رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

هل تكون مأساة درنة "حمامة سلام" بين الفرقاء فى ليبيا؟

ليبيا
ليبيا

تدور التساؤلات في الفترة الراهنة، حول المأساة التي تعيشها مدينة درنة الليبية، جراء العاصفة دانيال، وماذا إذا كانت ستستمر حالة التوحد بين الفرقاء الليبيين، في سبيل تقديم الدعم والإغاثة للعالقين في المناطق المنكوبة، حتى يعود الاستقرار لبلد المختار بأكمله بعد سنوات من الصراع. 

ويأتي ذلك في ظل المخاوف بشأن إنفاق التبرعات وغياب التنسيق، ما اضطر الحكومة في شرق ليبيا، لتأجيل مؤتمر إعادة إعمار درنة، وسط محاولات لتوحيد ليبيا وإنهاء الانقسام وإجراء الانتخابات التي تأجلت مرات عديدة.

"الدستور" تحدثت إلى شيوخ قبائل وسياسيين وخبراء، حول ما إذا كانت مأساة درنة ستسهم في توحيد ليبيا وإنهاء الانقسامات السياسية، حتى الوصول إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، خاصة في ظل المحاولات والجهود التي تبذل من أطراف دولية وإقليمية، ودول جوار على رأسها مصر، في سبيل تحقيق الاستقرار في ليبيا.

طارق فهمي

طارق فهمى: تواصل مصر مع جميع الأطراف الليبية يمهد الطريق للحل 

قال الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إنه من المبكر الحديث عن  توحد الليبيين وانتهاء الانقسامات السياسية؛ لأسباب تتعلق بانقسامات داخلية في قضية درنة، حيث تجري تحقيقات واتهامات لجميع الأطراف بالتورط في هذه الانقسامات، وبالتالي من الممكن أن تتسع رقعة الخلاف. 

ولفت إلى أن  ليبيا الآن تعيش فترة صراعات داخلية متعددة الأطراف، ويبدو أنها مفتوحة على مصراعيها لمزيد من الانقسامات، إذ لم يتم حتى الآن تحديد موعد للانتخابات الرئاسية والتشريعية، والمبعوث الأممي لليبيا عبد الله باتيلي، لم يتمكن من اقتراح مسار جديد حتى الآن، والحديث عن تشكيل حكومة ديمقراطية في الفترة الراهنة، غير وارد.

وأشار "فهمي" في حديثه لـ"الدستور"، إلى أن مأساة درنة الحقيقية تحتاج إلى معالجة جديدة ومقاربة مختلفة، خاصةً بعد تسييس الأزمة وتعقيد أبعادها، وهذا يؤكد أن المشهد الحالي مفتوح على سيناريوهات سلبية قد تؤثر على كافة المستويات. وبتقديري، فإن هذا الأمر مهم للعديد من الأسباب، أبرزها أن درنة تكشف عن التطورات السياسية والتجمد والانسداد في الأفق، وكل ما يتضمنه من أحداث وتطورات.

وأضاف أن النقطة الثانية التي يجب الانتباه لها هي تحوّل الأزمة الإنسانية والكارثة إلى أبعاد مختلفة ومتشعبة، ودخول أطراف أخرى على الخط في إطار اتهامات طالت السياسيين في الشرق والمجمعات الحزبية، وفي لقاءات تمت على مستوى الشرق والغرب معًا، أصبح موضوع إنهاء الانقسامات مؤجلًا إلى حين آخر، ويتطلب بعض الوقت للقيام بهذا، ولا أعتقد أن هناك فرصة لإتمام هذا السيناريو في هذا التوقيت، حيث تم تسييس المأساة وتوظيفها واستثمارها بما لا يخدم أي تطورات في المسار السياسي الراهن في ليبيا، دون وجود أفق في هذا الإطار يمكن البدء به. 

وذهب أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، إلى أن جهود الأمم المتحدة والأطراف الإقليمية لإعادة توحيد المؤسسات الليبية وتأكيد الحضور العربي في الشأن الليبي، وما تقوم به مصر من استمرار في الاتصالات مع جميع الأطراف الليبية للبحث عن نقطة توافق، تمهد الطريق للبدء في عملية التوافق.

العمدة ضيف نافع بركات

العمدة ضيف نافع: التقصير والإهمال سبب كارثة درنة

 عمدة قبيلة الجميعات الليبية، ضيف نافع الجميعي، يرى أن كارثة السيول أدت إلى توحيد الليبيين تحت شعار "فزعة خوت"؛ فبمجرد تناقل وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية ووكالات الأنباء، حيث تم نشر صور وأخبار عن الدمار الهائل الذي حدث في منطقة الجبل الأخضر ودرنة خاصة، جراء عاصفة دانيال والسيول التي اجتاحت مدن البيضاء والمرج وسوسة وشحات بدرجات متفاوتة، ولكن الدمار الشامل كان في مدينة درنة، بعد انفجار السدود التي تم بناؤها في منتصف السبعينيات من قبل شركة يوغسلافية، ولم يتم صيانتها ومتابعتها منذ ذلك الحين، رغم تخصيص ميزانيات لها بالملايين، واستغلالها في أغراض أخرى غير الصيانة.

