رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مسجد أحمد يحيى باشا.. تحفة معمارية على أرض الإسكندرية (صور)

جريدة الدستور

تحتضن الإسكندرية العديد من الأبنية والمساجد العتيقة التي تمتزج بها روعة التراث والتصميم المعماري مع قوة وتأثير شخصيات أصحابها، لنجد لكل مبنى يحمل إسم شخصية سكندرية قصة خُلدت بين كل حجر أو قطعة وضعت بداخل عمل معماري ليكون بمثابة راوي وشاهد على التاريخ.

وفي إحدى شوارع أحياء الإسكندرية الراقية، تتزين منطقة زيزينيا بمسجد من أهم وأبدع مساجد عروس المتوسط، هو مسجد « أحمد يحيى باشا» الشخصية السكندرية الشهيرة الذي أقدم على إنشائه بتصاميم منفردة ليظل بعد مرور أكثر من مائة عام من أبرز مساجد المدينة الساحلية.

كانت لـ«الدستور» جولة بداخل مسجد أحمد يحيى باشا لرصد تفاصيل المسجد والزخارف والقطع المميزة به، فضلًا عن التعرف عن قصة المسجد وصاحبه التاجر والسياسي البارز بالإسكندرية.

يقول الدكتور إسلام عاصم أستاذ مساعد التراث والتاريخ المعاصر ونقيب المرشدين السياحيين السابق بالإسكندرية، إن مسجد احمد يحيى باشا بمنطقة زيزينيا، يعد واحدًا من أهم المساجد المميزة بمدينة الإسكندرية، مشيرًا إلى أن أهميته ترجع إلى عدة نقاط أولها شخصية منشئ المسجد أحمد يحي باشا فهو واحدًا من الشخصيات الهامة والبارزة سياسيًا وتجاريًا بمصر بصفة عامة والإسكندرية خاصة.

أهم تجار القطن وسياسي بارز

أضاف لـ«الدستور» أن أحمد يحيى باشا، شخصية سياسية بارزة وواحدًا من أعلام حزب الوفد المصري، وكانت تربطه علاقة وطيدة بالأمير عمر طوسون والزعيم سعد زغلول، وقصره بمنطقة زيزينيا، استقبل العديد من الجلسات الخاصة بحزب الوفد وثورة 1919، والحركات الوطنية في هذه الفترة.

وتابع "كان أحمد يحيى باشا واحدًا من أهم تجار القطن في مدينة الإسكندرية، وينتمي لعائلة ذو مكانة وشهرة كبيرة، وانجب 2 من الأبناء أحدهما أصبح رئيس وزراء، والآخر واحدًا من مؤسسي الغرفة التجارية المصرية، وكانت المنطقة التي يتواجد بها مسجده بزيزينيا كلها ضمن أملاكه، مشيرًا إلى أنه يقال أن القصر الخاص به هو القصر المواجه لمبنى قصر المجوهرات في الشارع الذي يحمل أسمه احمد يحيي باشا، وحاليًا هذا القصر ملكًا للدكتور عمرو موسى.

إنشاء المسجد على النسق المملوكي

وذكر الدكتور إسلام عاصم، أن في العقد الثاني من القرن العشرين، بدأ أحمد يحيى باشا تنفيذ مخطط  يجمع به مدرسة ومسجد وبداخله مكان مخصص لمدفن خاص به وجميعهم قطعة واحدة مترابطة، تأثرًا بالنسق المملوكي، حيث كان منتشرًا في العهد المملوكي أن بعض الشخصيات تقوم ببناء مسجد ومدرسة ومدفن ويمكن إضافة سبيل أيضًا وجميعها تخلد إسم الشخص، وكان هذا النسق كان منتشر بشكل كبير.

تابع أنه أعد مدفن له بداخل المسجد، حيث تم تخصيص جزء في مدخل المسجد بإتجاه اليمين لذلك ليدفن بعد وفاته داخل المسجد، وتم تصميم أعلى هذا المكان قبة، ولكن أراد الله أن يُتوفي في الحج ودفن هناك، وكان مجهز تركيبة رخام معدة لمكان القبر ومع التجديدات تم إزالتها، وتحول مكان القبر إلى مكتبة المسجد حاليا، لافتًا إلى أنه يتواجد بنهاية واجهة المسجد باب صغير يؤدي إلي المدرسة وهو غير مستخدم دليلًا على الترابط بين المسجد والمدرسة في تخطيط البناء.

