رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبير زراعى: الدولة ماضية فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية لتحقيق الاكتفاء الذاتى (حوار)

صوامع تخزين
صوامع تخزين

قال الدكتور محمد يوسف، أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بكلية الزراعة جامعة الزقازيق مستشار الزراعة العضوية بالوحدة الاقتصادية بجامعة الدول العربية، إن القيادة السياسية اهتمت بالفلاحين بشكل غير مسبوق، موضحًا أنه «منذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم، فى ٢٠١٤، نرى اهتمامًا بقطاع الزراعة بصفة عامة، وبالمزارعين خاصة، رغم الأزمات الاقتصادية والتضخم العالمى وأزمة الغذاء العالمية، بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والصراعات السياسية المستجدة فى السودان».

وتحدث «يوسف»، لـ«الدستور»، عن عدد من الملفات الحيوية المتعلقة بقطاع الزراعة، خاصة فى ظل التطوير الذى يشهده هذا القطاع، متطرقًا إلى العديد من التفاصيل الخاصة بدعم الدولة للفلاح.

 

50 مليار جنيه لشراء القمح المحلى من المزارعين بعد رفع سعر توريد الإردب إلى 1500 جنيه

قال «يوسف» إن الدولة أولت اهتمامًا كبيرًا بزراعة المحاصيل الاستراتيجية بصفة عامة، مثل القمح، مشددًا على أن قرار القيادة السياسية بزيادة سعر إردب القمح المحلى إلى ١٥٠٠ جنيه سيسهم فى ارتفاع معدلات التوريد هذا العام مقارنة بالعام الماضى.

وأضاف أن هذا السعر سعر مجزٍ وسيسهم فى تحسين دخل المزارعين ويساعد فى زيادة كميات القمح التى سيجرى توريدها للدولة، كما أن هذا السعر يشجع ويحفز المزارعين لزيادة مساحات زراعة القمح فى الموسم المقبل، ويحد من استنزاف العملة الصعبة اللازمة للاستيراد ويقلل الضغط على الدولار.

وذكر أن هذه الزيادة بمثابة رسالة دعم للمزارعين لتشجيعهم على توريد القمح للدولة، موضحًا أن الزيادة يأخذها الفلاح أو المزارع، و«هذا أفضل بكثير من استيراد القمح من الخارج».

وأشار إلى أن رفع سعر توريد القمح يسهم فى دعم المزارعين وتشجيعهم على التوسع فى زراعة المحاصيل الاستراتيجية الأخرى، مثل الذرة الصفراء وفول الصويا وغيرهما من المحاصيل، وأيضًا خفض الفاتورة الاستيرادية للقمح من الخارج.

وكشف عن أن إجمالى التكاليف التى تتحملها الدولة لشراء القمح المحلى من المزارعين تصل هذا العام إلى ما يقرب من ٥٠ مليار جنيه، وذلك نتيجة رفع سعر توريد إردب القمح إلى ١٥٠٠ جنيه، لافتًا إلى أن الدولة تنتج سنويًا نحو ١٠٠ مليار رغيف عيش مدعم، بمعدل ٢٧٥ مليون رغيف عيش يوميًا، يأخذه المواطن على البطاقة التموينية بخمسة قروش، وتكلفة رغيف الخبز على الدولة تصل إلى ٩٥ قرشًا.

وأشار إلى أن رفع دعم منظومة خبز رغيف العيش من ٣٨ مليار جنيه إلى ٩٥ مليار جنيه يؤكد مدى اهتمام القيادة السياسية بتحقيق حياة كريمة للمواطنين فى ظل الجمهورية الجديدة، مؤكدًا أن سعر توريد القمح لم يحدث من قبل، ويقترب من السعر العالمى، موجهًا رسالة لمزارعى القمح فى جميع أنحاء الجمهورية: «لا يوجد عذر واحد أو حجة تمنع من توريد القمح للدولة، ونتمنى تلقى الأمر بإيجابية، وأن نرى موسم توريد استثنائيًا للقمح».

 

زراعة 150 ألف فدان فول صويا فى 2023 لتقليل الاستيراد

أكد خبير الزراعة العضوية أن القيادة السياسية تسعى بكل جهد وتسابق الزمن لزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية، خاصة فول الصويا والذرة الصفراء والسمسم والكانولا ودوار الشمس والكتان، مع تقديم الدعم الفنى والمادى للمزارعين فى مختلف محافظات الجمهورية، وتشجيع الفلاحين على زراعة محاصيل الزيت، بهدف تحقيق الأمن الغذائى وتقليل الاستيراد من الخارج وتقليل الفجوة بين الاستهلاك وإنتاج الزيت.