وحمل "الجميعي"، في حديثه لـ"الدستور"، الجهات المشرفة على السدود ماحدث في درنة، وأرجع ذلك للتقصير والإهمال، لافتًا إلى محاسبة المقصرين، حيث يجري التحقيق معهم بمعرفة النائب العام، بعد الكارثة القاتلة التي تسببت فيها عاصفة دانيال، والتي أدت إلى مقتل آلاف الأشخاص وتشريد عشرات الآلاف، وعلى الرغم من هذه الكارثة الكبيرة، فإن الليبيين في جميع أنحاء البلاد يتحدون تحت شعار "فزعة خوت" لتقديم الدعم والمساعدة لأخوانهم في الشرق، وذلك إلى جانب التضامن مع الحكومتين في الغرب والشرق، وعبر الليبيون عن روح الوحدة والتلاحم بعد تأخر المعونات الخارجية في بداية الكارثة، وهذا كان رد فعل على تراكمات الانقسام السياسي التي شهدتها البلاد. 

ونوه بأن تجمع الناس لتوحيد الوطن المتضررة وتنوعت أوجه العون بين المساعدة الطبية والغذائية والملبس، وكذلك تبرع بالمال والمواد الكهربائية وحتى بيوت جاهزة، وأصبح الشعب متحدًا في سبيل إعادة الحياة إلى طبيعتها دون تفرقة أو فساد، ويسابقون الزمن لبناء مستقبل أفضل للبلاد وتقديم المساعدة بعد وقوع الكارثة، حيث قامت الجمعيات والمؤسسات الخيرية بإرسال قوافل الإغاثة إلى المناطق.

سليمان البيوضي

واقرأ:

لأسباب لوجستية.. تأجيل مؤتمر إعادة إعمار درنة إلى نوفمبر المقبل

 

سليمان البيوضي: النخب والقوى الاجتماعية في ليبيا "موقفها واضح"

وقال الكاتب السياسي الليبي سليمان البيوضي، إن الصراع في ليبيا يتمحور حول مصالح دولية وإقليمية، وأن الأطراف المحلية هم أدوات في هذا الصراع، حيث أن الأطراف السياسية المحلية مرتبطة بالخارج، وأن التوافق على حكومة جديدة سيتم بسهولة داخليًا، لأنه لا يوجد خلاف بين الليبيين، وقد أكدت كارثة درنة ذلك.

ولفت "البيوضي"، في تصريحات خاصة لـ "الدستور"، إلى أن النسيج الاجتماعي في ليبيا بخير، والانقسام في الأساس هو  بين أطراف سياسية متصارعة، لافتًا إلى أن العراقيل التي تحول دون إتمام توافق بين الفرقاء هو الصراع المحتدم بين الدول الفاعلة في الملف الليبي.

وعن دور القبائل ووجهاء ليبيا في تقريب وجهات النظر حتى يصل الفرقاء إلى اتفاق منجز يقود إلى استقرار سياسي في البلاد، أشار "البيوضي"، إلى أن النخب والقوي الاجتماعية موقفها واضح، وكررت مطالبها بالانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وعقدت اللقاءات وأصدرت البيانات وتظاهرت في الشوارع، لكن الكل غض الطرف عنهم، ويستخدمهم شماعة في صراعة.

وقال إن كارثة درنة أثبتت أن الليبيين لحمة واحدة، وأن المتصارعين يمثلون أنفسهم وداعميهم الدوليين والإقليميين.

عبدالستار حتيتة

 

عبدالستار حتيتة: المشكلة السياسية فى ليبيا تبدو أكثر تعقيدًا

 أجاب الكاتب الصحفي عبدالستار حتيتة، عن سؤال هل تشجع مأساة درنة  في توحيد ليبيا وإنهاء الانقسامات السياسية؟، بأنه "على الصعيد الشعبي «نعم»، توجد عائلات من درنة لها فروع في طرابلس ومصراتة وشمال غرب ليبيا عموما".

وأضاف في تصريحات لـ"الدستور": أما على الصعيد السياسي لا أعتقد ذلك،  فالمشكلة السياسية تبدو أكثر تعقيدا، وبالتالي لا أظن أن مأساة درنة يمكن أن تنهي الانقسامات السياسية بل قد تعمل على تأجيج الخلافات خاصة في هذه المرحلة الحرجة التي يسعى فيها الليبيون للوصول لانتخابات.

وعن إمكانية حل مأساة درنة، أشار إلى أن يمكن حل مأساة درنة في حال التوافق بين الشرق والغرب على طريقة صرف الأموال من الخزينة الليبية وتقسيم المشروعات على الدول التي لديها شركات تسعى للعمل في درنة، هذا الحل ممكن لكنه "صعب".