رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز
رئيس مجلسى الإدارة والتحرير
محمد الباز

مختار نوح: «الإخوان» أنفقت ٣٦ مليار دولار للتحريض ضد مصر.. وسعد الدين إبراهيم وسيطهم عند الأمريكان (حوار)

مختار نوح
مختار نوح

لا يزال مختار نوح «صندوقا أسود»، لم يبح بكل أسراره عن جماعة الإخوان الإرهابية، خاصة أنه لم يكن مجرد قيادى بارز فى الجماعة، بل المحامى الذى ظل لأكثر من ربع قرن يدافع عن قياداتها المحبوسين، وطالما دخل فى صدامات مع النظام بسببهم، لذلك فهو يعرف ببواطن الأمور داخل الجماعة الإرهابية رغم مرور ما يقرب من ١٣ عاما على استقالته منها.
مختار نوح تحدث، فى حواره مع «الدستور»، عن التنظيم السرى الخاص داخل الإخوان، وكيف سيطر على الجماعة منذ ١٩٩٠.

■ بداية.. لماذا عاد الإرهاب ليضرب مصر من جديد بعد نهايته فى التسعينيات؟
- الإرهاب بدأ فى السبعينيات بشكل شرس، ثم حدثت اتفاقات بينه وبين نظام الحكم فى التسعينيات، على طريقة الاتفاق بين الأسد والأرانب، لأن الإرهاب كان يُستخدم آنذاك فى دعم استقرار حكم «مبارك» أمام الغرب، وهو ما نجح فيه الرئيس الأسبق بالفعل، عبر تصدير صورة للعالم بأنه الوحيد، الذى يكافح الإرهاب.
كان يستغل هذه المكافحة الوهمية استغلالا كبيرا حتى انقلب عليه الإرهاب بحادثة الأقصر، التى كانت ضربة قوية له، ومنذ هذا الحادث، بدأ «مبارك» فى تقليم أظافر الإرهاب، سواء «سلفية جهادية أو جهاد»، أو التنظيم الخاص التابع للإخوان، وأدخل رموز تلك الجماعات السجون، لكن تحركاته كانت متأخرة جدًّا لأن الإرهاب كان قد استوطن فى تلك الفترة.

■ إذن.. من السبب فى انتشار الإرهاب الذى نعانى منه الآن؟
- أولا «مبارك»، ثم جاء «مرسى» بعد ذلك فزاد الطين بلة، فالفترة ما بعد «٢٥ يناير» كانت الأكثر انتشارا للإرهاب، خاصة بعد دخول أسلحة كبرى وقواعد صواريخ من خلال الأنفاق، وكانت قطر الممولة الرئيسية لـ٩٠٪ من تلك الأسلحة، وأعلنت ذلك بشكل رسمى فى أحد البرامج، ولم يلتفت لى أحد وقتها، وحذرت من تغلغل الإرهاب فى سيناء، وقد حدث.

■ كيف تقيم أداء الدولة فى مكافحة الإرهاب؟
- الآن تتم المقاومة الوحيدة الصحيحة فى التاريخ للإرهاب، فنظام الحكم الحالى لا يستثمر الإرهاب ولا يشجعه، لذلك أعتقد أن الإرهاب فى طريقه إلى الزوال قريبًا جدًّا. فلم ينجح أحد فى هذا الملف إلا الرئيس السيسى، وكما قلت «مبارك» كان بينه وبين الإرهاب اتفاقات.

■ هل تتفق مع ضرورة إجراء مراجعات لعناصر الإخوان المحبوسين؟
- لا يوجد شىء اسمه «مراجعات»، فهى دليل على ضعف الدولة، ودعنا نعترف بأن الدولة أصبحت رخوة بعد ثورة ٢٥ يناير، وحتى ٣٠ يونيو وسقوط «مرسى»، وبعد حكم الرئيس السيسى، بدأت تعود إلى قوتها وهيبتها من جديد، ووصلت الآن لـ٦٠٪ وستزيد، وهذه القوة قادرة على محاربة الإرهاب ودحره دون تفاوض أو إجراء «مراجعات»، أعتبرها عين الفشل.

■ بأى درجة تشارك جماعة الإخوان فى الإرهاب الذى يضرب مصر؟
- منذ سنة ٩٠ لا يوجد شىء اسمه «الإخوان المسلمين»، بل يوجد التنظيم الخاص، الذى يحكم الجماعة حتى الآن، وهو وراء عمليات الطرد، التى طالت كل مخالفيه، بداية من سيد عبدالستار المليجى، مرورا بعبدالعزيز العشرى، وعلى كمال، وغيرهم كثيرين، خرجوا جميعا فى عام واحد أو عامين.



