رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

الخارجية: الحفاظ على الهوية والأمن القومى العربى خط أساسى فى سياسة مصر

السفير أحمد أبو زيد
السفير أحمد أبو زيد

أكد السفير أحمد أبوزيد، المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية مدير إدارة الدبلوماسية العامة، أن التوجه المصري للحفاظ على اللغة العربية ودعم انتشارها يأتى فى جوهر السياسة الخارجية لمصر.

وأشار السفير أحمد أبوزيد إلى أهمية استثمار المزيد من الموارد والجهود للحفاظ على اللغة العربية، باعتبارها الحاضنة لمفهوم شامل للأمن القومي العربى، مشددا على أن هناك ترابطا بين اللغة العربية والثقافة والأمن القومي العربي.

جاء ذلك فى كلمة السفير أبوزيد حول «اللغة العربية.. أداة دبلوماسية في واقع عربي ودولي جديد»، خلال الندوة التى نظمتها جامعة عين الشمس، أمس الخميس، في إطار فعاليات الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية، بمشاركة لفيف من المسئولين والأكاديميين والمفكرين والإعلاميين.

النظام الدولى يمر بمرحلة تحول جديدة

وقال السفير أبوزيد إنه ما من شك فى أن الإقليم العربى يعيش أزمة كبيرة لها أبعاد سياسية وتنموية واقتصادية وأمنية، وهناك انحسار فى دور الدول المركزية لحساب كيانات أخرى، كما أن هناك وضعًا خاصًا يعيشه العالم العربى نشهد فيه محاولات من خارج الإقليم للتدخل فى شئونه، ومحاولات لكسب نفوذ داخل الإقليم، وحالة ضعف بنيوى فى العالم العربى تقتضى وقفة للتأمل فى أسباب هذا الوضع وكيفية التعامل معه.

وأضاف أن النظام الدولي يمر الآن بمرحلة تحول جديدة تزداد حاليا فى ظل الأزمة الروسية- الأوكرانية، وتأثيراتها ومحاولات التدخل فى شئون أقاليم أخرى، وكلها أمور تفرض على من يعيش فى هذا الإقليم أن يفكر فى الأدوات المتاحة لديه للتعامل مع هذا الواقع.

وشدد على أن الأداة الدبلوماسية هى الأداة الرئيسية لذلك، وهى أداة متنوعة بها عناصر كثيرة، من بينها اللغة العربية، لأن لغتنا العربية كانت القاسم المشترك الذى يجمع الدول العربية ببعضها البعض، فهى ليست مجرد لغة لكنها هوية ثقافية مرتبطة دوما بمفهوم الأمن القومى العربى .

وأوضح أنه كان لا بد من التفكير هنا فى كيف تصبح اللغة العربية أداة لتعزيز التضامن العربى وأداة للتعامل مع الخارج، سواء من حيث التواصل والتعايش مع الآخر أو من حيث الحفاظ على هويتك فى مواجهة الآخر.

وحول رؤيته للغة العربية كأداة دبلوماسية، أوضح أبوزيد أن اللغة العربية ارتبطت بإقليم وهوية وثقافة معينة لدول تعيش فى هذا الإقليم، فهى تتجاوز كونها لغة تخاطب لكونها مرتبطة بالميراث التاريخى والسياسى والثقافى للدول العربية وللمتحدثين بالعربية، سواء لنحو 450 مليون عربى يعيشون بالإقليم أو أكثر من خمسين مليونًا يتحدثون العربية، أو من ذوى أصل عربى يعيشون خارجه، وبالتالى فهى لغة لها أبعاد كثيرة ومتنوعة.

اللغة العربية تعد أداة للقوة الناعمة

وأشار إلى ما تتصف به اللغة العربية من صفات، بما يؤهلها لتكون أداة دبلوماسية، وأولها أنها انعكاس لهوية ثقافية للشعوب العربية، وعلى سبيل المثال للدستور المصرى، حيث يؤكد أن مصر دولة عربية لغتها الرسمية هى العربية، وهو ما يرسم بوضوح خط السياسة الخارجية المصرية التى تتبنى هذا التوجه والفكر فى الدستور.

