رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الجيش المقهور".. معارك غزة كشفت الإسرائيليين: الجنود سقطوا بسهولة فى الكمائن وهُزموا أمام مقاومة بأسلحة بدائية

الجيش المقهور
الجيش المقهور

«الجيش الذى لا يُقهر»، مصطلح ووصف عملت الأوساط العسكرية الإسرائيلية على تصديره للرأى العام العالمى طوال عقود ماضية، لكن تبين أنه مصطلح وهمى وكاذب بعد أن تحطم ذلك الجيش على يد قواتنا المسلحة، التى هزمته فى معركة العبور فى أكتوبر عام ١٩٧٣.

وعلى مدار سنوات طويلة بعد هذا الانتصار، سعى الاحتلال كثيرًا لترميم صورة «الجيش الذى لا يُقهر»، حتى جاءت عملية «طوفان الأقصى» لتكشف عن كذب هذا الادعاء مرة أخرى، وأننا أمام جيش مقهور يستغيث جنوده يوميًا خلال معاركهم أمام المقاومة الفلسطينية فى قطاع غزة.

وكشفت بيانات إعلامية إسرائيلية عن أن عدد قتلى ومصابى جيش الاحتلال فى غزة تجاوز الـ٥ آلاف مجند، وهى معدلات أعلى بكثير من تلك التى تعلنها الحكومة بقيادة بنيامين نتنياهو.

فى السطور التالية، ترصد «الدستور» عددًا من الهزائم العسكرية التى منى بها الجيش الإسرائيلى فى القطاع خلال الأيام الماضية.

كمين الشجاعية يفتك بـ10 جنود دفعة واحدة.. ويكشف ادعاءات السيطرة على «الشمال»

تمثلت الهزيمة الأكبر والأبرز لجيش الاحتلال، التى أحدثت زلزالًا قويًا فى المجتمع الإسرائيلى، فى الكمين المحكم الذى تعرض له جنوده فى الشجاعية، عندما قضى المقاومون على ١٠ جنود دفعة واحدة داخل الحى.

وحسب صحيفة «الجارديان»، البريطانية، قُتل اثنان من كبار القادة الإسرائيليين و٨ جنود آخرون على يد «حماس» فى كمين ضاحية الشجاعية، وهى المنطقة التى شهدت قتالًا عنيفًا فى الأيام الأخيرة.

وأضافت أن تومر جرينبيرج، قائد لواء جولانى، قُتل خلال محاولة فاشلة لإنقاذ أربعة جنود مصابين، مشيرة إلى أن كمين الشجاعية يُعدّ من أكثر الكمائن فتكًا بالجنود الإسرائيليين حتى الآن، فى الحرب المستمرة منذ شهرين فى غزة.

وتابعت: «قُتل جرينبيرج والعديد من كبار ضباطه فى قتال باستخدام عبوات ناسفة بدائية الصنع، وفى أثناء إطلاق النار عليهم من المبانى. ومن بين القتلى، الذين أعلن عنهم جيش الاحتلال فى تلك الموقعة، عقيد آخر وثلاثة قادة والعديد من أعضاء قوة الإنقاذ القتالية». ووصفت مذكرة باللغة العبرية نشرتها كتيبة جولانى الكمين، قائلة: «أثناء تنفيذ عمليات تفتيش لتطهير المبانى فى قلب قصبة الشجاعية، التى تعتبر منطقة مزدحمة بالأهداف الإرهابية، وقع انفجار كبير فى أحد المبانى، وأصيب عدد من جنود الكتيبة ١٣».

وحسب روايات المعركة، كان الجنود يقتربون من أحد المبانى عندما تعرضوا لأول مرة لإطلاق نار من طابق علوى، فبدأت معركة بالأسلحة النارية أصيبوا خلالها بقنابل يدوية وعبوة ناسفة، ما أدى إلى إصابة أربعة منهم بجروح خطيرة، وانقطعوا عن بقية الجنود بالمبنى.

وأشارت الصحيفة إلى أنه بينما كان الجنود يذهبون لمساعدة المجموعة الأولى، وسط مخاوف من احتمال جرهم إلى نفق، أصابهم انفجار ثانٍ، وحاولت مجموعة ثالثة الاقتراب لإخلاء الجرحى وأصيبت أيضًا بانفجار، وجاء الكمين على الرغم من الادعاءات اليومية للجيش الإسرائيلى بأنه يقترب من السيطرة العملياتية على معاقل حماس الرئيسية فى شمال غزة.

