رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

لا يوجد صاروخ مضاد لـ«الأيديولوجيا»

الخط السميك الذى رسمته إسرائيل بالقلم الأحمر بينها وبين غزة لم يعد موجودًا منذ يوم ٧ أكتوبر الماضى، والرسمة التى رسمتها إسرائيل لقطاع غزة بقلم أحمر جديد تبدو وكأنها منتزعة من كراسة تلوين أطفال، لا توجد مؤشرات على تنفيذها، لا أحد يعلم فى إسرائيل ولا فى الولايات المتحدة، ولا فى أى مكان، كيف ستنتهى الأمور.

إسرائيل قالت إن هدف الحرب هو «القضاء على حماس»، وبالطبع تحرير المختطفين فى القطاع، ولدى أخبار جيدة وأخرى سيئة لإسرائيل.

الأخبار الجيدة أن هناك تراجعًا واضحًا لدى حماس فى تحريك قواتها وتنفيذ هجمات مضادة منسّقة، وهذا نتج عن نقص متزايد فى الذخيرة، وقطع الاتصال بين القيادات، ومهاجمة إسرائيل الأنفاق؛ فـ«حماس» التى نجحت فى الأسبوع الأول من العملية البرية فى منع انتقال سكان غزة جنوبًا، فشلت فى ذلك فى الأيام الأخيرة.

بعد أسابيع من القتال هناك انطباع بأن قدرة حماس على القيام بهجمات ذات أضرار كبيرة على إسرائيل قلت، عدد كبير من نشطاء الحرب أصيبوا، رشقات الصواريخ تجاه إسرائيل لا تزداد وحماس لا تنجح- رغم محاولاتها- فى أن تدخل حزب الله إلى دائرة القتال. 

لكن الحقيقة أن الحرب- أى حرب- تدور بين منظومتين عدوتين، والنصر يتحقق عندما تتوقف إحدى المنظومتين عن العمل، وهو ما يعنى الاستسلام أو انهيار المنظومة، حتى الآن لا توجد مؤشرات على استسلام قيادات حماس، ولا من المقاتلين فوق الأرض وتحتها، فهؤلاء يفضّلون الموت على الاستسلام، لكن فى المقابل هناك مؤشر أولى على انهيار منظومة حماس.

فى هذه النقطة الزمنية، هل النتائج التى تحققت حتى الآن تقرب جدًا الحكومة الإسرائيلية من تحقيق أهدافها فى الحرب؟ حتى هذه اللحظة لا، بل على العكس، كلما مر وقت، وازدادت الهجمات والضربات الإسرائيلية، وارتفع عدد الضحايا والصور البشعة من القطاع، فإن ضغوط المجتمع الدولى تزداد.

أما الأخبار السيئة لإسرائيل أن هذه الحرب بإمكانها أن تستمر لفترة أخرى من الزمن، لحين القضاء على حماس عسكريًا وسلطويًا، عندما تحدث نتنياهو عن حرب طويلة الأمد، فهو لا يقصد الحرب التى تبلورت فى الشهر الأول، بل حرب من نوع آخر، تتعلق باغتيالات مركزة، عمليات توغّل محلية، وغيرها. 

فى هذه النقطة الزمنية، هل القضاء على قدرات حماس العسكرية والسلطوية يعنى نهاية حماس فعلًا؟

الإجابة هى: لا، حماس تسيطر على القطاع منذ ١٦ عامًا، منذ الانقلاب الذى قامت به هناك ضد سلطة فتح فى يونيو ٢٠٠٧، ومنذ ذلك الوقت وحماس ليست فقط تدير القطاع، بل تتوغل داخل الغزاويين، منذ ذلك الوقت ولد جيل جديد فى غزة يؤمن بحماس كأيديولوجيا.

فى إسرائيل يعتقدون أن القضاء على حماس مهمة عسكرية، يمكن تنفيذها بهجمات برية وجوية، الحقيقة لا، حماس هى فكرة وأيديولوجيا، «حماس» هى حركة اجتماعية وسياسية، وتسكن فى قلوب الناس، مائة حرب لن تنجح فى انتزاع أيديولوجيا، ومائة صاروخ ليس بإمكانها أن تقضى على فكرة.