رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

د. شوقى علام: لا ننظر للانتقادات.. والهجوم علينا بسبب الفتاوى المعاصرة سوء فهم لـ«وسطية الإسلام» (حوار)

مفتى الجمهورية يتحدث
مفتى الجمهورية يتحدث لـ الدستور

كشف الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية، عن أن دار الإفتاء جهزت للمسلمين حول العالم وجبة شرعية رمضانية دسمة، مع دعم عملية التواصل مع الناس باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة، مشيرًا إلى إطلاق كتاب إلكترونى جديد ينظم الوقت للصائمين.

وأضاف «علام»، فى حواره مع «الدستور»، أن الدار توسعت بفروع جديدة فى خمس محافظات، وستفتتح فرعين فى الدقهلية والسويس قريبًا، على أن تنتشر بكل المحافظات بحلول ٢٠٢٨، لافتًا إلى أن الدار تسعى لتعظيم الاستفادة من الطفرة التكنولوجية والتقنيات الحديثة للتواصل مع الجمهور من أجل تقديم خدمة إفتائية مختلفة ومعلومات مدققة تراعى المنهج العلمى والأخذ برأى المتخصصين.

رمضان هذا العام جاء وسط ظروف صعبة.. ما رسالتكم للمصريين؟ 

- الشريعة الإسلامية الغراء كان لها السبق فى إدارة الأزمات وحل المشكلات وسد الحاجات؛ فقد جعلت الزكاة فى مال الغنى مستحقة مصارفها بمجرد حلول وقت أدائها؛ حتى لا يؤدى تأخيرها فى يد المزكى إلى الإضرار بالفقير، لكنها فى الوقت نفسه أجازت تعجيل إخراج الزكاة إذا اقتضت المصلحة ذلك؛ كما هو الحال فى أزمنة المجاعات والأوبئة والحروب.

وقد اشتدت حاجة الفقراء والمساكين إلى أموال الزكاة لمواساتهم ونجدتهم، وهذا أدعى إلى تقديم الزكاة، خاصة أنه مذهب جماهير الفقهاء وعليه العمل والفتوى؛ إظهارًا للمروءات فى أوقات الأزمات، وثواب الزكاة المعجلة يكون فى هذه الحالة أعظم، لما فيه من مزيد تفريج الكروب وإغاثة الملهوفين وسد حاجة المعوزين.

والشريعة الإسلامية جعلت كفاية الفقراء والمساكين هى أهم مقاصد الزكاة وآكدها، إذ جاءوا فى صدارة مصارفها الثمانية للتأكيد على أولويتهم فى استحقاقها؛ قال تعالى: 

﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ التوبة: ٦٠؛ وقال النبى، صلى الله عليه وآله وسلم، لمعاذ بن جبل، رضى الله عنه، لما بعثه إلى اليمن: «فَإن هم أَطاعُوا لَكَ بذلكَ فأَخبِرهم أَنَّ اللهَ قد فَرَضَ عليهم صَدَقةً تُؤخَذُ مِن أَغنِيائِهم فتُرَدُّ على فُقَرائِهم».

■ بداية.. ماذا ستقدم دار الإفتاء فى شهر رمضان؟

- تنفذ دار الإفتاء على مدار الشهر الكريم خطة متكاملة ومتنوعة تضم العديد من الأنشطة والفعاليات والبرامج الرمضانية لتقديم الخدمات الإفتائية للجمهور وطالبى الفتوى خلال الشهر الكريم عبر مختلف الوسائل.

وتشمل خطة دار الإفتاء فى رمضان إطلاق حزمة من الخدمات الشرعية التى تيسر عملية التواصل بين طالبى الفتوى والدار، خاصة باستخدام وسائل التكنولوجيا الحديثة ومنصات التواصل الاجتماعى الخاصة بالدار من أجل الوصول لأكبر شريحة ممكنة من الناس.

وتضم الخطة برامج متعددة، منها برنامج لربات البيوت وبرنامج للموظف والعامل وبرنامج للطلاب.