«هآرتس»: الجيش غير قادر على إنهاء قدرات حماس

كشفت وكالة «رويترز» الإخبارية عن أنه عقب كمين الشجاعية بأكثر من ١٠ أيام، أعلن الجيش الإسرائيلى عن مقتل ٨ جنود آخرين، ليرتفع عدد جنوده القتلى إلى ١٥٤ مجندًا منذ بدء التوغلات البرية فى غزة يوم ٢٠ أكتوبر الماضى، بينما قدر عدد المركبات المدمرة لما يقرب من ٢٠٠ مركبة عسكرية.

وفى السياق نفسه، قالت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» إنه فى عطلة نهاية الأسبوع الماضية قُتل نحو ١٤ مجندًا فى صفوف الجيش، فى الوقت الذى لا يزال فيه الجنود يحاولون تكثيف هجماتهم فى غزة. وتابعت أنه بالرغم من العمليات المكثفة، فإنه لا تزال حركة حماس تُظهر قدرة غير عادية فى إطلاق الصواريخ على إسرائيل، وتنفيذ عمليات كبرى ضد جنود الاحتلال فى شمال غزة، وتُلحق بهم خسائر كبرى.

وشككت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية فى جدوى العمليات البرية الإسرائيلية فى غزة، مؤكدة أن القضاء على حركة حماس وتدمير أنفاقها أمر لا يمكن حدوثه، فى ظل استمرار سيطرة الحركة على غزة وإلحاق الخسائر بالجيش الإسرائيلى.

انسحاب الكتيبة 13 للواء جولانى وجنودها: «خرجنا من فخ الموت»

كشفت القناة ١٣ العبرية عن أن الكتيبة ١٣ من لواء جولانى التى يطلق عليها «لواء النخبة»، غادرت قطاع غزة وسلمت السيطرة على المنطقة التى كانت توجد فيها إلى قوة أخرى. وتابعت القناة أن الهدف المعلن من هذا الانسحاب هو منح الجنود الراحة اللازمة، ولكن يبدو أن الجيش الإسرائيلى يُعيد تنظيم صفوفه مرة أخرى، بعد خسائره الفادحة فى القطاع خلال الأسابيع الماضية، خصوصًا تلك التى تقع فى حى الشجاعية.

وقالت القناة ١٣ الإسرائيلية إن الكتيبة ١٣ من لواء جولانى نقلت السيطرة على مدينة غزة إلى قوة أخرى، وفيما أعلن الجيش الإسرائيلى السيطرة العملياتية على المنطقة يوم الخميس الماضى، وقعت اشتباكات تنفى ذلك الادعاء.

وبيّنت القناة أن انسحاب الكتيبة ١٣ من لواء جولانى من ساحة المعركة تبعه انسحاب آخر لفرقة مظلات.

وبعد انسحاب الكتيبة من القطاع، نشرت وسائل إعلام عبرية مقاطع فيديو زعمت أنها تظهر جنودًا فى الكتيبة، وهم يحتفلون بعد خروجهم من ساحة القتال فى الشجاعية، وما يسمونه «فخ الموت»، حيث شهد هذا الحى العديد من العمليات التى نفذتها حركة حماس ضد مجندى الاحتلال على مدار السنوات الماضية، حتى تحول إلى لعنة تطارد جنوده. وقال تال ليف رام، المراسل العسكرى لصحيفة معاريف الإسرائيلية، إن حسابات لواء جولانى طويلة ودموية وغير محسومة مع الشجاعية، بسبب استهداف ناقلة جند مدرعة عام ٢٠١٤، ما أسفر عن مقتل سبعة جنود واختطاف أورون شاءول، الذى لا يزال محتجزًا لدى حركة حماس.

ووصف المراسل الإسرائيلى حنان جرينوود، الذى دخل الشجاعية رفقة قوات من لواء جولانى، الحى، بأنه من بين أكثر الأهداف تحصينًا التى واجهها لواء جولانى منذ بداية الحرب.

وأضاف أن الحى مزدحم للغاية، وفى وسطه تتحصن كتيبة من المقاتلين تعتبر الأقوى فى غزة.

