان الثدى، وهو المرض الذى يحصد يا سادة أرواح 17.6% من وفيات مرضى السرطان فى مصر. وتقول الجمعية الأمريكية للسرطان إن واحدة من بين كل 8 سيدات تصاب بسرطان الثدى خلال حياتها.

رحلت بهية عن دنيانا، ولكن أولادها وعائلتها قرروا أن تخفيف المعاناة عن المرضى بسرطان الثدى ويشارك بعمل جليل فى سبيل ذلك، وهو بناء مستشفى متخصص فى اكتشاف وعلاج سرطان الثدى دون مقابل أو تفرقة بين البشر. فالمرض الخبيث يتسلل إلى الجميع دون اختيار.

تكلف المستشفى أكثر من مائة مليون جنيه، وبنى فى نفس مكان فيللا بهية. صرح من ستة أدوار. بعد اكتمال بناء المستشفى تسلمته «جمعية رسالة» لتبدأ بتجهيزه وتشغيله من تبرعات المصريين المخصصة لمستشفى بهية. وتم التعاقد على أجهزة من أحدث الأجهزة على مستوى الشرق الأوسط والعالم، ووصلت التكلفة حتى الآن ما يقرب من 150 مليون جنيه لعدد محدد من الأجهزة. والمستشفى يحتاج إلى الملايين لاستكمال الأجهزة ومنها أجهزة الموجات فوق الصوتية، وجهاز التصوير الإشعاعى للثدى بالأشعة الرقمية، والرنين المغناطيسى، وتجهيزات خاصة بالمعامل، وأجهزة خاصة بالعلاج الطبيعى والعلاج المائى، وجهاز جاما كاميرا للعلاج بالإشعاع. تم افتتاح المستشفى فى شهر مارس الماضى، عشرات الآلاف من السيدات يترددن على المستشفى. ويتضمن قائمة الانتظار الكشف على الثدى بجهاز الماموجرام أكثر من اثنتى عشرة ألف حالة. ويتم فى اليوم الواحد فحص 135 حالة. والمستشفى فى انتظار استلام الجهاز الثانى لتخفيف عبء الانتظار لفترات طويلة. والجميل يا سادة أن جمعية رسالة تحدد رقم حساب محدداً فى البنوك للتبرع باسم مستشفى بهية تحت عنوان «كن شريكاً فى إنقاذ حياة أم ورسم بسمة أمل لكل سيدة ابتلاها الله بهذا المرض».

كما أنه بالإمكان أيضاً من خلال التبرعات توفير الدعم الاجتماعى والنفسى الكامل لجميع المرضى عن طريق مساعدات للمريضات غير القادرات فى منازلهن مع إدخال أسر المريضات ضمن برامج المساعدات الاجتماعية.

وأوجه كلامى فى السطور القادمة إلى كل سيدات مصر، فأنا أعرف أن المصريين والمصريات «وأنا منهن» لا يذهبن إلى الطبيب للكشف إلا فى «الشديد القوى»! ولكن مع هذا المرض اللعين لا ينفع ذلك نهائياً، ولا ينفع إهمالنا فى صحتنا، فالاكتشاف المبكر لمرض سرطان الثدى تصل نسبة الشفاء منه إلى 98%. وفى المرحلة الثانية تصل نسبة الشفاء إلى 93%. أما المرحلة الثالثة فتصل نسبة الشفاء فيها إلى 72%. وفى المرحلة الرابعة، آخر مرحلة، لا تزيد نسبة الشفاء فيها عن 22%.

المستشفى يقوم بكل شىء بالمجان. على كل سيدة بعد سن الأربعين التوجه إلى مستشفى بهية لأن نسبة الإصابة بالمرض ترتفع كثيراً فوق هذه السن. أما السيدات اللاتى لهن تاريخ لمرض سرطان الثدى فى عائلتهن فعليهن بالذهاب بدءا من سن الثلاثين.

يقوم المستشفى الآن بالكشف والمتابعة والعلاج بكل الأنواع: الجراحى والإشعاعى والكيماوى والهرمونى. ولقد تم الكشف حتى الآن خلال حوالى أربعة أشهر من الافتتاح على أكثر من خمسة آلاف سيدة مصرية وإجراء مائة عملية جراحية لاستئصال الورم. ويوجد أكثر من مائة وخمسين حالة يتم علاجها علاجاً كيماوياً.

أتوقف معكم هنا عندما دخلت إلى غرفة العلاج الكيماوى فى الدور الثانى. كانت هناك سيدة من كفر الشيخ تتلقى العلاج. لم يكن على لسانها غير كلمة «كل اللى هنا ملائكة، ربنا يجازيهم بكل خير». نعم إنهم ملائكة الرحمة، يشتغلون ليلاً ونهاراً، يقدمون الحب والدفء والمودة لكل المرضى. إنها ملحمة مصرية للوقاية والعلاج داخل مستشفى بهية. وحتى تكتمل تلك الملحمة وتصل إلى كل سيدة مصرية، فالتبرع مطلوب فى كل البنوك المصرية لحساب مستشفى بهية. ولكل سيدة مصرية أقول لها: زورى مستشفى بهية، فالوقاية خير من العلاج