وقال: «بالنظر إلى الكمية المستوردة من الزيوت التى نحتاجها، والتى تصل إلى ما يقرب من ٩٦٪، فإن القيادة السياسية قد اتجهت إلى اتخاذ بعض الخطوات المهمة للعمل على سد هذه الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، وتقليل الاستيراد من الخارج، وذلك من خلال التوسع فى منظومة الزراعة التعاقدية لتأمين وحماية المزارعين والفلاحين من جشع التجار».

وأشار إلى أن من أهم الأسباب التى أدت إلى قبول الفلاحين زراعة المحاصيل الزيتية هو الدعم المقدم من الدولة، وتطبيق نظام الزراعة التعاقدية وتحديد سعر استرشادى، وتعاقد الدولة مع المزارعين لشراء المحاصيل بأعلى سعر، بما يقارب الأسعار العالمية.

وأوضح: «على سبيل المثال كان سعر الذرة الصفراء بحد أدنى ٩.٥ ألف جنيه كسعر ضمان، على أن يستفيد المزارع بالحصول على السعر الأعلى وقت بيع المحصول، أى أنه يمكن أن يرتفع هذا السعر ولكن لن يقل، وذلك بزيادة ٣ آلاف جنيه عن الموسم الماضى، حيث كان سعر شراء الذرة بنحو ٦ آلاف جنيه فقط».

وذكر أنه فيما يخص الذرة البيضاء جرى وضع سعر استرشادى ٩ آلاف جنيه، والفول الصويا جرى وضع سعر الضمان له ١٨ ألف جنيه، بارتفاع ١٠ آلاف جنيه عن الموسم الماضى.

وفيما يخص عباد الشمس، فأشار لرفع أسعاره من ٨ آلاف و٥٠٠ جنيه إلى ١٥ ألف جنيه كسعر استرشادى، والقطن وصل سعر شرائه من الفلاحين إلى ٥ آلاف و٥٠٠ جنيه للقنطار طويل التيلة، و٤ آلاف و٥٠٠ جنيه لقصير التيلة، منوهًا بأن سعر شراء طن السمسم يصل إلى ٢٨ ألف جنيه.

وقال: «ستجرى زراعة ما يقرب من ١٥٠ ألف فدان فول صويا هذا العام ٢٠٢٣، مع زيادة مستقبلية تصل إلى نصف مليون فدان العام المقبل ٢٠٢٤، لافتًا إلى زراعة ما يقرب من ١٠٠ ألف فدان دوار الشمس هذا العام، والتى تصل إلى ما يقرب من ٣٠٠ ألف فدان العام المقبل ٢٠٢٤.

ولفت إلى زراعة فول الصويا بطريقة التحميل على بعض المحاصيل الأخرى، مثل الذرة الصفراء، بهدف إنتاج الزيت وصناعة الأعلاف، حيث يحقق الفدان الواحد إنتاجية عالية من المحصولين، موضحًا أنه يمكن تحميل الذرة الشامية مع فول الصويا فى الأرض الخصبة جيدة الصرف والتهوية والخالية من الملوحة، التى يزرع بها كل من الذرة الشامية وفول الصويا.

وشدد على أن القيادة السياسية تستهدف التوسع فى زراعة محاصيل العلف للعام الحالى ٢٠٢٣ إلى ٣ ملايين و٤٠٠ ألف فدان، بزيادة ٢٠٠ ألف فدان.

وأوضح: «من بين هذه المساحة مليونان و٨٠٠ ألف فدان ذرة صفراء وبيضاء، و٤٥٠ ألف فدان ذرة رفيعة، و١٥٠ ألف فدان فول صويا، والهدف مشترك، ما بين إنتاج وتوفير أعلاف الحيوانات، وفى نفس الوقت إنتاج وصناعة الزيت اللازم للسوق المحلية».

5000 فدان قطن بـ«مستقبل مصر» و«الدلتا الجديدة» 

ذكر أستاذ الزراعة والمكافحة الحيوية بجامعة الزقازيق أن القيادة السياسية تسعى للتوسع فى زراعة مساحات كبيرة من القطن طويل ومتوسط وقصير التيلة، وذلك من خلال استنباط أصناف عالية الإنتاجية، لافتًا إلى أن «هناك العديد من المزايا الاقتصادية والغذائية والصناعية للقطن كمحصول زراعى صناعى، فيُستخرج منه قطن الشعر المستخدم فى صناعة النسيج والصباغة والملابس الجاهزة».

