رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"طوفان الأقصى VS السيوف الحديدية".. سيناريوهات ما بعد زلزال 7 أكتوبر (رؤية تحليلية)

اطلاق صاروخ
اطلاق صاروخ

- الانتهاكات المستمرة وتطرف الحكومة الإسرائيلية اليمينية دفع حماس لإطلاق أكبر عملية عسكرية منذ بداية القضية الفلسطينية

- حركة المقاومة استلهمت خطط وتكتيكات الخداع الاستراتيجي من نصر أكتوبر في يوبيله الذهبي

- إسرائيل صدمت بتطور قدرات المقاومة عسكريًا وتكنولوجيًا

- العملية ونتائجها خلال أول 24 ساعة مثلت ضربة قاتلة لحكومة نتنياهو ومستقبلها السياسي

- بعد تحول المواجهة لحرب بلا سقف.. ماهي فرص الربح والخسارة للطرفين؟

- رهانات المقاومة.. "اتحاد الفصائل - ورقة الأسرى - تدخل حزب الله - دعم إقليمي - بدء انتفاضة ثالثة"

- رهانات نتنياهو.. "حكومة طوارئ مع المعارضة - استخدام أقصى القوة العسكرية لكسر قدرات المقاومة - الدعم الأمريكي والغربي - استخدام الدعاية العاطفية دوليًا"

 

 مع فجر صباح السابع من أكتوبر 2023، استفاقت إسرائيل على حالة صدمة متعددة الأوجه عسكريًا وأمنيًا واستخباراتيًا ومجتمعيًا، صافرات الإنذار انطلقت مدوية لتعلن تعرض دولة الاحتلال لما يمكن تسميته بحالة غزو داخلي غير متوقعة تمامًا، بعد أن أطلقت كتائب القسام الذراع العسكرية لحركة المقاومة حماس عملية "طوفان الأقصى" مع مئات الصواريخ التي حلقت في دفعات ورشقات متتالية.

صواريخ المقاومة اخترقت حواجز "القبة الحديدية" التي عجزت عن استيعاب هذا الكم من غضب فلسطيني دفاعًا عن المسجد الأقصى في مواجهة تطرف وتشدد الحكومة اليمينية التي شكلها بنيامين نتنياهو، والتي جاء فيها اثنان من الوزراء هما ايتمار بن غفير وزير الأمن القومي، وبتسلئيل سموتريتش وزير المالية واللذان يعتبران من أكثر الشخصيات تشددًا وتطرفًا في إسرائيل ويكنان عداء شديدًا  للعرب يصل لحد اعتقادهما بضرورة إبادتهم، حتى أن وسائل إعلام إسرائيلية قالت إن "إسرائيل أمام كارثة حال تسلّم سموتريتش وبن غفير حقائب أمنية".

ونقلت عن مسئولَين إسرائيليين سابقين تحذيرهما من تعيين زعيم حزب "الصهيونية المتدينة" بتسلئيل سموتريتش وزيرًا للأمن، وإيتمار بن غفير، وزيرًا للأمن الداخلي، لتمارس هذه الحكومة أقصى قدر من التطرف والتشدد على الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، ما جعلها تتعرض لأكبر تظاهرات شهدتها دولة الاحتلال منذ إعلانها من حيث عدد المشاركين فيها وطول المدة الزمنية لها رفضًا للقانون المعروف بالإصلاح القضائي.

اقرأ أيضًا.. إصلاح أم مصالح؟.. قوانين نتنياهو تدفع بإسرائيل لكابوس الانقسام والمليونيات (القصة الكاملة)

 

- واقع جديد في تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي 

عملية "طوفان الأقصى" مثلت واقعًا جديدًا في تاريخ الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي، فهي أول عملية ظهرت بشكل متكامل، ونفذتها المقاومة جوًا بالصواريخ والطيران الشراعي، وبرًا بالرجال الذي اخترقوا السياج الأمني في توقيت واحد بدون أن تشعر إسرائيل بكل قدراتها التكنولوجيا والإنذارية، وبحرًا أيضًا، وبعدد تجاوز 1000 مقاتل كما أعلنت كتائب القسام.

