رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الأب يوأنس لحظى: الفاتيكان لم تصدر وثيقة لمباركة زواج المثليين.. ووسائل الإعلام تناولت الأمر بشكل خاطئ

الأب يوأنس لحظى يتحدث
الأب يوأنس لحظى يتحدث للدستور

- اختيارى لأكون أول سكرتير لبابا الفاتيكان من مصر والشرق الأوسط مسئولية كبيرة حملتها 6 سنوات

قال المونسنيور يوأنس لحظى، السكرتير الشخصى السابق لبابا الفاتيكان، عضو اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، إن البابا فرنسيس يستحق لقب «بابا المحبة» لأنه يقدمها للجميع ويعتقد أن عليهم أن يشفوا بها، معربًا عن فخره بلقب «مهندس جولات التسامح»، الذى أطلقه عليه موقع الأزهر الشريف، بعد جهوده فى إصدار وثيقة «الأخوة الإنسانية»، التى وقّعها الفاتيكان والأزهر فى عام ٢٠١٩. 

ووجّه «لحظى»، خلال حديثه إلى «الدستور»، الشكر الكبير للرئيس عبدالفتاح السيسى على تخصيصه قطعة أرض لإقامة مستشفى «بامبينو جيزو» لعلاج الأمراض النادرة، مشيرًا إلى أن مؤسسة «الأخوة الإنسانية» تهدف حاليًا إلى التوسع فى خدماتها، وإقامة سلسلة مطاعم «فراتيللو» لتوفير الطعام لغير القادرين مجانًا فى كل المحافظات المصرية.

■ بداية.. كيف رأيت اختيارك لتكون أول سكرتير من مصر والشرق الأوسط لمؤسسة الفاتيكان الدينية العريقة؟

- هذا الاختيار كان شرفًا لى وسبب فخر، خاصة أنه جاء من بابا الفاتيكان، وفى إطار حرصه على الاهتمام بالمنطقة ومحاولة التقارب مع دول الشرق الأوسط والدول العربية والعالم الإسلامى، وهو مسئولية كبيرة على عاتقى.

■ كم بلغت مدة عملك سكرتيرًا لبابا الفاتيكان؟ وماذا تعلمت منه؟

- كنت سكرتيرًا لبابا الفاتيكان حوالى ٦ سنوات، وأصبحت حاليًا مسئولًا عن ملف «الأخوة الإنسانية»، وتعلمت الكثير منه طوال هذه الفترة، ومن الصعب اختصار تجربة التعامل مع البابا فرنسيس فى عدة سطور، لأنها تجربة مثمرة، فهو بابا يغلّب الإنسانية والمحبة على كل شىء، ويعتبر المحبة مُعدية، وعلى الجميع أن يشفوا بها، وأن تكون فى داخل قلب كل إنسان، وهو شخص يقدم المحبة للجميع ويبنى جسورًا من الحوار والتواصل، ويستحق لقب «بابا المحبة» عن جدارة، فهو مدرسة فى إعطاء المحبة، وقد شاهدت هذا فى مواقف عديدة، ومن خلال انفتاحه على الجميع بالدول العربية.

■ ما طبيعة علاقة بابا الفاتيكان مع البابا تواضروس الثانى؟ وهل هناك خطوات للتقارب بين الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية المصرية؟

- علاقة البابا تواضروس الثانى وبابا الفاتيكان نادرة ووطيدة، وهى علاقة أخوة، ولذلك شارك بابا الكنيسة المصرية فى احتفال ترأسه البابا فرنسيس فى ساحة الفاتيكان عند زيارته له، وأيضًا فتح له أبواب كنيستنا ليصلى بها.

وهناك خطوات اتُخذت على مر السنين لتحقيق التقارب بين الكنيستين، وهى خطوات مبنية على المحبة، وستظل مستمرة مع وجود قيادات كنسية مثل البابا تواضروس الثانى والبابا فرانسيس.

■ كيف ترى وثيقة الأخوة الإنسانية التى تجمع بين الفاتيكان والأزهر؟

- وثيقة الأخوة الإنسانية جمعت بين الأزهر والفاتيكان، ووقّعت فى دولة الإمارات فى عام ٢٠١٩، وقد شاركت فى وضع هذه الوثيقة، التى تهدف إلى التآخى مع الآخر، وبناء جسور التواصل والمحبة، برعاية الفاتيكان ومؤسسة الأزهر الشريف، من أجل السلام العالمى، وخدمة الأخوة الإنسانية، والتقارب بين الجميع.

وأتذكر، فى هذا الخصوص، اللقاء التاريخى بين شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان، بعد فترة من انقطاع الزيارات، فقد كان لقاءً تاريخيًا.