وأشار إلى أن القطن يدخل فى صناعة مستحضرات التجميل، ومن المتوقع، طبقًا لتوجيهات القيادة السياسية، زراعة ٥٠٠٠ فدان قطن بمشروع «مستقبل مصر الزراعى» و«الدلتا الجديدة» لهذا العام ٢٠٢٣، وتزداد المساحة لتصل إلى ١٥ ألف فدان عام ٢٠٢٤. وتابع: «تم إنتاج ما يتراوح بين ٣٨ و٤٠ ألف طن زيت من بذور القطن، ومن ١٩٠ إلى ٢٠٠ ألف طن بذرة قطن لعام ٢٠٢٢».

وأضاف أن القطن المصرى محصول اقتصادى وسياسى فى نفس الوقت، وللأسف فقدنا المساحة التى وصلت لنحو مليونى فدان فى عام ١٩٦٩ وبداية السبعينيات والثمانينيات، والتى كانت تنتج نحو ١٠.٥ مليون قنطار من تلك المساحة، وتقلصت لتصل إلى ٢٥٠ ألف فدان، فأقل، وإنتاجية أقل فى العقود السابقة، وفى تلك الفترة كان لدينا اكتفاء ذاتى من الزيت.

ولفت إلى أن زراعة القطن تتم فيما يقرب من ١٧ محافظة على مستوى الجمهورية، ومن المتوقع وصول المساحات المزروعة خلال الفترة المقبلة إلى نصف مليون فدان، لأول مرة منذ ١٥ سنة، وهذه المساحة تمثل نحو ضعف المساحة المزروعة فى المواسم السابقة، بهدف تحقيق أعلى معدل من الاكتفاء الذاتى من الزيت والأعلاف.

وقال إن المستهدف كان ٥٠٠ ألف فدان خلال العام الماضى ٢٠٢٢، لكن ما تمت زراعته نحو ٣٥٠ ألف فدان، ومن المقرر زراعة هذا العام ٢٠٢٣ ما يقرب من ٤٠٠ ألف فدان، لتعظيم الاستفادة من هذا المحصول القومى وعودته للصدارة مرة أخرى، سواء لإنتاج الزيت أو الأعلاف أو المنسوجات.

إنشاء صوامع تخزين بأحجام مختلفة.. اعتماد «الزراعة التعاقدية».. وتأسيس مجمعات صناعية بالتعاون مع المستثمرين

قال «يوسف» إنه تم إنشاء صوامع تخزين ذات أحجام مختلفة بأعلى تكنولوجيا، بهدف تخزين البذور الناتجة، والتوسع فى إنشاء تانكات ذات سعة مختلفة لتخزين الزيوت الناتجة من الاستخلاص والعصر بمصانع الإنتاج الموجودة.

وأضاف أنه يمكن الاستفادة من البذور بعد الاستخلاص فى إنتاج العلف الحيوانى، خاصة بذور القطن وفول الصويا، لافتًا إلى ضرورة استمرار دعم جهاز المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر صغار المزارعين فى جميع المحافظات، الأمر الذى يشجع الفلاحين على زراعة المحاصيل الزيتية بهدف الاقتراب من نسب الاكتفاء الذاتى من الزيت والأعلاف تحت نطاق الزراعات التعاقدية.

وأوضح أن الزراعة التعاقدية تتم من خلال وضع نظام تسويقى مناسب يحقق للمزارعين والفلاحين عائدًا مجزيًا، دون معوقات أو تحديات تعرقل عمليات الزراعة والإنتاج والتسويق.

ورأى أنه يجب الاهتمام والتوسع فى إنشاء وحدات متخصصة على أعلى مستوى، لاستخلاص الزيوت من البذور، دون أى فاقد، بنطاق المشروعات القومية الزراعية الحديثة، خاصة المشروعات القومية الزراعية، وهى «الدلتا الجديدة» ومشروع «توشكى» و«مستقبل مصر الزراعى» ومشروع «المليون ونصف المليون فدان».

وأكد الخبير الزراعى أن القيادة السياسية تسعى بكل جهد لتوطين صناعة زيت الطعام بكل أنواعه، بزيادة المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية عالية الإنتاجية ذات المقننات المائية المنخفضة، بهدف ترشيد استخدام المياه فى الزراعة وأصناف تتحمل الملوحة والتغيرات المناخية الحالية، وأيضًا أصناف ذات دورة حياة قصيرة مقاومة للجفاف والأمراض النباتية والآفات الحشرية والحيوانية المنتشرة فى البيئة.

