رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

خبير فى الثروة الحيوانية: الأزمة السودانية لا تؤثر على استيراد اللحوم

الثروة الحيوانية
الثروة الحيوانية

- مشروعات البتلو أسهمت فى تمويل وشراء العجول للتسمين لصغار المربين

- التأمين على رءوس الماشية يحمى المربى من الخسائر

قال الدكتور محمد عثمان، خبير فى الثروة الحيوانية، إن الأزمة السياسية السودانية لم تؤثر على أسعار اللحوم فى مصر، مؤكدًا: «لن يحدث ارتفاع فى أسعار اللحوم خلال الفترة المقبلة».

وأوضح «عثمان»، لـ«الدستور»: «أسعار اللحوم فى مصر مرتبطة بأسعار الدولار، إذ إنه يجرى استيراد ٩٥٪ من خامات الأعلاف، الأمر الذى يمكن أن يؤثر على أسعار اللحوم فى السوق المصرية»، مشيرًا إلى أن مصر أصبحت تستورد اللحوم من البرازيل، أكثر من أى دولة أخرى».

وأضاف: حجم استهلاك مصر سنويًا من اللحوم نحو ١.٣ مليون طن لحوم حمراء، ومنها ٤٠٪ استيراد من الخارج، إذ إن عدد رءوس الثروة الحيوانية بلغ ٧.٥ مليون رأس ماشية بنهاية ٢٠٢٢، بحسب بيانات لوزارة الزراعة، وتراجع نصيب المواطن المصرى من اللحوم الحمراء من ١٠.٧ كيلوجرام عام ٢٠١٧ إلى ٧.٨ كيلوجرام فى ٢٠٢٠، بينما ارتفع نصيب الفرد من اللحوم البيضاء والدواجن من ١٠ كيلوجرامات عام ٢٠١٧ إلى نحو ١٥.٢ كيلوجرام عام ٢٠٢٠.

وأشار إلى أن مصر تأثرت بشكل كبير بالأزمة الاقتصادية العالمية، خاصة فى مدخلات إنتاج الأعلاف، ونتيجة احتجاز عدد كبير من مدخلات الإنتاج فى الموانئ، ثم ارتفعت أسعار الأعلاف، ما نتج عنه إيقاف كثير من أصحاب المزارع نشاطهم موقتًا لحين حل الأزمة لعدم قدرتهم على تحمل الكلف والأعباء.

وتابع: «مشروعات البتلو ساهمت فى تمويل وشراء العجول للتسمين لصغار المربين وتمويل تغذيتها كذلك، ولا شك فى أن المحرك الرئيسى لهذا المشروع هو مدى تحقيق الربحية منه، وجاءت ضبابية الوضع الراهن، فيما يخص أسعار الخامات العلفية وأسعار اللحوم الحمراء لتزيد من الضغوط على المربين، الذين يخافون الخسارة».

وأكد: «لا بد من الدراسة الجيدة لاقتصاديات السوق، وإزالة جميع المعوقات فى سبيل التوسع بمشروع البتلو بالتوازى مع التأمين على الماشية، لتجنب المخاطر التى يتعرض لها المربى، ولتعويض المربين فى حالة وجود أى خسائر».

وأشار إلى أن هناك تحديات كثيرة فى هذا الملف، منها الأمراض المعدية ومقاومة مضادات الميكروبات، ولحل مثل هذه المشكلات لا بد من عمل الجميع بمنظور واحد ورؤية ثابتة.

ولفت إلى أنه «لكل شخص منا الحق فى بيئة نظيفة وصحية، وتأكد بعد جائحة كورونا- بما لا يقبل الشك- أن تدهور الطبيعة يعزز المخاطر الصحية بالنسبة للجميع دون استثناء، ولا يمكن لجهود قطاع أو تخصص واحد أن تمنع الأمراض المعدية والمخاطر المعقدة الأخرى منفردة».

وقال: «نسلط اليوم الضوء على الوجه الآخر لدور الحيوان فى حياة الإنسان، فلقد كان للحيوانات دائمًا- على مدار التاريخ- دور فى حياة الإنسان، إما للحماية أو للتنقل أو كمصدر غذائى أو للتربية المنزلية، ولكن الوجه الآخر هو أن الحيوانات تعتبر مخزنًا للأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان».

