رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

بعد إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي لاعتراضه عليها

إصلاح أم مصالح؟.. قوانين نتنياهو تدفع بإسرائيل لكابوس الانقسام والمليونيات (القصة الكاملة)

نتنياهو
نتنياهو

◄ تصريحات «جالانت» وتحذيره من امتداد الانقسام للجيش تسببت فى إقالته وأشعلت المظاهرات من جديد
◄ اتهامات لنتنياهو بإجراء التعديلات للتهرب من قضايا الفساد والرشوة والاحتيال
◄ مخاوف من انتشار عصيان عسكرى وطيارون رفضوا قيادة طائرة نتنياهو إلى لندن
◄ «الإصلاح القضائى» يتسبب فى أكبر حركة تظاهرات تشهدها إسرائيل منذ ظهورها لمدة 3 أشهر


 تصاعدت الأزمة السياسية والمجتمعية الجارية في إسرائيل منذ بداية العام الجاري، لتأخذ منعطفا خطيرا بعد أن أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف جالانت، المنتمي لحزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء، بسبب مطالبته بوقف خطة الإصلاح القضائي التي أعلنت عنها حكومة نتنياهو، مطلع يناير الماضي.
وهو ما تسبب في اندلاع احتجاجات جديدة خرج على إثرها آلاف المتظاهرين إلى شوارع تل أبيب والقدس ملوحين بالأعلام الإسرائيلية، وتجمعت حشود أمام منزل نتنياهو في القدس واخترقوا الطوق الأمني من أحد الجوانب، وتم إغلاق طرق رئيسية في تل أبيب، بينما توجه المئات في مظاهرة أمام وزارة الدفاع للتضامن مع وزير الدفاع المقال، واستخدمت الشرطة مدافع المياه لإبعادهم عن منزل نتنياهو في القدس، فيما أضرم متظاهرون النار على إحدى الطرق السريعة في تل أبيب التي شهدت خروج مئات الآلاف في احتجاجات منذ بداية العام الجاري.

- تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي عن امتداد الانقسام للجيش أشعلت الأزمة من جديد

كان وزير الدفاع المقال، يوآف جالانت، قد قال يوم السبت الماضي، في بيان تليفزيوني مقتضب، إن الظرف يستدعي وقف عملية سنّ التشريعات، لما تشكله من خطورة على أمن دولة إسرائيل.

وأضاف: "أرى كيف يتآكل مصدر قوتنا، وكوزير دفاع لدولة إسرائيل أرى الشرخ يتعمق ولن أدعم هذا النهج".

وأكد أن الشرخ المتعمق في المجتمع الإسرائيلي امتد إلى الجيش والمنظومة الأمنية، وهذا خطر يهدد الدولة، داعيا في الوقت نفسه إلى وقف المظاهرات التي تجتاح إسرائيل، وإتاحة المجال للتوافق على خطة تشريعات وتعديلات.

وعبّر "جالانت"، في وقت سابق، عن مخاوفه إزاء موجة من رفض الإسرائيليين تلبية الاستدعاء إلى صفوف الاحتياط في الجيش إن مضت التعديلات قدما، قائلا إن ذلك من شأنه إضعاف حالة الاستعداد للحرب والتلاحم الوطني.
تصريحات وزير الدفاع المقال جاءت بعد أن أبلغ العشرات من جنود الاحتياط ومنهم طيارون، قياداتهم رفض الخدمة العسكرية وعدم الاستجابة للاستدعاء للتدريبات بعد خطاب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
 فيما تداولت أنباء عن توقيع ضباط وجنود احتياط إسرائيليين من الوحدة 8200، على عريضة لرفض أداء الخدمة العسكرية، في خطوة إضافية للتعبير عن الاحتجاج.

وكان احتجاج الطيارين الإسرائيليين، قد أجبر نتنياهو على تأجيل زيارته إلى لندن والتي تمت في 24 مارس، بسبب رفض عدد منهم قيادة الطائرة التي تقله.

- الرئيس الإسرائيلي يحذر من صراع داخلي يمزق المجتمع


حذر الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج من أن الخلاف المرير حول الإصلاحات القانونية خطير على البلاد ويمكن أن تكون له تداعيات دبلوماسية واقتصادية واجتماعية وأمنية خطيرة.

وقال هرتسوج، وفقا لمكتبه، "نحن في وضع سيئ.. سيئ جدا"، ووصف الوضع بأنه "صراع داخلي يمزقنا"، مشيرا إلى أنه يبذل كل جهد ممكن للتوصل إلى اتفاق لإنقاذ إسرائيل من الأزمة، مضيفا أنه كان يجتمع مع الجميع ويستمع إليهم، وأنه يحاول إيجاد حل من شأنه أن يرسي مبادئ إسرائيل لأجيال عديدة".