كما سنعمل على زيادة ساعات البث المباشر عبر الصفحة الرسمية لدار الإفتاء التى تلقى إقبالًا كبيرًا من قِبل الجمهور، بالإضافة الى زيادة ساعات استقبال الأسئلة عبر إداراتها المختلفة الشفوية والهاتفية والإلكترونية إلى الساعة التاسعة مساءً طوال أيام شهر رمضان المبارك، فضلًا عن إطلاق كتاب إلكترونى جديد ينظم الوقت للصائمين خلال شهر رمضان المبارك، مقسم حسب الوقت أو الفئة العمرية أو التفرغ والعمل، وتذكير بمختلف أنواع العبادات والسنن التى تعين على طاعة الله فى هذا الشهر الكريم.

كذلك أطلقنا صفحة إلكترونية منبثقة عن البوابة الإلكترونية، وهى صفحة معنية بنشر كل ما يتعلق بشهر رمضان المبارك.

■ هل ترى أن التطور التكنولوجى زاد من مسئوليات الدار؟

- نواجه عبئًا كبيرًا مع التطور التكنولوجى السريع وحروب الجيل الخامس، ومن أجل ذلك نبذل جهودًا كبيرة لمواجهة هذه التحديات، لمواكبة ازدياد عدد الفتاوى مع انتشار الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى وتعقيد القضايا، إذ أصبحت القضايا التى تواجه الناس أكثر تعقيدًا مع التقدم التكنولوجى، ما يتطلب فتاوى أكثر تخصصًا ودقة، وكذلك أسهم انتشار المعلومات المضللة على الإنترنت فى زيادة الحاجة إلى مصدر موثوق للحصول على الفتاوى، فضلًا عن إثارة حروب الجيل الخامس أسئلة أخلاقية وفقهية جديدة، ما يزيد من عبء دار الإفتاء.

■ كيف تصنع دار الإفتاء حائط صد لمواجهة تلك الحروب وحماية العقول؟

- عملنا على تطوير آليات العمل باستمرار لتسهيل الوصول إلى الفتاوى وتسريع إصدارها، والتعاون مع أهل الاختصاص والخبرة كل فى مجاله، نظرًا لتشعب القضايا والمسائل المتعلقة بالمستجدات، كما نتعاون مع المؤسسات الأخرى لمواجهة تلك التحديات، ونحرص على التواجد فى كل وسائل التواصل الاجتماعى من أجل مواجهة الفتاوى المضللة ورفع الوعى ومخاطبة الكل بلغته.

■ أطلقت الدار العديد من المشروعات المجتمعية لحماية الأسر المصرية.. ما مستجداتها؟

- بذلت الإفتاء المصرية جهودًا كبيرة لحماية الأسر المصرية من خلال مشاريعها المجتمعية، ولا شك فى أن هذه المشاريع حققت ثمارًا إيجابية، ولدينا مشروع خاص للحفاظ على الأسر المصرية، الذى يهدف إلى بناء علاقات زوجية ناجحة، وإلى زيادة الوعى بأهمية الحياة الزوجية السعيدة.

لاحظنا وجود خلل لدى بعض الأسر، وذلك من خلال طلبات الفتاوى التى تأتى لدار الإفتاء المصرية فيما يتعلق بالزواج والطلاق، وبالتالى عملنا على جملة من المحاور، فجرى تنظيم دورات للمقبلين على الزواج، وهى لا تأخذ الجانب الشرعى فقط ولكن الجانب العلمى من علماء النفس والاجتماع، فضلًا عن علماء الشريعة الإسلامية.

كما أنشأنا وحدة الإرشاد الزوجى، وهى معنية بمعالجة المشكلات التى يمكن أن يترتب عليها الطلاق، لنعالج ونقى الأسرة من الانهيار، وجرى إنشاء وحدة الرسوم المتحركة لنبث من خلالها ما يمكن أن ينفع الأسر المصرية بالتعاون مع مؤسسات الدولة المختلفة، هذا الى جانب البرنامج التأهيلى للمقبلين على الزواج الذى قمنا بإعداده بعناية فائقة، كما أصدرنا كتابًا خاصًا للأسرة بعنوان «دليل الأسرة من أجل حياة مستقرة».