  وقد استلهمت خلال هذه العملية خطط وتكتيكات الخداع الاستراتيجي من انتصارات أكتوبر 1973 في يوبيلها الذهبي، فحالة الصدمة والذهول وبطء وتأخر الاستجابة والرد على تحركات المقاومة أعاد للأذهان صدمة العدو عند الساعة الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر، فكان التمهيد الصاروخي المكثف أكبر تغطية وتمويه على حركة المقاتلين على الأرض، ومن ثم استخدام الطيران الشراعي للتغلب على جهود الرصد الراداري، لتكون ثاني المفاجآت، خاصة عند مهاجمة المواقع والحواجز العسكرية، وما رشح عن استهداف مراكز للمراقبة تكنولوجيًا وعسكريًا مما جعل مركز التدخل العسكري القريب كمن أصيب بعمى مباغت أفقدها القدرة على الحركة والتصرف السليم.

- مخططات التغيير الديموجرافي وتصفية القضية أبرز أسباب عملية "طوفان الأقصى"

فما الذي دفع المقاومة للقيام بهذه العملية في ظل الأوضاع العالمية المضطربة، ومع معرفتها بأن الرد الإسرائيلي مهما تأخر فإنه سيكون متطرفًا في قوته وحدوده على مثال الحكومة الحالية بمتطرفيها، جزء من الجواب جاء في كلمة لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، والتي أشار فيها إلى أنه نما إلى علمهم بوجود مخطط إسرائيلي لإجراء تغيير ديموجرافي بتوطين 2 مليون إسرائيلي في القدس والضفة الغربية، ومن ثم مخططات لتهجير الفلسطينيين خارج أراضيهم في مسعى لتصفية القضية على حساب دول الجوار.

 المعلومات التي حصلت عليها حماس وعدد من فصائل المقاومة أشارت إلى أن غزة لم تكن بعيدة عن مخطط التغيير، وأنه كما شكلت جنين مصدر ألم وصداع للاحتلال خلال الشهور الماضية، فإنه لم ينس وجود مصدر خطر وتهديد مهم له في غزة، وأن لديه خططًا خلال مدى زمني قريب من أجل السيطرة ومحاولة تحييد هذا الخطر، وتقليله إلى أقصى درجة ممكنة، ومن هنا كان لا بد من اتخاذ إجراء يضيع هذه الفرصة على الاحتلال، ويكبده من الخسائر ما يجعله يفقد توازنه عسكريًا وداخليًا. 

 

- النتائج الأولية لتحركات المقاومة مثلت ضربة قوية وخاطفة لجيش الاحتلال

 التفاصيل الفائتة تقودنا إلى النتائج الأولية لعملية "طوفان الأقصى"، فقد مثلت ضربة قوية وخاطفة لجيش الاحتلال، فبعد مرور حوالي 5 ساعات قال الجيش الإسرائيلي إن قواته تخوض معارك برية ضد مقاتلين فلسطينيين في المناطق المحيطة بقطاع غزة بعد تسلل هؤلاء بالمظلات وبحرًا وبرًا، وقال المتحدث باسم الجيش ريتشارد هيخت خلال إيجاز صحفي كانت عملية برية مشتركة تمت من خلال طائرات مظلية عبر البحر والأرض، فيما قالت القناة 12 الإسرائيلية، نقلًا عن خدمة الإسعاف الإسرائيلية أن ما لا يقل عن 22 إسرائيليًا قتلوا في الهجوم المباغت من كتائب القسام، ورغم الإعلان عن اشتباكات بين مقاتلي المقاومة وجنود جيش الاحتلال فإن تزايد وارتفاع أعداد القتلى الإسرائيليين مع مرور حوالي 250 قتيلًا وأكثر من 750 جريحًا، وهو ما جعل حالة الصدمة والذهول تتضاعف لدى القيادات الإسرائيلية وداخل المجتمع، مع وجود خسائر في الأرواح والممتلكات في مدن كعسقلان وتل أبيب وأشدود وكل مستوطنات غلاف غزة، بالإضافة إلى استمرار المعارك والاشتباكات على الأرض في مناطق غلاف غزة، والإعلان عن وجود أسرى بأرقام كبيرة في قبضة المقاومة.