وأضاف: «هناك مجموعة من الأمراض التى تصيب الحيوان ويمكن أن تنتقل منه إلى الإنسان بطرق انتقال مختلفة، ويمكن أيضًا أن تنتقل من الإنسان إلى الحيوان، فيما قد تحدث هذه الأمراض فى الإنسان على شكل حالات فردية أو على شكل جماعى وبائى كذلك، وقد تكون ذات آثار صحية محدودة، ولكنها سريعة الانتشار بين الأفراد، مثل التسممات الغذائية والنزلات المعوية، بينما فى بعض الأمراض الأخرى قد تكون خطيرة جدًا وقاتلة إذا لم تعالج فى الوقت المناسب مثل داء الكلب أو السعار».

وتابع: «تكمن خطورة هذه الأمراض فى أنها تؤثر على الحالة الصحية للأفراد وتؤثر على الثروة الحيوانية وعلى مصادر الغذاء للإنسان، ولقد زادت حدة وخطورة هذه الأمراض خلال السنوات الماضية بسبب زيادة الطلب على الغذاء، وخاصة حيوانى المصدر؛ نظرًا للزيادة الرهيبة فى معدلات النمو السكانى دون زيادة مقابلة فى الثروة الحيوانية، وما ترتب عليها من زيادة لحركة نقل الحيوانات بين الدول، بل وبين القارات أيضًا، وترتب على ذلك أيضًا تغير فى أساليب الرعى وأساليب تربية الحيوانات وتغيرت بيئة الحيوان وازداد قربًا من المجتمعات الإنسانية».

وأكد: «من أحدث الأمثلة مرض جنون الأبقار، وانتقال العدوى للبشر كنتيجة لتغذية الحيوانات لمخلفات حيوانية المصدر، ملوثة بنوع من العوامل المعدية- يسمى البريون- وهذا المرض يحدث حالة خبال تتزايد بسرعة، مع تشنجات عضلية وارتعاشات وتصلب، ولا يوجد له علاج معروف، وفى الغالب يكون قاتلًا للإنسان فى غضون عام واحد».

وأوضح: «استمرارًا لتغذية الحيوانات بطريقة خاطئة، نجد مشاكل عديدة أخرى، من أهمها السموم الفطرية وهى مركبات أيضية ثانوية ينتجها العديد من الفطريات القادرة على إحداث المرض أو الموت للإنسان والحيوانات، ويقتصر إنتاج السموم الفطرية على عدة أنواع من الفطريات».

وقال: «من مميزات هذه السموم قدرتها على مقاومة الحرارة بدرجة يصعب أن يتم إتلاف هذه السموم بواسطة المعاملات الحرارية التقليدية المستخدمة فى عمليات الطهى والتصنيع، إضافة إلى أن للسموم الفطرية تأثيرًا تراكميًا لا يظهر بسرعة وإنما يظهر بعد فترة من تناول الأغذية الملوثة بها، لذلك لا بد من الاهتمام بالعمل على الحد من تلوث الأغذية بالفطريات، وبالتالى بالسموم الفطرية، وذلك خلال جميع المراحل الإنتاجية والتخزينية».

وأكد أن السموم الفطرية من أهم مسببات السرطان فى الإنسان، خاصة سرطانى الكبد والكلى، إضافة إلى أنها تثبط الجهاز المناعى، فضلًا عن كونها سببًا فى حدوث طفرات وراثية وتشوهات خلقية، لذلك يجب الوقاية من هذه السموم عن طريق تخزين المحاصيل الحقلية فى مخازن مستوفاة الشروط المناسبة من حرارة ورطوبة وتهوية وتعقيم دورى لمخازن الحبوب وصوامع العلف، ومعالجة الحبوب ببعض مضادات السموم الفطرية كالأحماض العضوية مع ضرورة قيام حملة توعية من قبل وزارة الصحة ومنظمات المجتمع المدنى ووسائل الإعلام المختلفة تبين أخطار السموم الفطرية.

وأشار إلى أن الاهتمام بصحة وتغذية الحيوان بات أمرًا بالغ الأهمية يدعو الجميع إلى الالتزام وتطبيق كل معايير سلامة الغذاء، لأنه وكما قيل «من زرع حصد»، وبالفعل نحن نأكل ما قمنا بتغذيته للحيوان، والأمر مشابه تمامًا فى الزراعة وعلاقة الإنسان بالنبات.