كما كانت للبابا زيارة لمصر فى عام ٢٠١٧، أعرب فيها عن حبه لمصر، وأرسل خلالها رسالة لشيخ الأزهر لدعم الأخوة الإنسانية، فهناك علاقة فريدة ومكانة نادرة فى قلبه لأهل مصر، الذين استقبلوه ضيفًا غاليًا عليهم، وهو يكن لمصر كل المحبة، ولجميع المصريين، وأيضًا للرئيس عبدالفتاح السيسى، والبابا تواضروس الثانى، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.

■ أطلق الأزهر عليك لقب «مهندس جولات التسامح».. فكيف استقبلت ذلك؟

- فخور جدًا بهذا اللقب الذى أطلقه علىّ موقع الأزهر الشريف، وأتمنى أن أكون مستحقًا له، فهذا شرف كبير.

■ ماذا عن مؤسسة الأخوة الإنسانية؟

- مؤسسة «الأخوة الإنسانية» هى ثمار وثيقة «الأخوة الإنسانية» التى تسعى لخدمة الإنسان دون تمييز على أى أساس دينى أو عرقى، وهى مؤسسة تنموية إنسانية غير هادفة للربح، مشهرة بالإدارة المركزية للجمعيات والاتحادات، برقم قيد ١٠٩١ لسنة ٢٠٢٢ بوزارة التضامن الاجتماعى.

وتهدف المؤسسة لدعم وتعزيز الأخوة الإنسانية، ونشر قيم ومبادئ وثيقة «الأخوة الإنسانية» من خلال دعم غير القادرين، والمساهمة فى مساعدة الأسر الأكثر احتياجًا، ونشر ثقافة الأخوة والتعايش، وخدمة المجتمع فى كل المجالات، من بينها مجال الطفولة والأمومة، ورعاية الأيتام والمسنين والمرضى وذوى الإعاقة، دون تفرقة أو استبعاد أو تفضيل بسبب العرق أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو النسب.

أى أن المؤسسة تهدف لتطبيق مبادئ الأخوة الإنسانية بشكل عملى يخدم الإنسان دون أى تمييز، ودون استبعاد لأى أحد، فإننا نخدم جميع البشرية وكل إنسان فى العالم، وهذا ما نسعى إليه فى الوقت الحالى، عبر خدمة أهالى غزة فى الحرب، من خلال التبرع لهم بالمعونات، فمشهد حرب غزة تدمع له العين، وتبكى على أرواح الأطفال والشهداء الذين راحوا ضحايا الحرب، فلا أحد يتسم بالإنسانية يقبل هذه الحروب، وعلينا أن نحيا معًا كأخوة وننهى الحروب التى تحاصرنا.

■ بدأت خلال العام الحالى سلسلة مطاعم «الأخوة».. فما فكرة هذه المطاعم؟

- افتتحت مؤسسة «الأخوة الإنسانية»، التى تعد الذراع التنفيذية لوثيقة الفاتيكان والأزهر، سلسلة مطاعم «فراتيللو»، وهى كلمة معناها مطاعم الأخوة، وبدأت عبر فرع فى حى المعادى بالقاهرة، تحت مظلة وزارة التضامن الاجتماعى.

وتقوم فكرة هذه المطاعم على الأخوة وتقديم الطعام المجانى لغير القادرين، بشكل يحفظ كرامتهم إنسانيًا، عبر كروت تحتوى على مبلغ من المال، تستطيع الأسر من خلاله دفع ثمن الطعام، أى أنها مثل الكروت البنكية أو كروت الشراء، ويتم توزيعها وفقًا لقوائم أعدتها وزارة التضامن لعدد من الأسر غير القادرة، مع توزيع هذه الكروت عليهم لكى يستطيع من يحمل الكارت الدخول إلى المطعم وطلب أى وجبات له ولأسرته دون إحراج أو مس بكرامتهم.

■ ما المبادرات الأخرى للمؤسسة فى مصر؟

- لدينا عدة مبادرات بمصر، من بينها مبادرة «واحة الرحمة»، وهى دور للأطفال الأيتام لكنها تختلف عن دور الأيتام العادية فى أنها تحاول توفير الإطار الأسرى بشكل كامل لهم، وتكوين نموذج للأسرة البديلة فى شكل دار للأيتام، مثلما يحدث فى دول مثل إسبانيا وإيطاليا، مع تقديم الرعاية المطلوبة لتنشئة الأبناء وبشكل تربوى حديث، عبر عدة مبانٍ مجهزة لذلك.

