رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

إعلانات مستفزة جداً


منذ بداية شهر رمضان والفضائيات المصرية تذيع إعلانات مستفزة تدعو المصريين للتبرع لـ «مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا»، ووجه الاستفزاز يرجع لأسباب كثيرة أولها أنه فى الوقت الذى يدعو فيه أحمد زويل إلى التبرع،

يقوم بعمل إعلان باهظ التكاليف، فمدة الإعلان نحو دقيقة، ومعروف أنه تتم المحاسبة على إذاعة الإعلان فى التليفزيون بالثانية، ويرتفع سعر الثانية كلما أذيع الإعلان فى وقت الذروة، وخلال المسلسلات والبرامج الجماهيرية، وتتكرر إذاعة إعلان زويل حالياً فى غالبية المسلسلات التى يشارك فيها كبار نجوم السينما المصريين.. وفضلاً عن ذلك فقد تم حتى الآن عرض خمس نسخ مختلفة من هذا الإعلان، نسختان منها بالجرافيك، والثلاث الآخرون يظهر فيها ثلاثة أشخاص من نجوم المجتمع تدعو للتبرع لمدينة زويل، ومعروف أن كل نسخة لها تكلفتها الخاصة، وقد سمعت وقرأت كثيرا من تعليقات المواطنين التى تشعر بالاستفزاز لمشروع يجمع تبرعات، وفى الوقت نفسه يسرف فى الإنفاق على الإعلانات.

ووجه الاستفزاز الثانى هو ظهور السيد طارق عامر ــ رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى ــ بنفسه فى أحد هذه الإعلانات يدعو المصريين إلى التبرع، ويعلن أن البنك الأهلى تبرع بمبلغ 250 مليون جنيه لمشروع زويل، بالإضافة إلى تحمل البنك الأهلى تكلفة إعلانات مدينة زويل وهى بلا شك من عائدات أموال المودعين المصريين، وهو مالم يفعله البنك الأهلى من قبل لصالح أى مؤسسة من مؤسسات البحث العلمى فى مصر.. وإذا كان رئيس البنك الأهلى يبرر التبرع بهذا المبلغ الضخم بأن البنك ضخ 22 مليار جنيه فى مشروعات تنموية، فلا شك أن هذه الأموال كانت فى شكل قروض يتقاضى عنها البنك فوائد وليس تبرعات. وهنا يثور تساؤل مهم هو: من الذى فوض رئيس مجلس إدارة البنك الأهلى فى التبرع بهذا المبلغ الكبير لمدينة زويل، و فى دفع تلك التكلفة الباهظة للإعلانات لكيان غير رسمى، وهل تلقى أوامر من الحكومة بهذا الشأن، أم أنه قام بذلك من تلقاء نفسه مقابل تعيينه عضوا فى مجلس أمناء مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا فيما يمثل إهدارا للمال العام؟

ووجه الاستفزاز الثالث هو ظهور المفتى فى أحد هذه الإعلانات يدعو للتبرع لمدينة زويل، والذى سبق له أن أفتى بجواز دفع أموال الزكاة لصالح المشروع، بل إنه سبق وتبرع من أموال الزكاة التى من المفروض أن تذهب إلى الفقراء لمشروع أحمد زويل، الذى يقيم فى أغلى فنادق مصر وأفخمها، ويقيم حفلات العشاء للإعلاميين والفنانين الذين يروجون له، ويتردد أنه ينفق من أموال التبرعات التى يجمعها لهذا المشروع. ولم يكن البنك الأهلى هو الذى تبرع وحده لهذا المشروع، ولكن هناك شركات ومؤسسات أخرى من بينها بنك مصر، الذى تبرع بمبلغ 25 مليون جنيه أيضا، فما تلك القوة الخارقة التى تدفع كل هؤلاء المانحين لدفع تلك المبالغ الباهظة؟

أما وجه الاستفزاز الأكبر فهو تحول العالم الكبير أحمد زويل حامل نوبل إلى فتى إعلان، فقد ظهر فى أحد هذه الإعلانات بنفسه يدعو بكل جرأة.. ودون خجل.. للتبرع لمدينة زويل التى أطلق عليها اسمه، بالرغم من أنه لم يقدم شيئا لمصر، حتى نكافئه بالموافقة على إطلاق اسمه عليها، فضلاً عن أن المبانى التى ظهر أمامها واستخدمها فى إعلانه هى مبانى جامعة النيل التى استحوذ عليها، والمقام بشأنها عدة قضايا أمام محاكم القضاء الإدارى بمجلس الدولة ولم يتم الفصل فيها بعد، الأمر الذى كان يتطلب منه عدم استخدام هذه المبانى فى الإعلانات.

إن مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا مشروع تحوطه المخالفات من كل جانب، وأولى هذه المخالفات قيام الفريق أحمد شفيق خلال رئاسته للوزراء بإجبار وزير الاتصالات فى حكومته على التنازل عن أرض ومبانى جامعة النيل لصالح صندوق تطوير التعليم، تمهيدا لمنحها لصديقه أحمد زويل. ثم جاءت حكومة د.عصام شرف ــ وهو صديق شخصى لأحمد زويل أيضاً ــ ليصدر له قرارا وزاريا فى غيبة البرلمان، منحه بمقتضاه أرض ومبانى جامعة النيل التى صدر على أساسها قرار جمهورى بإنشاء جامعة النيل، ودون أن يتضمن هذا القرار تحديد مصير طلاب وأساتذة جامعة النيل، وإنما تم ترك مصيرهم للمجهول، والأهم من ذلك أن مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا ليس لها أى كيان رسمى حتى الآن حتى يتم التبرع لها، أو إذاعة إعلانات عنها. لكل هذه الأسباب أتقدم بهذا البلاغ للنائب العام ضد د. أحمد زويل والفريق أحمد شفيق ود. عصام شرف للتحقيق فى هذا الموضوع، وسوف أتقدم رسمياً بهذا البلاغ مع نشر هذا المقال.

■ أستاذ الصحافة ــ جامعة حلوان