رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

ميسرة صلاح الدين: «الشللية» حلت محل فكرة الأجيال.. والمرأة مصدرًا لإلهامي (حوار 2-2)

ميسرة صلاح الدين
ميسرة صلاح الدين

ميسرة صلاح الدين، شاعر وكاتب مسرحي ومترجم، ولد بالإسكندرية واستقر بها، وأبدع فأنتج الكثير، إضافًة إلى مشاركته في عشرات الورش المسرحية كمسرحي ومعد وكاتب نصوص، وهو يكتب الشعر الفصيح والعامي، ويكتب المسرح كنص ورؤية فنية جمالية تلامس أدوات المخرج بحرفية الموهوب متعدد المسارات.  

صدر له العديد من الدواوين والمسرحيات الشعرية والغنائية، وحصل على عدد من الجوائز والتكريمات المحلية والعربية، كما شارك في العديد من المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية كمؤتمر الأدب السنوي الذي تنظمه جامعة كليفلاند الأمريكية، ومهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي بالشارقة، ومعرض أبو ظبي الدولي للكتاب، ومعرض القاهرة الدولي للكتاب وغيرها، ترجمت بعض من قصائده للغة الإنجليزية والإيطالية والإسبانية وقدمت العديد من نصوصه المسرحية على خشبة المسرح.

ميسرة صلاح الدين له إسهامات متنوعة في مجال الترجمة، حيث ترجم عدد من الأعمال الأدبية الهامة، منها رواية "شوجي بين" الفائزة بجائزة البوكر العالمية للكاتب الأسكوتلاندي دوجلاس ستيوارت، و"رسائل ستيفان زفايج"، ورواية "الناقوس الزجاجي" للشاعرة الأمريكية سيلفيا بلاث، ومن دواوينه الأسد الحلو، حرب الردة، ابن الصبح وغيرها.

«الدستور» خاضت في تفاصيل نشأت ميسرة صلاح الدين الأدبية.. وهو نستعرضه لكم في السطور التالية..

ميسرة صلاح الدين على نيل القاهرة ودعوة للتواجد مركزيا
  • بدايًة حدثنا عن انتماءاتك الأدبية وهل تؤمن بفكرة الأجيال؟

ربما اختفت فكرة الأجيال من الساحة الأدبية والفنية بشكل واضح، وحل محلها فكرة أشد تعقيدًا وضراوة وهي فكرة "الشللية".

فلا يخفي على أحد كيف تتفق مصالح مجموعة من الكتاب والأدباء مع عدد من الصحفيين والمحكمين ومانحي الجوائز ودور النشر وغيرهم لخلق حالة من الموائمة وتسليط الضوء على أعمال معينة وفق ظروف وسياقات حقيقية أو مختلقة.

وزاد من خفوت فكرة “المجايلة” تحكم جيل بعينه في الحركة الثقافية والأدبية لفترة طويلة وتهميشه لكل ما تلاه من تجارب ذلك التهميش الذي وصل لدرجة الجهر بالعداء.

ومن وجهة نظري، فإن الكاتب والمبدع عليه أن يعمل بجد ودأب بغض النظر عن انتمائه لجيل أو "شلة" أو تيار فكري وفني.. ولا يتوقف دائمًا عن العمل المخلص الجاد فالفن أكثر اتساعًا من اللحظة الراهنة وأكثر براحًا من حدود المكان والزمان.

من حفل توقيع لأحد أعمال الكاتب ميسرة صلاح الدين
  • اشتهرت بكتاباتك حول قضاياها.. حدثنا عن دور المرأة في حياتك ؟

كان ضروريًا بالنسبة لي أن أتفاعل مع قضايا المرأة وأن أستلهم من خصوصية مشاعرها وأفكارها وطبيعة تجاربها والضغوط الحياتية التي تواجهها الأشعار والمواقف الدرامية، فقد بدأت التفاعل مع عالم المرأة ببطء وحذر شديد في البداية فحضرت العديد من الفعاليات وورش العمل المتعلقة بقضايا المرأة واستمعت للعديد من الرامج الحوارية والوثائقيات التي تعالج القضايا النسائية وتقدمها بشكل واقعي ومناسب للعصر. 

وعلي الجانب الآخر، تابعت العديد من المدونات والناشطات في مجالات حقوق المرأة وبدأت بالتدريج في التفاعل والفهم ثم تكونت بداخلي المشاعر المتناقضة التي تتفق وتختلف مع كل ما قرأته وشاهدته وأعتقد إن لحظة الفهم ولحظة التناقض هما ما كانا السبب الرئيسي في القدرة على أن أبدء في الكتابة لأحاول التعبير عما يدور بداخلي.

