رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

التقادم.. وجرائم الإرهاب


التقادم هو زوال الأثر القانونى لفعل او إجراء معين بمضى المدة . ويطبق القانون فكرة التقادم على الحقوق والدعاوى، سواء فى مجال القانون العام أو المدنى أو الجنائى، والتقادم فى المجال الجنائى نوعان : تقادم للدعوى وتقادم للعقوبة.

وتقادم الدعوى الجنائية معناه مضى مدة معينة على وقوع الجريمة دون اتخاذ السلطة المختصة أى اجراء يؤدى إلى تحريك الدعوى الجنائية قبل المتهم، ويؤدى الموقف السلبى إلى انقضاء الدعوى، وبالتالى انقضاء حق الدولة فى محاكمة الجانى وعقابه . أما تقادم العقوبة فيقصد به مرور مدة زمنية معينة على صدور حكم بات بالعقوبة دون تنفيذه على المحكوم عليه، مما يؤدى إلى انقضاء الحق فى تنفيذ العقوبة قبله، كما أنه بسقوط الدعوى يستتبعه سقوط العقوبة كونه لا يجوز توقيع عقوبة دون وجود الدعوى، فالعقوبة تدور وجوداً وعدماً مع الدعوى . والحكمة من التقرير بنظام التقاضى كسبب يؤدى إلى انقضاء الدعوى الجنائية يتفق مع السياسة الجنائية الرامية إلى اقتضاء المجتمع لحقه فى العقاب من الجانى، وإلى اصلاحه عن طريق تنفيذ العقوبة، فمن ناحية يؤدى مرور مدة زمنية معينة على ارتكاب الجريمة إلى نسيانها بين الناس، فمن المصلحة إسدال الستار عليها وعدم تجديد ذكرياتها الأليمة بتحريك الدعوى الجنائية ضد الجانى ومن ناحية أخرى فإن مضى مدة معينة يؤدى إلى طمس معالمها واختفاء معظم أدلتها فيصعب إثباتها ضد الجانى وهدم قرينة البراءة المفترضة فيه. فبالنسبة للقاعدة العامة لتقادم الدعوى الجنائية ففى مواد الجنايات تتقادم الدعوى بمضى 10سنوات من يوم وقوع الجريمة، وفى مواد الجنح بمضى ثلاث سنوات، وفى مواد المخالفات بمضى سنة، وذلك ما لم ينص القانون على خلاف ذلك . أما بالنسبة لتقادم العقوبة فتنقضى العقوبة سواء نفذت أم لم تنفذ من تاريخ صدور الحكم بمضى 20 سنة للجنايات عدا عقوبة الإعدام فانها تسقط بمضى 30سنة عدا الحكم الغيابى بالنسبة للجنايات فهو حكم تهديدى لا يعد حكماً باتاً، أما بالنسبة للجنح فتنقضى عقوبتها بمضى خمس سنوات أما فى المخالفات بمضى سنتين . إلا أن المشرع أورد استثناء على قاعدة التقادم سواء فى الدعوى أو فى العقوبة فلا يسرى التقادم على جرائم معينة نظرا لخطورتها الشديدة التى تستدعى ملاحقة المجرمين مهما طال الزمن على الجريمة وارتكابها، فعلى سبيل المثال استثنى المشرع الدستورى الجرائم الخاصة بالاعتداء على حقوق الإنسان وحرياته وحرمة الحياة الخاصة، والجرائم المنصوص عليها بقانون الإرهاب رقم 97 لسنة 1992 فى المواد من86 إلى 89 من قانون العقوبات نظرا لخطورتها الشديدة، وهى لا تنقضى الدعوى فيها بالتقادم ولا عقوبتها وتظل ملاحقة مجرمى تلك الجرائم لما لهذه الجرائم من تهديد الامن القومى والسلم الاجتماعى بل كيان الدولة ككل . وتظل ملاحقة المجرمين عن الإرهاب سارية لا تنقضى بمضى المدة ويظل سيف العدالة مسلطاً على رقابهم للقصاص منهم انتصاراً للحق والعدل.

هيئة قضايا الدولة