رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الليالى الثقافية والفنية تتحدى الأفكار الإرهابية


فى مقابلاتنا داخل أروقة الثقافة الجماهيرية أتحدث كثيراً مع الشاعر القدير أشرف عامر رئيس الإدارة المركزية للثقافة والبحوث عن أهمية دور قصور وبيوت الثقافة المنتشرة عبر أنحاء مصر فى نشر أشعة الفن والإبداع والفكر والتنوير، ودورها فى مواجهة الإرهاب...

....وفى حديثنا التليفونى عقب الحوادث الإرهابية السوداء الأخيرة «اغتيال النائب العام يوم 29 يونيه 2015، والهجوم على مدينة الشيخ زويد فى أول يوليو للاستيلاء عليها من قبل «دواعش العصر» طال الحديث وامتد حول أنه آن الأوان لخطة متكاملة بين الوزارات المعنية لمواجهة الإرهاب. وكدت أطير من الفرحة حينما أخبرنى بخطة بين وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة تمتد عبر 27 محافظة تمثل كل محافظات مصر تحت عنوان «الثقافة فى مواجهة الإرهاب». وكان ردى: علينا جميعاً أن نشارك فيها مثقفين، مبدعين، أدباء، شعراء، سياسيين، رجال دين... إنها البداية ولابد من استمرارها وتطويرها مع وزارات الشباب والرياضة والتربية والتعليم. تحولت الفكرة إلى واقع وتحول الحلم إلى حقيقة. وكان الموعد واللقاء الأول معى فى قصر ثقافة الجيزة يوم الثلاثاء الموافق 7 يوليو 2015 مع ليالى رمضان الثقافية، والتى تقيمها قصور الثقافة برعاية الكاتب محمد عبدالحافظ، رئيس هيئة قصور الثقافة، والأستاذ محمود حامد، رئيس إقليم القاهرة الكبرى وشمال الصعيد. واستقبلتنا السيدة ميرفت إبراهيم، مديرة القصر، بابتسامتها وحيويتها هى وزميلاتها. ها هو القصر تضىء جوانبه نشاطات الأطفال ورسوماتهم، بالاشتراك مع جمعيات للأيتام ومتحدى الإعاقة. يجىء الأطفال ليمارسوا معاً إبداعاتهم، ويرسموا أحلامهم بألوان مبهجة تحمل الأمل فى مستقبل أفضل. وأرى أيضاً معرضاً للمشغولات اليدوية والحرفية. ليلة ضمت كورال الأطفال بالقصر، والطفلة الجميلة فريدة التى لا يزيد عمرها على أربع سنوات تشدو بغنوة «حلوة يا بلدى»، وفرقة الفنون الشعبية، والتنورة، والندوة الثقافية، والتى تحدثنا فيها أنا وزميلتى الأستاذة منيرة صبرى، عن المرأة ودورها وتأثيرها فى الأسرة والمجتمع، وعن الإرهاب ومواجهته المواجهة الأمنية والثقافية والفكرية والتعليمية والدينية، المواجهة بالتنمية وتحقيق العدالة الاجتماعية. إنها البداية ويجب أن تستمر وفق خطة متكاملة فى كل ربوع مصر وكل شهور السنة.

وكان اللقاء الثانى يوم الخميس 9 يوليو 2015 فى كل محافظات مصر. ومن شمال الصعيد فى قصر ثقافة الجيزة أطير إلى جنوب الصعيد، إلى بلاد طيبة الحبيبة التى علمت البشر الحضارة والفنون والعلوم. وبجانب معبد الأقصر، ومن وسط عبق التاريخ، تمتد ساحة أبوالحجاج، والتى تقام فيها الليالى الثقافية والفنية بقيادة الأستاذ سعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد، والأستاذ فضل الله هاشم مدير عام قصر ثقافة الأقصر. تلك الليالى التى تشمل جميع فنون الإبداع: الرسم، الشعر، الإنشاد الدينى، الحكى الشعبى على الربابة...الخ. انتقلنا من ساحة أبى الحجاج إلى قصر الثقافة، ويستقبلنا القائمون على نشاطات القصر بلوحة فى مدخل القصر ترحب بالضيوف باسم فراج محسب. دعونى ياسادة ياقراء أتوقف هنا للحظات يعود بنا التاريخ إلى عشرين سنة مضت، عندما اعتليت خشبة مسرح قصر ثقافة الأقصر سنة 1995، لأشارك الشاب وقتها فراج وزملاءه بطولة مسرحية عطشان ياصبايا عن شفيقة ومتولى. وكانت المشاركة الثانية عام 1996 فى مسرحية الناس فى طيبة. أتذكر هذه الفترة بكل مودة ومحبة وتقدير لأعضاء الفرقة، كبيرهم وصغيرهم. هناك فى حياتنا لحظات وذكريات لا تنسى، وتصبح جزءاً من تاريخك ووجدانك، يمر عليها الزمان فتزداد عمقاً وتأثيراً. فى طريقى إلى القصر، والذى يبعد عن وسط المدينة، تملكنى الخوف من أن مكان القصر بعيد، وأننا قد لا نجد جمهوراً كبيراً فى الندوة. وما إن دخلت القصر حتى فوجئت بعدد كبير من الصغار والكبار، وأجمل ما فى الحاضرين أطفال فى عمر الزهور مع أسرهم. وتدفقت الكلمات ومعها كل الصدق فى حب هذا الوطن، وعن صمود الشعب المصرى لمواجهة الإرهاب، وعن مخطط التفتيت للوطن العربى وفى القلب منه مصر، وعن تسامح الأديان وقبول الآخر. وتضمنت الأمسية الشعر، والكلمة، والغنوة، وشارك معنا فى هذه الأمسية الشاعر مأمون الحجاجى، والشيخ محمد ربيع. وتضمن اللقاء الفقرة الرائعة لفرقة الموسيقى العربية بالأقصر بقيادة المايسترو النوبى الطيب. وعشنا مع الكلمات والألحان: مصر تتحدث عن نفسها لأم كلثوم، وغنوة عبدالحليم حافظ وأنا كل ما أقول التوبة، ومزيج من الأغانى الوطنية وأغانى الطرب من الزمن الجميل. وأشعل الفنان الجميل والمطرب الأصيل سامح يسرى المسرح بأغانى من الزمن الجميل، وأغانيه الخاصة مثل: «إمسك قلب وإمسك علم وحط فى القلب نسر، أرض الكرم، أرض الهرم، أرض الحضارة مصر». وفى طريق العودة من القصر إلى الفندق امتد الحديث بيننا أنا والأستاذ سعد فاروق حول أهمية استمرار ذلك النشاط طوال أيام السنة. أتمنى أن يمتد التعاون بين وزارة الثقافة والهيئة العامة لقصور الثقافة، ومع بقية الوزارات المعنية من الشباب والرياضة، والتربية والتعليم، والتعليم العالى، والتعليم الفنى، والإعلام، لوضع منظومة ثقافية شاملة تعمل على تنمية المعرفة والمهارات والانتماء. وأن يتم ذلك بالتعاون بينهم وبين منظمات المجتمع المدنى من الروابط والجمعيات الأهلية والنوادى والنقابات والأحزاب. إذا كنا فى حرب على الإرهاب فنحن فى حاجة إلى حكومة «حرب وأزمة» تعمل معاً وفق خطة شاملة واضحة لها معالم وآليات وموارد وجداول زمنية. «مش كدة ولاّ إيه»؟!.