رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ما أروعك يا رمضان


الحياة إجمالا تتجه إلى ذلك المنحى، بفضل هذا الزائر الخفيف الظل. هذه البركات، وهذا التغيير الذى يحدث فى نفس الإنسان وروحه، وكل جوانب حياته، له أسبابه التى تتصل بهذا الشهر الكريم. أول تلك الأسباب أنه «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ».

زائر خفيف يأتى مرة واحدة كل سنة هجرية. يأتى بالخير والبركات على الجميع، على الأثرياء وعلى الفقراء، على من يسكنون القصور ومن يعيشون فى القبور. يأخذ الناس فيه إجازة من حياتهم الروتينية التى تستمر أحد عشر شهراً، ويتبعون نمطاً جديداً من الحياة، فى المأكل والمشرب، وفى الحياة الزوجية، وفى العلاقات بين البشر جميعاً، المسلم وغير المسلم، إنها مصالحة مع الكون، فى الكلام عموماً وفى اللفظ خصوصاً. «إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث، ولا يصخب فإن سابه أحد، أو قاتله فليقل: إنى امرؤ صائم». صدقت يارسول الله، فنعم القدوة ونعم الأسوة الحسنة فى كل شىء، وفى كل أمر، وفى كل وقت. الصيام فيه كابح، يكبح الألفاظ التى لابد أن تكون أدبية خلوقة طيبة. «فالكلمة الطيبة صدقة». وهى تنم عن هذا التغيير، «اللهم إنى صائم». صائم عن الطعام، وصائم عن الشراب، وصائم عن الشهوات، وصائم عن الخطأ، وعن الكلمة التى تخرج أو تسىء إلى الآخرين، وصائم إجمالاً عن الحرام والمحرمات حتى المؤقتة منها، وصائم عن كل ما يشين، وصائم عن كل دمار وتدمير، وهلاك أو إهلاك. وصائم عن النفاق، وصائم عن الكذب والتضليل.

يتذكر الإنسان الصائم، وحتى غير القادر على الصيام لمرض أو سفر، إنه نموذج فى رمضان. الحياة إجمالا تتجه إلى ذلك المنحى، بفضل هذا الزائر الخفيف الظل. هذه البركات، وهذا التغيير الذى يحدث فى نفس الإنسان وروحه، وكل جوانب حياته، له أسبابه التى تتصل بهذا الشهر الكريم. أول تلك الأسباب أنه «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ». البركة شاملة وعامة. وثانى تلك الأسباب، أنه فيه ليلة واحدة هى ليلة القدر» وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ». ليلة واحدة فى شهر رمضان، جعلها الله تعالى أخير من ألف شهر، إذ تتنزل فيها الملائكة والروح فيها، أى سيدنا جبريل عليه السلام، وهى ليلة سلام حتى مطلع الفجر. ما أجمل هذا الشهر، وما أجمل تلك الليلة». مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ». ما أجمل تلك المفاتيح التى يعطيها الله سبحانه وتعالى لعباده، ليخرجوا من الروتين بل من ذنوبهم الكبيرة والصغيرة فى هذا الشهر عموماً، وفى تلك الليلة خصوصاً، « إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ». ما أكرمك يالله، وما أرحمك يالله وما أعظمك يالله . تحب عبادك، وأنت أعلم بهم وبخلقهم وبجهلهم وبظلمهم وبذنوبهم. وما أجملك أيها الشهر الكريم، وماأجمل صلاة التراويح فى المساجد أو فى البيوت أو فى الحقول أو فى أى مكان، مجتمعين «جماعة» أو منفردين (فرادى) . ماأجمل أن يتذكر الإنسان، وأن يطلب فى هذا الشهر العظيم الكريم، رحمة الله تعالى ويتذكر، أن الرحماء يرحمهم الرحمن. ما أجمل موائد الرحمن التى تمتد فى ربوع المدن والقرى، يأكل منها الضعيف والفقير والمسكين والمحروم وابن السبيل. وما أجمل القرآن تلاوة وسماعاً. هل يفهم الداعشيون ومن على شاكلتهم الحكمة من هذا الشهر العظيم ومن الصيام؟ أم أنهم يصومون جوعاً وعطشاً، ولا يصومون عن الدماء؟ ألا يفهمون أن من قتل نفساً بغير نفس أو فساد فى الأرض فكأنما قتل الناس جميعا؟ لأنهم قتلوا الروح، والروح من أمر الله تعالى، وهى من خلق الله تعالى ما أكرمك يا ربى، وما أظلم عبادك أو بعض عبادك. وكل عام وأنتم بألف خير – أيها القارئ الكريم. والله الموفق