رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محطة «تحيا مصر».. أكبر مشروع لتحويل البلاد إلى مركز تجارة عالمى

محطة تحيا مصر
محطة تحيا مصر

انتهت وزارة النقل من تنفيذ والتشغيل التجريبى لمحطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض على الأرصفة «٥٥-٦٢» فى ميناء الإسكندرية، التى تعتبر من أكبر المشروعات الضخمة المنفذة من قبل الوزارة خلال الفترة الأخيرة.

يأتى تنفيذ هذه المحطة ضمن أعمال تطوير ورفع كفاءة الموانئ المصرية، لتحقيق هدف جعل مصر مركزًا عالميًا من أكبر مراكز التجارة واللوجستيات حول العالم.

قادرة على تداول 15 مليون طن بضائع سنويًا واستقبال 7 سفن بحمولات كبيرة 

تولى الدولة، ممثلة فى وزارة النقل، اهتمامًا كبيرًا بمشروعات الموانئ البحرية، بناءً على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى برفع كفاءة الموانئ، باعتبارها من أكثر الموارد التى تساعد فى توفير العملة الصعبة، لذا كان الاهتمام برفع كفاءتها ضرورة ملحة، خاصة فى ظل موقع مصر الجغرافى المميز.

وفى إطار هذا الاهتمام بدأت الدولة فى تحويل الموانئ المصرية إلى موانئ محورية، وسط اهتمام كبير بكل الموانئ البحرية، وعلى رأسها ميناء الإسكندرية الذى يعد واحدًا من أهم الموانئ فى العالم، وذلك من خلال تطويره ورفع قدرته الاستيعابية عن طريق إنشاء محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض.

ويساعد التشغيل الرسمى للمحطة فى زيادة حصة مصر من السوق العالمية لتجارة «الترانزيت»، وخدمة الصادرات المصرية والمساعدة فى فتح أسواق جديدة لها، وذلك من خلال تشغيل خدمات ملاحية مباشرة، بما يرفع القدرة على منافسة الدول ذات المنتجات والصناعات المثيلة.

ووفرت المحطة ما يقرب من ١٥٠ ألف فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، خلال فترة إنشاء المشروع، وستوفر بعد تشغيلها أكثر من ١٥٠٠ فرصة عمل مباشرة، و٢٥٠٠ فرصة عمل غير مباشر.

وتمثل المحطة نموذجًا للتعاون مع القطاع الخاص فى الموانئ البحرية، بما يسهم فى جذب مزيد من الخطوط الملاحية العالمية، وحسب مصدر فى وزارة النقل، فإن المشروع سيتم تشغيله بـ«فكر القطاع الخاص»، على أن يكون أكثر من ٩٥٪ من العمالة به مصرية، تجسيدًا للمعادلة الصعبة التى تعمل الدولة على تحقيقها، وتتمثل فى إدارة المشروعات بشكل متطور، لكن مع الحفاظ على الهوية المصرية، وحق الشعب فى العمل بالمشروعات الضخمة التى تنفذها دولته.

وتقع محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض على الأرصفة «٥٥-٦٢» فى ميناء الإسكندرية، وتقدر أطوال أرصفتها بحوالى ٢٥٠٠ متر طولى وبعرض ٣٥ مترًا، ما يؤهلها لاستقبال السفن ذات الحمولات الكبيرة، بأقصى عمق يصل إلى ١٧.٥٠ متر.

والمميز فى المحطة هو إنشاؤها برأسمال مصرى ١٠٠٪، وهى تشتمل على ساحات تداول تبلغ نصف مليون متر مربع، وتنقسم إلى ٣ محطات تداول: «حاويات- بضائع عامة- سيارات»، قادرة على تداول من ١٢ إلى ١٥ مليون طن بضائع سنويًا، واستقبال من ٦ إلى ٧ سفن ذات حمولات كبيرة فى نفس الوقت.

وتضم المحطة المبنى الإدارى الخاص بالإدارة والتحكم فيها، والذى تم تجهيزه على أعلى مستوى، ويقع على مساحة ١٢٠٠ متر مسطح، ويتكون من ٤ طوابق، بها عدد من الأقسام مثل «التشغيل» و«العمليات».

ويوجد داخل المبنى الإدارى مكان خاص بشاشات التحكم؛ لمتابعة عملية التفريغ والتداول والتستيف فى الساحة، وكذلك دخول وخروج الشاحنات المحملة بالحاويات، وأماكن وضعها داخل المحطة، إلى جانب قسم خاص بتكنولوجيا المعلومات، علاوة على القسم المالى، وقسم السلامة والصحة المهنية، وقسم الموارد البشرية.

ومن أهم ما يميز محطة «تحيا مصر» متعددة الأغراض وجود مناطق لتدريب العاملين بها، فبعد أن تم تعيينهم وفقًا لأعلى معايير الاختيار، يخضعون لخطة تدريب على أعلى مستوى داخل وخارج مصر، لتحقيق أقصى جاهزية للتشغيل وأفضل المعدلات العالمية فى الأداء.

