رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الكنيسة القبطية الكاثوليكية تحتفل بذكرى القديسة كاثرين دريكسل

كنيسة
كنيسة

تحتفل الكنيسة القبطية الكاثوليكية بذكرى القديسة كاثرين دريكسل المُحسنة خادمة السكان الأصليين والأفارقة مُؤسسة رهبنة أخوات الأسرار المقدسة، وبهذه المناسبة طرح الأب وليم عبد المسيح سعيد الفرنسيسكاني، نشرة تعريفية قال خلالها انه وُلِدَت "كاثرين ماري دريكسل" في 26 نوفمبر 1858م، بولاية فيلادلفيا الأمريكية، لعائلة مسيحية كاثوليكية، كإبنة ثانية وأخيرة، لأبٍ هو "فرانسيس أنتوني دريكسل" الخبير البنكي وأحد مُلاك مجموعة شركات دريكسل وشركاه. وأمٍّ فهي "هانا لانجستروث"، والتي توفيت بعد خمس أسابيع من ولادة كاثرين.

لمدة عامين كانت كاثرين وشقيقتها "إليزابيث" في رعاية عمهما "أنتوني" وزوجته "إلين". بعدها وفي عام 1860م، تزوج الوالد من سيدة تقيّة تُدعىَ "إيما بوڤياي"، لترعى طفلتيه، ثم أنجب منها طفلته الثالثة "لويزا".

كعادة أبناء الأثرياء، تلقت كاثرين وأختيها تعليمهن الأساسي بواسطة مدرسين مُقيمين في المنزل. كان اهتمام الوالد كبير بتعليم بناته علم الجغرافيا، لذلك لم يكتفي بتدريسهن نظرياً، بل كان يأخذهم في جولات بشكل دوري داخل الولايات المتحدة وأوروبا أيضاً.

كذلك كانت هذه الجولات تشمل أعمال رحمة جسدية، مثل توزيع مواد غذائية وملابس على السيدات اللاتي بلا عائل، سواء كُنّا أرامل فقط أو أمهات لأيتام، في بيوتهن. وكانت ذلك ضمن تعليم الأم إيما، التي حثتهم على تقديم الخير إلى منازل الفقراء وعدم الإكتفاء بتقديمه عند تجمع النساء الفقيرات أمام باب منزل عائلة دريكسل، وكانت تقول عبارة علقت بذهن الطفلة كاثرين: "الخير قد لا يُصبح خيراً إذا ترك ورائه "لدغة"، وكانت تعني بذلك أن الخير ليس فقط في توزيع المواد الغذائية والملابس، ولكن أيضاً في حفظ كرامة الفقير، وعدم الانتظار لحضوره، بل الذهاب إليه أينما كان.

كانت كاثرين شديدة التعلُّق بزوجة أبيها التقيّة، وحزنت بشدّة عندما شهدت معاناة هذه الأم الرائعة وهي تصارع آلام السرطان المبرحة لمدة ثلاث أعوام، حتى انتقلت إلى حضن الآب السماوي عام 1878م.

تأملت الشابة ذات العشرين عام، تجربة الألم، وعلمت أن أموال عائلة دريكسل الطائلة، لم تستطع شراء الأمان من الألم والحزن والموت. من هنا أخذت نظرتها للحياة بُعداً أعمق.

بهذه النظرة كانت أولى القضايا اللافتة لنظرها هي معاناة الأمريكيين الأصليين (الهنود الحُمر) في بلادهم، خاصةً بعد أن قرأت كتاباً أفزعها من الظلم الموجه لهم، بعنوان "قرنٌ من المهانة A للكاتبة "هيلن هانت ﭼـاكسون وما أكّد ذلك هو ما رأته بعينيها من عوز وألم للسكان الأصليين خلال جولاتها في الولايات الغربية الأمريكية.

عندها تمنت أن تفعل شيئاً عملياً لمساعدتهم، ولا تكتفي بالإشفاق عليهم، والاكتفاء بإتهام الدولة بالعنصرية ضدهم. فأصبحت تتبرع للإرساليات الخدمية المعنية بمساعدتهم في الولايات المتحدة بشكل دوري مدى الحياة.

توفّيَ والد كاثرين عام 1885م، فكانت أول الأعمال الخيرية لها بمشاركة أُختيها، بأن ساهمت بالمال لمساعدة إرسالية القديس فرانسيس في محمية روزبود في ساوث داكوتا.

كان الوالد قد ترك ثروة مالية وعقارية تُقدَّر بـ 15 مليون دولار، وهي ثروة رهيبة في ذلك الزمن، وقد أوصى بتقسيم الأموال بين بناته الثلاث، بعد التبرع بحوالي 1.5 مليون دولار للجمعيات الخيرية. كذلك حاول الأب حماية بناته ممن أسماهم "صيادي الثروات"، فأتاح لهنّ التصرُّف في الدخل الوارد من المشاريع الاستثمارية، مع حظر التصرُّف في الأصول ورأس المال بالبيع أو الهِبة أو أي شكل ينزع عنهن ملكية الشركات والعقارات والأموال، ويظل هذا الحظر قائماً حتى وفاتهن، بعدها تكون حريّة التصرُّف مكفولة لأبنائهن. كذلك كتب في وصيته أنه في حالة عدم وجود أحفاد له، فيتم توزيع الثروة بالكامل على الجمعيات الرهبانية والمستشفيات المعنية بخدمة الفقراء، مثل الرهبنة اليسوعية ورهبنة القلب الأقدس، والمستشفى اللوثري الخيري.