■ ما الهدف من إنشاء فروع بالمحافظات؟

- توجَّهت الدار لإنشاء فروع جديدة لها فى محافظات مصر؛ تنفيذًا لخطتها الاستراتيجية الخمسية التى بدأتها، حيث تهدف الفروع الجديدة بالمحافظات فى المقام الأول إلى تعزيز قنوات الاتصال مع الجمهور، والتيسير عليهم للحصول على الفتوى الصحيحة من أمناء الفتوى المتخصصين بدار الإفتاء، وغيرها من الخدمات الشرعية.

وتوسعت الدار خلال العامين الماضيين بافتتاح ٥ أفرع رسميًا، وذلك بمحافظات «الإسكندرية وأسيوط وجامعة بنى سويف ومطروح وطنطا»، وقريبًا سيكون هناك فرعان للدار بالدقهلية والسويس، وغيرهما من المحافظات، ونستهدف أن يكون للدار فرع فى كل محافظة بحلول ٢٠٢٨.

■ ما الهدف من إطلاق مركز سلام لدراسات التطرف؟ وما التأثير المرجو محليًا وعالميًا؟

- هناك جهود كبيرة لمركز «سلام» منذ إنشائه؛ من أهمها إنشاء الذاكرة الرصدية وهى أداة لرصد وتحليل المحتوى المتطرف، كما جرى إطلاق عدة حملات توعية ناجحة حول خطر التطرف، وتنظيم مؤتمرات دولية جمعت بين علماء وخبراء من مختلف أنحاء العالم لمناقشة سبل مكافحة التطرف.

ورصدت الذاكرة أضخم مكتبة إلكترونية رقمية تابعة لتنظيم داعش الإرهابى، بحجم ٣ تيرا بايت، البوابة الأخطر للتطرف العنيف على شبكة الإنترنت، لكونها تشتمل على أرشيف ضخم من إصدارات التنظيم المرئية والمسموعة والمكتوبة، والنتاج الفكرى المتطرف لمجرمى الفكر التكفيرى القديم والحديث والفتاوى الشاذة والمتطرفة لهم.

وتنوعت النشاطات والإنجازات ما بين عقـد نـدوات وورش عمـل وحلـقات نقـاشـية للخبراء والباحثين فى مجالات مكافحة التطرف، وإعداد الدراسات والبحوث وتقديرات الموقف المتعلقة بالتطرف، فضلًا عن العديد من الإصدارات والموسوعات والتقارير والأوراق البحثية التى لاقت رواجًا وقبولًا حسنًا من المشتغلين فى مجال التطرف والإرهاب، منها رصد الذاكرة الرصدية للتطرف لأضخم مكتبة إلكترونية رقمية تابعة لتنظيم داعش الإرهابى التى ساعدت ووفرت أدوات متعددة لعلماء دار الإفتاء وباحثى «مركز سلام» فى تفكيك المحتوى المتطرف.

ونسعى إلى توسيع نطاق البحوث والدراسات حول جذور التطرف وطرق مكافحته، كما نعمل على إطلاق برامج تعليمية وتوعوية تستهدف الشباب، وتعزيز التعاون الدولى لتبادل الخبرات والمعرفة فى هذا المجال.

كما أعلنا عن مجموعة من الخطط المستقبلية للذاكرة الرصدية للتطرف لتكون بمنزلة منصة رقمية عالمية، منها: تعزيز التعاون بين «مركز سلام» لدراسات التطرف والمراكز البحثية العربية والأجنبية، وإصدار موسوعة للفتاوى الشاذة والمتطرفة لأبرز التنظيمات التكفيرية ومجرمى الفكر التكفيرى الحديث، وإعداد كتاب إلكترونى بعنوان «منصات التطرف»، وإصدار موسوعة تحليلية تحت عنوان «قراءات فى التطرف».

