رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

طه حسين.. مشروعًا للمستقبل| بمبادرة أهلية.. مثقفون وكتّاب يعلنون انطلاق «عام طه حسين»

طه حسين
طه حسين

- جمال شيحة: مفكر ثورى ورمز للتنوير.. ونسعى لربط الأجيال الجديدة بإرثه

- مؤتمر دولى للرمز الكبير بحضور المفكرين والمثقفين والكتّاب وصنّاع القرار

- محمد عفيفى: الثقافة والتعليم سلاحان نافذان للقضاء على الإرهاب والجهل

مبادرة هامة قامت بها مؤسسة «جمال شيحة للتعليم والثقافة» لإطلاق عام طه حسين بمناسبة حلول نصف قرن على رحيل العميد فى ٢٨ أكتوبر ١٩٧٣.

المبادرة جاءت لتسد نقصًا فى الفعاليات الرسمية التى كان يجب أن تنطلق لتغطية الحدث الهام، كما أنها دليل على دور المجتمع المدنى الرشيد والفعال لخدمة المجتمع. القائمون على المبادرة قالوا إنهم يعتزمون إطلاق برنامج ضخم للاحتفال بالعميد عبر ندوات ومؤتمرات تستمر طوال العام وهو ما نحييهم عليه ونرى أنه يأتى متماشيًا مع الدور التنويرى لصحيفة «الدستور» التى أطلقت «أسبوع طه حسين» على صفحاتها منذ شهور عقب شائعة نقل مدفنه من مكانه والتى ثبت عدم صحتها فيما بعد، وتماشيًا مع جهد الاحتفال بالعميد تنوى «الدستور» تغطية كل الفعاليات الأهلية والرسمية للاحتفال بذكراه، كما تنوى إطلاق سلسلة حلقات «طه حسين بأقلام الكبار» ونؤكد تحيتنا لكل جهد صادق يهدف لإحياء ذكرى عميد الأدب العربى ومؤسس الثقافة المصرية الحديثة.. وفى ذلك فليتنافس المتنافسون. 

 

 

افتتح الدكتور جمال شيحة، مقرر لجنة التعليم والبحث العلمى بالحوار الوطنى، أولى ندوات البرنامج الثقافى «طه حسين.. مشروعًا للمستقبل» الذى تنظمه مؤسسة جمال شيحة للتعليم والثقافة والتنمية المستدامة بالتعاون مع النقابة العامة لاتحاد كتّاب مصر ومشروع بذور للتعليم الموازى، الذى من المقرر أن تستمر فعالياته خلال العام الجارى ٢٠٢٣ لإحياء الذكرى الـ٥٠ لرحيل عميد الأدب العربى، وذلك بمشاركة طلاب الجامعات المصرية من منتسبى مشروع بذور، وبحضور الأستاذ الدكتور محمد عفيفى، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر جامعة القاهرة، والدكتور علاء عبدالهادى، رئيس النقابة العامة لاتحاد كتّاب مصر، وقام بإدارة اللقاء الكاتب الصحفى مصطفى طاهر.

الدكتور جمال شيحة قال إن المؤسسة ترى فى نموذج طه حسين مفكرًا ثوريًا ورمزًا للتنوير ومشروعًا للمستقبل، لافتًا إلى إيمان المؤسسة الشديد بضرورة تمجيد وإجلال أساتذتنا وعلمائنا ومفكرينا وقادتنا لإنعاش الذاكرة الوطنية، ومدى ارتباط مستقبل مصر الحقيقى بإحياء إرث هؤلاء الآباء المؤسسين لضروب الحضارة الإنسانية، مؤكدًا أنه لا بناء ولا تنمية إلا بإحداث طفرة حقيقية فى زوايا ثلاث، هى الثقافة والتعليم والبحث العلمى.

