رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

أبرز الخلافات اللاهوتية والعقائدية بين الأرثوذكس والبروتستانت

الانبا نيقولا
الانبا نيقولا

نشر الأنبا نيقولا مطران طنطا للروم الأرثوذكس أبرز الخلافات اللاهوتية والعقائدية بين الأرثوذكس والبروتستانت.

وقال الأنبا نيقولا عبر صفحته على موقع التواصل الإجتماعي “ فيس بوك”، إن البروتستانتية تمثّل جملة من الفرق الكنسية المنشقة عن الكنائس الرسولية (الأرثوذكسية والكاثوليكية)، مع العلم أن بعض البروتستانت لا يرحبون بمناداتهم بهذا الاسم ويفضّلون الآن لقب "الإنجيليين". لكن بما أن لقب "الإنجيليين" هو لقب الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية على حد سواء، لهذا، فاسم "بروتستانت"، أي "معارض، هو الأصح ويشمل كل الذين انشقوا عن الكنيسة الكاثوليكية وعارضوها.
 
وتابع: غالبية الفرق البروتستانتية تؤمن بإله واحد في ثلاثة أقانيم؛ وتؤمن بتجسد ابن الله (الأقنوم الثاني)، ربنا ومخلصنا يسوع المسيح، وبآلامه وصلبه وموته وقيامته، وبالفداء والخلاص. 
 

فروق مهمة 


أولًا: لا يوجد في البروتستانتية مفهومًا لاهوتيًا واضحًا للثالوث والتجسد والتقنيم والفداء والقداسة والتأله وأن قبول يسوع المسيح مخلصًا شخصيًا يعني الخلاص.

ثانيًا: فصلت البروتستانت نفسها (منذ ظهورها بعد انفصالها عن الكنيسة الكاثوليكية في القرن السادس عشر الميلادي) عن الكنيسة الرسولية التي ظهرت يوم العنصرة واستمرت بدون انقطاع حتى يومنا الحالي وإلى الأبد هذا الانفصال (عن سبق إصرار وتصميم) أدى بالبروتستانتية إلى رفض للتقليد الكنسي. حتى الرفض البروتستانتي للتقليد الكنسي قد تطوّر عبر العصور، فمارتن لوثر مثلًا كان يؤمن ببتولية العذراء وبأنها أم الله على عكس معظم الفرق البروتستانتية اليوم التي ترفض إيمان الكنيسة الرسولية بقداسة مريم العذراء ومكانتها (والدة الإله الكلية القداسة الدائمة البتولية) وشفاعتها مثل الهرطقة النسطورية. 

ثالثًا: أدى هذا الانفصال إلى رفض شاملٍ لحياة الكنيسة الرسولية بما في ذلك المجامع المسكونية السبعة والمجامع المحلية وتعاليم الآباء والرسل؛ وإلى رفض للتقليد الكنسي المقدس الذي هو حياة الروح القدس الساكن في قلوب المسيحيين؛ وإلى رفض لحياة الصلاة والنسك التي تطورت عبر العصور ولحياة الرهبنة والنسك؛ وإلى رفضٍ للأسرار الكنسية؛ وإلى رفضٍ للإيمان بقداسة القديسين وبالشركة معهم وبالشفاعة.

وتابع: لكن لا بد من ذكر بعض التفاصيل الموضحة  أن الكنيسة الأرثوذكسية، تؤمن بأن الكنيسة هي جسد المسيح وأن المسيحيين هم أعضاء هذا الجسد ورأسه المسيح. يصير المسيحي مسيحيًا أي عضوًا في جسد المسيح، أي الكنيسة، بالمعمودية الإلهية.

مُضيفًا: أما البروتستانتية، فترى أن الكنيسة هي مجموعة المؤمنين بالمسيح وهذا يشمل المؤمنين المعروفين والمجهولين معًا. العضوية في الكنيسة تصير بمجرد إعلان الإنسان لإيمانه الشخصي بالمسيح وقبوله مخلّصًا له. المعمودية هي مجرد رمز للإيمان بالمسيح والصيرورة عضوًا في الكنيسة.