وقبل بضعة أيام، تحدث "هرتسوج" علنا ضد خطط الحكومة الدينية اليمينية لأول مرة، وقال إن الإصلاح القضائي خاطئ وقمعي ويقوّض الأسس الديمقراطية لإسرائيل.


- ما هي خطة الإصلاح القضائي التي أثارت غضب المجتمع الإسرائيلي؟

بدأت الأمر مع إعلان وزير العدل الإسرائيلي ياريف ليفين مساء الأربعاء 4 يناير 2023 عزمه على تعديل النظام القضائي لتضمينه استثناءً يسمح للبرلمان بتعليق قرارات المحكمة العليا.
ويهدف هذا التعديل الذي أعلن "ليفين" خطوطه العريضة أمام الصحافة ومن المقرّر طرحه أمام البرلمان في شهر أبريل المقبل، إلى تغليب سلطة النواب على سلطة القضاة، في وقت تجري فيه محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو بتهم فساد.
التغييرات التي حددها ليفين خلال مؤتمر صحفي ستحد بشدة من سلطة محكمة العدل العليا الإسرائيلية، وتمنح الحكومة السيطرة على لجنة اختيار القضاة، وتحد بشكل كبير من سلطة المستشارين القانونيين للحكومة.

وزعم وزير العدل، وهو عضو في حزب "الليكود" الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أن النشاط القضائي دمر ثقة الجمهور في النظام القانوني وجعل من المستحيل على الحكومات أن تحكم بفعالية.
وقال "ليفين" إن الهدف الأساسي "تعزيز الديمقراطية، وإعادة تأهيل الحكم، واستعادة الثقة في النظام القضائي، وإعادة التوازن بين الفروع الثلاثة للحكومة، نذهب إلى صناديق الاقتراع ونصوت وننتخب مرة تلو الأخرى، يقوم أشخاص لم ننتخبهم بالاختيارات، العديد من قطاعات الجمهور تنظر إلى النظام القضائي ولا تجد أصواتها مسموعة، هذه ليست ديمقراطية" بحد تعبيره.

- تفاصيل التعديلات المقترحة لخطة الإصلاح القضائي


التعديل المقترح في خطة حكومة نتنياهو للإصلاح القضائي حدد التغيير في أربعة مجالات أساسية هي كالتالي: 
1- تقييد قدرة المحكمة العليا على إلغاء القوانين والقرارات الحكومية، بحيث سيتطلب ذلك هيئة من جميع قضاة المحكمة الخمسة عشر وأغلبية خاصة. 
2- تضمين "بند التجاوز" لتمكين الكنيست من إعادة تشريع مثل هذه القوانين، ومنع المحكمة من استخدام اختبار "المعقولية" للحكم على التشريعات والقرارات الحكومية
3- تغيير عملية اختيار القضاة، لمنح الحكومة الحالية سيطرة فعالة على لجنة اختيار القضاة. 
4- السماح للوزراء بتعيين مستشاريهم القانونيين، بدلا من تعيين مستشارين يعملون تحت إشراف وزارة العدل.


- «الإصلاح القضائي» يتسبب في أكبر حركة تظاهرات تشهدها إسرائيل منذ ظهورها لمدة 3 أشهر


عقب إعلان وزير العدل الإسرائيلي عن خطة الإصلاح القضائي، بدأت حركة من المطالبات بوقف هذه الخطة والعدول عنها من قبل أوساط المعارضة، وأعلن قادة المعارضة شجبهم لخطة الإصلاح القانوني التي اقترحها، ليفين باعتبارها خطرا واضحا وقائما على الديمقراطية الإسرائيلية ونظام الضوابط والتوازنات على سلطة الحكومة.

وأدان زعيم المعارضة ورئيس حزب "هناك مستقبل" يائير لابيد، وكذلك زعيم حزب “الوحدة الوطنية” بيني جانتس، المقترحات ووصفاها بأنها "انقلاب سياسي"، بينما اتهمت زعيمة حزب "العمل" ميراف ميخائيلي الحكومة بالتصرف مثل المافيا بسبب توقيت الإعلان.

وعقب ذلك بدأت احتجاجات طلابية في مختلف المدن والمناطق، ومظاهرة شارك فيها المئات من المحامين أمام محكمة تل أبيب، وفي 15 يناير الماضي تظاهر أكثر من 80 ألف إسرائيلي في تل أبيب احتجاجا على خطط حكومة الائتلاف اليمينية الجديدة لعمل إصلاحات قضائية.
وتصاعدت الاحتجاجات والتي كانت قمتها الأولى في 21 يناير الماضي مع خروج مظاهرة في تل أبيب ضد سياسات حكومة بنيامين نتنياهو، وصفت بأنها واحدة من أكبر المظاهرات في تاريخ إسرائيل وقدر عدد المتظاهرين بانه تجاوز 200 ألف شخص.