وأضاف، فى كلمته الافتتاحية لإطلاق العام الثقافى، أن أهداف المؤسسة تتلاقى مع فكر طه حسين، الذى لم يكن مجرد أستاذ جامعى بل كان يصنع الأفكار التى تصنع مجتمعًا جديدًا، مشيرًا إلى أن المؤسسة رأت أنه من أجل صناعة فارق بالغ التأثير وخلق قيمة مضافة حقيقية لا بد وأن نحيى ذكراه لمدة عام كامل تزامنًا مع ذكرى وفاته الخمسين، وليس مجرد احتفال صغير فى شهر أكتوبر، لنتمكن من إحياء إرثه ونشر وترسيخ وتعزيز أفكاره التنويرية من خلال ندوات، وورش عمل، وفعاليات ثقافية، وحلقات نقاشية شبه أسبوعية على مدار العام. 

وأوضح «شيحة» أن مشروع طه حسين تأتى أهميته من الحاجة الماسة لآلية نواجه بها ما تعانيه مصر والمنطقة العربية من أزمة على مستوى الفكر، إلى جانب حاجة مجتمعاتنا الشديدة لأفكار صانعة لغدٍ أفصل، ولجيل واعٍ، ولمنهجية ورؤية فكرية وتنويرية، لافتًا إلى أن هذا ما تعمل المؤسسة على تعزيزه وترسيخه وبنائه فى العقول وبين الأوساط الجماهيرية، لا سيما بين طلاب الجامعات، تلك النواة التى تُعدها المؤسسة لمجتمع متحضر من خلال إعداد مثقف عضوى حقيقى، ومعلم مؤهل جيدًا، باعتبارهما صانعى التغيير فى الأوطان. 

كما شدد الأستاذ الدكتور جمال شيحة، خلال كلمته، على ضرورة وضع الدولة ملف التعليم على رأس أولوياتها، ووضع المعلم فى أعلى الهرم الوظيفى، والاستثمار فى طاقته وقدراته وبناء معرفته وفكره، وأضاف: «إن أردت أن تبنى دولة عظمى فى بضع سنوات فعليك بالتعليم والمعلم، فلا نهضة لأمة ولا نهضة لوطن دون نهضة التعليم، وعلى رأس هذه القضية هو المعلم.. إن أردت الأمن فعليك بالمعلم.. إن أردت الاستقرار فعليك بالمعلم.. وإن أردت التنمية فعليك بالمعلم فهو القائد الأساسى لأى ثورة وأى تغيير». 

وفى هذا الاطار فقد أوضح «شيحة» أن الدستور قد وضع حدًا أدنى للإنفاق على التعليم، وهو ٤٪ من الدخل القومى للتعليم العام، و٢٪ للتعليم الجامعى، و١٪ للبحث العلمى، و٣٪ للصحة.

وتساءل: «كيف تأتى النهضة أو التنمية و٥٠٪ من المعلمين يمتهنون مهنًا أخرى، بعضها لا يليق بالمعلم، و١٦٪ منهم فقط هم من يعملون فى الدروس الخصوصية، وذلك حسب الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، إذن الحل الحقيقى والجذرى لإصلاح المجتمع المصرى هو إعلاء قيمة العلم والمعلم وجعل الـ٣ ملايين معلم هم قادة المجتمع». 

كما أشاد «شيحة» بمداخلات ونقاشات الحضور، التى شهدت حشدًا من طلاب الجامعات من مختلف الكليات والتخصصات من بينها اللغات والترجمة والآداب والإعلام والتجارة وكلية فنون جميلة والعلوم السياسية والألسن والدراسات الإنسانية، ووجّه حديثه إليهم قائلًا: «لنحيى فكر طه حسين ولننهل من رؤيته للتعليم، ورؤيته للثقافة ومنهجيته فى البحث العلمى، ولنستقى من أفكاره وكتاباته، لا سيما تلك الأفكار التى طرحها الدكتور طه حسين فى كتابه (مستقبل الثقافة فى مصر)، فلنُعِد استثمارها لصناعة مستقبل وطننا».