وأشار إلى أن هناك خمسة تحالفات محلية وأجنبية تقدمت بعروض بهدف إنشاء ثلاثة مجمعات صناعية كفرص استثمارية واعدة، ضمن خطة القيادة السياسية لتحقيق الاكتفاء الذاتى من زيت الطعام، وذلك باستثمارات مالية تقدر بنحو ٣٢١ مليون دولار.

وأضاف أنه تم إنشاء مجمع صناعى فى منطقة برج العرب على مساحة ١٣٧ ألف متر، وتخصيص الأرض للشركة القابضة للصناعات الغذائية، وسيستخلص المجمع الزيوت بطاقة يومية تصل إلى ٣٠٠٠ طن بذور، إضافة إلى تكرير وتعبئة الزيوت بطاقة تصل إلى ٨٠٠ طن يوميًا، وإنتاج السمن النباتى بطاقة ٥٠٠٠  طن يوميًا.

وقال: «تمت إقامة مجمع كبير على أعلى مستوى بمنطقة السادات لتكرير وتعبئة الزيوت النباتية بطاقة ٨٠٠ طن يوميًا»، لافتًا إلى أن القيادة السياسية أعطت إشارة البدء لإقامة مجمع بمحافظة سوهاج، بهدف استخلاص الزيوت من البذور خاصة الذرة الصفراء بطاقة إنتاجية تصل إلى ٢٠٠٠ طن يوميًا.

وأكد أن القيادة السياسية سعت خلال تلك الفترة للتوسع فى زراعة مساحات جديدة من المحاصيل الزيتية، فى مشروع «مستقبل مصر الزراعى» و«الدلتا الجديدة» و«توشكى»، مثل دوار الشمس وفول الصويا والفول السودانى والقطن والزيتون والسمسم والكتان والكانولا.

وأوضح: «المساحة المزروعة فى عام ٢٠٢١ كانت ٢٥٠ ألف فدان من المحاصيل الزيتية، وهى لا تكفى لسد الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج، لذلك أطلقت القيادة السياسية مبادرة لتوطين صناعة زيت الطعام، لخفض الأسعار وتقليل الاستيراد من الخارج».

وأضاف: «من الضرورى زراعة نباتات الكانولا كمصدر لإنتاج الزيت فى مشروع مستقبل مصر الزراعى، إذ تصل نسبة الزيت فى بذور نباتات الكانولا تقريبًا من ٤٥٪ إلى ٥٥٪».

وتابع: «من الضرورى أيضًا الاهتمام بزراعة نبات السمسم كمصدر جيد لإنتاج الزيت، إذ تحتوى بذوره على ما يقرب من ٥٥٪ إلى ٦٠٪ من الزيت.

وأشار خبير الزراعة الحيوية إلى أن الدولة تستهدف تطوير ٥ مصانع للزيوت على مستوى الجمهورية، بقيمة ٥.٥  مليار جنيه، لإنتاج الزيت الخام.

وأكد اهتمام القيادة السياسية بتطبيق منظومة الزراعات التعاقدية مع الفلاحين، وتشجيعهم لزراعة المحاصيل الزيتية سابقة الذكر، لتحقيق أعلى هامش ربح للفلاح، وكانت هناك بادرة أمل من وزارة التموين والتجارة الداخلية على تشجيع المزارعين لزراعة المحاصيل الزيتية، إذ تم التعاقد على طن دوار الشمس من الفلاحين كزراعة تعاقدية، بنحو ١١ ألف جنيه، وطن فول الصويا بنحو ١٠ آلاف جنيه.

وقال إنه من المهم استمرار دعم مزارعى المحاصيل الزيتية من وزارة الزراعة والبنك الزراعى المصرى والإرشاد الزراعى، من توفير مستلزمات الإنتاج، خاصة التقاوى المعتمدة والمقاومة للحشرات والأمراض النباتية والأصناف المقاومة للجفاف والتى تستهلك كميات مياه قليلة».

ولفت إلى أن الدولة رصدت هذا العام ٢٠٢٣ من ٤٥ إلى ٥٠ مليار جنيه لشراء القمح المحلى من المزارعين، بينما رصدت العام الماضى ٢٠٢٢ نحو ٢٦ مليار جنيه لشراء القمح المحلى من المزارعين، مشيرًا إلى أن ذلك دليل على مجهود القيادة السياسية فى حماية الفلاحين والمزارعين من الآثار السلبية الناتجة عن التقلبات السعرية والتغيرات المناخية والتضخم العالمى.

وأكد أن جهود القيادة السياسية المستمرة تؤكد مدى حرصها على حماية الفلاحين من التقلبات السعرية والتغيرات المناخية، التى تتحكم فى سعر المحاصيل الزراعية وتجعل الفلاحين أسرى للتجار والسوق السوداء.