رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"أنا ابن النيل".. كيف عبر محمود درويش عن مصر في قصائده؟

محمود درويش في القاهرة
محمود درويش في القاهرة

غادر الشاعر الراحل محمود درويش فلسطين للمرة عام 1970 وسافر إلى الاتحاد السوفيتي لإكمال تعليمه في موسكو، ثم عاش في القاهرة، كما انتقل لإقامته في بيروت ولندن وباريس، وكذلك تونس، قبل أن يعود عام 1996 ليعيش في فلسطين، في مدينة رام الله بالضفة الغربية.

محمود درويش في مصر

انتقل محمود درويش إلى مصر، في فبراير 1971، ليقيم بها، حيث ظل فيها لمدة 3 سنوات، وعمل درويش في عدة أماكن مصرية، مثل إذاعة صوت العرب، ودار الهلال التي كان ينشر بها عدة مقالات دورية، كما نشر ديوان في المؤسسة نفسها عندما كان كامل الزهيري رئيس مجلس إدارتها.

عَرف القاهرة بعيون صديقه “الأبنودي”

وخلال إقامة "درويش" بمصر عَرف القاهرة بعيون صديقه "الأبنودي"، حيث ذكر الأخير في إحدي لقاءاته التلفزيونية، حبه الشديد للشاعر محمود درويش والصداقة التي جمعتهما في مصر.

وفي بداية صداقتهما، هاتف محمود درويش، "الأبنودي" قائلًا: "عايز أشوف القاهرة بعيونك" وحينها رتب الأبنودي جولة في القاهرة بصحبة محمود درويش والتقى والكاتبة صافيناز كاظم، حيث أمضى الثلاثي جولة في شوارع مصر القديمة، والحسين والغورية والأزهر، وعدة أماكن أثرية بالقاهرة، وهو ما وثقته الصور عام 1971.

أنا ابن النيل 

وفي قصيدة شهيرة لمحمود درويش، يقول فيها:

"في مصرَ، لا تتشابَهُ الساعاتُ...

كُلُّ دقيقةٍ ذكرى تجدِّدُها طيورُ النيل.

كُنْتُ هناك. كان الكائنُ البشريُّ يبتكرُ

الإله/ الشمسَ. لا أحَدٌ يُسَمِّي نفسَهُ

أَحداً. ((أنا اُبنُ النيل – هذا الاسم

يكفيني)) . ومنذ اللحظة الأولى تُسَمِّي

نفسك ((ابن النيل)) كي تتجنَّب العَدَم

الثقيل. هناك أحياءٌ وموتى يقطفون

معاً غيومَ القُطْنِ من أرض الصعيد،

ويزرعون القمحَ في الدلتا. وبين الحيِّ

والمَيْتِ الذي فيه تناوُبُ حارسين على

الدفع عن النخيل. وكُلُّ شيء عاطفيٌّ

فيك، إذ تمشي على أطراف روحكَ في

دهاليز الزمان، كأنَّ أُمَّكَ مِصْرَ

قد وَلَدَتْكَ زَهْرَة لُوتسٍ، قبل الولادةِ،

هل عرفت الآن نفسَكَ؟ مصرُ تجلسُ

خلسةً مَعَ نفسها: ((لا شيء يشبهني))

وترفو معطفَ الأبديَّة المثقوب من

إحدى جهات الريح. كُنْتُ هناك. كان

الكائنُ البشريُّ يكتب حكمة الموت / الحياة.

وكُلُّ شيء عاطفيٌّ، مُقْمِرٌ ... إلاّ القصيدةَ

في التفاتتها إلى غدها تُفَكِّر بالخلود,

ولا تقول سوى هشاشتها أمام النيل..

يا مصر.. أعطيني الأمان

ماذا يقول النيلُ’ لو نطقتْ مياهُ النيلِ ؟

يسكت مرةً أخرى

ولا يستقبل الأسرى

ليسكت ههنا الشعراءُ والخطباءُ

والشّرطيُّ والصحفيُّ

إنّ جنازتي وصلت

وهذي فرصتي يا مصرُ.. أعطيني الأمان

يا مصر ! أعطيني الأمان

إني حرستُك . كانت الأشياء آمرةً وآمنةً وكان المطربُ

والسميُّ يصنع من نسيج جلودنا وَتَرَ الكمان

ويُطْربُ المتفرِّجين

قد زيَّفوا يا مصر حنجرتي

وقامةَ نخلتي

والنيل ينسى

والعائدون إليك منذ الفجر لم يَصِلوا

ولستُ أقول يا مصر الوداع

شَبَّتْ خيول الفاتحين

زرعوا على فمك الكروم, فأينعتْ

قد طاردوكِ وأنتِ مصر

وعذَّبوكِ وأنت مصر

وحاصروكِ – وأنت مصر

هل أنت يا مصر ؟

هل أنت ... مصر !