ولدينا أيضًا مستشفى يقام تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى تحت اسم «بامبينو جيزو»، للأمراض النادرة، بالإضافة إلى قوافل طبية تقدم خدمات الدعم النفسى بالمجان، بالتعاون مع مؤسسة «فاهم». ومبادراتنا عمومًا تسعى إلى تحقيق رسالة المؤسسة، وهى «بالإنسانية نصل للجميع»، وأن الخير يجمع ولا يفرق.

■ ما رأيك فى تخصيص الرئيس السيسى أرضًا لإقامة مستشفى «بامبينو جيزو» للأمراض النادرة؟

- الرئيس عبدالفتاح السيسى إنسان من الدرجة الأولى، ونوجّه له رسالة شكر كبيرة لتخصيصه قطعة أرض لتشييد مستشفى «بامبينو جيزو»، ليكون أول مستشفى للأمراض النادرة بمصر، واسم المستشفى إيطالى، ويتبع سلسلة مستشفيات خيرية تخدم الإنسان، برعاية الفاتيكان. والرئيس السيسى حريص على فعل كل ما يعود بالخير على أبناء مصر دون تمييز، وهو يسعى إلى تطبيق رؤية الجمهورية الجديدة التى تقوم على العمل والأمل، وعلى الرؤية والجهد، والإصرار والعزيمة، ومبادراته تسهم فى الحفاظ على كرامة الإنسان، من خلال التوحد عبر يد واحدة لخدمته، فالظروف الصعبة إما تفرق الناس أو توحدهم، وهذا أيضًا ما نفعله فى مؤسسة «الأخوة الإنسانية»، عبر فتح أذرعنا للجميع، فلا تنافس فى عمل الخير، بل تعاون مع الجميع لخدمة الإنسانية.

■ هل تخدم المؤسسة قطاع اللاجئين؟

- من أهداف مؤسسة ووثيقة «الأخوة الإنسانية» خدمة الجميع، لأنهم أخوة، ولهذا نقدم الخدمات الإنسانية للجميع، ومن بينهم اللاجئون، خاصة أن الدولة المصرية تولى اهتمامًا كبيرًا بهذا الأمر.

■ ماذ عن دعم الحوار بين الأديان والثقافات المختلفة؟

- وثيقة «الأخوة الإنسانية» تعلمنا مبادئ الحوار والتواصل مع الآخر بشكل عملى، فهى ليست مجرد حبر على ورق، ولكنها وثيقة تترجم إلى أفعال إنسانية، تهدف لإطعام الفقير والمساعدة فى خدمة الجميع، خاصة أن هناك أعداء كثيرين للخير، لكن كل من له قلب صالح سيجد أننا نسعى فى صالح خدمة البشرية، ونحاول مد الجسور عبر القيادات الدينية، لأن دور القائد الدينى هو أن يحاول تخطى أى عقبات تمنع الحوار مع الآخر، مع بناء جسور السلام والحوار معه وتقبله.

وفى رأيى إن لم نتخذ طريق الحوار والمحبة والأخوة فسنكون فى حالة ابتعاد، لذا يجب أن يكون هدفنا أن نصل إلى طريق السلام، لأننا إن لم نصل إلى التآخى فسنسير إلى طرق أخرى تصل بنا إلى العداء.

■ ثار جدل كبير منذ فترة بسبب وثيقة قيل إنها تعبّر عن مباركة الفاتيكان زواج المثليين.. فما حقيقة ذلك؟

- لا توجد أى وثيقة أصدرتها الفاتيكان تتحدث عن مباركة زواج المثليين، لكن هناك وثيقة تحدثت عن بركة جميع الأشخاص، الأصحاء والخطاة، لأن المسيح دعانا إلى أن نبارك الجميع، فالله لا يرفض أحدًا.

والكنيسة الكاثوليكية لا تقبل زواج المثليين، والوثيقة التى أثارت الجدل تم تحريفها فى وسائل الإعلام التى تناولت الأمر بشكل خاطئ، وأريد التأكيد على أن الكنيسة لا تبارك زواج المثليين وأن الكهنة يحذرون من هذا الأمر، لكنها تصلى لهم، لأن الكنيسة فى النهاية ليست مكانًا للقديسين والطوباويين، فالمسيح جاء للمرضى والخطاة.

■ بمناسبة الأعياد.. ما رسالتك إلى المجتمع المصرى كقائد لمؤسسة «الأخوة الإنسانية»؟

- أقول للمصريين: بالمحبة نحيا ونبنى جسور التواصل، وعلينا أن نخدم الجميع من حولنا دون تمييز على أساس الدين أو النوع أو أى شىء يحاول تفريق الإنسانية، وأتمنى أن يسود السلام والمحبة كل أنحاء مصر والعالم.