رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

"وثيقة الاتفاق".. بذرة اللقاء بين الروم الأرثوذكس والأقباط عام 1989

البابا ثيؤدوروس والبابا
البابا ثيؤدوروس والبابا تواضروس

تتميز الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في عهد البابا تواضروس الثاني، بمستوى جيد في العلاقات مع الكنائس الأخرى وعلى رأس هذه الكنائس كنيسة الروم الأرثوذكس والمعروفة باسم الكنيسة البيزنطية الأرثوذكسية.

وطرح الموقع الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية، نشرة تعريفية عن ثمار الحوار اللاهوتي مع  كنائس الروم الأرثوذكس، مشيرا إلى أنه كان أبرز اللقاءات الحوارية بين الكنيستين هو الحوار اللاهوتى بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنائس الأرثوذكسية الشرقية بدير الأنبا بيشوى- من 20 – 24 يونيو1989 م.

وكان قد أثمر ذلك اللقاء عن ما يُسمى بـ«وثيقة الاتفاق» والتي نصت على الآتي: لقد توارثنا عن آبائنا فى المسيح يسوع نفس الإيمان الرسولى والتقليد الواحد، وذلك بالرغم من افتراقنا بعضنا عن بعض منذ قرون.

فنحن كعائلتين للكنائس الأرثوذكسية، وبالرغم من عدم وجود شركة بيننا من زمن طويل إلا أننا نصلى ونثق فى الله لإعادة تلك الشركة المبنية على أساس الإيمان الرسولى المشترك لكنيسة القرون الأولى الواحدة غير المنقسمة، التى نعترف بها معًا فى قانون الإيمان المشترك.

ان كل ما سنعرضه بعد ذلك هو مجرد بيان تقوى، يعبر عن إيماننا فى مسيرتنا نحو إعادة الشركة بين عائلتى كنائسنا الأرثوذكسية، ومن خلال المناقشات وجدنا أن لنا أساسًا مشتركًا يتمثل فى صيغة أبينا القديس كيرلس الإسكندرى: ” طبيعة واحدة متجسدة لله الكلمة – ميا فيزيس تو ثيؤ لوغو سيساركوميني ”. وأيضًا قوله المأثور إنه يكفى للاعتراف بالإيمان الصحيح الذى بلا عيب أن نقول ونعترف بأن العذراء القديسة هى والدة الإله.. إنه لعظيم حقًا السر الإعجازى للآب والابن والروح القدس، الإله الحق الواحد، الجوهر الواحد فى ثلاثة أقانيم ( أو ثلاثة أشخاص ). مبارك هو اسم الرب إلهنا إلى أبد الآبدين.

عظيم هو أيضًا السر الذى هو أقدس من أن يذكر أو ينطق به، الذى لتجسد ربنا يسوع من أجلنا ومن أجل خلاصنا. فالكلمة الذى بحسب ألوهيته من نفس جوهر الآب والروح القدس منذ الأزل، تجسد فى ملء الزمان من الروح القدس ومن العذراء القديسة مريم والدة الإله، وصار بالحقيقة إنسانًا بحسب بشريته من نفس جوهرنا الإنسانى ما خلا الخطية. هو إله حقيقى وإنسان حقيقى فى نفس الوقت، كامل فى لاهوته كامل فى ناسوته. وإننا ندعو العذراء المباركة بوالدة الإله لأن الذى وُلد من بطنها كان إلهًا كاملًا وإنسانًا كاملًا فى نفس الوقت.

وعندما نتحدث عن ” الأقنوم المركب” لربنا يسوع المسيح فإننا لا نقصد بذلك أن الأقنوم الإلهى والأقنوم البشرى قد التقيا فيه، بل ان الأقنوم الثانى الأزلى الواحد من الثالوث اتخذ طبيعتنا البشرية المخلوقة ووحدها بطبيعته الإلهية غير المخلوقة،  ليصنع كائن إلهى إنساني حقيقى باتحاد غير مختلط ولا منفصل، على ألا يكون هناك تمايز بين الطبائع إلا فى الفكر فقط.

إن أقنوم الكلمة قبل التجسد حتى فى طبيعته الإلهية – هو بالطبع أقنوم غير مركب ونفس أقنوم الكلمة المتجسد كمتميز عن الطبيعة هو غير مركب أيضًا.  إن شخص الإله المتأنس الفريد، يسوع المسيح هو أقنوم أزلى واحد، وهو الذى اتخذ طبيعة بشرية بالتجسد، ولهذا فنحن ندعوه أقنومًا مركبًا بسبب إنه اتحاد طبيعتين لتكون وحدة واحدة مركبة.

فالقضية متمثلة فيما إذا كان آباؤنا قد استخدموا دائمًا اصطلاحي طبيعة وأقنوم بالتبادل، أو خلطوا أحدهما مع الآخر أم لا، لأن اصطلاح أقنوم يمكن أن يستخدم لوصف كل من الشخص فى تميزه عن الطبيعة وأيضًا الشخص مع الطبيعة، لأن الأقنوم لا يمكن أن يوجد فى الواقع بالمرة بدون طبيعة، فنحن نتكلم عن نفس الأقنوم (الشخص) الثانى فى الثالوث الأقدس الذى وُلد من الاّب قبل كل الدهور، وفى اّخر الأيام تأنس وتجسد من العذراء الطوباوية. فهذا هو سر الاتحاد الأقنومي الذى نعترف به فى توقير خاشع. ذلك الاتحاد الحقيقي للاهوت مع الناسوت بكل خصائص ووظائف الطبيعة الإلهية غير المخلوقة بما فى ذلك المشيئة الطبيعية والطاقة الطبيعية قد اتحدتا بغير ا فتراق ولا اختلاط بالطبيعة البشرية المخلوقة بكل خصائصها ووظائفها بما فيها المشيئة الطبيعية والطاقة الطبيعية. إن الكلمة المتجسد هو الفاعل لكل إرادة وعمل يسوع المسيح.

إننا نتفق فى إدانة كل من الهرطقة النسطورية والأوطاخية. فإننا لا نفرق ولا نقسم الطبيعة البشرية عن الطبيعة الإلهية فى المسيح، ولا نعتقد أن الأولى (البشرية) قد اُبتلعت فى الأخيرة (الإلهية) وتكون بذلك قد كفت عن أن توجد. ان الصفات الأربعة المستخدمة فى وصف سر الاتحاد الأقنومى تنتمي إلى تقليدنا المشترك بغير اختلاط:  بغير تغيير، ولا افتراق، ولا انفصال . فالذين بيننا يتحدثون عن طبيعتين فى المسيح، لا ينكرون أن اتحاد الطبيعتين فيه تم بغير انفصال ولا انقسام. والذين يتحدثون عن طبيعة واحدة إلهية بشرية متحدة فى المسيح،لا ينكرون الحضور الفعال المستمر للاهوت والناسوت فى المسيح بغير تغيير وبغير اختلاط.

اتفاقنا المتبادل لا ينحصر فقط فى عقيدة طبيعة المسيح (الخرستولوجى)، ولكن يشمل كل إيمان كنيسة القرون الأولى الواحدة غير المنقسمة. إننا نتفق أيضًا فى فهمنا لأقنوم وعمل الروح القدس الذى ينبثق من الاّب وحده،والممجد دائمًا مع الآب والابن.