رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

محللون: القادة العرب يجتمعون لإخماد نيران الحرب وإنقاذ الاقتصاديات المتهاوية

القمة العربية 2023
القمة العربية 2023

يرى محللون ومراقبون أهمية كبرى للقمة العربية العادية الـ٣٢ للجامعة العربية، التى تنطلق أعمالها فى مدينة جدة بالسعودية، غدًا، بمشاركة قادة الدول ورؤساء الوفود، فى حل الأزمات الرئيسية التى تعصف بالوطن العربى وتهدد حاضره ومستقبله.

وتعود سوريا للمشاركة فى اجتماعات الجامعة العربية بعد ١٢ عامًا من الغياب إثر تجميد عضويتها فى عام ٢٠١١، ما يعد بادرة أمل فى رؤية جديدة وإرادة جادة لاستعادة الاستقرار فى البلد العربى الشقيق، وهو النهج الذى ينسحب على السودان واليمن وليبيا، إذ يوجد توجه عربى قوى يدفع باتجاه إيجاد حلول سياسية دائمة لإنهاء الصراعات التى أكلت ثروات الوطن وفتتت عصبته.

محمد كمال الجفا: مكافحة الإرهاب العابر للقارات أولوية

أكد الخبير السياسى والعسكرى السورى، الدكتور محمد كمال الجفا، أن المنطقة على وشك الدخول فى مرحلة تاريخية مهمة جدًا من مراحل التعاون والتنسيق العربى فى ظل أجواء إيجابية غير مسبوقة، مع إعادة تقييم حقيقية لما يجرى من صراعات فى المنطقة أو العالم أجمع.

وأضاف، لـ«الدستور»، أنه منذ إعلان المملكة العربية السعودية عن بدء التحضير للقمة طغت الأجواء الإيجابية على الكواليس، وصعدت الهموم والأزمات التى ضربت شعوب وحكومات المنطقة إلى قائمة الأولويات.

وأشار «الجفا» إلى أن إنقاذ الاقتصاديات المتداعية لبعض الدول العربية أولوية قصوى ويتطلب جهودًا جبارة فى معالجته على أسس منطقية واقعية ضمن عملية تقييم حقيقية بعيدًا عن التدخلات والخلافات والتراكمات السياسية بين بلدان الوطن العربى، إضافة إلى مكافحة الإرهاب العابر للقارات الذى وظفه أعداء الأمة العربية خلال السنوات الماضية بكفاءة عالية جدًا لخدمة مصالحهم.

وتابع: «هناك صراعات متنقلة اجتاحت المنطقة وتسببت فى نقل بؤر اللهب إلى مناطق ودول أخرى، وتسببت فى نشوء تحالفات جديدة وغريبة غير مألوفة بدأت تتضح معالمها بين عدد من دول العالم كانت مختلفة تاريخيًا، والدول العربية فى صلب هذه التحالفات التى سهلت الحرب الروسية الأوكرانية عملية تشكيلها».

ولفت الخبير السياسى السورى إلى أن التحالفات الجديدة تشكلت فى ظل تراجع الدور الأمريكى وفشل سياسات الولايات المتحدة فى المنطقة، لأنها كانت ظالمة وغير منصفة للشعوب العربية. وأوضح «الجفا»: «نستطيع أن نقول إنها قمة لم الشمل العربى، ووضع شعارات وأسس جديدة للتضامن العربى، بعيدة كليًا عن أسس إدارة الصراعات العربية العربية التى سادت العلاقات البينية للعرب.

حسين شعيتو:  مواجهة الاعتداء على سيادة الدول

قال حسين شعيتو، الصحفى اللبنانى والباحث فى العلاقات الدولية، إن القمة العربية المرتقبة فى جدة تكتسب أهمية كبيرة عن سابقاتها منذ عام ٢٠١١، لأنها تضم سوريا للمرة الأولى بعد تجميد عضويتها.

وأضاف: «أولويات الملفات تتمثل فى الملف الأمنى، وتصفير المشاكل التى تواجه الدول، ولم الشمل العربى، ومواجهة الإرهاب، والاعتداء على الدول وسيادتها، إضافة إلى الاستحقاق الاقتصادى الذى لا يقل أهمية ولن يغيب عن طاولة القمة».

وذكر «شعيتو» أنه ستكون هناك قرارات عديدة، سيخلص إليها المؤتمر أو القمة، سواء تلك المتعلقة بسد النهضة وتهديد الأمن المائى المصرى والسودانى، أو الخاصة بدعم لبنان فى أزمته الاقتصادية، مرورًا بإعادة إعمار سوريا وحل ملف اللاجئين ودعم الشعب الفلسطينى، والعمل على تطوير مشاريع البلاد العربية مثل ملف «رؤيا ٢٠٣٠» السعودى.

وحول عودة سوريا إلى الجامعة العربية والحضن العربى، قال: «هذا أكبر دليل على رغبة الجامعة فى تصفير المشاكل فى المحيط العربى، وحلحلة الأزمات العربية، وبناء مشروع نهضة عربية اقتصادية وأمنية واجتماعية، لمواجهة التحديات التى تعصف بالعالم مثل الحرب الروسية الأوكرانية».