وأضاف المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية أن اللغة العربية هى كذلك لغة تواصل فكرى مع الآخر بما تحمله من ثقافة وحضارة وغيرها، فهناك مفردات للغة العربية موجودة فى لغات قومية لدول أخرى ومجاورة ما يشكل عامل تواصل فكرى وارتباط بين هذا الإقليم وهذه الدول، ويجعل من اللغة العربية أداة يمكن الاستفادة بها لمنع نشوب الأزمات والتعايش المشترك مع الآخر، لافتًا إلى أن اللغة العربية فى الوقت نفسه ركيزة للأمن القومى العربى، فنجد أن نشأة الجامعة العربية توضح ذلك، حيث كان التحدث بالعربية هو العامل الجامع لهذه الدول التى أسست الجامعة.

وأشار السفير أحمد أبوزيد إلى أن اللغة العربية تعد كذلك أداة للقوة الناعمة العربية التى هى أداة دبلوماسية مهمة، ولعبت اللغة العربية كقوة ناعمة دورًا كبيرًا فى القرن 14 على سبيل المثال لترجمة العلوم والفنون إلى الغرب، مثلما تلعب الآن دورًا للتقارب فى ظل صراع الحضارات، حيث تعد اللغة العربية عاملا للتضامن والترابط داخل الإقليم العربى، إضافة لكونها عاملًا للتواصل الفكرى وبناء الجسور.

وحول دور الدبلوماسية المصرية للاستفادة من اللغة العربية لدعم أهداف السياسة الخارجية المصرية والعربية، قال السفير أبوزيد: إننا نجد فى توجهات السياسة الخارجية المصرية ومواقف مصر بشكل عام ما يؤكد أن الحفاظ على الهوية والأمن القومى العربى خط أساسى فى توجه مصر، وشدد على أن هناك ترابطًا بين هذا الثلاثى «اللغة العربية والثقافة والأمن القومى العربى».

استثمار الجهود للحفاظ على اللغة العربية

وأشار إلى أن مواقف مصر كانت دوما داعمة للدول العربية والمصالح العربية وحركات التحرر العربى من الاستعمار وترسيخ مفهوم الأمن القومى العربى ومساعدة الدول العربية التى كانت تخرج من الاستعمار وقتها لترسيخ القيم والثقافة العربية فى وقت كانت هذه الدول تتعرض فيه لموجات شديدة من التغريب ومحاولة طمس الهوية العربية.

وأوضح أنه كان للسياسة الخارجية المصرية دور كبير فى هذا الصدد، من حيث القوة الناعمة لمصر أو من خلال المدارس العربية ودعم المراكز الثقافية العربية بالخارج وغيرها لربط الجاليات العربية فى الخارج بالوطن الأم، مشددًا على أن هذا التوجه المصري للحفاظ على اللغة العربية ودعم انتشارها يأتي في جوهر السياسة الخارجية لمصر. 

وردًا على سؤال حول توصياته المقترحة للندوة، قال إن هذه مسئولية مشتركة سواء للقطاع الرسمي أو الخاص والأكاديمي.

وأوصى السفير أحمد أبوزيد باستثمار المزيد من الجهود والموارد للحفاظ على اللغة العربية باعتبارها الحاضنة لمفهوم شامل للأمن القومى العربي، وأن يكون هناك قدر أكبر من التركيز والجهد الذى يتم توجيهه للترجمة ليكون بمثابة مشروع قومى للترجمة لنقل ثقافتنا والتواصل مع الآخر، فتكون هناك دفعة قوية لمفهوم الترجمة لحماية مصالحنا كدول عربية وكسر الفجوة مع الآخر والتى لن تتم إلا عبر الترجمة.

وأضاف أن هناك حاجة ماسة للاستثمار فى المدارس باللغة العربية لأبنائنا بالخارج فيتعلم منها النشء لغتنا.