-  إسرائيل تحاول التصدي  لـ"طوفان الأقصى" بـ"السيوف الحديدية"

 كان من الغريب لكل المتابعين والمراقبين السياسيين والعسكريين حالة التخبط والارتباك التي ظهرت فيها إسرائيل في اليوم الثاني للعملية رغم الإعلان عن إطلاق عملية مضادة سميت باسم "السيوف الحديدية"، فالاشتباكات وقتها كانت وما زالت تجري على الأرض في المستوطنات في غلاف غزة، بينما استمرت كتائب الأقصى في توجيه الضربات الصاروخية والإعلان عن إطلاق أكثر من 5 آلاف صاروخ وقذيفة، وانضمام حركة الجهاد الإسلامي ممثلة في سرايا القدس، بات واضحًا أن موقف الاحتلال الإسرائيلي يتعقد ولا يبدو أن إسرائيل بكل أجهزتها العسكرية والأمنية قد استطاعت توجيه رد يوقف تقدم العملية وأهدافها، والتي كان من أهمها زيادة عدد القتلى والأسرى لتكبيد الإسرائيليين خسائر معنوية مجتمعيًا وسياسيًا على مستوى الحكومة.

اقرأ أيضًا.. التصعيد الإسرائيلي في الأقصى.. هروب من الأزمات أم تخطيط يسبق «عاصفة إيران»؟

ومع منتصف اليوم الثاني بدا من الواضح أن المواجهة بين الطرفين قد تحولت إلى حرب مفتوحة بلا سقف أو مدى زمني محدد مع وضوح أثر الضربات الإسرائيلية على القطاع، خاصة مع وجود ردود فعل إقليمية ودولية، انقسمت ما بين التأييد والمعارضة لكل من الطرفين في ظل توسع إسرائيل في القصف العنيف على القطاع بصورة لم تحدث من قبل في تاريخ المواجهات بين الطرفين سعيًا وراء تحقيق أي انتصار يقلل من حدة ما وصف داخليًا وحتى خارجية من باليوم الأسود والأصعب الذي مر على دول الاحتلال منذ إعلانها، وهو ما ساهم في تواصل الحرب ليومها التاسع.

- رهانات الطرفين في ظل استمرار المواجهة المفتوحة 

 - أولًا: أوراق فصائل المقاومة الفلسطينية

 تراهن فصائل المقاومة الفلسطينية حاليًا على عدة أوراق ترى أن باستطاعتها الاستفادة منها، أولًا توحد كل الفصائل في العملية العسكرية الجارية، ومن ثم تكون مهاجمة جيش الاحتلال من عدة جبهات وليس من غزة وحدها، وهو ما حدث فعليًا بدخول سرايا القدس إلى المعركة، وحدوث مواجهات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، وكذلك من الحدود السورية، وإن كانت ما زالت محدودة ولم تأخذ شكلًا مكثفًا أو عنيفًا كما حدث من قطاع غزة منذ اليوم الأول وحتى الآن، وأيضًا تواجد كتائب شهداء الأقصى الذراع العسكرية لحركة فتح على ساحة المعركة وإطلاقها لرشقات صاروخية مكثفة على أهداف إسرائيلية منذ 10 أكتوبر أي في اليوم الرابع للمواجهات. 

 كما تراهن المقاومة على الورقة الثانية وهي الأسرى، فالإعلان عن وجود أكثر من 199 أسيرًا في غزة بأيديها، وتأثير ذلك على الجبهة الداخلية، في ظل وصول عدد القتلى والجرحى الإسرائيليين بحسب ما أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان صدر عنه الأحد، أن حصيلة قتلاه منذ انطلاق عملية "طوفان الأقصى" أكتوبر الجاري، قد بلغ 1400 قتيل، و3500 جريح، لم يحدد البيان مستوى الإصابات بينهم. 

الورقة الثالثة هي الدعم الإقليمي المتمثل في حزب الله اللبناني ودخوله إلى المعركة في حال حدوث تهور إسرائيلي بالإصرار على اقتحام غزة بريًا، ومحاولة إنهاء الوجود العسكري للفصائل في القطاع أو إضعافه وإيصاله إلى أضعف القدرات على أقل تقدير، بما يجعل المقاومة تحتاج لعقد أو عقدين من الزمان لإعادة بناء جزء من القدرات التي تملكها حاليًا، كما أن التدخل الإقليمي من قبل حزب الله قد يتبعه دعم من إيران، وربما تدخل إضافي أيضًا عن طريق الحوثي في اليمن أو بشكل مباشر من طهران، وهو ما سيجعل التفكير في توسعة نطاق الحرب يأخذ وقتًا ليس بالقصير من قبل إسرائيل.