وتابع: «لم الشمل العربى كان تنقصه سوريا التى تتعافى من أزمتها بعد قطيعة دامت ١٢ عامًا، ويضاف إلى ذلك على صعيد إعادة إعمار سوريا، ما تحمله الإمارات العربية المتحدة من مشاريع إعمار فى جعبتها، وكانت قد قدمت لدمشق تصورًا فى لقاء ثنائى بين قيادتى الجانبين».

ورجح أن يطرح موضوع الإعمار على طاولة القمة، وأن تتقدم الدول بمشاريع إعمار إلى جانب الإمارات، وفى مقدمتها قطر والسعودية.

 

نرمين سعيد:  الأمن الغذائى والشراكات الاقتصادية والسياحة

أشارت نرمين سعيد كامل، الباحثة بالمركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية، إلى أنه من المتوقع أن تكون أهم الملفات التى تركز عليها أعمال القمة الأمن الغذائى فى المنطقة العربية، خصوصًا مع طول أمد الحرب الروسية الأوكرانية وتوتر الأوضاع فى السودان.

وأشارت «سعيد» إلى أن القمة ستتناول أيضًا «الشراكات الاقتصادية»، كما سيتم التركيز على الاستراتيجية العربية للسياحة، والاستراتيجية العربية للاتصالات والمعلومات، المعروفة اختصارًا بـاسم الأجندة الرقمية العربية، والعقد العربى الثانى للأشخاص ذوى الإعاقة وغيرها.

وأضافت أنه على المستوى السياسى فإنه ستكون هناك أولوية لمناقشة التحديات التى تواجه القضية الفلسطينية، بما يضمن قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على خطوط الرابع من يونيو ١٩٦٧.

وحول دلالات عودة سوريا للجامعة العربية، قالت «سعيد» إنها تمثل قراءة عربية واعية للمشهد الحالى، حيث تيقنت الدول العربية من ضرورة دمج دمشق فى محيطها العربى، ودعم جهود إعادة الإعمار فى المناطق السورية المدمرة، وكذلك مسألة عودة اللاجئين، وكذلك العمل على إنهاء الوجود الأجنبى على الأراضى السورية.

وأوضحت «سعيد» أن من أهم الملفات التى ستكون حاضرة فى القمة العربية هو الأزمة السودانية التى دخلت شهرها الأول وسيتم طرح حلول للتعامل معها مستقبلًا على المستويين السياسى والأمنى، خصوصًا مع وجود دروس مستفادة من كيفية التعاطى مع الأزمة السورية.

وتابعت: «لذا انخرطت الدول العربية والجامعة العربية فى الأزمة وطرحت حلولًا لها وطالبت بوقف إطلاق النار منذ اليوم الأول، وربما تخرج القمة بآلية تتيح مراقبة هدنة يتم التوصل إليها فى مباحثات جدة، كما أنه من الممكن أن تضطلع القمة العربية بدور مع الاتحاد الإفريقى خصوصًا مع وجود تعاون مصرى مع جنوب السودان وتشاد بهدف إيجاد حل للأزمة».

قال جاسم محمد البديوى، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربى، إن أهمية القمة العربية رقم ٣٢، التى تحتضنها السعودية غدًا، تكمن فى الزخم الدبلوماسى للمملكة بتوجيهات من الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولى العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودى؛ لبلورة آفاق عربية تتميز بفاعلية وقدرة أكبر على التعامل مع التحديات الراهنة فى المنطقة والعالم. وأوضح «البديوى»، أمس، أن توقيت القمة يشكل عاملًا حاسمًا فى المخرجات المرتقبة للقمة، وكذلك مكانها؛ بالنظر إلى ثقل المملكة العربية السعودية فى العمل الدبلوماسى العربى، فضلًا عن طبيعة الملفات المطروحة والتى تتطلب تنسيقًا عربيًا على مستوى عالٍ، تبذل لأجله المملكة جهودًا مشهودة على أكثر من صعيد.

وشدد على أن النشاط الدبلوماسى المكثف الذى تشهده السعودية، يعد دلالة واضحة على المكانة المرموقة التى تحظى بها المملكة، إقليميًا ودوليًا، وشاهدًا على المصداقية التى تحظى بها فى المحافل العالمية.

وأعرب الأمين العام عن تطلعاته الواثقة بأن تمثل قمة جدة انطلاقة جديدة فى شكل ومضمون وكثافة وسرعة العمل العربى المشترك، بما يحقق آمال الشعوب للبدء بعهد جديد يرتكز على مقومات التنسيق المشترك، للتعامل مع تحديات الأمن والاستقرار، إضافة إلى العمل العربى الجماعى، لتحقيق عناوين المرحلة التنموية التى تنشدها الشعوب العربية فى كنف السلام والاستقرار، بما يضمن فرص التكامل العربى، ويعزز من القدرة على كسب رهانات الأمن الغذائى ومكافحة الإرهاب والتنمية الشاملة والمستدامة المستندة إلى ما يزخر به الوطن العربى من إمكانات مادية وبشرية.