رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مصر الغد.. وإشراقاتها التنموية

لعل من إشراقات وتجليات ثورة 30 يونيو العمل الجاد والمتسارع في مجال التنمية الزراعية، فكانت المبادرة الهامة بوضع استراتيجية التنمية الزراعية المستدامة ضمن إطار رؤية مصر 2030، لتحقيق أكبر قدر من الأمن الغذائي، وتتمثل أهم هذه المحاور في تنفيذ المشروعات القومية الكبرى المرتبطة بالزراعة بمفهومها الواسع، خاصة مشروعات التوسع الأفقي والرأسي، ومشروعات توفير المياه من مصادر مختلفة عبر المعالجة الثلاثية لمياه الصرف الزراعي وتحلية مياه البحر، مع الاتجاه إلى ترشيد استخدام المياه عبر تطبيق نظم الري الحديثة وكلها مشروعات كلفت الدولة مئات المليارات من الجنيهات.

وعليه، كان الاهتمام بوضع الأهداف الاستراتيجية والمتابعة المباشرة وإبداء الملاحظات الدورية من قبل مؤسسة الرئاسة والرئيس بشكل دائم ودوري..
وكان في مقدمة تلك الأهداف الحفاظ على الموارد الاقتصادية الزراعية المتاحة وصيانتها وتحسينها وتنميتها، ومن ثم تحقيق تنمية متوازنة واحتوائية ومستدامة ما يسهم في دعم منظومة الأمن الغذائي..
وبالتوازي، دعم مشاريع إقامة مجتمعات زراعية جديدة متكاملة متضمنة كل الأنشطة المرتبطة بدعم منظومة التنمية الزراعية.

ولا يمكن إغفال دعم القدرة التنافسية للمنتجات الزراعية في الأسواق المحلية والدولية وزيادة الصادرات الزراعية الطازجة والمصنعة، ومن ثم توفير فرص عمل منتجة، خاصة للشباب والمرأة في قطاع الزراعة والأنشطة المرتبطة به، والانتباه لضرورة التكيف مع تغير المناخ والحد من آثاره.

وعليه، كانت أهمية دعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي للمستثمرين للمشاركة في جميع المشروعات الزراعية التي تنفذها الدولة، خلال كلمته بافتتاح موسم حصاد القمح في مشروع توشكى 4، والتي تعكس الرغبة الجادة لدى القيادة السياسية لتحقيق أمن مصر الغذائي وتأمين احتياجاتها من السلع الاستراتيجية، حيث يضع الرئيس اهتمامًا بالغًا نحو تنمية القطاع الزراعي، كونه إحدى الركائز الأساسية في اقتصاديات الدولة، وبصفته بعدًا استراتيجيًا لا غنى عنه، لدعم قدرات مصر التنافسية وتحصينها من تبعات مخاطر سلاسل الإمداد..
وحيث كان مشروع توشكى الذي أحياه الرئيس عبدالفتاح السيسي مجددًا من أهم المشروعات القومية التي تحقق الأمن الغذائي لمصر، إذ إنه نموذج ناجح للتعاون بين الدولة والقطاع الخاص ومبعث فخر للمصريين، بما شهده من تحديات عدة من أجل توصيل المياه إلى هذه المنطقة، حيث كانت الأرض غير مستوية ومتحجرة تعاني من ارتفاع نسبة الملوحة وبنية تحتية غير مكتملة، وأجمع كل المتخصصين على استحالة الزراعة في هذه المنطقة، بينما بفضل إصرار القيادة السياسية ودعمها نجحت الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية فى زراعة 500 ألف فدان من محصول القمح.

وعليه تبرز أهمية كلمة الرئيس السيسي عندما ألقى الضوء على الارتباط المباشر بين الزيادة السكانية والإنتاج الزراعي، حيث إنها تقدر بـ25 مليون نسمة منذ عام 2011، كما أنها أكدت حرص الدولة على التعامل مع الأزمة الاقتصادية وخفض الواردات بتأكيده أن خلط الذرة مع القمح يوفر للدولة 600 مليون دولار..
ومعلوم أن مصر لم تنتظر الأزمات بل عملت على إجراء إصلاحات هيكلية وتهيئة البنية التحتية لتكون الأساس في جذب أي استثمارات أجنبية مباشرة، حيث أنفقت الدولة المصرية نحو 10 تريليونات جنيه مصري على مشاريع البنية التحتية، والتي شملت كافة القطاعات المعنية.