 

- التوحد في انتفاضة ثالثة

أما الورقة الرابعة والتي قد تكون الأكثر فعالية هو توقع الفصائل وحركات المقاومة أن تكون هناك فرصة حقيقية وكبيرة لإطلاق انتفاضة ثالثة، تتشارك فيها كل القوى والفصائل مع كل فئات الشعب الفلسطيني في مواجهة دولة الاحتلال، وما سيتبع ذلك من دعم عربي وإسلامي في كل أنحاء العالم حال حدوث الانتفاضة، وهو ما حاولت المقاومة فعله بالدعوة إلى النفير العام في كل أنحاء فلسطين ومهاجمة كل الأهداف الإسرائيلية في كل أرجاء فلسطين، خاصة أن احتمالات تزايد ارتفاع عدد الشهداء والمصابين جراء العدوان الإسرائيلي إلى أكثر من 2329 قتيلًا، بينهم ما لا يقل عن 700 طفل و400 امرأة، وإصابة أكثر من 9042 مواطنًا بجراح مختلفة، منهم أكثر من 2000 طفل و1400 امرأة، إلى جانب 55 قتيلًا في الضفة الغربية وأكثر من 1200 جريح، وتزايد الدعوات بوقف الإجراءات غير المسبوقة ضد أهالي غزة والتي تخالف كل المبادئ القانونية والإنسانية وتجاوزت كل الحدود. 

ومما يعزز من فرص الاستجابة للقيام بانتفاضة ثالثة هو حالة القصف العنيف غير المسبوق على القطاع، ومطالبة جيش الاحتلال لقرابة مليون شخص من سكان قطاع غزة بترك منازلهم وأماكنهم وإجلائها والنزوح إلى الجنوب والحدود المصرية، وهو ما اعتبرته القوى الفلسطينية وجمهورية مصر العربية محاولة واضحة لتصفية القضية الفلسطينية عبر تهجير أهل القطاع وإخراجهم من الأراضي الفلسطينية بما يجعل عودتهم صعبة، ويجعل القطاع والمقاومة لقمة سائغة بين يدي إسرائيل، وما تم التأكيد على رفضه وعدم القبول به، وإصرار جيش الاحتلال على تنفيذ قد يعجل باشتعال جذوة الانتفاضة الثالثة.

 

- ثانيًا: أوراق إسرائيل ممثلة في حكومة نتنياهو

بعد انطلاق عملية "طوفان الأقصى" وحدوث حالة الصدمة والارتباك الإسرائيلية، بدا أن خيارات وردود أفعال حكومة نتنياهو محدودة، في ظل حالة الغضب الداخلي والاتهامات بالتقصير والفشل، وقد حاول نتنياهو التغلب على هذه النقطة من خلال سعيه لتشكيل حكومة طوارئ أو وحدة مع المعارضة وهو ما نجح فيه بالفعل في اليوم الخامس من المواجهات، ليتم الاتفاق مع عضو المعارضة بيني جانتس، يوم الأربعاء الماضي 11 أكتوبر على تشكيل "حكومة طوارئ" خلال الحرب مع حماس في غزة، وتضم حكومة الحرب نتنياهو وجانتس ووزير الدفاع الحالي يوآف غالانت وسيكون كل من القائد السابق للجيش من حزب جانتس غدي آيزنكوت ووزير الشئون الاستراتيجية رون ديرمر مراقبين، فيما يبقى حلفاء نتنياهو من اليمين المتطرف في الحكومة.

 الورقة الثانية في جعبة نتنياهو وحكومته كانت استخدام أقصى القوة العسكرية لكسر قدرات المقاومة، وهو ما تم تطبيقه فعليًا على الأرض من خلال إطلاق العملية المضادة "السيوف الحديدية"، وزادت حدة الضربات بشكل كبير عقب الاتفاق على تشكيل حكومة الطوارئ مع المعارضة، بحيث لا يتم الاعتراض على القرارات العسكرية التي يتم اتخاذها مهما ما كانت صعوبتها أو فداحة نتائجها، وهو ما حدث عقب سقوط أسرى إسرائيليين قتلى مع أسرهم داخل قطاع غزة إثر القصف الإسرائيلي بالغ الشدة والعنيف والمتواصل بشكل شبه مستمر، ما جعل الأوضاع في القطاع غير مسبوقة ووصلت إلى مرحلة الكارثة بحسب منظمات وجهات أممية ودولية. 