■ كيف وصل هذا التنظيم الخاص إلى حكم الجماعة؟
- النظام الخاص كان ذكيًّا، وتدرج فى السيطرة، أولا انتظر حتى تتاح الفرصة المناسبة، ثم أبقى على المشاكل داخل الجماعة دون حل، ثم بدأ فى إبعاد المعارضين له واحدًا تلو الآخر، وقد فشل فى البداية فى إبعاد عبدالمنعم أبوالفتوح، لأنه كان منتخبًا، وكان سيتسبب فى هجوم كبير عليهم، خاصة أن جميعهم بالتعيين، كل هذا حدث تحت مرأى ومسمع الراحل مهدى عاكف، مرشد الإخوان وقتها، الذى فشل فى منعهم من السيطرة، والنظام الخاص مكون من ٣ أو ٤ أفراد هم من يقودون كل شىء دون غيرهم.

■ هل الرئيس الأسبق مبارك هو السبب فى قوة التنظيم الخاص الإخوانى؟
- «مبارك» سبب فيما يحدث الآن دون كراهية له، برغم أنى أكرهه وأخاصمه عند الله، كراهيتى له ليست لها علاقة بهذا الرأى، وكنت أتفاوض بنفسى مع نظامه، ولك أن تعلم أن الإخوان حققوا معى ٣ مرات بسبب «مبارك»، الأولى عندما تظاهرنا عام ٩٤ ضده بسبب السجين الذى قتل بعد يوم واحد من حبسه، وهو عبدالحارث مدنى، ومرة عندما رفعت صورته من نقابة المحامين، ومرة أخرى لما رفضت تأييده فى البرلمان، ورفضت أن أقف له.
ولهذه الأمور تم التحقيق معى تحقيقا صعبا، لدرجة أن المحققين قالوا لى نصا: «بأى حق لا تنتخب حسنى مبارك؟ ألم يصدر قرار من الجماعة بتأييده؟»، قلت لهم: «لا.. لما حدث تصويت الأغلبية رفضت، فجئتم بأناس آخرين حتى تتم الموافقة، وتحول التصويت إلى ٥٦٪ مع تأييد ترشحه برغم أن معظم المصوتين لم يكونوا برلمانيين أو سياسيين، كما أن هناك فتوى بحرمة تأييد حسنى مبارك».

■ لو كانت العلاقات بهذه القوة بين «الإخوان» و«مبارك».. هل كانت مشاركتهم فى «٢٥ يناير» خدعة؟
- الإخوان تحركوا بعد «٢٥ يناير» باتفاق مع أمريكا، من خلال سعد الدين إبراهيم، وقلت هذا فى لقاء تليفزيونى، وأتوا بالأخير وقتها على الهاتف ليرد فاعترف بالأمر.

■ وكيف عرفت بهذه القصة؟
- لأنى دعيت لهذا اللقاء ورفضت، فأنا أرفض أى تمويل أو تعامل أجنبى وهذا مبدئى.

■ إذن.. إلى أى مدى كانت هناك اتصالات بين الإخوان وأمريكا عقب ثورة ٢٥ يناير؟
- الإخوان بعد «٢٥ يناير»، بدأوا يأخذون تعليمات من أمريكا، وليس مجرد اتصال عادى، وحتى اعتصامهم فى رابعة العدوية كان بتعليمات من واشنطن، ألم تسأل نفسك من قبل، لماذا كانت رابعة؟ ولماذا جمعوا الآلاف من السلفيين والشحاتين والمتسولين هناك؟.. الإجابة باختصار أن هناك اتفاقا تم لخلق دولة موازية حتى يتدخل الغرب بعد أن يدعى الإخوان أنهم مضطهدون، وتم الانقلاب عليهم، وطردوا فكونوا دولة موازية، ومن هنا يتم التفاوض وتشكيل حكومة توافقية وغيرها من الخيارات التى كانت الجماعة تريدها.
هنا تجلت روعة السيسى والمجلس الوطنى، فقد كنت ألومهم فى السابق، لكن الآن أفخر بهم لأنهم كانوا أذكى منى، فهم من حموا مصر، وليقل من يقول عنا إننا «مطبلاتية»، وأرد عليهم وأتعهد بأن أظل طول عمرى «أطبل» للرئيس السيسى ما دام مستمرًا فى حماية مصر من الحروب القادمة، فالإخوان ليست الحرب الوحيدة ولن تكون الأخيرة.
وبمناسبة «رابعة»، ما يؤكد كلامى أن الإخوان كانوا يريدون تأسيس دولة موازية هناك، هو دعوتهم مجلس الشورى المنحل للانعقاد هناك، فكانت هذه تمثيلية مبررة تؤكد أنه مطلوب لخلق «دولة» موازية، ومن ضمن الفصول المضحكة فى التمثيلية أنه أثناء حديث عصام العريان، قاطعه سعد الكتاتنى قائلا: «الوقت يا دكتور»، فرد عليه: «وقت إيه وانتم معتصمين؟».

