رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

سياسيون: زيارة رئيس الصومال لمصر هدفها حشد الدعم لمواجهة تهديدات أديس أبابا

زيارة رئيس الصومال
زيارة رئيس الصومال لمصر

أكد سياسيون وخبراء أن زيارة الرئيس الصومالى، حسن شيخ محمود، إلى القاهرة تأتى فى توقيت مهم للغاية فى ظل الاضطرابات بالمنطقة، وتصاعد التهديدات بها، خاصة بعد توقيع الحكومة الإثيوبية مذكرة تفاهم مع إقليم أرض الصومال للوصول إلى البحر الأحمر، منتهكة بذلك السيادة الصومالية ووحدة أراضيها. وتوقع الخبراء أن تسفر الزيارة عن منح مزيد من الدعم للحكومة الصومالية لمجابهة التهديدات الإثيوبية، إلى جانب حشد الدعم الدولى لتحقيق ذلك الهدف، وبما يحافظ على الأمن القومى العربى.

صلاح حليمة: مساندة عربية لوحدة مقديشو ومنع التدخل فى شئونها الداخلية

رأى السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن زيارة الرئيس الصومالى حسن شيخ محمود إلى القاهرة جاءت فى توقيت مهم، خاصة بعد رفض الحكومة الصومالية مذكرة التفاهم التى وقّعتها حكومة إثيوبيا مع إقليم أرض الصومال، للحصول على ميناء بربرة على البحر الأحمر، لأغراض عسكرية وأمنية وتجارية، فى تعدٍ واضح على سيادة الصومال.

وقال إن هذه المذكرة مخالفة للقانون الدولى وتعدٍ على سيادة الصومال، وتدخل فى الشأن الداخلى، وتعكس عدم احترام المواثيق الدولية والقوانين والاتفاقيات الدولية، خاصة فيما يتعلق بعضوية الصومال فى الجامعة العربية والاتحاد الإفريقى ومنظمة التعاون الإسلامى، فضلًا عن مجلس الدول العربية والإفريقية المتشاطئة على البحر الأحمر، الذى يعد الصومال عضوًا فيه بجانب مصر والسعودية ودول أخرى.

وكشف عن أن هذه المذكرة تتيح لإثيوبيا إقامة قاعدة عسكرية على ميناء بربرة، وهو جزء لا يتجزأ من أرض الصومال، وستخلق توترًا كبيرًا فى البحر الأحمر، وحالة من الصراع المسلح فى ظل العدوان الإسرائيلى على غزة، الأمر الذى يؤثر على دول المنطقة ومن بينها مصر.

وأضاف أن الصومال أعلن عن أن مذكرة التفاهم الإثيوبية مع إقليم أرض الصومال باطلة، وكأن لم تكن، وهذا الموقف لاقى دعمًا وتأييدًا من العديد من الدول، على رأسها مصر، مشيرًا إلى أن التصرف الإثيوبى أحادى الجانب ومخالف للقوانين الدولية وتدخل فى الشأن الداخلى الصومالى، ويهدد سلامة ووحدة دولة عربية.

وتابع: «هذا تصرف تعتمد عليه إثيوبيا فى علاقتها مع دول الجوار كما فعلت فى سد النهضة، من خلال التحرك الأحادى وفرض أمر واقع، وهذا أمر من شأنه زيادة حدة التوترات والصراعات فى المنطقة وعدم التوصل لحل الأزمات بشكل يراعى القانون الدولى والأمن القومى للدول، واحترام سيادة الدول وسلامتها الإقليمية».

وشدد السفير حليمة على أن زيارة الرئيس الصومالى جاءت بعد بيان جامعة الدول العربية بشأن دعم موقف الصومال، وكذلك الاتحاد الإفريقى ومنظمة «إيجاد»، وإن كان موقف الأخيرة أضعف من موقف الجامعة، لكنه شدد على التسوية السلمية للأزمة من خلال الحوار والمفاوضات، وكان يتعين عليها رفض المذكرة والتأكيد على وحدة واستقلال الدول وسلامة أراضيها.