 

- دعم أمريكي وغربي غير محدود أعطى إسرائيل الضوء للقيام بعمليات انتقامية غير مسبوقة

أما الورقة الثالثة التي راهن نتنياهو وحكومته، فكانت توقع الحصول على دعم أمريكي بشكل خاص وغربي بوجه عام، وهو ما حدث بالفعل في ظل خروج الرئيس الأمريكي جو بايدن أكثر من 3 مرات ليدين عملية " طوفان الأقصى" ويصفها بالإرهابية ويتهم حماس بالإرهاب على حد تعبيره، ويؤكد وقوف أمريكا قلبا وقالبا وبشكل مطلق مع إسرائيل وكل ما يحفظ لها أمنها، ويعطي الضوء للقيام بعمليات انتقامية وثأرية شديدة العنف على قطاع غزة ويحذر أي أطراف خارجية من استغلال الوضع الجاري في إسرائيل، ولم يكتف بذلك ليخرج البنتاجون ليرسل حملة الطائرات جيرالد فورد إلى البحر الأبيض المتوسط  من أجل ضمان الردع في المنطقة ويرسل طائرات محملة بأسلحة وذخائر وصواريخ لمنظومة القبة الحديدية إلى إسرائيل ومن ثم الإعلان عن إرسال حملة طائرات ثانية منطقة شرق المتوسط هي أيزنهاور.

 في الوقت الذي أعلنت فيه بريطانيا عن إرسالها لسفن حربية إلى المنطقة وطائرات والبدء بدورات عسكرية لضمان الردع وعدم التصعيد ضد إسرائيل، وكذلك التصريحات الفرنسية المؤيدة لإسرائيل وحقها في الدفاع عن نفسها وتجاهل حقوق الفلسطينيين وتجاهل كل الجرائم التي تحدث بحقهم، وأيضًا الموقف المشابه لهذا المواقف من قبل عدد من الدول الأوروبية كان مثل قطع المساعدات المقدمة لفلسطين من قبل النمسا وألمانيا على سبيل المثال.

 الورقة الرابعة التي حاولت إسرائيل ونتنياهو اللعب والضغط بها عالميًا كانت استخدام الدعاية العاطفية دوليًا، وهو ما حدث من خلال بث الكثير من الادعاءات والأكاذيب غير الصحيحة والتي كان منها أن المقاومة تقتل الأطفال والنساء والأسرى وتقطع رءوسهم وتغتصب النساء وهي كلها اتهامات وادعاءات عارية تمامًا عن أي حقيقة أو صحة.

كما حدث أيضًا مع صورة الطفل المتفحم التي نشرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وخرج بعدها الرئيس الأمريكي بايدن ليقول إنه شاهد صور أطفال إسرائيليين ذبحتهم حماس، ليتم بعدها كشف زيف الصورة التي عرضها نتنياهو على يد الصحفي الأمريكي جاكسون هينكل، والذي أوضح أن صورة الطفل الإسرائيلي المزعوم تعود إلى كلب في عيادة طب بيطري تم تزييفها عن طريق الذكاء الاصطناعي، غير أن الإعلام الغربي ما لبث أن ردد أكاذيب نتنياهو دون تحقق أو دليل ومعه الرئيس الأمريكي، ليعود البيت الأبيض، وينفي مشاهدة بايدن للصور بنفسه مؤكدًا أنه سمع عنها فقط من رئيس الوزراء الإسرائيلي.

أما الورقة الأخيرة التي يراهن عليها الطرفان حاليًا بعد تواصل الحرب، فهي أن كل طرف ينتظر حدوث تغير يحدث معه اختلال أو فقدان إحدى أوراق الضغط تمكنه من التفوق على غريمه، أو أن الجهود الدولية الكبرى التي تجري حاليًا من أجل وقف التصعيد من خلال دول ومنظمات دولية من أبرزها مصر والأردن والسعودية ومنظمة الأمم المتحدة، ليتم التوافق على هدنة تنهي الوضع الحالي للمواجهة بدلًا من استمرار "طوفان الأقصى" أمام "السيوف الحديدية" في تصعيد وحرب لن يعرف مداها وتداعياتها إذا ما تحولت إلى صراع موسع يضم المزيد من الجهات والدول واللاعبين الإقليميين والدوليين.