■ هل طلب مهدى عاكف قبل وفاته عفوًا رئاسيًا؟
- أهله اتصلوا بى كى أتقدم بطلب للعلاج بمستشفى خارج السجن، وطلبت منهم طلبا واحدا وهو كتابة «توكيل»، لكن التنظيم رفض، وبالتالى رفضت أنا أيضا التوسط.

■ ولماذا التوكيل؟
- لولاه لكانوا سيقولون إنهم لم يكلفونى، بعدما أجلس وأطلب من الدولة العفو الصحى عن عاكف، بمعنى أدق رفضت أن يلعبوا بى، ولهذا أصررت على الحصول على توكيل رسمى فرفضوا وابتعدوا.

■ كيف ترى «إقرارات التوبة» التى ظهرت فى السجون.. ولماذا توقفت؟
- الإعلامى أحمد موسى هو من أفسدها -رغم أنها فكرة جيدة- بعد أن هاجمنى هجوما شرسا، وزعم أننى أسعى لإعادة الإخوان للحياة السياسية، برغم أننى كنت أدعو الناس إلى الانفصال عن الإخوان، بتعريفهم بخطورة التنظيم الخاص. ووجد وزير الداخلية السابق، اللواء محمد إبراهيم، نفسه فى موقف محرج أمام الحملات الشرسة ضد الفكرة، فقرر الانسحاب منها وإنكارها أساسًا.

■ هل وقع كثيرون على هذه الإقرارات؟
- آخر كشف جمعته كان يؤكد أن هناك ١٣٥ وقعوا على الإقرارات.

■ ما بنود هذه الإقرارات التى وقعها سجناء الجماعة؟
- لم يكن مطلوبا من سجناء الجماعة إلا أن يقروا بأن التنظيم الخاص الذى يحكم الإخوان الآن هو تنظيم مجرم فى حق مصر، ولم نعدهم بأى شىء فى المقابل، لدرجة أنهم قالوا فى الإقرار نصا: «لا نريد عفوا عن العقوبة، ومن قُدم لمحاكمة فلتتم المحاكمة»، وقالوا أيضا إنهم موافقون على أى حكم يصدر فى حقهم.

■ قلت إن اللواء محمد إبراهيم كان يعلم بتفاصيل هذه الإقرارات.. فلماذا لم يدعمك؟
- اللواء محمد إبراهيم اضطر أن ينكر قصة «إقرارات التوبة»، رغم أنى كنت أتحدث عنها بقوة، مستندا إلى دعمه وقوته، لأنه كان قوى الشخصية وواثقًا بنفسه، لكنه تراجع خوفا من ضياع الوزارة، وهذا شىء طبيعى لا أستطيع أن ألومه عليه.

■ كيف صنع الإخوان اللوبى الحقوقى الضخم المحرض ضد مصر؟
- الاحتياطى النقدى الخاص بمصر ٣٦ مليار دولار تقريبًا، والإخوان صرفوا أكثر من ذلك فى التحريض ضد مصر وشراء المؤسسات الحقوقية الخادمة للجماعة، وهذه المبالغ التى صرفت دفعت تركيا منها الكثير، فتركيا خصصت جزءا من دخلها القومى لخدمة الإخوان والهجوم على مصر والإساءة لها، لدرجة أنها تدفع لمنع السياحة القادمة، هذا بجانب قطر التى كانت تمول الإخوان من قبل ٢٠١١ وحتى الآن، وهى الآن تدفع الثمن باهظا.

■ كيف ترى مستقبل الإخوان؟
- الجماعة ماتت، والفكرة ستنتهى تمامًا خلال ١٠ سنوات من وجهة نظرى، والأهم فى الوقت الحالى ألا نمد لهذا الفكر قُبلة الحياة مرة أخرى.

■ كيف تسهم الدولة فى القضاء على هذه الفكرة؟
- الدولة فى فترة تعاف، لذلك يجب ألا نطلب منها الكثير حتى تعود إلى كامل قوتها من جديد، ولعل أبسط ما نطلبه الآن من الدولة أن نسمى شوارعنا بأسماء شهداء مصر الحقيقيين، ونوضح كيف استشهدوا بسبب الإرهاب والجماعات المسلحة، فهذا الأمر سيكون له دور كبير فى القضاء على فكر الإخوان وتحصين الأجيال القادمة من هذه الجماعة.

■ كيف نقضى على الإرهاب؟
- نحتاج تنظيما شعبيا باسم «التنوير»، وكل ما نحتاجه لهذا الكيان مقر وموقع، ووقتها سنقوم بدورنا فى التنوير.

■ هل من الممكن أن يدعم الأزهر هذا الكيان؟
- الأزهر ليس من مصلحته حدوث هذا التنوير، فالتنوير الحقيقى سيكون من خلال تنقيح تراثنا الإسلامى اجتماعيًا لا دينيًا.