وقال إن هناك جهودًا مصرية للتأكيد على وحدة أراضى الصومال واستقلاله، ورفض أى تدخل فى شأنه الداخلى، وإن إقليم أرض الصومال جزء لا يتجزأ من أرض الصومال.

عبدالعزيز جدف: تسعى لإفشال الاتفاقية المتهورة التى تم توقيعها

أكد عبدالعزيز أحمد على جدف، الخبير الصومالى فى الشئون السياسية والأمنية، أن زيارة الرئيس الصومالى إلى القاهرة تأتى فى إطار حراك دبلوماسى مكثف تقوم به بلاده فى المنطقة، حيث زار مؤخرًا إريتريا لنفس الهدف المتمثل فى حشد حلفاء من أجل إفشال الاتفاقية الإثيوبية المتهورة، التى أبرمتها مع إدارة إقليم أرض الصومال.

وبيّن أن الزيارة مثمرة ومكللة بالنجاح، من خلال تحقيق أهداف سياسية وأمنية تصب فى مصالح البلدين الشقيقين، خاصة بردع التهديدات الأمنية الإثيوبية على مصالح البلدين.

وقال إن الطرفين، الصومالى والمصرى، سيتوصلان بشكل كبير إلى تفاهمات حول تعزيز التعاون بينهما، مشيرًا إلى أن الصومال بحاجة إلى حشد حلفاء إقليميين ودوليين ضد إثيوبيا، وشن حملة دبلوماسية سياسية لإفشال محاولة إثيوبيا للوصول إلى البحر الأحمر، وحماية الأمن القومى العربى.

وشدد على أن الجامعة العربية تعمل على الحصول على دعم عربى إسلامى دولى لمواجهة الانتهاكات الإثيوبية السافرة، من خلال الرفض القاطع لتصرفات إثيوبيا تجاه الصومال، مع تقديم دعم مالى لمقديشو لتوفير احتياجاتها الضرورية لهذه القضية، بل وتقديم أسلحة ومعدات عسكرية لها، وتوفير تدريب للجيش الصومالى.

عبدالله راغى: تعزير التحالف بين البلدين وتقوية التنسيق على المستوى الإقليمى

أوضح عبدالله راغى، المحلل السياسى الصومالى المختص بقضايا القرن الإفريقى، أن الزيارة تأتى فى توقيت حساس جدًا، إذ تعرضت سيادة الصومال ووحدة أراضيه إلى تهديد من إثيوبيا، بعد توقيع رئيس وزرائها، أبى أحمد، اتفاقًا خطيرًا مع رئيس إدارة أرض الصومال الانفصالية، حيث ينص هذا الاتفاق على استيلاء إثيوبيا على شريط ساحلى عرضه ٢٥ كم وطوله ١٣٥ كم من الأراضى فى إقليم أودل المطل على بحر الأحمر، ما استدعى ردًا قويًا وصارمًا من الدولة الصومالية. 

وأضاف: «يخوض الصومال معركة دبلوماسية ضد الاعتداء الإثيوبى، وتوقيت الزيارة حساس للغاية، فقد أتت بعد زيارة مماثلة إلى إريتريا قبل فترة قصيرة، ومشاركة الرئيس حسن شيخ محمود فى قمة منظمة (إيجاد) الطارئة المنعقدة لأجل حل أزمة الدبلوماسية بين الصومال وإثيوبيا، وكذلك قمة مجموعة عدم الانحياز، حيث واجه الرئيس الصومالى الأطماع الإثيوبية التوسعية بشكل قوى وصريح».

ويتوقع أن تسفر هذه الزيارة عن تعزيز التحالف المصرى الصومالى، والتنسيق الدبلوماسى بين الدولتين، من أجل مواجهة هذه المستجدات الخطيرة، حيث عبّرت مصر وبشكل صريح عن دعمها المبدئى للصومال فى هذا الظرف، كما يتوقع تعزيز التنسيق على مستوى إقليمى بين الصومال ومصر من جهة، وبين حلفائهما الإقليميين من جهة أكبر.

