رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

دور الدولة فى الرقابة على الجمعيات الأهلية


ظهر مفهوم الجمعيات الأهلية إنطلاقاً من مبدأ أهمية المشاركة التطوعية الهادفة فى العمل الاجتماعى داخل الجمعيات والمؤسسات الخاصة، وعرفت مصر العمل التطوعى منذ تاريخ طويل يعتمد على مفهوم «الخير»، وتضم شبكة الجمعيات الأهلية فى مصر أكثر من 43000 ألف جمعية!

ويتسم عمل هذه الجمعيات والمؤسسات بتقديم خدمات مباشرة، أو غير مباشرة لإشباع احتياجات المجتمع وتحقيق الرفاهية الاجتماعية للمواطنين والجهود التطوعية فى إطار النظام العام أو القوانين والتشريعات التى تنظم العمل الاجتماعى التطوعى، وتعد تلك الجمعيات خارج السوق الاقتصادية والتنافسية، لذلك فهى لا تسعى إلى الربح المادى كغرض أساسى للوجود وحصرها على توفير الخدمات التى تقابل احتياجات المواطنين، ولكل جمعية أو مؤسسة فلسفة تستمد سياستها من النظام الأساسى لها، وتعتمد فى تمويلها على ما تجمعه من تبرعات وهبات ووصايا، وعلى ما تحصل عليه من اشتراكات الأعضاء، بالإضافة إلى عوائد الخدمات التى تقوم بها، وقد تحصل على دعم من الهيئات الحكومية أو من هيئات دولية، وتعد الجمعيات والمؤسسات الأهلية أكثر انطلاقاً فى خدماتها وأكثر قدرة على التجديد والابتكار، وإجراء التجارب لتطور العمل بها، وكذلك السرعة فى تقديم الخدمات والتقليل ــ قدر الإمكان ــ من الإجراءات الإدارية الطويلة.وتمارس هذه الجمعيات والمؤسسات الخاصة عملها فى إطار السياسة الاجتماعية العامة للدولة بعيداً عن التقلبات السياسية والصراعات الطائفية، لأنها ممنوعة بحكم القانون من التدخل فى الخلافات السياسية والمذهبية والطائفية. وجاء «العهد الدولى للحقوق المدنية والسياسية» ناصاً على حرية إنشاء تلك الجمعيات وممارسة عملها بديمقراطية ولكن مشروطة بألا تخالف النظام العام أو الآداب العامة أو الصحة العامة أو حقوق الآخرين أو ما من شأنه الإضرار بالأمن لقومى للبلاد وفُوض للقانون تنظيم ذلك ووضع القيود بما يتناسب مع سياسة الدولة فى ضوء صون أمنها القومى والحفاظ على السلامة كما جاء بالمادة 22 منه.وقد أفرد «الدستور» نصاً خاصاً لها، ليكون متفقاً ومتماشياً مع العهود الدولية، ومن هنا تأتى أهمية دور الدولة فى الرقابة على تلك الجمعيات والمؤسسات الأهلية كما أخضعها القانون رقم 84 لسنة 2002 بشأن الجمعيات الأهلية إلى رقابة الاتحاد العام للجمعيات والمؤسسات الخاصة، والاتحادات الإقليمية، بالإضافة إلى رقابة الجهة الإدارية المتخصصة مثل: إشراف وزارة الشئون الاجتماعية، وديوان المحافظة على الناحية الإدارية، أما من الناحية المالية فنهيب بالمشرّع بالتدخل الفورى بالنص صراحة على إخضاع أموال تلك الجمعيات والمؤسسات لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات لاسيما على مصادر تمويلها حيث نصت المادة 219 من الدستور على جواز مد رقابة ذلك الجهاز إلى الجهات التى يحددها القانون، على الرغم من أن قانون الجهاز الحالى يعطيه الحق فى رقابته على أموال تلك الجمعيات كما جاء بنص المادة 3/7 منه حيث إن الدولة تقوم بإعانة تلك الجمعيات من خلال صندوق إعانة الجمعيات والمؤسسات الأهلية المنصوص عليه بقانون الجمعيات الأهلية سالف الذكر، ومن ثم تخضع أموال تلك الجمعيات والمؤسسات لرقابة الدولة، وتشديد العقوبات عليها حال الانحراف عن تحقيق أهدافها ودورها وذلك حماية وصوناً للأمن القومى.

مستشار بهيئة قضايا الدولة