كان الدخــل اليــومي لكل إبنة من بنات دريكسل يُقدَّر بحوالي 1000 دولار .

يُذكَر أن الوالد كان عضو مجلس إدارة ومن كبار المساهمين في إنشاء ملجأ القديس يوسف للبنين وملجأ القديس يوسف للبنات. وقد كان الاهتمام بمستقبل أبناء الملجأ بعد خروجهم منه، هو مهمة الأخت الصُغرى لويزا، حيث كانت تعمل على توفير فرص العمل لهم.

أما إليزابيث وكاثرين فقد أسستا مدرسة القديس فرانسيس الصناعية في ضاحية إدنجتون بولاية بنسلڤانيا، تكريماً لوالدهما.

بعد زواج إليزابيث، توفيت بسبب مضاعفات الولادة عام 1890م. كما تزوجت لويزا، الچنرال "إدوارد موريل"، سليل عائلة موريل المعنية بتنمية وتحسين حياة الأمريكيين ذوي الأصول الإفريقية. حيث كانت ثروة هذه العائلة في خدمة تأسيس المدارس وتوفير وسائل المواصلات التي كان الأمريكي الأسود بحاجة إليها بسبب قوانين الدولة العنصرية المانعة لإختلاطه بالأبيض وبالتالي حرمانه من التعليم وحرّية التنقُّل. كذلك بإيحاء من كاثرين توسعت مساعي الجنرال إدوارد وعائلته لتشمل رفع المعاناة عن الأمريكيين الأصليين، وتنمية حياتهم بالتوازي مع تنمية حياة الأمريكيين الأفارقة.

لسنوات عديدة أخذت الإرشاد الروحي من صديق العائلة منذ فترة طويلة، الأب "چيمس أكونور"، الكاهن بفيلادلفيا والذي تم تعيينه لاحقاً أسقفاً ونائباً رسولياً لنبراسكا.

ظلّت كاثرين تراسل مُرشدها الروحي، وأعربت له عن رغبتها في الإنضمام لرهبنة تأملية، فاقترح عليها أكونور أن تنتظر وتتمهلّ، وتأخذ وقتاً في الصلاة من أجل إرشاد الروح. في تلك الفترة تلقَّت عروض زواج كثيرة، لكنها كانت تشعر بالميل لإعطاء حياتها بالكامل لله.

مع مجموعة من الشابات المهتمات بالعمل الإرسالي لخدمة الفقراء والمُهمَّشين، إلتقت كاثرين البابا "لاون الثالث عشر"، لتأخذ موافقته على تأسيس مجموعات إرسالية تدعمها ثروة عائلة دريكسل، لرعاية الأمريكيين الأصليين. كان ردّ البابا هو تكليف كاثرين بأن تكون مُرسلة، جنباً إلى جنب مع دعم المؤسسات المعنية بخدمة الهنود الفقراء.

كان ذلك تأكيد نهائي لمباركة الله لقرار تكريس كاثرين. برغم أن هذه الفكرة لم ترُق عمّها أنتوني دريكسل، الذي حاول إثناءها عن هذا القرار إلا أنها التحقت بدير الإبتداء لرهبنة أخوات الرحمة في بتسبرج عام 1889م.

كذلك فقد هزّ قرارها الدوائر الاجتماعية في فيلادلفيا، لدرجة أن جريدة الفيلادلفية اليومية، صدرت حاملةً مانشيت رئيسي يقول: "الآنسة دريكسل تدخل الدير. لتضحّي بـ 7 مليون دولار".

أدت كاثرين نذورها الأولي في فبراير 1891م. وكرست نفسها للعمل بين الهنود الأميركيين والأفريقيين الأميركيين في غرب وجنوب غرب الولايات المتحدة. أخذت اسم الأم كاثرين، وانضمت إليها ثلاث عشرة إمرأة أخرى، وسرعان ما أسست جمعية رهبانية أسمتها "أخوية الأسرار المقدسة". واتخذت من المنزل الصيفي لعائلتها بـ توريسديل، مقراً مؤقتاً حتى ينتهي بناء الدير.

انتقلت الأخوات للدير الجديد الذي أطلق عليه دير القديسة إليزابيث عام 1892م.

تم إعلانها طوباوية عام 1988م عن يد البابا القديس "يوحنا بولس الثاني".. تم إعلانها قديسة عام 2000م عن يد البابا القديس "يوحنا بولس الثاني" أيضاً.. مزارها الرئيسي كاتدرائية القديسين بطرس وبولس- بفيلادلفيا – أمريكا، أما زخائرها فهي محفوظة بإكرام في كاتدرائية رئيس الملائكة رافائيل، بولاية نورث كارولينا وهي شفيعة العمل الخيري، والعدالة العرقية.