وشدد على أن الجامعة العربية اتخدت موقفًا ممتازًا فى دعم الصومال، وكذلك الدول العربية الأعضاء فى الجامعة، من خلال إطار جماعى، لكن الصومال قد يحتاج إلى تفعيل أطر اتفاقية الدفاع العربى المشترك، فى حال حاولت إثيوبيا تنفيذ أطماعها التوسعية بالقوة.

إيمان الشعراوى: تأكيد على مساندة القاهرة اللا محدود

أشارت الدكتورة إيمان الشعراوى، الباحثة المتخصصة فى الشأن الإفريقى، إلى أن الزيارة تأتى فى توقيت مهم، وتتزامن مع الانتهاكات الإثيوبية للسيادة الصومالية بما يخالف المواثيق الدولية، مؤكدة أن اعتراف إثيوبيا بإقليم أرض الصومال بمثابة ترسيخ لفكرة تفكيك الدولة الصومالية إلى عدد من الدويلات، فضلًا عن إعطاء الفرصة لعدد من القوميات والأقاليم الأخرى فى دول القرن الإفريقى للمطالبة بالانفصال.

وأوضحت «الشعراوى» أن مصر من أوائل الدول التى كان لها موقف حاسم ورافض لهذا الاتفاق، وذلك دعمًا لوحدة الصومال من ناحية والتصدى للتواجد الإثيوبى غير المشروع فى البحر الأحمر وإمكانية تدخلها فى خليج عدن ومضيق باب المندب من ناحية ثانية.

وعن نتائج الزيارة وأهميتها فى دعم مقديشو، أكدت «الشعراوى» أن من أهمها تأكيد الدعم المصرى للصومال فى جميع الخطوات التى سيتخذها للرد على العدوان الإثيوبى، وذلك فى حالة إصرار إثيوبيا على المضى قدمًا فى تنفيذ الاتفاق على أرض الواقع،.

رامى زهدى ترتيب الأوراق لحماية استقرار منطقة القرن الإفريقى

أكد رامى زهدى، الباحث فى الشأن الإفريقى، أن زيارة الرئيس الصومالى ولقاءه الرئيس السيسى تأتى فى ظروف دولية وإقليمية شديدة التعقيد، ما بين حروب وصراعات ومواجهات مباشرة إلى أزمات داخل وخارج الدول، بالتوازى مع ظروف سياسية واقتصادية صعبة من بينها الحرب فى غزة والصراع فى السودان والتوتر فى البحر الأحمر. وأضاف: «كل هذه الأمور تحتاج لتنسيق الرؤى والمواقف، سواء على المستوى الإقليمى أو القارى أو الجغرافى أو الدولى، وبالتالى الصومال، وهى دولة عربية وإفريقية وعضو فى دول المؤتمر الإسلامى، تتشاور مع مصر فى مثل هذه الظروف المعقدة».
وأوضح «زهدى» أن الموضوع الرئيسى فى هذه الزيارة هو ترتيب الأوراق والخطوات فى مواجهة التحرك الإثيوبى الأخير نحو زعزعة الاستقرار والأمن فى منطقة القرن الإفريقى، حيث تواصل إثيوبيا إثارة المشكلات مع الجيران لأسباب ذات صلة بطموح وهمى غير واقعى؛ بالهيمنة على الإقليم أو تنفيذ خطط وأجندات حلفاء دوليين ساعين لتغيير جغرافيا المنطقة لتحقيق أهدافهم فى الاستحواذ على المنطقة، ولا توجد دولة جوار واحدة لإثيوبيا تأمن شرها أو لم يطلها أذى منها، حيث تمارس سياسة فوضوية فى المنطقة.
وتعليقًا على التعاون الثنائى بين القاهرة ومقديشو، توقع «زهدى» أن تسفر الزيارة عن مزيد من التقدم الإيجابى فى كل المجالات، وفيما يتعلق بأزمة مذكرة التفاهم الإثيوبية مع إقليم أرض الصومال، فهناك دعم وتضامن مصرى تام مع سيادة وأمن الصومال فيما يدعم الأمن والسلم، وبما يتفق مع القانون الدولى، ومصر حريصة على أمن واقتصاد منطقة البحر الأحمر.