وتوجد فى المحطة بوابات للدخول والخروج تعمل بنظام كاميرات التعرف على الأحرف «OCR»؛ لتسجيل دخول وخروج كل الشاحنات والبضائع المتوجهة للمحطة، ومنع أى شاحنات أو حاويات أو بضائع عامة غير مسموح بها، ما يسهم فى تحقيق أقل وقت دخول وانتظار للشاحنات، والذى يؤدى بدوره إلى أعلى معدل لدوران الحاويات داخل المحطة، وهو مؤشر أداء عالمى يقاس به أداء المحطة، إلى جانب عدد من الأوناش العملاقة، وحاويات لنقل البضائع إلى ساحات التداول.

شركة عالمية تتولى الإدارة والتشغيل.. وخطة تدريب على أعلى مستوى للعاملين

بدأ التشغيل التجريبى لمحطة «تحيا مصر» فى فبراير الماضى، وتتوالى السفن على أرصفة المحطة يوميًا خلال الوقت الحالى، بإجمالى تداول يتخطى ٢٢ ألف حاوية، من خطوط ملاحية عالمية مختلفة.

ويضاف إلى ذلك الخطوط الملاحية الجارى التفاوض معها ضمن الخطة التسويقية للمحطة خلال الفترة المقبلة، تمهيدًا لبدء دخول ميناء الإسكندرية كإحدى محطات «الترانزيت» العالمية فى المستقبل، وجذب خدمات جديدة إلى الموانئ المصرية، نظرًا لتوافر المناخ الملائم والأعماق المناسبة التى لم تتوافر من قبل.

ويسهم فى مشروع محطة «تحيا مصر» كل من الهيئة العامة لميناء الإسكندرية، وهيئة قناة السويس، والشركة القابضة للنقل البحرى والبرى، وشركة الإسكندرية لتداول الحاويات، باستثمار مصرى ١٠٠٪.

وتتولى إدارة وتشغيل المحطة شركة عالمية متخصصة فى مجال الإدارة والتشغيل هى «CMA» الفرنسية، التى تملك خطوطًا ملاحية عديدة، وتحتل المرتبة الثانية فى مصاف شركات خطوط الملاحة العالمية.

وبدأت وزارة النقل فى إنشاء المحطة مطلع ٢٠٢٠، بدءًا من تنفيذ أعمال البنية التحتية والبنية الفوقية، وكانت مساحة اليابسة الموجودة تمثل حوالى ١٥٪ من المساحة الإجمالية للموقع، والباقى عبارة عن مساحة مائية تتراوح أعماقها بين ٧ و١٢ مترًا، واستلزم ذلك ردم المساحات المائية الموجودة فى موقع المشروع، والتى كانت تقدر بإجمالى ١٠ ملايين متر مكعب، وذلك باستخدام «الكراكات» لجلب الرمال النظيفة من داخل البحر، ثم الردم على منسوب +٣.٠٠، وإجراء أعمال تحسين التربة.

وتضمنت هذه المراحل أيضًا أعمال إنشاء العناصر الرئيسية للأرصفة، وعلى مدار عامين من العمل الشاق والمستمر، نجحت المجموعة المصرية للمحطات متعددة الأغراض «EGMPT» فى الانتهاء من أعمال إنشاء الأرصفة والساحات للمحطة بالمعايير الإنشائية الحديثة، التى تنطبق عليها الشروط والمواصفات المطلوبة من قبل شركات الشحن العالمية لخدمة السفن الضخمة ذات الغاطس الكبير والسطح العريض.

كما عملت هيئة ميناء الإسكندرية على تعميق الممرات الملاحية لتصبح قادرة على استيعاب سفن الحاويات الكبيرة، ونظرًا لأهمية وضخامة هذا المشروع القومى تعاقدت «EGMPT» مع أحد المكاتب العالمية لأعمال مراجعة التصميمات. 

وبالتوازى مع كل أعمال الإنشاء والتجهيز للمحطة، اختارت «EGMPT» شريكًا عالميًا لإدارة وتشغيل المحطة متعددة الأغراض، من خلال وضع عدة معايير عالمية لتحقيق أعلى إنتاجية لها، بما يساعد على الارتقاء بالتصنيف العالمى للموانئ المصرية، وكذلك رفع كفاءة العنصر البشرى المصرى من خلال نقل الخبرات والمعرفة.

وجرى ذلك من خلال طرح يضم أكبر المشغلين العالميين، وفاز بالطرح شركة «CMA-CGM» الفرنسية، التى أبدت رغبتها فى الشراكة بمشروع المحطة بنسبة مساهمة ٣٢٪.

كما أعدت الشركة الهيكل التنظيمى للمحطة، وتم الإعلان عن الوظائف عبر مختلف الوسائل، وإجراء الاختبارات الفنية التى تم على أساسها اختيار أفضل المرشحين لشغل الوظائف، ليتم على الفور إخضاعهم لخطة تدريب على أعلى مستوى داخل وخارج مصر، لتحقيق أقصى جاهزية للتشغيل، وتحقيق أفضل المعدلات العالمية فى الأداء.