وأعلن «شيحة» عن أنه من المقرر أن تتوسع المؤسسة فى أنشطتها وفعالياتها الثقافية خلال عام ٢٠٢٣ «عام طه حسين»، لتصل إلى المزيد من المؤسسات والجهات الثقافية والجامعات المصرية، سعيًا إلى نشر وإحياء أفكار طه حسين التنويرية، كما أكد أن المؤسسة بصدد إطلاق سلسلة من الفعاليات والحلقات النقاشية بهدف مواجهة الرجعية الفكرية، وتصحيح المفاهيم حول العديد من القضايا والإشكاليات الثقافية، فضلًا عن عزم المؤسسة على تتويج «عام طه حسين» بمؤتمر دولى ضخم يضم كبار المفكرين والمثقفين والكتّاب وصنّاع القرار المعنيين بالتعليم والثقافة فى الوطن العربى وعلى مستوى العالم.

بعد ذلك ألقى الكاتب الصحفى مصطفى طاهر، الذى قام بإدارة اللقاء الأول، كلمته، وقام بتقديم الدكتور محمد عفيفى، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة.

وفى بداية حديثه، أعرب الدكتور «محمد عفيفى» عن إعجابه بمجال عمل مؤسسة شيحة وارتباط ثلاثية عملها «الثقافة والتعليم والتنمية المستدامة» بأفكار طه حسين ومشروعه، واهتمامها بالفكر وتعزيزها الحوار الثقافى، كما أثنى على اختيار نموذج «العميد» للاحتفال به كرمز ثقافى مهم، مشيرًا إلى ضرورة أخذ كتاب «مستقبل الثقافة فى مصر» بعين الاعتبار عند تناول قضايا التعليم والتطوير، لافتًا إلى أن طه حسين لم يتحدث فى كتابه عن الثقافة بمفهومها الضيق، وإنما المفهوم الأوسع للثقافة، التى تشمل الثقافة والتعليم، موضحًا كيف أن الكتاب يعد موسوعة شاملة استطاعت أن تستشرف مستقبل التعليم فى مصر وقدمت سبل إصلاحه. 

وتطرق «عفيفى» إلى الأبعاد الاستراتيجية التى تحدث عنها الدكتور جمال حمدان فى مؤلفه «شخصية مصر»، وتناوله البُعد المتوسطى، وربط ذلك بطرح طه حسين فى كتابه «مستقبل الثقافة فى مصر» مشروع التعليم والثقافة فى مصر، وتناوله الدائرة المتوسطية، موضحًا أن طه حسين أكد حقيقة أن العقل المصرى لا يقل عن العقل الأوروبى، لافتًا إلى أن معركة مصر حضارية وعلينا أن نلحق بالغرب لأننا لا نقل عنه فى شىء. 

كما تناول «عفيفى» مفهوم القومية المصرية، مؤكدًا أنها لا يمكن تعزيزها إلا بمشروع قومى قائم على الثقافة والتعليم، باعتبارهما أساسًا للقومية المصرية وسلاحين نافذين للقضاء على الإرهاب والجهل، لافتًا إلى الدور الحيوى الذى يمكن أن تلعبه الأنشطة التثقيفية فى المدارس من الارتقاء بأخلاقيات الطلاب، وتهذيب سلوكهم، وتحسين ذوقهم فنيًا وأدبيًا، الأمر الذى سينعكس بالضرورة على ردود أفعالهم وأفعالهم فى محيط تأثيرهم، وأضاف قائلًا: «أبدًا لا تجد طالبًا يعزف موسيقى ويحمل السلاح».

وشهد اللقاء مداخلات للكاتب الصحفى عبدالحليم قنديل، والدكتور عبدالجواد ياسين، بجانب مشاركة واسعة لنخبة من طلاب الجامعات المصرية، إضافة لحضور واسع لنخبة من مثقفى مصر امتلأت بهم القاعة عن آخرها قبل انطلاق اللقاء بأكثر من نصف ساعة.

الكاتب الصحفى مصطفى طاهر قال إن المنجز الأدبى والإنسانى الكبير لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين ينساب كالنهر بلا توقف، وطوال ما يزيد على قرن من الزمان نجح الرجل العظيم، القادم من صعيد مصر، فى أن يحجز لنفسه ولمشروعه موقعًا مركزيًا فى تاريخ الثقافة العربية والعالمية.