 

ميسرة صلاح الدين 
  • ما أبرز الأساسيات التي اعتمدت عليها كتاباتك خلال 2022؟

لا يتكئ خيالي إلا على القضايا الإنسانية والمعاناة اليومية للبشر في عالمهم الذي صنعوه بأيديهم، ولكنني أميل في الترجمات بشكل خاص لترجمة نصوص تعبر عن تاريخ البشرية وعن قضايا إنسانية سواء كانت اجتماعية أو ثقافية أو سياسية أو حتى اقتصادية

لذلك تكون اختياراتي في إطار مشروع محدد يهدف لتقديم ثقافة شعوب جديدة وطرح معاناتهم والتي تكون في النهاية مشابهة في أجزاء كثير ة لثقافتنا ومعاناتنا الخاصة. 

  • كيف بدأت رحلتك مع الترجمة؟  

بدأت رحلتي مع الترجمة بكتاب الجبل العميق للكاتبة يجي تملكران، والذي يستعرض بصورة معاصرة نتائج الإبادة الجماعية التي ارتكبتها القوات العثمانية في حق الأرمن.

واستمرت اختياراتي على نفس النهج فعلي سبيل المثال كانت ترجمة " فتاة السر- مذكرات شيماء هال" تتناول قضايا العبودية الحديثة والإتجار بالبشر. وكانت "رسائل ستيفان زفايج" تتناول ما مر به من احداث ومشاعر خلال الحرب العالمية الثانية. ويضيف الكاتب والشاعر والمسرحي ميسرة صلاح الدين، ولكن بالنسبة للمسرح فقد اتكأت لفترة طويلة على ثقافة المكان وأعمل حاليًا على مشاريع مسرحية جديدة تتناول التغيرات التي أصابت العالم وجددت في سلوكه وتفاعله بسبب عوامل مختلفة مثل الضغط الاقتصادي وفترات الإجراءات الاحترازية الطويلة وتطور وسائل التواصل والاتصال واعتبرها مدخل لفهم الحياة المعاصرة بشكل أكبر.

  • وكيف تصف تجربتك الشعرية؟

فيما يخص الشعر فتجاربي معه في الأغلب ذاتية للغاية، اعبر فيها عن نفسي ومشاعري وافكاري وتجاربي التي ربما تكون تجارب ذاتية أو تجارب مكتسبة بحكم القراءة والمشاهدة ولذلك تخرج القصائد التي انطلقت من بوتقة ذاتية شديدة الخصوصية لحيز أكبر وأكثر رحابة وتحمل طاقة تعبيرية تمس الآخرين.

المسرحي ميسرة صلاح الدين يشجع ممثليه في أحد الورش المسرحية.
  • هل أنت راض عن نصيبك من الجوائز؟

لا أنال نصيبي من الرضا عن العمل الفني أو الادبي إلا في اللحظة التي أتوقف فيها عن مراجعته واتخذ قرارُا بدفعه إلي النشر ولكنه رضا ممزوج بالخطر وممتزج بحالة من التعب والإرهاق الشديد بعد أن فقدت القدرة على مراجعة مسودة العمل لمرة اخري. 

ويتلاشى ذلك الشعور بالرضا على الفور بمجرد أن أحمل العمل بين يدي مطبوعًا أو أشاهده علي خشبة المسرح وأعيد التفكير فيما صنعت للدرجة التي تمنعني من استكمال قراءته. 

أما فيما يخص الجوائز والتكريمات فقد كان لي نصيب مصري وعربي منها وهذا شيء يمنحني قسط كبير من السعادة وكان لي نصيب أكبر من عبارات المديح ونظرات الامتنان من القراء بشكل مباشر أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومنصات القراءة وهذا يمنحني سعادة أكبر. 

وبالطبع لا يمكنني أن أغفل أن الجوائز في أغلبها تسير وفق منظومة خاصة وتخضع لرؤي واختيارات المحكمين ومعايير الجهات المانحة للجوائز ولذلك فأنا لا أعمل بشكل مباشر أو محدد من اجل الحصول علي الجوائز ولا أسعي بدأب لرفع رصيدي منها كما أنني لا أعمل بشكل محدد لإسعاد القارئ، كل ما في الأمر أن لدي العديد من الدوافع للاستمرار وخلال رحلتي مع الفن والكتابة أسعي لأن أحافظ علي معايير -تخصني -  تتعلق بشكل المنتج الادبي ومحتواه وأحمل يقينا خفيًا أن ذلك سيكون عاملًا حيويًا في أن اقدم مشروع إبداعي يمكنه أن يستمر في إعادة  طرح وتقديم نفسه بغض النظر عن عوامل الزمان والمكان المتعلقة باللحظة الراهنة.

