رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

كيف دعم فكر إدوارد سعيد القضية الفلسطينية في الأوساط العالمية؟

إدوارد سعيد
إدوارد سعيد

يعد المفكر إدوارد سعيد، المولود في بمدنية القدس، واحدًا من أهم وأبرز المفكرين الفلسطينيين، الشهير واشتهر بدراساته وأبحاثه عن الاستشراق، وعلاقته بالاستعمار القديم والحديث.

القضية الفلسطينية في فكر إدوارد سعيد

تشير الباحثة ليلي خالد راشد، في رسالتها الأكاديمية التي نالت عنها درجة الماجستير، إلي أن إدوارد سعيد، أدرك أن القوة الحقيقية في عالم المعرفة والعلم والتواصل الإنساني تكمن في قوة المخاطبة، وقوة الإقناع والحجة. 

وظهر ذلك بوضوح عندما كان يتناول قضايا وأمور مرتبطة مع الهم الفلسطيني. 

وتمكن إدوارد سعيد من خلق حالة من التوازن والمواءمة بين بعدين هامين تجسدا في شخصيته الثقافية والفكرية، فهو من جهة إنسان عالمي طرق أبواب مشاكل عالمية عويصة يواجهها العالم، خاصة شعوب العالم الثالث كمشاكل الاستعمار والسيادة الوطنية. وغياب التنمية والفقر بسبب العلاقة غير المتكافئة مع الدول الاستعمارية، وجسد في كتابيه “الاستشراق”، و"في الثقافة الإمبريالية"، والذي من خلالها نفذ إدوارد سعيد  إلي عالم رحب جديد فضح فيه الاستعمار والإمبريالية علي أنهما من أبشع ما يمكن للإنسان أن ينتجه في علاقته مع أخيه الإنسان.

 

القيمة الفكرية التي جسدها إدوارد سعيد

وتشدد الباحثة علي أن: القيمة الفكرية التي جسدها إدوارد سعيد في كتابه في الثقافة والإمبريالية تتمثل في وضع اللبنات والمداميك النظرية لثورة هائلة في العلوم الإنسانية والاجتماعية، فقد انطلق “سعيد” من معطيات ومنطلقات محورية تمثلت في فهم العلاقة المبطنة بين القوة والسلطة من جهة والإنشاء والنصوص والسرديات من جهة أخري ومن ثم إسقاط ذلك علي الثقافة والتاريخ والمجتمع والأدب والرواية.

وتلفت الباحثة إلي أن: حرب 1967، شكلت نقطة تحول في حياة إدوارد سعيد، حيث أنها خطفته من رحاب النقد الأدبي إلي الكتابة السياسية، بل أنه ومن أجل تعزيز لغته وثقافته العربية لم يتوان عن تلقي دروس في اللغة والأدب العربيين بشكل يومي ولمدة عام علي يد الأستاذ أنيس فريحة، والذي وصفه سعيد بأنه “معلم رائع، ومعين لا ينضب من الحكمة اللغوية في اللغات السامية كلها”.

 

ونجح إدوارد سعيد، في تجسيد دور المثقف من خلال تبنيه قضية وطنية عادلة وإنسانية وهي قضية الشعب الفلسطيني. حيث أنه وعائلته بحكم المولد والأصل يعدون جزءا منها. وقد كتب إدوارد سعيد يؤكد ذلك بالقول: “لم أستطع أن أعيش حياة ساكنة أو غير ملتزمة، ولم أتردد في إعلان انتمائي والتزامي بواحدة من أقل القضايا شعبية علي الإطلاق”.

وتضيف الباحثة: "قد كرس إدوارد سعيد، حياته للقضية الفلسطينية وكان خطابه أقوي خطاب حظيت به. وقد تبناها بالرغم من علمه حق العلم بأنها قضية لا يجد من يتبناها دعما مثلما تجد قضايا النضال المختلفة في العالم وخصوصا من الغرب الذي تسبب في المشكلة أصلا. 

وأضافت: بأن حرب 1948 التي دعيت بحرب استقلال إسرائيل كانت كارثة علي الفلسطينيين حيث أخرج ثلثا الفلسطينيين من ديارهم ووطنهم، وقتل الكثيرون منهم وصودرت ملكياتهم، وكفوا عن الوجود كشعب بكل المعاني. وأن عائلته قد شهدت ذلك سواء من طرف أبيه أم من طرف أمه، حيث لم يبق فرد منهم دون استثناء إلا وغدا لاجئا مقتلعا من جذوره وتائها تماما ولا يزال يحمل ندوب ذلك الاقتلاع المروع.

 

إدوارد سعيد ومسألة فلسطين

ألف إدوارد سعيد العديد من الكتب التي تتناول قضية فلسطين كانت بداية كتبه حول ذلك في أواخر سبعينيات القرن العشرين، من خلال كتابه “مسألة فلسطين”، حيث قدم فيه تأريخا لحالة الصراع بين السكان العرب الأصليين وبين الحركة الصهيونية. وتطرق إلي وصف النضال الوطني الفلسطيني لجهة تقرير المصير.

وجاءت خدمته لهذه القضية من خلال توظيف موقعه العلمي والأكاديمي في الجامعات الأمريكية ومدارس النقد الأدبي، وتجبير قدراته الإحساسية والموسوعية لفضح الاحتلال ومعارضة أي عملية تسوية لا تخدم مصلحة الفلسطينيين في تقرير مصيرهم وسيطرتهم علي أراضيهم.

حمل إدوارد سعيد بين جنبات روحه هم القضية الفلسطينية ومشكلاتها وتعقيداتها، فكان يؤلف الكتب، ويكتب الأعمدة والمقالات في الصحف، ويلقي المحاضرات ويعقد الندوات في سبيل إظهار عدالة وإنسانية هذه القضية، ومدي حضورها الصحيح واللائق في الإعلام الغربي.