وفي 13 فبراير الماضي تظاهر عشرات الآلاف من الإسرائيليين أمام الكنيست ضد التعديل المثير للجدل للنظام القضائي الذي يتيح للبرلمان الإسرائيلي إلغاء أي قرار للمحكمة العليا بغالبية بسيطة، ووجه عدد كبير من السياسيين الإسرائيليين اتهامات لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، باستخدام مقترحات التعديلات القضائية، التي يسميها "إصلاحات قضائية" للتحول إلى النظام الديكتاتوري.


- المتظاهرون يطلقون يوم مقاومة الدكتاتورية ويحاصرون مطار بن جوريون مع زيارة وزير الدفاع الأمريكي

وفي 9 مارس الجاري بدأ آلاف الإسرائيليين، مظاهرات أطلقوا عليها "يوم مقاومة الدكتاتورية" للاحتجاج على مضي الحكومة قدما في تمرير قوانين تقلص صلاحيات القضاء لصالح السلطتين التشريعية والتنفيذية.

وكثف المتظاهرون الإسرائيليون المعارضون لخطط الحكومة وجودهم في محيط مطار بن غوريون في مسعى منهم لعرقلة طريق رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قبل رحلة رسمية إلى روما، وذلك في وقت يزور فيه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن تل أبيب.

وعرقل مئات المحتجين على خطة الإصلاحات القضائية يعرقلون حركة الدخول إلى مطار بن جوريون، كما شلّ آلاف السائقين حركة السير من وإلى المطار في إطار الاحتجاجات.

- اتهامات لنتنياهو بإجراء التعديلات للتهرب من قضايا الفساد وعصيان مدني وعسكري


قال المعارضون إن التعديلات تركز السلطات في أيدي نتنياهو، والغالبية التي يحظى بها في الكنيست، كما أنها محاولة من نتنياهو للتهرب من العدالة، حيث يواجه اتهامات بالفساد، ويخضع للمحاكمة.
ووجه المعارضون لتعديلات النظام القضائي اتهامات إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمحاولة التهرب من قضايا الفساد التي يلاحق فيها من خلال إجراء تعديلات على القوانين والنظام القضائي بما يمكنه من الإفلات من العقاب والمساءلة القانونية من خلال السيطرة على السلطة القضائية عبر البرلمان الذي يحظى ائتلافه الحاكم بالسيطرة عليه.
 فيما أعلن 37 طيارا احتياطيا في إسرائيل، يشكلون غالبية أحد الأسراب المقاتلة المهمة، أنهم لن يشاركوا في تدريبات مقررة يوم 10 مارس، وذلك رفضا لخطة الإصلاح القضائي الحكومية، وجاء إعلان الطيارين الإسرائيليين في بيان مشترك لهم، وهم من "سرب المطرقة" المخصص لمهاجمة أهداف بعيدة والمكون من 40 طيارا، ويتكون السرب من مقاتلات "إف 15 آي" (F-15i)، ومقره في قاعدة حتسريم الجوية في بئر السبع جنوبي إسرائيل.
ودعى رئيس الوزراء السابق، إيهود باراك، إلى عصيان مدني قبل أسبوعين، بهدف منع تمرير التعديلات القضائية وقال "بمجرد أن تبدأ الحكومة باستخدام الوسائل الديمقراطية لتدميرها من الداخل، ينتهي بها الأمر إلى ارتكاب انتهاكات صريحة للقانون".

- البرلمان لا يعبأ بالتظاهرات ويقر قانونا يحمي رئيس الوزراء من العزل

وعلى الرغم من تزايد وتصاعد الاحتجاجات ضد خطة الإصلاح، أقر البرلمان الإسرائيلي  يوم13 ثم في 23 مارس الجاري، قانونا يحمي رئيس الوزراء من العزل بقرار من المدعي العام، ويعتبر القانون الجديد في صالح رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو، الذي يخضع للمحاكمة بتهم الفساد.

ويواجه نتنياهو تهماً في ثلاث قضايا تتعلق بالرشوة وخيانة الأمانة والاحتيال، ولكنه ينفي أنه خالف القانون ويزعم أنه ضحية مؤامرة لاستهدافه شخصياً.
ويجعل قانون العجز الجديد الذي أقره البرلمان بــ 61 صوتاً مقابل 47 من أصل 120 صوتاً، بعد نقاش حاد، تنحية رئيس الوزراء الإسرائيلي دون رغبته أمراً صعباً.

ويعد هذا القانون هو جزء من خطة الحكومة اليمنية المتطرفة التي كانت سبباً في احتجاجات واسعة، لأنها في نظر المعارضة تهدف إلى الحد من سلطة القضاء.
وقالت المدعية العامة جالي بهاريف ميارا إن نتنياهو لا ينبغي له أن يشارك في الإصلاحات القضائية بسبب إمكانية تضارب المصالح، باعتباره يخضع للمحاكمة حالياً.