صورة للدكتورة ايناس عبد الدايم وزيرة الثقافة السابقة تكرم الكاتب ميسرة صلاح الدين
  • أين يقع الشعر في قائمة أولوياتك وهل تتميز قصيدتك بالخصوصية؟

لا أستطيع وصف ما أفعله بقائمة أولويات، فكل فكرة وحالة شعورية تختار لها القالب المناسب الذي يمكن ان تخرج من خلاله، ولكن يمكنني أن أصف الشعر بأنه صوتي الداخلي، الهمسات التي تسر إلى بها مشاعري في رحلة الحياة، ففي بعض الأحيان تكون الحياة صاخبة لدرجة كبيرة فيتوه من أنفسنا صوتنا الداخلي ولا نستمع حتى لأنفسنا.

وفي أحيان أخري نجد أنفسنا مجبرين على العودة ومجالسه النفس والاستماع إليها، وفيما يخص المشهد الشعري، وفيما هو مرتبط بشعر العامية، فمصر مليئة بشعراء العامية الملهمين وبالأصوات القوية التي تصدح بالشعر، وكذلك مليئة بالظواهر الصوتية والقصائد الاستهلاكية سريعة التحضير وهي كلها أمور طبيعية ولا يغني أحدها عن الآخر ولا يدعو للانشغال بالمنافسة والتصنيف.

ويضيف الشاعر والمسرحي ميسرة صلاح الدين، وفيما يخصني فقد صدر لي حتى الآن عدد من الدواوين" أنا قلبي مش فارس"، "شباك خجل"، "أرقام سرية"، "الأسد الحلو"، "حرب الردة"، "ابن الصبح" لجانب مسرحياتي الشعرية" بنادورا" و" الورد البلدى" وقصائدي المغناة وعدد من المسرحيات الغنائية كما أعمل على مشاريع اخري لم أفرغ منها بعد وهو ما يمنحني قدر من الطمأنينة ويجعلني ملتزم باستكمالها.

صورة للكاتب ميسرة صلاح الدين في سفره الأخير للقاهرة.
  • هل تسير وفقًا لاتجاهات شعرية معينة أم أن حالة الكتابة عندك تشبه الجنون؟

لا أستطيع ان أصف الكتابة ألا بلحظة من الجنون، ولا يمكن وصف لحظة الإلهام إلا بلحظة ذات حتمية درامية يقع الكاتب تحت تأثيرها ويستسلم لها، ومن هذا المنطلق فأنا اكتب ولا اعتقد انني سأتوقف بإرادتي الحرة عن الكتابة. 

لكل فنان بوصلة خاصة واهداف محددة ينطلق خلفها، فهناك من يسعي للشهرة وهناك من يسعي للمكانة الاجتماعية والعلاقات العامة وهناك من يسعي خلف الجوائز والتكريمات.

فقد منحتني الكتابة الكثير في نواحي عدة، ومنحتني كذلك الكثير من المحفزات اللحظية التي تدفع إلى الاستمرار والدأب وتزج بي لطرق أكثر جنونًا واقل تخطيطا وانتظامًا.

  • لماذا تصر على الإقامة في الإسكندرية.. وهل فقدت عروس البحر المتوسط صلاحيتها لإقامة المبدع؟

ربما كنت أفكر في ان اتجه في المستقبل لمكان اخر أكثر هدوءًا من الإسكندرية لأتمكنمن التركيز على مشروعاتب الإبداعية، فمن وجهه نظري أن الفنان في مجالات محددة مثل "التمثيل، الطرب" يجب عليه دائما أن يتجه نحو الإنتاج الذي يتسم بصفة مركزية ويجب عليه ان يتواجد روحيًا وجسديًا بالقرب من المركز، ولكن الكاتب والشاعر في ظل التطورات التكنولوجية الهائلة يمكن ان يكتفي بفكرة التواصل والتفاعل مع جهات الإنتاج المركزية للحد الذي يسمح له بنشر اعماله وتنفيذ مشارعيه بدون أن يفقد خصوصيته.