■ ما رأيك فى اعتماد دور الإفتاء فى العالم الإسلامى على الفتاوى المصرية؟

- الدار أصبحت بيت خبرة متراكمة عبر التاريخ، فلها خبرة متوارثة ومتراكمة منذ ١٢٥ عامًا، وتعمل على استقرار المجتمعات، وهناك إقبال من كل المفتين فى العالم على زيارة دار الإفتاء المصرية بهدف تبادل الخبرات، كما أن اهتمام الدار بإنشاء إدارة مخصصة لتدريب المفتين، يتوافد عليها عدد كبير من مختلف دول العالم للتدريب، جعلها قِبلة لإعادة تأهيل العاملين بحقل الفتوى من مختلف الدول.

وتوسعنا فى إنشاء الكثير من الإدارات المختصة بشئون الفتوى، والاعتماد على وسائل التكنولوجيا الحديثة بهدف إثراء العمل الإفتائى ومواكبة التطورات الحادثة على مستوى العالم، كما تعتنى الدار بعقد برامج تستهدف التدريب على مهارات الإفتاء، والتدريب على مكافحة الأفكار المتطرفة، ومواجهة الإلحاد والشبهات، وكل هذه الأمور جعلت من دار الإفتاء مرجعية آمنة ينهل منها الكثيرون من صُناع الفتوى والعاملين بها.

■ كيف تستغل دار الإفتاء منصاتها على وسائل التواصل الاجتماعى إيجابًا لخدمة المجتمع؟ 

- نسعى لتعظيم الاستفادة من الطفرة التكنولوجية والتقنيات الحديثة للتواصل مع الجمهور، ولدينا منهجية علمية تستهدف بناء الوعى، والدار لديها استراتيجية ومنهجية علمية واضحة تستهدف مخاطبة الناس من خلال المنصات التكنولوجية الأكثر انتشارًا، لتقديم خدمة إفتائية مختلفة ومعلومات مدققة تراعى المنهج العلمى والأخذ برأى المتخصصين، وتعالج الكثير من الظواهر والمشكلات التى تطرأ على المجتمع.

■ ما رأيك فى موقف الدولة من القضية الفلسطينية؟

- موقف مصر والقيادة السياسية تجاه الشعب الفلسطينى موقف مشرف، يظهر التزام مصر التاريخى تجاه القضية الفلسطينية، ويؤكد عمق الروابط الأخوية بين الشعبين المصرى والفلسطينى.

وحرصت مصر على دعم الشعب الفلسطينى من خلال محاور عدة؛ فى مقدمتها الجهود الدبلوماسية والتفاوضية، كما تشارك مصر بشكل فعال فى الجهود الدولية لإيجاد حل عادل للقضية الفلسطينية، وتؤكد على ضرورة إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام ١٩٦٧ وعاصمتها القدس الشرقية.

■ بين الحين والآخر تتعرض دار الإفتاء للهجوم بسبب بعض الأحكام الشرعية للقضايا المعاصرة.. فهل هذا يؤثر على العمل؟

- من الطبيعى أن تتعرض دار الإفتاء للهجوم من بعض الناس بسبب بعض الأحكام الشرعية التى تصدرها فى القضايا المعاصرة، ويرجع ذلك إلى سوء فهم البعض وسطية الإسلام، ما قد يؤدى إلى اختلافهم مع بعض الأحكام، فضلًا عن وجود بعض الأشخاص الموجهين لأغراض، ولا يؤثر هذا الهجوم بشكل كبير على طبيعة عمل دار الإفتاء، فنحن نلتزم بواجبنا ورسالتنا فى إصدار الفتاوى وفقًا للشريعة الإسلامية، والاجتهادات الفقهية دون الالتفات إلى الانتقادات.

■ ما تعليق الدار على ارتفاع الأسعار المبالغ فيه؟

- الأصل فى البيع حِلُّه وإباحته؛ وذلك لقوله تعالى ﴿وَأَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾، إلا ما نهى الشارع عنه من بعض الممارسات التى قد تضر بمصالح المتابعين؛ ومن تلك الممارسات «الاحتكار»، وذلك عن طريق شراء السلع وحبسها، فتقل بين الناس، فيرفع البائع من سعرها استغلالًا لندرتها، ويصيب الناس بسبب ذلك الضرر، وقد نهى عنه الشارع وحرمه؛ فقال النبى، صلى الله عليه وآله وسلم «لَا يَحْتَكِرُ إِلَّا خَاطئ» رواه الإمام أحمد فى «مسنده»، ومسلم فى «صحيحه»، وأبوداود والترمذى.

