رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الشرطة.. وعام جديد من العطاء

ارتبط شهر يناير من كل عام بعيد الشرطة المصرية، حيث نحتفل هذه الأيام بمرور 72 عامًا على تلك الملحمة التى قام بها مجموعة من أبطال الشرطة لا يزيد عددهم على 850 رجلًا تصدوا بكل قوة وشجاعة لهجوم 7 آلاف جندى بريطانى حاصروا مبنى محافظة الإسماعيلية، وثكنات الشرطة هناك ودافعوا ببسالة عنها حتى اللحظة الأخيرة، وهو ما دفع الجنرال الإنجليزى إكسهام قائد القوات البريطانية إلى أداء التحية العسكرية للمصابين والشهداء والأبطال من رجال الشرطة عند خروجهم مرفوعى الرأس فى كبرياء وشمم، وكانت تلك المعركة من مقدمات اندلاع ثورة 23 يوليو 1952. 

وقد تصادف أن يكون الاحتفال بعيد الشرطة هذا العام متزامنًا مع الأسابيع الأولى للطلبة المستجدين الذين تم قبولهم للدراسة بأكاديمية الشرطة؛ ليتم إعدادهم وتأهيلهم لتحمل مسئولية الدفاع عن وطنهم استكمالًا لمسيرة الأسلاف من رجال الشرطة الذين ضحوا بأرواحهم فى ميادين عملهم المختلفة، وكذلك فى مواجهة التنظيمات الإرهابية التى تسعى الى تخريب البلاد وترويع العباد.

لقد شهدت جميع قطاعات الشرطة فى عهد السيد اللواء محمود توفيق وزير الداخلية تطورات غير مسبوقة، وذلك لما يتمتع به من اتساع الأفق والرؤية الصائبة التى تجعل الاهتمام بتطوير آليات العمل بتلك القطاعات تشكل منظومة مستمرة من التطوير لا تتوقف عند حد معين.. وهو ما حدا بالسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى أن يثق فى قدرات وإمكانات قيادات وزارة الداخلية ويوجه بتقديم كافة أنواع الدعم لهم تحقيقًا لأستمرار أمن وأمان البلاد.

كانت حركة التطور التى تشهدها البلاد حاليًا حافزًا لكى تتطور معها أجهزة وزارة الداخلية تحقيقًا لوجود شرطة عصرية متحضرة تليق بالجمهورية الجديدة، وهو بالفعل ما تشهده الداخلية حاليًا من تطوير كبير جعلها قادرة على مواكبة التطورات الحديثة وتوفير الأمن المعلوماتى والخدمات الأمنية الأخرى بصورة غير مسبوقة من الإنجاز واحيانًا الإعجاز، حيث شمل ايضًا أساليب مواجهة الجريمة والحد من وقوعها وكذلك الأمن الإنسانى والاجتماعى مع ترسيخ قيم حقوق الإنسان من خلال الاهتمام بمراكز الإصلاح والتأهيل وتطويرها والحرص على تأهيل النزلاء خلف الأسوار والاهتمام بهم من خلال المشروعات الإنتاجية الضخمة خلف الأسوار مع وجود منظومة علاجية متحضرة لهم مع التأهيل المستمر لسلوكهم وتجهيزهم للتعامل مع المجتمع فى أعقاب الإفراج عنهم، كما اصبحت أجهزة الشرطة قادرة على ضبط المتهمين فى القضايا الجنائية بسرعة كبيرة قد لا يتوقعها المجرمون أنفسهم وذلك من خلال الحملات الأمنية المكثفة والمجهزة على أعلى المستويات لتفكيك البؤر الإجرامية، خاصة جرائم المخدرات والأسلحة غير المرخصة، حيث حققت أعلى معدلات الضبط خلال السنوات الثلاثة الماضية، كما شهد الأمن المعلوماتى تطورًا كبيرًا لمواجهة الجرائم الإلكترونية التى باتت تؤرق الأسر المصرية ومن هنا فقد توسعت إدارة مكافحة تلك الجرائم من خلال إنشاء مقار خاصة بتلقى بلاغات جرائم الإنترنت على مستوى الجمهورية مع إتاحة تقديم البلاغات عبر أقسام الشرطة أو من خلال البلاغات التليفونية... وقد سجلت تلك الإدارة نجاحات باهرة فى توجيه ضربات استباقية للقائمين بتلك الجرائم، وهو ما أسهم فى خلق حالة من الهدوء والاستقرار، خاصة أنه قد تم تغليظ العقوبات على مرتكبى هذه الجرائم، ما يؤكد أن المجتمع أصبحت لديه قناعة بخطورتها على الأسرة المصرية والحفاظ عليها من التفكك والانهيار.
ولما كانت وزارة الداخلية وأجهزتها تتسم بالمرونة والتخطيط السليم الذى يتواكب مع تطورات الحياة فى مصر.. فقد تم وضع استراتيجية متقنة للتصدى للجرائم الاقتصادية التى يقوم بها بعض رجال الأعمال والتجار، مستغلين فى ذلك أزمة ارتفاع سعر الدولار المصطنعة التى صاحبها ارتفاع أسعار معظم السلع الاستهلاكية بشكل غير مسبوق.. وها نحن يوميًا نرى أن أجهزة الشرطة تقوم بالقبض على هؤلاء التجار الذين يتلاعبون بأقوات الشعب ويؤثرون على حياتهم وآمالهم فى مستقبل أفضل.