ومن منا يمكنه إغفال أن الدولة قد استطاعت تحقيق عدة نجاحات في مجال ضمان الأمن الغذائي، لا سيما وأن توشكى مصر يهدف إلى التغلب على الفجوة الغذائية بزيادة الرقعة الزراعية وتعظيم عائد الموارد المتاحة، وزيادة الصادرات الزراعية، وتوفير فرص العمل لآلاف الشباب، خاصة في صعيد مصر، كما أنه من المقرر خلال العام الزراعي 25/ 26 زيادة مساحة 50- 60 ألف فدان، لتصل توشكى إلى 560 ألف فدان مع عام 2026، وتُقام المشروعات في استصلاح الأراضي في جنوب الوادي وفق دراسات متكاملة لانتقاء أفضل أنواع الزراعات والمحاصيل، بما يساعد على ترشيد استهلاك المياه.

ومن المعلوم أن قطاع الزراعة يشهد نهضة تنموية كبرى غير مسبوقة في عهد  الرئيس عبدالفتاح السيسي، وها نحن نتابع توالي إقامة المشروعات الكبرى التي يتم إنجازها على أرض الواقع والتي تصب في صالح المواطنين وتحقق الأمن الغذائي والتنمية المستدامة وترفع مستوى المعيشة في المناطق المستهدفة، في إطار الدعم المتوالي من الرئيس السيسي للمستثمرين للمشاركة في المشروعات الزراعية لما لهم من خبرة وقدرة على إدارة مثل هذه المشروعات..
ولعل من الأهمية بمكان الإشارة لما قاله اللواء أحمد العزازي، رئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، حيث أكد أن القوات المسلحة قد كُلفت بالإشراف ضمن أجهزة الدولة على مشروع استصلاح 430 ألف فدان بجنوب الوادي "توشكى الخير" بتكلفة تجاوزت 180 مليار جنيه حتى الآن... ولفت، خلال كلمته بمناسبة افتتاح عدد من المشروعات التنموية بجنوب الوادي، بحضور الرئيس السيسي، إلى أنه قد تم تكليف الهيئة الهندسية باستصلاح وتأهيل 140 ألف فدان منها، وجرى استخدام ما لا يقل عن 8 آلاف طن مفرقعات للتغلب على الحائط الجرانيتي، وأوضح أنه تم إنشاء الطرق الرئيسية والفرعية وتنفيذ ما يلزم من بنية أساسية، لتوصيل شبكات الري لمناسيب أكثر ارتفاعًا، وتم إنشاء 1500 طريق بعروض متغيرة وإجمالي أطوال 1606 كم..
ومعلوم أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية قد نجح في إعادة إحياء مشروع توشكى على مدار خطط ومشاريع عمل السنوات الماضية، من خلال استكمال إنشاء البنية التحتية للمشروع والتغلب على كافة المعوقات، مع البدء في استصلاح 25 ألف فدان عام 2017، التي وصلت لاحقًا في يناير 2024 إلى مساحة 400 ألف فدان، بالإضافة لاستصلاح وزراعة نحو 70 ألف فدان بواسطة شركات القطاع الخاص المحلي والأجنبي، على رأسها شركة الظاهرة الإماراتية، ليصل إجمالي المساحة المزروعة بتوشكى حاليًا إلى نصف مليون فدان..
ويركز مشروع توشكى على زراعة عدد من المحاصيل الاستراتيجية، يأتي على رأسها القمح والذرة والشعير، بالإضافة لبعض المحاصيل الاقتصادية مثل الفول السوداني والبطاطس والخضروات والفاكهة والنباتات الطبية والعطرية..
ومن المستهدف الانتهاء من استصلاح وزراعة 150 ألف فدان إضافية خلال العام الجاري بمنطقة توشكى، ليصبح إجمالي المساحة المزروعة من 600 إلى 650 ألف فدان..
ويشمل مشروع توشكى إقامة مزرعة تمور على مساحة تبلغ 38 ألف فدان، ومن المستهدف أن تصل إلى 40 ألف فدان خلال الفترة المقبلة، حيث تضم المزرعة 2.5 مليون نخلة، والتي نجحت في دخول موسوعة "جينيس" العالمية للأرقام القياسية كأكبر مزرعة تمور حول العالم..
وكعادته، قام الرئيس عبدالفتاح السيسي بمناشدة الوزراء وكل قيادات العمل التنفيذي في كل مواقع العمل بتوسيع منظومة العمل الإعلامي والتواصل مع الجماهير عبر مؤتمرات صحفية وإعلامية لتقديم وعرض تلك المنجزات الرائعة وأهمية إنجازها، وماذا أضافت، وأهمية الاستماع لصوت الجماهير المعقبة والمعربة عن رأيها فيما تحقق ويتحقق على أرض الكنانة..