رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

آمال ضعيفة.. ليبيا تتحول من حالة الحزن للبحث الأخير عن ناجين

درنة
درنة

في الأيام التي تلت الفيضانات المدمرة في مدينة درنة الليبية، جراء العاصفة "دانيال"، ظهرت تقارير عن نجاة طفل يبلغ من العمر 6 أعوام، تم انتشاله من الماء من شرفة في الطابق الثالث، وأب ينقذ ابنته بوضعها في الثلاجة، والعثور على رضيع حيا طافيا في الماء، ومن المستحيل التحقق من مثل هذه القصص في ليبيا، لكنها تمثل بصيص أمل يرغب المواطنون في التمسك به.

تجدد آمال العثور على ناجين فى ليبيا

وأكدت شبكة "سي إن إن" الأمريكية، أن الأمطار الغزيرة وانهيار سدين تسببا في غرق المدينة الساحلية، حيث جُرفت أحياء بأكملها إلى البحر الأبيض المتوسط في 10 سبتمبر، ولقي ما يقرب من 4 آلاف شخص حتفهم في الفيضانات، وما زال 9 آلاف آخرين في عداد المفقودين، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، وفي حين يُفترض أن المفقودين قد ماتوا بالفعل، لا تزال جثثهم محاصرة تحت الأنقاض أو في البحر، ولا يزال الكثيرون يأملون أن يكون أحباؤهم على قيد الحياة، حيث تقوم فرق الإنقاذ المحلية والدولية بمسح البحر بحثًا عن الجثث التي جرفتها الأمواج.

وظن "أبوبكر" أن أقاربه هلكوا في الفيضان الكارثي، حتى رأى صورة على وسائل التواصل الاجتماعي لطفل تم إنقاذه من المياه يشبه ابن أخيه، وقد دفعه ذلك إلى القيام بمهمة بحث نقلته إلى المستشفيات الميدانية وملاجئ النازحين، حيث تحولت المدارس إلى ملاجئ في درنة تدرج أسماء سكانها على أبوابها لمساعدة أشخاص مثل أبوبكر، ويتنقل عدد كبير من الأشخاص من شخص إلى آخر لتصفح القوائم كل يوم، على أمل العثور على اسم مألوف.

وفي خضم الفوضى التي شهدتها الأيام القليلة الأولى، تم نقل الناجين والجرحى والنازحين إلى مدن أخرى في شرق ليبيا، حيث فقد المواطنون هواتفهم وتعطلت شبكات الهاتف المحمول، ما جعل من الصعب على الناجين الوصول إلى عائلاتهم، ودُفنت مئات الجثث في مقابر جماعية دون التعرف عليها بصريًا، ولم يتمكن المسئولون من أخذ عينات من الحمض النووي للجثث المنتشلة إلا بعد أيام من وقوع الفيضانات، ويقول المسئولون إن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى عام قبل استخراج هذه الجثث لتحديد هوياتها.

وقالت كريمة الكيلاني، 62 عاماً: "اعتقدت عائلتي أنني مت، وبدأت في تلقي التعازي"، حيث غمرت المياه منزلها وتشبث زوجها بالسقف المنهار حتى أنقذهما الجيران، وتقول إن الأمر استغرق أيامًا حتى تتمكن من الدخول إلى فيسبوك وقراءة كلمات التأبين المكتوبة لها ولزوجها.

العثور على ناجين جدد

تجلس سلمى على مرتبة في مسرح مدرسي تحول إلى مأوى للنازحين، وإلى جانبها، تعتني سلمى، وهي معلمة وأم لأربعة أطفال، بابنتها البالغة من العمر 17 عامًا، المريضة والمصابة بصدمة.

سلمى، التي ذكرت اسمها الأول فقط ووافقت على تصويرها وهي تغطي وجهها، تجد صعوبة في تقبل واقعها الجديد، قائلة: "ربما أنا مصابة بالجنون للغاية، هناك 30 عائلة في هذه الغرفة"، واصفةً كيف تكافح من أجل تعقيم الفراش التي ينام عليها أطفالها. 

وتابعت: "من الصعب أن تجد فجأة جميع جيرانك داخل منزلك. تخيل ذلك، آمل أن أستيقظ ذات يوم وأجد المدينة لا تزال قائمة، أبحث عن والدتي، لقد فقدت أمي وأخي وأخواتي، عدت للبحث عن والدتي، بحثت في الأسماء، لكن لا شيء، لكنني متفائلة".

وفي ملجأ قريب، يتصفح سالم النعاس، من الهلال الأحمر الليبي، رسائل الغرباء على هاتفه، كلهم من الأشخاص الذين يبحثون عن أحبائهم، ويرسلون له الأسماء والصور والتفاصيل، ويقول: "الرسائل لا تتوقف، يجب أن أضع الهاتف في وضع الطيران حتى أتمكن من تدوين المعلومات التي أحصل عليها".

تحول جديد فى ليبيا بسبب الإعصار دانيال

وأكدت الشبكة الأمريكية أن هذه الجهود تعرقلت بسبب انخفاض آخر في تغطية شبكة الهاتف المحمول في وقت سابق من هذا الأسبوع، وبينما بدأ انقطاع التيار الكهربائي لمدة يومين بعد ساعات من مطالبة مئات المتظاهرين بالمحاسبة، يوم الإثنين، قال المسئولون إن ذلك كان بسبب فشل البنية التحتية عندما اصطدمت الحفارات بكابل الألياف الضوئية.

وتابعت أن الحزن في ليبيا تحول في غضون أيام قليلة من حزن لغضب لأمل أخير، وكما يقذف البحر البيوت ببطء وتقذف الأرواح، كان المزيد من السكان يتساءلون عن الإهمال وسوء الإدارة الذي أدى إلى انهيار السدين.