رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

شخصيات روائية 14

محسن يونس: التوحد بيني وبين شخصية "لطفي" في "بيت الخلفة" يكاد يكون تامًا

الكاتب محسن يونس
الكاتب محسن يونس

تحدث الكاتب الكبير محسن يونس، لــ"الدستور" عن بطل روايته "بيت الخلفة"، والصادرة في العام 1994 عن سلسلة أصوات أدبية، والتابعة للهيئة العامة لقصور الثقافة.

شخصية “لطفي” ضحية عقد السبعينيات 

وقال "يونس" إن شخصية “لطفى“ في رواية ”بيت الخلفة” مكتوبة فى سنة 1990، ونشرت فى 1994فى طبعتها الأولى عن سلسلة أصوات أدبية، هيئة قصور الثقافة، كنت أكتبها متعاطفا معها، أشعر بغصة، وأنا أرى حجم الانكسار فى داخله، الجميع خانه، أولا البلد بحالها عندما رجع من غربته، وكان متغربا بلبنان خلافا لما حدث فى منتصف السبعينيات من القرن الماضى للمصرين من خروج، لم يعهده الآباء ولا الأجداد منذ القديم إلى بلاد أخرى غير البلد الذى اختاره هو، كانت بعض نسوة قريتى تسمي هذه البلاد الأخرى، رغم الأسى الذى يلون أصواتهم "بلاد السعد والهنا" ما علينا فهذا موضوع آخر.

وأوضح “يونس”، أن الخيانة كانت ممثلة فى تغير البلاد فى عقد السبعينيات الذى أوصفه أنا باختصار شديد بأنه عقد لعين أليم، عندما عاد وجد البلاد تتلهى فيما يسمى "الانفتاح"، وهو يتأمل أو يخبره الكاتب ابن يونس بالتغيرات عبر فصول الرواية، لا يملك إزاء هذا إلا سحنة هبطت الدهشة عليها وسكنت، هل كان يستشعر أن فى المسألة خطأ ما؟ ربما، مع عدم قدرته على تغيير ما يراه، تزداد حدة المأساة والتراجيديا، كانت الخيانة الأخرى تأتيه على سهوة من أقرب الناس إليه أعمامه، بينما جده لا حول له ولا قوة.

وأضاف عندما انتهيت من الفصل الأول، وقرأته فى محاولة للوقوف على إيقاعه بكيت، كان التوحد بينى وبين شخصية “لطفى” يكاد يكون تامًا، صحيح أن على الكاتب أن يكون بينه وبين شخصيات عمله مسافة، ليستطيع أن يواصل العمل فى إنشاء وبناء نصه، أعرف ذلك جيدا، إلا أن التعاطف هنا لم يفتح الباب على اتساعه، فسرعان ما لملمت مشاعرى، وبدأت أتعامل بشكل موضوعى، أى بما تحتمه الكتابة من درامية وصراع.

واستكمل محسن يونس: نفعنى الشكل الذى استقر عليه "عزمى"، فحملنى حملا على أن تكون نار المأساة نارا بيضاء تنير ولا تحرق، فشكل العديد – وهو المراثى الشعبية – طبطب على روحى بإيقاعه، ومخزون الحزن فيه يملس عليها، كأنه دواء يساعدنى على الاستمرار فى تناول تراجيديا تحول مجتمع بكامله، وليس أعمام أو جد أو لطفى البطل أو أنا ككاتب، فالورطة بصراحة طالت الجميع، كان لطفى بذكاء خاص به سريعا ما اكتشف أن عليه البحث أولا فى حجم التغير الذى حدث لقريته، وتحول غيط زراعى كبير بالقرية إلى أبنية عمارات، ومواقف للميكروباصات، وسوبرماركات بأسمائها الغربية، وتلك البضائع الاستهلاكية، حتى أن كلابنا البلدية لم تعد لها الحظوة فى الاقتناء، فقد افتتح أكثر من محل لبيع الكلاب الأجنبية.

وواصل محسن يونس: ربما فى بحثه وتقليبه فى مثل هذه الشواهد شهادة منه على ذلك العقد، وما جرى فيه من تغير اكتوينا بآثاره حتى اليوم، أقول ربما ما فعله تطبيبا لروحه، فالفهم علاج ناجع، وهو أول مفتاح نفتح به أبواب التغير الصحيح فى مجتمعنا.

واختتم: حاولت ألا تسيطر على شخصية لطفى البطل، فيترسب داخلى إحساسه بالمرارة فتغيب عنى الرؤية الصحيحة للأمور، وتأتى الكتابة فى شكل فج من الشكوى، كنت حريصا أيضا على أن يكون العمل محافظا على إيقاع سردى، خاصة وهو يعتمد على شكل شعرى فى الأساس.