تقارير: فشل فى تقديم أى دليل على هزيمة المقاومة

قالت شبكة «سى إن إن» الأمريكية إن عدد القتلى فى صفوف الجيش الاحتلال كان صادمًا بالنسبة للشارع الإسرائيلى، مع تزايد المخاطر الناجمة عن استمرار الاحتلال فى معركته الخاسرة فى غزة.

وتابعت أنه بالرغم من ضآلة عدد القتلى المجندين الإسرائيليين أمام العدد الهائل من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، الذى يقترب من ٨٠ ألف شهيد وجريح، لكن حجم القوة العسكرية الساحقة للجيش الإسرائيلى أمام حركة مقاومة شعبية، تملك أسلحة بدائية، تجعل خسائر الجيش كبيرة. وأضافت أن الصراع الحقيقى ظهر مع التوغل البرى للجيش الإسرائيلى لقطاع غزة، حيث تغيرت موازين القوى، وأمضت حماس وقتًا طويلًا فى التحضير لهذه الحرب، عبر بناء نظام أنفاق واسعة، ونصب الفخاخ والدفاعات، وهذا على الأرجح أحد الأسباب التى جعلت هذا الغزو أكثر فتكًا بالنسبة للجيش الإسرائيلى عن عمليته البرية فى غزة عام ٢٠١٤، التى استمرت ٥١ يومًا، وأدت إلى مقتل ٦٧ جنديًا إسرائيليًا. وقال خبير عسكرى أمريكى: «فى حرب المدن تكون الميزة دائمًا للمدافع، ولهذا السبب بنت حماس نفسها، وحضّرت الساحة جيدًا، وأنشأت مبانى تحت الأرض»، مضيفًا أنه فى مثل هذه الحالات تحتاج القوات المهاجمة إلى جهد أكبر لتحقيق إنجاز.

وتابعت الشبكة أن الحوادث الأخيرة التى تسببت فى مقتل ما لا يقل عن ٢٥ مجندًا فى صفوف الاحتلال، فضلًا عن مقتل ٣ محتجزين عن طريق الخطأ على أيدى الجيش، أدت إلى تراجع الدعم الشعبى للحرب بصورة كبيرة، وشكك الكثيرون فى فائدتها، فلم تسفر سوى عن انهيار الدعم الدولى لإسرائيل، واستنزاف الاقتصاد، ومقتل العشرات فى صفوف الجيش، مع سقوط قرابة ٢٠ ألف شهيد فلسطينى معظمهم من النساء والأطفال، وتدمير جزء كبير من مبانى قطاع غزة والبنية التحتية لها.

ورأت صحيفة «الجارديان» البريطانية أن إسرائيل خسرت حربها أمام حركة حماس، مع تشويه سمعة إسرائيل الدولية، ولكن يدّعى الجيش وحكومة نتنياهو عكس ذلك.

وتابعت أن إسرائيل فشلت فى تقديم أى أدلة بشأن الأضرار التى ألحقتها بحركة حماس، سواء مقاتلين أو بنية عسكرية أو تدميرًا للأنفاق، بينما على الجانب الآخر كشفت حماس بسهولة عن ادعاءات الجيش الإسرائيلى بأنه لا يسيطر على شمال غزة كما يدّعى، وأنها قادرة على قتل جنوده من مسافة صفر، فى معركة أثبتت حماس تفوقها فيها، بالرغم من أسلحتها البدائية.

وذكرت أنه وفقًا للبيانات الإسرائيلية، فإن عدد القتلى فى صفوف الجيش الإسرائيلى أكبر من المعلن، مع أكثر من ٢٠٠٠ مصاب، غالبيتهم العظمى سيعانون عاهات مستديمة، وآخرون إصابتهم خطرة للغاية.

وقبل عشرة أيام، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الشهيرة فى إسرائيل، معلومات حصلت عليها من قسم إعادة التأهيل فى وزارة الدفاع. ونُقل عن رئيس القسم، ليمور لوريا، قوله إن أكثر من ٢٠٠٠ جندى من جيش الدفاع الإسرائيلى تم تسجيلهم كمعاقين منذ بدء الصراع، ويعانى ٥٨٪ من جميع الذين تمت معالجتهم من إصابات خطيرة فى أيديهم وأقدامهم، ما يشير إلى وجود إعاقة، وتعكس المؤشرات أن عدد القتلى أعلى بكثير من الرقم الرسمى.