الأسرار الإلهية


ولفت أنه في الأرثوذكسية، الأسرار الإلهية هي الاندماج بالنعمة الإلهية التي تنسكب بها النعمة على الإنسان فتقدّسه وتحقق فيه أعمالًا معينة بحسب السر. فلا يوجد سرٌّ كنسي بدون نعمة إلهية غير مخلوقة تحلّ على المؤمن بصورة غير منظورة وغير مفهومة ولهذا دُعيت هذه الأعمال بالأسرار. 

المعمودية ومسحة الروح القدس بالميرون المقدس أيضًا توجد ثلاثة أسرار كنسية أخر: "سر الزواج"، و"سر الكهنوت"، و"سر مسحة المرضى"، بها تتمّم النعمة الإلهية غير المخلوقة أعمالًا إلهية معينة.
 
وتابع: أما في البروتستانتية فلا توجد أسرار كنسية بالمفهوم الأرثوذكسي. لا بل على العكس، بعد انفصالها عن الكثلكة، رفضت البروتستانتية وبشدة كل الأسرار الإلهية وحاولت أن تمارس بعضها بصورة شكلية خالية من المضمون الرسولي. فأولًا بانشقاقها غير الشرعي عن الكثلكة، ظهرت البروتستانتية كحركة كنسية خالية من أي تسلسل رسولي يجمعها بكنيسة القرون الأولى وبالتالي، لا يوجد في البروتستانتية أي كهنوت كنسي يحمل نعمة إلهية فاعلة تستطيع أن تتمّم الأسرار الكنسية؛ لأن مؤسسها راهب غير إكليريكي مُشرطن بوضع اليد. وإن كان قد ظهر لاحقًا مبشّرون ووعاظ ومفروزون لخدمة الكلمة، إلا أن هؤلاء جميعهم تنقصهم نعمة الكهنوت التي انتقلت وتنتقل بوضع الأيدي عبر رسامات كهنوتية شرعية بدأت من يوم العنصرة وحتى يومنا الحالي. إذًا لا يوجد كهنوت في البروتستانتية ولا مراتب كهنوتية كالتي نراها في العهد الجديد وكنيسة القرون الأولى (الـ 300 سنة الأولى). 

وأضاف: من هنا نفهم لماذا لا توجد أسرار كنسية في الفرق البروتستانتية، وإن كان يوجد أشباه أسرار ظاهريًا لكنها لا تماثل الأسرار الكنسية الأرثوذكسية (أو الكاثوليكية). فمثلًا في البروتستانتية، المعمودية هي مجرد رمز لانضمام المؤمن إلى الكنيسة ولقبوله المسيح مخلصًا شخصيًا، وبالتالي لا تنقل مفاعيل النعمة الإلهية الموجودة في المعمودية الأرثوذكسية (أو الكاثوليكية). فالمعمودية في البروتستانتية لا تلد الإنسان في المسيح ولا تغفر الخطايا.

مختتمًا: مسحة الروح القدس بالميرون المقدس لا توجد في البروتستانتية، ولا سر التوبة أو مسحة المرضى بالشكل المعروف في الأرثوذكسية. وتعتبر البروتستانتية الزواج عقدًا شرعيًا قانونيًا بين العريس والعروس يتم بشهادة الكنيسة، ولا علاقة له بالروح القدس أو بسر الكهنوت الذي بواسطته يتم هذا السر في الكنيسة الأرثوذكسية بالإضافة إلى هذا، توجد العديد من النقاط الأخرى التي لا يسعها المقام هنا، مثل: "مفهوم الخلاص"، "الاختطاف"، "الدينونة"، "شفاعة القديسين"، و"الإيمان بالأعمال حصرًا" البروتستانتية تعتمد مبدأ التفسير الحرّ الفردي. أي تجعل العقل هو الحكم. كل مفسّر وفق هواه. الأرثوذكسية كنيسة ألفي سنة من التواصل الموحد بالروح القدس أستاذها. لم تظهر في العام كذا.