رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"الرسائل الصوفية في أدب نجيب محفوظ".. ومضات مهمة حول إبداع أديب نوبل

الرسائل الصوفية في
الرسائل الصوفية في أدب نجيب محفوظ

يكتسب موضوع كتاب "الرسائل الصوفية في أدب نجيب محفوظ" للكاتب أمل زكريا، والصادر هذا العام عن دار "اكتب"، أهميته من طرقه لمنطقة جوهرية في أعمال نجيب محفوظ الروائية والقصصية، إذ تتدفق ملامح صوفية في أعماله بانسيابية تحتاج إلى بصيرة نقدية تلتقطها. 

رؤية محفوظ للتصوف

كان الصحفي محمد شعير قد نشر أوراقًا لنجيب محفوظ تكشف عن رؤيته للتصوف، ومدارجه من وجهة نظره، إذ يقول محفوظ في أوراقه: التصوف في مذهبي: لا عزلة ولا رهبنة، لكنها الحياة الحياة الحياة. أن تخوض غمار الحياة حاملًا الله في قلبك، وجاعلا منه دليلًا لكل فكر أو إحساس أو عمل".

هذه الرؤية يمكن أن تُرى مجسدة في أعمال محفوظ وعبر بعض شخصياته، مثل عمر الحمزاوي في رواية "الشحاذ" الذي لا تجعله العزلة عن البشر في راحة وإنما يُدعى إلى انخراط أكبر في الحياة ليظفر بمعناها الحق. 

رؤية فلسفية

على الرغم من وجود بعض الإصدارات والبحوث التي تطرقت للملامح الصوفية عند نجيب محفوظ، فإن أبعادًا جديدة ما زالت قابلة للاستكشاف لا سيما حين تؤطر في سياق رؤية محفوظ الفلسفية الشاملة. 

في هذا الكتاب، يحاول المؤلف في ومضات موجزة كشف التحولات التي شهدتها رؤية محفوظ الفكرية كما تجسدت في أعماله، وهي ومضات لأنها فقط تشير بصورة سريعة لمقصدها ولا تسعى لتحليل مفصل يُثبت وجهة النظر المطروحة، ومع ذلك تظل الإضاءات مهمة لا سيما حين ينتقل المؤلف إلى تحليل الرسائل الصوفية في "أصداء السيرة الذاتية" بربط كل قصة بومضة صوفية ذات صلة بها، وفي التعليق على بعض الأحلام من "أحلام فترة النقاهة" والتعليق عليها من منظور صوفي. 

يخلص الكاتب إلى أن رؤية محفوظ الفلسفية كانت أكثر ميلًا إلى فكرة امتداد الوجود ما جعله رافضًا لفكرة العدم، فضلًا عن أنه قد تدرّج من الشك إلى العقل ثم الإيمان الصوفي المستمد من حياة القلب والبصيرة. 

وفي تحليله لكتاب "أصداء السيرة الذاتية" قال المؤلف إن محفوظ في الأصداء رسم رؤية صوفية خالصة تفتح للإنسان منافذ الروح لتقودها إلى التحرر ثم البحث عن الوجود المحجوب ليحقق الإنسان أعلى درجات النقاء العقيدي وتحقيق البصيرة. 

وعلى الرغم من أهمية موضوع الكتاب، فإن الكثير من الأخطاء الإملائية فضلًا عن انعدام التحرير أفقد فصول الكتاب تراتبيتها المنطقية ونزع عن الأفكار تتابعها المعقول ما جعل المقدمات النظرية تأتي في غير موضعها وبإسهاب لا يُفيد الطرح التحليلي، فضلًا عن أثر عدم التحديد الواضح لبعض المفاهيم الوجودية في إحداث بعض اللبس في الرؤى المطروحة.