وإذا تحدثنا عن شرطة المرور فجميعنا بلا استثناء نشهد هذا الكم الكبير من كاميرات المراقبة والرادارات المنتشرة فى جميع الشوارع والميادين والمحاور والكبارى والأنفاق وطرق السفر سواء إلى الوجه البحرى أو القبلى، وهو ما أدى الى تقليص حوادث المرور بنسبة كبيرة... أما فى قطاعات الشرطة الخدمية فإننا نشهد جميعًا ذلك التطوير الكبير الذى جعل تلك الخدمات من الممكن أن تقدم للمواطنين فى محل إقامتهم سواء من خلال الإنترنت أو الاتصال التليفونى، حيث أصبح الحصول على الوثائق أمرًا سهلًا وممكنًا ويتم إنجازه فى أسرع وقت وبأقل جهد.

وتشهد إدارات مكافحة جرائم المخدرات وترويجها تطورًا كبيرًا فى عمليات التحريات والمعلومات، حيث تم القبض على العديد من تجار المخدرات خلال الآونة الآخيرة، سواء داخل البلاد أو عند محاولات إدخالها من الخارج، وذلك حماية لشباب الوطن المستهدف من قبل أعدائنا فى الداخل والخارج.

أما عن الإرهاب والتنظيمات الإرهابية، فإننا نعيش حاليًا فترة من الاستقرار والأمان نتيجة نجاح قطاع الأمن الوطنى ويسانده القطاعات الأخرى فى توجيه ضربات استباقية الواحدة بعد الأخرى، كما جاء التنسيق مع القوات المسلحة الباسلة ليحققا معًا أعلى معدلات النجاح فى تقويض العمليات الإرهابية والقضاء على أكبر عدد من عناصرها، سواء عند محاولتهم القيام بها أو اختبائهم فى جحورهم كالأفاعى والحشرات.

لقد طالت يد التطوير جميع مناحى أداء العمل الشرطى؛ بدءًا من المناهج الدراسية لطلبة أكاديمية الشرطة وصولًا الى حصول العديد من الخريجين على درجتى الماجستير والدكتوراه... كما حدث تطوير فى كل مبانى الوزارة وأقسام الشرطة، بحيث تواكب بيئة المحافظات والمراكز التى تنتشر فيها، حيث نجد على سبيل المثال ان مبنى مديرية أمن الإسكندرية يختلف عن ذلك الموجود فى الوادى الجديد، فكلاهما يتناغم مع طبيعة البيئة المحيطة به.

وهكذا كل عام وفى هذه المناسبة الوطنية العظيمة نتذكر ونذكر أبطالنا من رجال الشرطة الذين ضحوا بحياتهم على مدار أجيال متعاقبة ثمنًا لمسيرة الأمن والاستقرار على مدى سنوات طويلة....وسوف يكون العنوان الدائم كل عام فى هذه المناسبة "عام جديد من العطاء" من أجل وطن عشنا فيه ونعمنا من خيراته ووجب علينا جميعًا أن نحافظ عليه ونحميه بحياتنا وأرواحنا... قيادة وشعبًا... وجيشًا وشرطة.
وتحيا مصر..