أشار عاصم إلى أن المسجد من من أجمل المساجد  بمدينة الإسكندرية، وهو مسجد معلق لأن المساجد التي يصعد إليها بدرجات يطلق عليها  في العمارة الإسلامية مساجد معلقة، بالإضافة إلى شكل المأذنة الرشيقة والرائعة والتي صُممت على النسق المملوكي، فضلًا عن نوع الزخارف الخاصة بالمسجد والتي يطلق عليها «المُشهر» والتي يكون بها التلوين الخارجي عبارة عن مدماك أصفر ومدماك أحمر بالتبادل، ولكن مع التجديدات والترميمات اختفى هذا اللون ولكنه ما زال موجود من الخلف ويمكن رؤيته من المدرسة التي مازالت قائمة وتحمل نفس إسم المسجد.

وأكد أن ما يميز المسجد أن خط تخطيطه لا يتماشى مع خط القبلة، لذا بداخل المسجد لا بد من التوجه لجهة اليسار وهذا من الذكاء، حيث أن مصمم هذا المسجد، تأثر بنفس فكرة تصميم جامع الأقمر بشارع المعز لدين الله الفاطمي، حيث أن هناك اعوجاج يكون في الجزء الأمامي من المسجد، فباب المسجد الرئيسي متخذ خط تخطيط الشارع وعند الدخول للمسجد يوجد باب آخر يتجه بميل ناحية اليسار  للميل بإتجاه القبلة حتى لا يشعر المصلي بذلك.

أعمدة رخامية وشمعدنان من المورانو

أوضح استاذ التراث أن المسجد يحتوي على أعمدة من الرخام الإيطالي، وتيجان هذه الأعمدة هي نسخة من تيجان أعمدة قصر الحمراء بالأندلس «اسبانيا»، أما الزخارف الخشبية الموجودة بسقف المسجد مصممة على الطراز العثماني، ويتميز المسجد بتواجد شمعدنان يمين ويسار القبلة،  وتتواجد نسخة من هذان الشمعدانان بقصر الأمير محمد على «قصر المنيل» بالقاهرة، و مثلهما كانا متواجدين قديما في المسجد النبوي الشريف، وهما مصنعين من المورانو وهو أغلى أنواع الزجاج، فضلاً عن« الثريا» النجفة الكبيرة المعلقة بالمسجد فهي مصنوعة أيضا من المورانو، كما تتواجد نجفة من النحاس في مكان المدفن تجذب طلبة الفنون الجميلة لرسمها، بابإضافة إلى القبة التي كُتب بها  آيات سورة الفتح بزخارف رائعة وتصميم المنبر والمحراب المميزان.

أشار إلى أن مسجد أحمد يحيى باشا هو مزيج إبداعي يجمع بين التصميم الذي يتفق مع تصميم العصر الفاطمي، وتكوين المسجد الذي يتسق مع العصر المملوكي، وزخارف من العصر العثماني، وآخرى من الأندلس، مما يعطي احساس رائع للشخص المتواجد في المسجد.

جدلًا حول مصمم المسجد 

ولفت «عاصم» أن المنتشر على مواقع التواصل  أن المهندس المعماري مصمم هذا المسجد هو المعماري الإيطالي ماريو روسي، الذي صمم مساجد القائد إبراهيم والمرسي أبو العباس ومحمد كريم وغيرها ، وهو خطأ كبير جدًا، فالمسجد تم إنشائه عام 1920، ولم يكن ماريو روسي عمل حينها بالأوقاف المصرية، أو صمم مساجد في الإسكندرية وهذا من الأخطاء الشائعة، فمصمم مسجد أحمد يحيى باشا ليس «روسي» وهو مجهول حتى الآن. 

received_724071833053939
received_724071833053939
received_218400140888989
received_218400140888989
received_133516192972026
received_133516192972026
received_735778134888518
received_735778134888518
received_1295862814666756
received_1295862814666756
received_3520520604834725
received_3520520604834725
received_221419610582762
received_221419610582762
received_287782503579976
received_287782503579976
received_614208830581444
received_614208830581444
received_958890251956670
received_958890251956670
received_1231708884131003
received_1231708884131003
received_266912105759074
received_266912105759074
received_1976349679375886
received_1976349679375886
received_1872866433082189
received_1872866433082189
received_944387953663943
received_944387953663943
received_575582774668290
received_575582774668290