كما أن احتكار العملة الأجنبية يدخل فى الاحتكار المحرم شرعًا، وهو أيضًا مجرَّم قانونًا، ومرتكب هذا الفعل مرتكب لإثم كبير؛ لأنه يضيق على عامة الناس من خلال ارتفاع أسعار السلع والخدمات ومتطلبات الحياة بسبب شح العملة، فيلحق الضرر باقتصاد البلاد، ويؤثر سلبًا فى الاستقرار ومسيرة البناء والتنمية.

■ ترى الدار أن مصر تعيش نموذجًا متفردًا فى ثقافة الحوار.. ما المقصود من هذا التصريح؟

- شعوب العالم عانت كثيرًا بسبب النزاعات والحروب السياسية، كما أثبتت لنا الأزمات والصراعات الأخيرة كم نحن بحاجة ماسة إلى التعاون من أجل نشر ثقافة الحوار والتعايش والتعاون والحب والسلام التى هى من أهم سبل البر والتقوى التى دعانا الله تعالى إليها فى كتابه الكريم بقوله: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

ومصر تعيش نموذجًا فريدًا فى الحوار والتعددية واحترام كل الأديان، فمن دون الحوار لا يحدث تقارب بين الشعوب والثقافات، والتركيبة المصرية للتعايش تعد تجربة ثرية لا بد أن يتم تدريسها بشكل معمق، ففى مصر يوجد المسجد بجانب الكنيسة فى أماكن كثيرة.

ونحن فى دار الإفتاء نؤمن بأن التعارف هو تفاعل بين طرفين أو أطراف متعددين، وهو يعنى أن يطلع كل منا بعمق شديد على ما عند الآخر حتى يثمر ذلك تصورًا صحيحًا موافقًا للواقع؛ لأن أغلب النزاعات والحروب ينشأ عادة من تصورات خاطئة عن عقائد وأفكار الآخرين، أو من تفسير الدين وفهمه من خلال تصرفات بعض الأفراد الذين حادوا عن طريق الحق، ومن ثم يجب نتعامل مع هذه القضية بدقة وعمق وحذر، حتى لا نحمّل الأديان والثقافات وزر هذه التصرفات البغيضة التى لا يمليها عقل ولا دين بأى حال من الأحوال.

■ يرصد مؤشر الفتوى العديد من القضايا الخطرة بالمجتمعات كالانتحار والإلحاد والتطرف.. ما الخطوة التالية؟

- دور مؤشر الفتوى، بعد رصد القضايا الخطرة، يعتمد على تحليل البيانات التى تم جمعها لفهم أسباب هذه القضايا وتحديد العوامل التى تسهم فى تفاقمها، ومن ثم نشر الوعى حول هذه القضايا من خلال إصدار تقارير ودراسات تنشر على مختلف الوسائل الإعلامية، وكذلك التعاون مع المؤسسات التعليمية والدينية والاجتماعية، لمواجهة هذه القضايا، وتقديم التوصيات.

■ ماذا أثمرت وحدة تدريب المفتين؟

- أدركنا أهمية التأهيل للمفتين ودور الفتوى فى ظل التغيرات المعاصرة، ذلك لأن ممارسة الفتوى تحتاج إلى تعليم وتدريب، ومن ثم فإن التأهيل سمة فى كل المجالات بعد التعلم وقبل الممارسة العملية.

كما نعقد البرامج التدريبية بهدف تلاقح الأفكار وتبادل الخبرات والحوارات العلمية، والنهوض بمهمة توضيح صحيح الدين وتدريب المفتين وتأهيلهم، وقد بذلنا جهودًا كبيرة فى هذا الصدد ودشنا مجموعة من البرامج التدريبية من خلال مركز تدريب المفتين من مختلف دول العالم وتأهيلهم على مهارات الإفتاء وفق برامج تمتد إلى ثلاث سنوات.